الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ب - لو صح ذلك لجاز أن يقال: في عقد القرض: إذا جاز أن يتبرع بربح جميع المال لغيره، جاز أن يتبرع بقدر محدد منه للمقرض، وهذا لا يقول به أحد.
ج - المال في الإيضاع، وفي حال التبرع بالربح لأجنبي، لم يختلف الفقهاء في كونه أمانة بيد العامل، بينما في السندات المال مضمون على العامل في كل حال، فكيف يصح قياس هذا على هذا.
د - لا يصح أن تقاس عقود المعاوضات على عقود التبرعات، وذلك أن عقود التبرعات يتسامح فيها ما لا يتسامح في عقود المعاوضات، حثاً للناس على التبرع، وترغيباً لهم في ذلك، ألا ترى أن صورة القرض هي تماماً كصورة بيع النقد بالنقد نسيئة، لكن أبيح الأول؛ لأنه تبرع، ومنع الثاني؛ لأنه معاوضة، والغرر الكثير مؤثر في عقود المعاوضات بالاتفاق، أما في عقود التبرعات فالصحيح أنه غير مؤثر
(1)
.
الدليل الرابع للقائلين بجواز إصدار السندات:
أن أموال السندات ودائع، أذن أصحابها باستثمارها
(2)
.
ويناقش:
بأن هذا من تسمية الشيء بغير اسمه، فحقيقة الوديعة: هي أمانة تركت للحفظ، مع بقاء عينها، بغير تصرف.
قال في الإنصاف: «الوديعة، تعريفها: عبارة عن توكل لحفظ مال غيره تبرعاً بغير تصرف، قاله في الفائق.
(1)
انظر الخدمات الاستثمارية في المصارف (1/ 322).
(2)
الأسهم والسندات وأحكامها - د. أحمد بن محمد الخليل (ص: 307).
وقال في الرعاية الصغرى: وهي عقد تبرع بحفظ مال غيره، بلا تصرف فيه»
(1)
.
فإذا تصرف فيها لم تعد وديعة، فإن كان التصرف فيها بغير إذن صاحبها، كان هذا تعدياً منه، وعندئذ يعتبر غاصباً، وإن كان بإذن صاحبها، فهي قد انتقلت من الوديعة إلى القرض
(2)
.
فإذا أعطي المال لجائز التصرف، وأذن له في التصرف فيه، وكان عليه رد مثله، مع كونه مضموناً عليه، كان ذلك قرضاً، وليس وديعة، فأين هذا من ذاك.
فالوديعة: لا ضمان فيها إذا تلفت، إلا إذا كان هناك تعد، أو تفريط، والقرض مضمون بكل حال
(3)
.
(1)
الإنصاف (6/ 316)، وانظر مطالب أولي النهى شرح غاية المنتهى (4/ 146).
(2)
ذكر الحنفية بأن الوديعة: لا تودع، ولا تعار، ولا تؤجر، ولا ترهن. انظر البحر الرائق (7/ 275)، مجمع الضمانات (ص: 69).
وجاء في شرح منتهى الإرادات (2/ 322): «ولو اتجر وديع بوديعة فالربح لمالكها نصاً» .
وجاء في درر الحكام في شرح مجلة الأحكام (2/ 307): «إذا أجر المستودع الوديعة بلا إذن .... فالمودِع مخير: إن شاء ضمنها للمستودع بسبب أنه كالغاصب
…
».
وجاء في الموسوعة الكويتية (3/ 183): «وقد يقدم على استثمار المال أجنبي بغير إذن صاحب المال
…
وعندئذ يعتبر غاصباً».
وجاء في نفس الصفحة: «وكذلك لا يحل استثمار الوديعة؛ لأن يد الوديع يد حفظ» .
(3)
جاء في الجوهرة النيرة (1/ 346): «الوديعة أمانة في يد المودع فإذا هلكت لم يضمنها» . وانظر تبيين الحقائق (5/ 76). الفواكه الدواني (2/ 170)، الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي (3/ 419)، وقال ابن قدامة في المغني (6/ 300):«الوديعة أمانة، فإذا تلفت بغير تفريط من المودع فليس عليه ضمان» . وانظر المحلى (مسألة: 1389).