الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفرع الثالث
حكم قصر السمسرة على أناس مخصوصين
[ن-130] تكاد تكون جميع الأنظمة والقوانين في العالم تنص على وجوب وساطة السماسرة المعتمدين في عمليات بيع، وشراء الأوراق المالية، وإبطال كل تعامل لا يتم من خلالهم.
فهل يعتبر هذا امتيازاً واحتكاراً فيكون من الظلم والعدوان، أو يعتبر هذا تنظيماً تمليه الضرورة لمهام يجب ألا يمارسها إلا المختصون لخطورتها، وانعكاساتها الخطيرة على مستوى النشاط الاقتصادي؟
وللجواب على ذلك يقال:
إن كان قصر الوساطة علق على أشخاص بعينهم، أو على شركات بعينها، فهذا لا يجوز؛ لأن هذا من الاحتكار المحرم الذي قد يؤدي إلى رفع أجور السمسرة، ومنع المنافسة في السوق.
وإن كان معلقاً بالوصف، بأن تقصر الوساطة على أشخاص أو شركات تتوفر فيها صفات معينة، مع تمكين كل من توفرت فيه هذه الصفات من ممارسة الوساطة فهو جائز، بل قد يكون واجباً.
يقول الأستاذ أحمد محي الدين أحمد: «أرى أن قصر التعامل على الوسطاء أملته اعتبارات عملية، وفنية، ومصلحة قومية:
فمن الناحية العملية فإن قصر تنفيذ أوامر ورغبات المستثمرين على مجموعة متخصصة، وملتزمة بقواعد وإجراءات تفهمها جيداً، من شأنه أن ينظم مثل هذا النوع من التعامل، وينجز أكبر حجم من المعاملات في أقل زمن ممكن دون أي إخلال بأي رغبة ممكنة التحقيق لأي من العملاء، كما يسهل ذلك من عملية
إعداد البيانات، والإحصاءات عن حجم التداول، والأسعار التي تم بها. كما أن المدخرين ليس لهم الوقت الذي يتيح لهم فرصة الوجود بالسوق ليتفاوض كل منهم عما يود بيعه، أو شراءه. كما أنه توجد استحالة في تسجيل أسعار التعامل.
ومن الناحية الفنية: فإن تحديد الأسعار لا يتم عن طريق التقاء كل الطلب مع كل العرض، بل يشكل كل متعامل طلباً، أو عرضاً قائماً بذاته، ويقل في مثل هذه الحال المؤسسات التي تعنى بتحليل البيانات الصادرة عن الشركات، وتقويم أعمالها، وإرشاد المستثمرين نحو الفعاليات المنتجة.
وفيما يختص بالمصلحة القومية، فإن قصر التعامل على الوسطاء الملتزمين بقواعد المهنة يحول دون الآثار الضارة المتمثلة في انعدام الرقابة المباشرة على معاملات السوق، وانطلاق الأسعار لتهدد أحياناً استقرار السوق دون القدرة على تحديد حدود دنيا وعليا لتقلبات الأسعار.
وقد ينتج عن التعامل مباشرة بدون الوسطاء اشتداد موجات المضاربة، والتي تخل بمبدأ التخصيص الأمثل للموارد المالية المتاحة، وبصفة عامة، فإن مزايا قصر التعامل على الوسطاء تصل لأن تكون هي نفسها مزايا وجود سوق الأوراق المالية ا لمنظمة»
(1)
.
وقد نص قرار مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي على جواز قصر السمسرة على أشخاص معينين، حيث جاء فيه:
«يجوز للجهات الرسمية المختصة أن تنظم تداول بعض الأسهم بألا يتم إلا بواسطة سماسرة
(1)
أسواق الأوراق المالية وآثارها الإنمائية - أحمد محي الدين أحمد (ص: 334).