الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني
التعامل بالهامش (الشراء بجزء من الثمن)
إذا كان محل البيع أو الشراء هو الأسهم، فإما أن يقوم المشتري بسداد الصفقة نقداً بالكامل، وهذا هو الأصل، وقد سبق لنا حكمه في المبحث السابق.
[ن-190] وإما أن يقوم المشتري بسداد جزء من الثمن، ثم يقترض الباقي، وهو ما يسمى بالشراء بالهامش.
فالشراء بالهامش، أو الشراء بجزء من الثمن: هو نوع من المعاملات العاجلة، وحقيقته: أن يقوم المستثمر بدفع جزء من ثمن الأسهم التي يريد شراءها من أمواله الخاصة نقداً، ودفع الباقي من أموال مقترضة، ثم رهن تلك الأوراق محل الصفقة كضمان للقرض
(1)
.
فالهامش يطلق على المبلغ النقدي الذي يدفعه المستثمر من أمواله الخاصة
(2)
.
ونلحظ أن التعامل بالهامش يشبه البيع على المكشوف من حيث إن كليهما يقومان على القرض، ولكنهما يختلفان في نوعية هذا القرض، فالمضارب في البيع على المكشوف يقوم باقتراض الأوراق المالية (الأسهم والسندات) أما في التعامل بالهامش فيقترض المضارب نقوداً ليشتري بها مزيداً من الأوراق المالية التي لم يكن ليستطيع شراءها لولا هذا القرض
(3)
.
(1)
انظر الأوراق المالية وأسواق المال - منير الهندي (ص: 135).
(2)
أحكام التعامل في الأسواق المالية المعاصرة - مبارك آل سليمان (2/ 688).
(3)
سوق الأوراق المالية (ص: 386).
وأما نسبة الهامش: وتعني المبلغ الذي يملكه المشتري منسوباً إلى مجموع المال المستثمر فهي تختلف باختلاف القواعد واللوائح والنظم الحاكمة للتعامل في مختلف البورصات، وتتراوح عامة بين 40% و 60% وفي بورصة نيويورك حددت النسبة بـ 50% منذ عام 1933 م، ولم يختلف الأمر عنه كثيراً حتى الآن
(1)
.
ويتم تحديد هذه النسبة من قبل البنك المركزي، ويستخدم في نشاط السوق عن طريق رفع، أو خفض نسبة الهامش، فإذا لاحظ البنك ارتفاع مستويات الأسعار بصورة غير طبيعية، بسبب ارتفاع حدة المضاربة، فإنه يعمد إلى رفع نسبة الهامش، مما يؤدي إلى انخفاض الطلب على القروض المستخدمة في تمويل هذا النوع من عمليات الشراء، وانخفاض الطلب على الأسهم تبعاً لذلك، وإذا لاحظ ضعف نشاط البورصة بسبب قلة الإقبال على الشراء، خفض نسبة الهامش، بهدف تمكين المتعاملين من الحصول على القروض اللازمة لتمويل عمليات شراء الأسهم، مما يترتب عليه زيادة الإقبال على شراء الأسهم، وتنشيط السوق
(2)
.
فخلاصة الشراء بالهامش: هو شراء العميل من السمسار أوراقاً مالية ضعف ما كان يشتريه نقداً، وذلك بدفع 50% من قيمة تلك الأوراق، والباقي من القيمة سوف يقوم السمسار بإقراضه بمعدل الفائدة السائد على أن تسجل تلك الأوراق باسم السمسار إلى أن يقوم العميل بسداد قيمة القرض، وتمثل رهناً لديه، يتمكن من بيعه إذا لم يقم المقترض بالوفاء.
(1)
بورصة الأوراق المالية - شعبان البرواري (ص: 188).
(2)
أحكام التعامل في الأسواق المالية المعاصرة - مبارك آل سليمان (2/ 688)، أسواق الأوراق المالية في ميزان الفقه الإسلامي - القره داغي، مجلة مجمع الفقه الإسلامي (7/ 1/ص:163)، أسواق الأوراق المالية - أحمد محيي الدين أحمد (ص: 426).
كيفية محاسبة الهامش:
[ن-191] مثال ذلك: شخص يريد أن يشتري (500) سهماً، وكانت قيمة السهم 20 ريالاً، فإن قيمة هذه الصفقة ستبلغ 10000 عشرة آلاف ريال. وهذا يعني أنه لابد أن يدفع 50% من قيمة الصفقة (5000) ريال، ويسمى رصيد المشتري والباقي (5000) ريال يقرضه السمسار بفائدة ربوية ثابتة، ما عدا العمولة والمصاريف الأخرى، ويسمى ما يدفعه السمسار: المبلغ المدين أو الرصيد المدين.
500 سهم ×20=
…
10.000 ريال
…
سعر السوق السائد
نسبة الهامش 50%
…
ريال
…
رصيد (السمسار)
نسبة الهامش 50%
…
ريال
…
رصيد العميل
فإذا ارتفع سعر السهم إلى (22) ريال للسهم الواحد، ففي هذه الحالة سيكون حساب الهامش كالتالي.
500×22 =
…
.000
…
سعر السوق السائد
نسبة الهامش: 50%
…
5000
…
رصيد السمسار
نسبة الهامش 50%
…
6000
…
رصيد العميل
ففي هذه الحالة بارتفاع سعر السوق، ارتفعت قيمة رصيد المشتري أيضاً، وبما أن رصيد المشتري مرتبط بنسبة الهامش أيضاً فهناك علاوة عليه بعد ارتفاع سعر السهم من 20 إلى 22 ريالاً، وتحسب كالآتي:
علاوة رصيد المشتري = الرصيد الحالي - الرصيد المدين.
6000 -
5000 = 1000 ريال.
ويحق للمشتري الاستفادة من هذه العلاوة، إما بسحبها نقداً، أو الاستفادة منها في شراء عدد آخر من الأسهم، ولهذه العلاوة قوة شرائية مضاعفة، تسمى قوة الشراء، فإذا كانت علاوة رصيد المشتري ألفاً، فإنه يستطيع أن يشتري بها أسهماً بقيمة (2000) ريال، وهكذا كلما ارتفع سعر السوق، كلما زادت قيمة رصيد العميل، وزادت العلاوة عليه أيضاً، وبالتالي تزيد قوة الشراء، وكمية الأسهم المشتراة.
أما إذا نزل سعر ا لسوق إلى (18) ريالاً للسهم الواحد مثلاً، ففي هذه الحالة سيكون حساب الهامش كالآتي:
500 × 18=
…
9000 ريال
…
سعر السوق السائد
نسبة الهامش 50%
…
5000
…
رصيد السمسار
نسبة الهامش 50%
…
4000
…
رصيد العميل
وفي هذه الحالة نرى أن رصيد العميل نزل مع نزول قيمة السوق، فهو مطالب بمبلغ (1000) لو أراد أن يصفي حسابه، ولكن السمسار لا يطالبه الآن، ويسمى هذا بالطلب الأولي، حيث لا يطالب السمسار عميله بإيداع المبلغ، أو بيع أسهمه ما لم يصل رصيد العميل إلى أقل من ثلث المبلغ المدين رصيد (السمسار) وهذه النسبة تختلف حسب قوانين ا لبورصة، فقد حددت بورصة نيويورك نسبة (25%) ويسمى الهامش الوقائي فإذا أصبح رصيد العميل أقل من ربع رصيد السمسار يقوم السمسار بطلب الكفالة، أو طلب الهامش.
ففي المثال المذكور لو نأخذ بالنسبة التي حددتها بورصة نيويورك، يعني أن رصيد العميل لو وصل إلى أقل من ربع رصيد السمسار أي (1250) حينئذ يطلب
السمسار طلب زيادة الهامش، فنفرض أن سعر السوق لو نزل إلى 12 ريال للسهم الواحد، فيكون الهامش كالآتي:
500×12=
…
سعر السوق السائد
نسبة الهامش 50%
…
5000
…
المبلغ المدين
نسبة الهامش 50%
…
1000
…
رصيد العميل
فإذا نظرنا إلى رصيد العميل، وهو ألف ريال، فإنه أقل من ربع المبلغ المدين (رصيد السمسار)، ففي هذه الحالة يصدر السمسار طلب زيادة الهامش من عميله، وذلك بدفع مبلغ خلال خمسة أيام يوصل رصيد العميل إلى ربع المبلغ المدين (رصيد السمسار)، أو إصدار أمر لسمساره ببيع جزء من الأوراق محل الصفقة بهدف زيادة نسبة الهامش، فهنا المبلغ المطلوب لا يقل عن 250 ريال حتى يرتفع رصيد العميل إلى 1250 ريال، وهو ما يعادل ربع المبلغ المدين (رصيد السمسار)(5000)، وإذا نزل سعر السوق أكثر، فالسمسار يطلب هامشاً آخر، فحينئذ يجب على العميل أن يقرر استمراريته على دفع زيادة الهامش، أو أن يصدر أمراً لسمساره بالبيع لجميع أسهمه ليوقف خسارته عند ذلك الحد.
وبهذا يتبين لنا أن الشراء بالهامش في حالة ارتفاع السوق يضاعف ربح العميل، ويضمن للسمسار قرضه، والفائدة عليه، إضافة إلى عمولته. وبالعكس في حالة نزول سعر السوق، يتعرض العميل لخسارة مضاعفة، ولكن وضعية السمسار تبقى ثابتة، فلديه أوراق مالية مرهونة لعميله لتأمين قرضه، ويأخذ فائدته وعمولته أيضاً
(1)
.
* * *
(1)
انظر بورصة الأوراق المالية من منظور إسلامي - البرواري (ص: 189)، الأوراق المالية وأسواق المال، منير الهندي (ص: 135) وما بعدها.