الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعليه يعرف البيع على المكشوف بأنه:
قيام شخص ببيع أوراق مالية لا يملكها عن طريق اقتراضها من آخرين (شركة السمسرة، أو شخص آخر) واحتفاظ السمسار بالثمن لديه كرهن للأسهم التي اقترضها، ثم الالتزام بإعادة شرائها، وتسليمها للمقرض في وقت محدد.
ويحصل المضارب على الفرق بين سعر البيع وسعر الشراء، كما يحصل السمسار على العمولة، وعلى فائدة القرض، والانتفاع من قيمة الرهن باستثمارها باعتبارها أموالاً لا يدفع عليها فوائد، إضافة إلى أنه سيحصل على مثل قيمة التوزيعات النقدية للأسهم محل الصفقة من البائع فيما لو استحقت تلك التوزيعات قبل إقفال حساب العميل
(1)
.
مثاله:
(1)
ـ إذا توقع شخص ما أن سهم شركة من الشركات والذي يباع حالياً بـ 30 ريالاً سوف يهبط سعره في السوق بعد شهر إلى 20 ريالاً، فيعطي أوامره للسمسار الذي يتعامل معه بأن يبيع له على المكشوف 100 سهم، بالسعر الجاري والذي يبلغ 30 ريالاً.
وهذا يعني الاتفاق بين البائع والسمسار على أن يقوم السمسار بإقراض البائع هذه الأسهم، أو أن يقوم باقتراضها له من طرف آخر.
والأسهم التي يقرضها السمسار إما أن تكون مملوكة له، وإما أن تكون مملوكة لعملاء آخرين يحتفظ بها السمسار رهناً لديه من عمليات أخرى.
(1)
انظر بورصة الأوراق المالية من منظور إسلامي - شعبان البرواري (ص: 195 - 196)، سوق الأوراق المالية - خورشيد إقبال (ص: 37 - 375)، الأوراق المالية وأسواق المال منير الهندي (ص: 147) وما بعدها.
(2)
ـ هذا القرض قابل للاستدعاء في أي وقت من كلا الطرفين، فإذا أراد المقترض (البائع على المكشوف) أن يرده لم يكن للمقرض أن يمتنع عن التسليم، أما إذا كان المقرض هو الذي يريد استرداد الأسهم التي أقرضها، فإنه يلزم المقترض أن يسلمها له خلال 24 ساعة إما بشرائها من السوق، وإما باقتراضها من طرف آخر، وعادة ما يلعب السمسار دوراً في هذا الشأن إذ يقوم بنفسه بالبحث عن طرف آخر يقترض منه ذات الأسهم لحساب العميل، وهي مسألة لا تستغرق وقتاً، ولا تخرج عن كونها استبدال مقرض بمقرض آخر.
(3)
ـ يقوم السمسار بالبحث عن مشتر يشتري تلك الأسهم، ويعقد معه الصفقة.
(4)
ـ يقبض السمسار الثمن من المشتري، ولكن لا يسلمه إلى البائع، وإنما يبقى رهناً عند مقرض الأسهم (سواء كان ذلك هو السمسار أو رجلاً أجنبياً) ليكون رهناً عنده إلى حين الوفاء بالقرض، على أن للمقرض أن ينتفع بهذا الثمن، ويستثمره في وجوه الاستثمار، دون أن يدفع عليه فوائد، وإذا تم توزيع أرباح للأسهم بعد أن قام السمسار بتسليم الأسهم للمشتري فإن الأرباح ستكون من نصيب المشتري وليس من حق المقرض على أن توزيع الأرباح إذا تم قبل إقفال حساب البائع فإن على البائع أن يعوض المقرض عن هذه الأرباح التي ذهبت للمشتري وذلك بدفع مثلها للمقرض، وهذا يمثل تكاليف أخرى على المقترض، وفوائد محرمة بالنسبة للمقرض.
(5)
ـ يلتزم المقترض بتقديم رهن إضافي من النقود أو الأوراق المالية يسمى بالهامش، ويمثل نسبة معينة من قيمة الصفقة خشية أن ترتفع الأسهم ارتفاعاً لا يكون معه الثمن الذي وضع رهناً تحت تصرف المقرض كافياً لشراء أسهم
مماثلة، فإذا كان الهامش المحدد 60% فهذا يعني أن على المقترض أن يدفع للمقرض 3000×60% = 1800 أو أوراقاً مالية بهذه القيمة.
(6)
ـ إذا حان موعد تصفية العملية خلال المدة المتفق عليها بين البائع والسمسار، فإن صدقت توقعاته، وانخفض سعر سهم الشركة إلى 25 ريالاً فإن بإمكانه أن يقفل مركزه لدى السمسار، وذلك بإعطائه أمراً بشراء الأسهم من السوق بالسعر السائد 100 × 25 = 2500 ريال، وتسليمها للمقرض (سواء كان السمسار نفسه أو شخصاً آخر) على أن يسترد البائع المبلغ الذي رهنه، وهو المبلغ الذي سبق أن باع به الأسهم (3000) محققاً ربحاً وقدره خمسة ريالات في كل سهم فيكون مجموع ما ربحه 100× 5= 500.
وسيكون هامش الضمان المطلوب هو 2500×60%= 1500 وحيث إن المقترض سبق أن دفع 1800 ريال فإن بإمكانه أن يسحب 300 ريال من هامش الضمان.
أما إذا لم تصدق توقعاته، وارتفع سعر السهم إلى 40 ريالاً فإن عليه أن يدفع قيمة الأسهم السوقية 100×40= 4000 فتكون خسارته في كل سهم عشرة ريالات، ويكون مقدار ما خسره في مجموع الصفقة 100×10=1000 ريال إضافة إلى مصاريف وعمولة السمسار.
وسيتغير مقدار هامش الضمان 4000×60%= 2400 وحيث إن المقترض سبق أن دفع 1800 ريال، فإن عليه أن يضيف إلى الحساب 2400 ـ 1800= 600 ريال.
وبصفة عامة فإن هذا النوع من التعامل يقصد به المضاربة، ويعمد إليه كبار المتخصصين الذين يحاولون التحكم في أسعار الأوراق المالية، الأمر الذي
جعل بعض الكتاب الأوربيين يصف هذا النوع من التعامل بأنه شر محض يجب إلغاؤه
(1)
.
فإذا عرفنا ذلك نستطيع أن نلخص الخطوات التي يتم فيها مثل هذا النوع من العمليات:
(1)
بيع المضارب أسهماً لا يمتلكها.
(2)
إتمام العملية بتسليم أسهم مقترضة من السمسار أو من شخص آخر، وقد يقرض السمسار أوراقاً محفوظة لديه مملوكة للغير بدون علمهم.
(3)
رهن ثمن هذه الصفقة إلى حين سداد القرض.
(4)
انتفاع المقرض من الرهن بالاستثمار فيه.
(5)
شراء المقترض مثل هذه الأسهم فيما بعد.
(6)
إعادة الأسهم المشتراة في المدة المتفق عليها، سواء كان رابحاً أم خاسراً.
(7)
الاستفادة من فارق السعر إن صدق توقعه، وانخفضت قيمة الأسهم، أو الخسارة إذ ا لم يصدق توقع المضارب، وارتفعت قيمة الأسهم.
(8)
البيع على المكشوف قد يكون من العمليات العاجلة وقد يكون من العمليات الآجلة حسب طبيعة العقد، فإن كان البائع يبيع أوراقاً لا يملكها يقترضها من السمسار أو من غيره، ويكون ملزماً بتسليم هذه الأوراق المالية المقترضة إلى المشتري حالاً، ولا يتأخر التسليم إلا تبعاً لنوع الإجراءات التي تتبع في كل بورصة فهذه من العمليات العاجلة.
(1)
الأوراق المالية وأسواق المال - منير الهندي (ص: 148 - 149)، أحكام التعامل في الأسواق المالية المعاصرة - مبارك آل سليمان (2/ 743 - 747)، أسواق الأوراق المالية - أحمد محيى الدين أحمد (ص: 432).
وإن كان البائع يبيع أسهماً لا يملكها وقت التعاقد، ولا يكون ملزماً بتسليمها وقت العقد، وإنما عليه أن يقوم بشرائها من السوق وتسليمها للمشتري في وقت يتفق عليه يسمى يوم التصفية فهذه من العمليات الآجلة، والله أعلم
(1)
.
ولهذا النوع من المعاملات مخاطر غير محسوبة، فربح البائع على المكشوف محدود، وأما خسارته فغير محدودة، وذلك لأن ربح البائع متوقف على هبوط أسعار الأسهم، وهبوط السعر أقصى ما يمكن أن يبلغه أن تكون قيمة السهم صفراً لا تساوي شيئاً، وهو أمر مستبعد حتى في أسوأ الأحوال وهنا يحقق البائع على المكشوف أعلى ربح يمكن أن يصل إليه بأن يكون ربحه مساوياً لقيمة متحصلات بيع الأسهم على المكشوف، فإذا كان قد باع الأسهم بقيمة سوقية 3000 ريال فإن ربحه الكلي سيصبح 3000 ريال، ولا يمكن أن يكون ربحه أعلى من ذلك، وهو ربح محدود كما ترى.
وأما خسارته المحتملة في البيع على المكشوف فإنها غير محددة، وذلك لأنه لا يوجد حد لارتفاع أسعار الأسهم، وكلما ارتفع سعر الأوراق المقترضة كلما كبر مقدار الخسارة.
ومما يزيد من احتمال خسارة البائع على المكشوف أن المشترين لهذه الأسهم سوف يساهمون بدورهم على رفع قيمة السهم تبعاً لقانون الطلب، ويقللون من وجودها في الأسواق إلا عند المشترين أنفسهم حتى إذا أراد البائعون شراءها لتسديد قروضهم اضطروا إلى شرائها بأي سعر يعرضه المشترون حتى يتمكنوا من تسليم الأسهم إلى مقرضيها.
(1)
الأوراق المالية وأسواق المال - منير الهندي (ص: 148 - 149)، أحكام التعامل في الأسواق المالية المعاصرة - مبارك آل سليمان (2/ 743 - 747)، أسواق الأوراق المالية - أحمد محيى الدين أحمد (ص: 432) ..
وقد يدخل مثل هذه المعاملات التلاعب عن طريق جماعات الضغط في البورصة (المتخصصون وأعضاء بورصة الأوراق المالية) فإذا شاركوا في عمليات البيع على المكشوف فإنهم يقومون ببيع كميات كبيرة من الأوراق المالية على المكشوف مما يعرض هذه الأسهم للهبوط تبعاً لقانون العرض، فيقومون بشرائها مرة أخرى بأسعار منخفضة ويحققون بذلك مكاسب مالية، أما إذا لم يشاركوا في هذا البيع فإنهم يمتنعون عن بيع مثل هذه الأسهم وذلك لإحراج البائعين على المكشوف، فيضطر هؤلاء لشراء تلك الأوراق بأي سعر يفرضه هؤلاء المتلاعبون بالأسعار
(1)
.
(1)
بورصة الأوراق المالية ـ البرواري (ص: 198)، الأوراق المالية وأسواق المال، منير هندي (ص: 151 - 152)، أحكام التعامل في الأسواق المالية المعاصرة، مبارك آل سليمان (2/ 748).