الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والثاني: يشترط؛ لأن تأخير القبض نسيئة كبيع الدين بالدين»
(1)
.
القول الثاني:
لا يجوز بيع الدين ولو كان على من هو عليه، وهو قول ابن حزم
(2)
، ورواية عن أحمد
(3)
، وحكي عن ابن عباس، وابن مسعود، وابن شبرمة
(4)
.
وقد ذكرنا أدلة كل قول في مبحث التصرف في المبيع إذا كان ديناً، فأغنى عن إعادته هنا.
يقول الشيخ المترك رحمه الله: «قد اتضح مما تقدم أن السند عبارة عن قرض بفائدة؛ لأنه يمثل ديناً على الشركة، ويستحق صاحبه فائدة سنوية محددة، سواء ربحت الشركة أو خسرت، فهو داخل في نطاق المعاملات الربوية، وعليه فإن إصدارها من أول الأمر عمل غير شرعي، وبالتالي فإن تداولها بالبيع والشراء غير جائز شرعاً ولا يصح لحامل السند بيعه
(5)
.
ولكن لو قدر أن السند يمثل ديناً مشروعاً فهل يصح بيعه؟
الجواب: أن هذا يكون من باب بيع الدين، فيجوز بيعه على من هو عليه بشرط أن يقبض عوضه في المجلس، لحديث ابن عمر: (كنت أبيع الإبل بالنقيع
(1)
مجموع الفتاوى (29/ 512).
(2)
المحلى (مسألة: 1492).
(3)
الإنصاف (5/ 111).
(4)
بداية المجتهد (2/ 151)، الاستذكار (20/ 12).
(5)
يمكن أن يكون السند جائزاً بيعه شرعاً فيما لو باع أصل السند دون فوائده، فإن أصل السند يمثل رأس ماله، وقد قال تعالى:{فإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون} [البقرة: 279].
فإذا أحب أن يبيع رأس ماله، والذي هو أصل السند لم يمنع، والله أعلم.
بالدنانير، ونأخذ عوضها بالدراهم، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: لا بأس إذا تفرقتما وليس بينكما شيء)»
(1)
.
وإذا باع دينه على من هو عليه، فإما أن يبيعه بجنسه، أو بغير جنسه، فإن باعه بجنسه اشترط التساوي والتقابض، لأنه مال ربوي بيع بجنسه، وهذا يعني أن حامل السند كأنه رجع إلى المقترض، واسترد مبلغه منه؛ لأن الدراهم مال مثلي، متساوية قيمة آحاده.
وإن باعه بغير جنسه، وكان مما يجري فيه الربا، اشترط التقابض، وجاز التفاضل، كما لو كان السند ديناً بالريال، فباعه بالدولار مثلاً إلا أنه يشترط في مثل هذه الحالة ألا يربح فيه لما جاء في الأثر (تأخذها بسعر يومها).
ولأن الربح فيه ربح فيما لم يضمن، وهذا منهي عنه.
وإن باعه بعروض معينة، جاز التفاضل والنساء، بالشرط السابق، وهو عدم الربح في ذلك، والله أعلم.
* * *
(1)
الربا والمعاملات المصرفية (ص: 375)، والحديث سبق تخريجه، انظر (ح 115).