الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالدين مرة أخرى بعد براءته منه وانتقاله إلى ذمة المحال عليه،، صحيح أن المحيل بقي مطالباً بالدين، لكن نوع المطالبة اختلف، فقبل الحوالة: كان مطالباً بالدين باعتباره أصيلاً، وبعد الحوالة التي اشترط فيه ضمانه، أصبح مطالباً بالدين باعتباره ضامناً، لا باعتباره أصيلاً، إذ أصبح المدين الأصيل هو المحال عليه، يوضح ذلك: أن المحال - في هذه المسألة - لو أبرأ المحال عليه من الدين برئ المحيل؛ لأنه أصبح ضامناً، وبراءة الأصيل توجب براءة الضامن، بخلاف ما لو أبرأ المحيل، حيث لا يبرأ المحال عليه؛ لأنه أصبح المدين الأصيل، وبراءة الضامن لا توجب براءة الأصيل. والله أعلم.
وهذا هو الراجح، وقد نبه الشيخ مبارك آل سليمان على أمرين:
الأمر الأول:
أن ضمان الساحب للمسحوب عليه أمر فرضته عليه القوانين، وليس واقعاً باختياره ورضاه، بل عساه ألا يكون عالماً به، وهذا ينافي شرطاً من شروط صحة الضمان، وهو رضا الضامن.
وعليه فالضمان لا يلزم الساحب، ولا يقضى عليه به، إلا إذا شرط عليه ذلك في العقد، أو كان هناك عرف شائع، لأن الإنسان لا يلزم إلا بما ألزم به نفسه، أو ألزمه به الشارع، والله أعلم.
الأمر الثاني:
أن حمل الكمبيالة على الحوالة وإن حملت عليها، لا يعتبر من الحوالة الصريحة، وإنما من الصيغ العملية الدالة على إرادة الحوالة بحسب الظاهر؛ لأن الكمبيالة لما كانت تحرر في العادة بمناسبة وجود دين للمستفيد على
الساحب، ويدفعها الساحب إلى المستفيد بقصد تمكينه من استيفاء دينه بها، فإنه ليس لذلك معنى إلا أن الساحب أراد بذلك إحالته على المسحوب عليه، ومع ذلك تبقى صيغة غير صريحة بإرادة الحوالة؛ لأنه ليس فيها إلا الأمر بالدفع، كما أن الخطاب فيها موجه إلى المسحوب عليه، وليس إلى المستفيد، فإذا لم يقصد الساحب الحوالة بسحب الكمبيالة، لم يحكم بأنها حوالة، ولو كان المسحوب عليه مديناً له؛ لأنه قد يريد بذلك مجرد توكيل دائنه المستفيد في القبض، ثم استيفاء دينه من ذلك، ومعلوم أن الوكالة ترتب أحكاماً غير الأحكام التي تترتب على الحوالة، هذا من جهة، ومن جهة أخرى قد يتخلف فيها شروط من شروط الحوالة الصحيحة، ومع ذلك لا يلزم منه بطلان الكمبيالة إذا أمكن حملها على عقد آخر، كالوكالة، أو الاقتراض، أو غير ذلك
(1)
.
* * *
(1)
أحكام التعامل في الأسواق المالية المعاصرة (1/ 330).