الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفرع الأول
الحكم الفقهي للشراء بالهامش
[ن-192] عرفنا أن الشراء بالهامش، هو أن يقوم المشتري بدفع جزء من الثمن، والباقي عن طريق القرض، فإن كان القرض من رجل أجنبي، وكان خالياً من الربا، بأن يكون القرض قرضاً حسناً، فإنه لا إشكال في جوازه على الصحيح، وتبقى الكراهة فيه لأمر خارج عن طبيعة المعاملة، متعلقة بحكم الاقتراض للتجارة إذا لم يكن الإنسان محتاجاً، فإن من أهل العلم من يكره أن يشغل الإنسان ذمته بالديون ما لم يكن هناك حاجة.
وهناك من أهل العلم من حرم التعامل بالهامش مطلقاً، وعلل ذلك بأن جوهر عملياته عمليات مضاربة، ويرى أن المضاربة في الأسهم أمر محرم
(1)
.
وتقدم تحرير الخلاف في هذه المسألة، و أن حكم المضاربة في الأسهم حكم الاستثمار فيها، وأن الصحيح جواز ذلك إذا كانت الشركة مباحة في نفسها، ولا تمارس أعمالاً محرمة.
وإن كان القرض من السمسار، فإنه لا يخلو إما أن يكون القرض بفائدة، أو بدون فائدة، فإن كان القرض بفائدة فإن العقد محرم لسببين:
الأول: ارتكاب الربا، وهو من أعظم الكبائر، وقد تكلمنا عن حكم ربا القروض في مباحث الربا، فأغنى عن إعادته هنا.
الثاني: الجمع بين القرض والبيع، في عقد واحد والبيع مشروط في عقد القرض.
(1)
أسواق الأوراق المالية - أحمد محيى الدين أحمد (ص: 428 - 429).
وإن كان القرض بدون فائدة من السمسار كان العقد محرماً لسبب واحد، وهو الجمع بين القرض والبيع، واجتماعهما عن طريق الشرط.
والجمع بين القرض والبيع بالشرط محرم بالإجماع.
(ح-878) لما رواه أبو داود الطيالسي من طريق حماد بن زيد، عن أيوب، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه،
عن عبد الله بن عمرو، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سلف وبيع، وعن شرطين في بيع، وعن بيع ما ليس عندك، وعن ربح ما لم يضمن
(1)
.
[إسناده حسن]
(2)
.
والمراد بالسلف: هو القرض في لغة الحجاز، فنهى عن الجمع بين البيع والقرض، وإنما نهى عن الجمع بين البيع والقرض وإن كان كل واحد منهما صحيحاً بانفراده؛ لأنه ربما حاباه في البيع لأجل القرض، فيؤدي إلى أن يجر القرض نفعاً للمقرض، فلما كانت الفائدة على القرض ربما تستتر بعقد البيع نهى عنها الشارع.
(3)
.
(1)
مسند أبي داود الطيالسي (2257).
(2)
سبق تخريجه، انظر (ح 232).
(3)
الفتاوى الكبرى (6/ 177).
وقد حكى الإجماع غير واحد من أهل العلم على تحريم اشتراط البيع مع عقد القرض.
قال الباجي في المنتقى: «لا يحل بيع وسلف، وأجمع الفقهاء على المنع من ذلك
…
»
(1)
.
قال القرافي: «وبإجماع الأمة على جواز البيع والسلف مفترقين، وتحريمهما مجتمعين لذريعة الربا»
(2)
.
وقال في مواهب الجليل: «واعلم أنه لا خلاف في المنع من صريح بيع وسلف»
(3)
.
وقال الزركشي في البحر المحيط: «وبالإجماع على جواز البيع والسلف مفترقين، وتحريمهما مجتمعين للذريعة إليها»
(4)
.
كما حكى الإجماع على التحريم ابن قدامة في المغني
(5)
وغيرهم.
ولأن اشتراط البيع في عقد القرض، أو العكس يخرج القرض عن موضوعه، وذلك أن القرض من عقود الإحسان والإرفاق، يجوز فيه ما لا يجوز في البيع من مبادلة الربوي بمثله مع عدم التقابض، فإذا ارتبط بعقد البيع أخرج عقد القرض عن موضوعه ومقتضاه، وهو الإرفاق والإحسان، وهذا لا يجوز.
* * *
(1)
المنتقى (5/ 29).
(2)
الفروق (3/ 266).
(3)
مواهب الجليل (4/ 391).
(4)
البحر المحيط (8/ 91).
(5)
المغني (4/ 162).