الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهذا الذي جعل السهم تختلف قيمته عن قيمة موجودات الشركة، ولا أعتقد أن الذين قالوا: إن السهم حصة شائعة في موجودات الشركة، أرادوا أن المساهمين يملكون تلك الحصة الشائعة في هذه الموجودات بمعزل عن الشركة، ونشاطها، وما تعطيه الشركة للمشارك من حقوق وامتيازات.
وإذا كان هذا حقيقة السهم فالأرباح سواء وزعت أو لم توزع فالسهم يمثلها، وتؤثر في قيمته، وإذا كان جزء من تلك الأرباح محرماً كان امتلاك السهم يعني امتلاك حصة شائعة من هذا المحرم، ولو لم توزع الأرباح، والله أعلم.
ولو كان الحل والحرمة يتعلق بتوزيع الأرباح فقط، لقلنا: بجواز تملك أسهم الشركات المحرمة ما دام أن تملك تلك الأسهم سيكون عابراً، ولفترة لا تسمح بتوزيع الأرباح الناتجة عن ذلك النشاط؛ لأن رأس مال الشركات المحرمة هو مال حلال، جمع ليمارس به نشاط محرم، ومع ذلك فالمساهمة في الشركات المحرمة، أو التي غالب نشاطها محرم يكاد يجمع الباحثين على تحريم المساهمة فيها.
الراجح:
جواز شراء السهم سواء كان بقصد الاستثمار أو بقصد المضاربة إلا أن ذلك مشروط بأن تكون الشركة من الشركات النقية، وأن يتدخل البنك المركزي ومؤسسات النقد بأن يمنعوا المصارف من دعم المضاربة بالائتمان، بحيث لا يسمح للبنوك بأن تعطي الشخص إذا كان له حساب بمائة ألف أن يمنحه البنك مائة ألف أخرى قرضاً، فإذا خسر المضارب تضاعفت خسارته بسبب الائتمان، والبنك لم يخسر شيئاً، ومن قال بتحريم المضاربة لم يتوجه تحريمه لذات السهم، وإنما حرم المضاربة فيه للممارسات الخاطئة المؤثرة على قيمة السهم،
وهذه الممارسات يجب أن يتوجه التحريم إليها، لا إلى السهم ذاته، وهذه الممارسات الخاطئة ليست ضرباً لازماً لكل المضاربات، بل منها ما هو دافعه الجشع، والطمع، والاستغلال وهذا موجود في الأسهم كما هو موجود في غيرها من المعاملات المالية، ومنها ما يعود إلى المضارب نفسه، فكثير منهم دخل السوق، وهو يجهل طبيعة السوق، وخطورتها، فلحقته الخسائر لكونه لا يحسن التعامل بهذه السوق، وهذا الجهل يتحمل تبعاته صاحبه، ولا يعود هذا إلى السهم.
ومنها ما يعود إلى حداثة السوق وحداثة الهيئات الإدارية المشرفة عليها، ونقص التشريعات الضرورية، ومنها ما يعود إلى نقص الشفافية خاصة في محاسبة المتلاعبين، ووجود بعض الشخصيات الاعتبارية التي قد تمارس ممارسات خاطئة في السوق، وتكون بعيدة عن المحاسبة، ومع ذلك، فالأسواق العربية هي في تطور مستمر، لا من جهة تكامل الأنظمة التشريعية، ولا من جهة وعي المضارب، وتراكم الخبرة لديه بحيث استطاع كثير من المضاربين تعويض الخسائر التي حصلت له في السنوات الأولى من سوق الأسهم السعودية، ومن تابع مؤشر الأسهم في السوق السعودية في السنة الأخيرة، وتابع التطور في الأنظمة أدرك حجم التطور المستمر في هذه السوق، مما يجعل ضبط التلاعب في هذه السوق أمراً ممكناً يعود بالاستقرار على سوق الأسهم، ويقلل من المخاطرة فيها، ومع كل ذلك، فإنه لو أصبح التلاعب في السوق اتجاهاً غالباً، فإن القول بتحريم التداول قد يتجه حتى يضبط السوق، حفاظاً على أموال الناس، والله أعلم.
* * *