الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فتوى للإمام ابن تيمية حول جواز تقليد غير الأربعة]
ورأيت في مختصر فتاوى الشيخ أبن تيمية ما نصه: مسألة فيمن صلى منفرداً حلف الصف هل تصح صلاته أم لا؟ والأحاديث الواردة في ذلك هل هي صحيحة أم لا؟
والأئمة القائلون بهذا من غير الأئمة الأربعة، كحماد بن ابي سليمان، وأبن المبارك، وسفيان الثوري، والأوزاعي، قد قال عنهم رجل - أعنى هؤلاء المذكورين -: هؤلاء لا يلتفت إليهم، فصاحب هذا الكلام ما حكمه؟ وهل يسوغ تقليد هؤلاء الأئمة، كما يجوز تقليد الأئمة الأربعة أم لا؟
الجواب - الحمد لله: الصحيح من قول العلماء أنه لا تصح صلاة المنفرد خلف الصف لأن في ذلك حديثين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر المصلي خلف الصف بالإعادة وقال ((لا صلاة لفذ خلف الصف)) وقد صحح الحديثين غير واحد من أئمة الحديث، وإسنادهما مما تقوم به الحجة، إلى ان قال: وأما الأئمة المذكورون فمن سادات أئمة الإسلام.
فإن الثوري إمام أهل العراق وهو عندهم من أجل أقرانه كابن ابي ليلى والحسن بن صالح، وأبي حنيفة رحمهم الله تعالى، وله مذهب باقٍ إلى اليوم بارض خراسان.
والأوزاعي إمام أهل الشام، وما زالوا على مذهبه إلى المائة الرابعة، بل أهل المغرب كانوا على مذهبه قبل أن يدخل إليهم مذهب مالك. وحماد ابن ابي سليمان هو شيخ الإمام أبي حنيفة، ومع هذا، فهذا القول هو قول أحمد بن حنبل وإسحق بن راهوية، وغيرهما، ومذهب أحمد باقٍ إلى اليوم وهو مذهب داود بن علي وأصحابه، ومذهبهم باق إلى اليوم.
وليس في الكتاب والسنة فرق بين الأئمة المجتهدين بين شخص وشخص
فمالك، والليث بن سعد والأوزاعي، والثوري هؤلاء أئمة في زمانهم وتقليد كل منهم كتقليد الآخر، لا يقول مسلم: إنه لا يجوز تقليد هذا دون هذا، ولكن من منع تقليد هؤلاء في زماننا فإنما يمنعه لأحد شيئين:
أحدهما - اعتقاده أنه لم يبق من يعرف مذهبهم، وتقليد الميت فيه نزاع مشهور، فمن منعه قال: هؤلاء موتى، ومن سوغه قال: لا بد أن يكون في الأحياء من يعرف قول الميت.
والثاني - أن يقول: الإجماع اليوم قد أنعقد على خلاف هذا القول ويبني ذلك على مسألة معروفة في أصول الفقه، وهو أن الصحابة مثلاً أو غيرهم من اهل الأعصار إذا أختلفوا في مسألة على قولين، ثم أجمع التابعون والعصر الثاني على إحداهما، فهل يكون هذا إجماعاً برفع ذلك الخلاف.
وفي المسألة نزاع مشهور في مذهب أحمد وغيره من العلماء، فمن قال: إن أجماع أهل العصر الثاني لا يسوغ الأخذ بالقول الآخر، وأعتقد أن أهل العصر أجمعوا على ذلك فركب من هذين الاعتقادين المنع. ومن علم أن الخلاف القديم حكمه باقٍ وأن الأقوال لا تموت بموت قائلها فإنه يسوغ الذهاب إلى القول الآخر المجتهد الذى وافق أجتهاده.
وأما التقليد فيفيبتنى على مسألة تقليد الميت، وفيها قولان مشهوران أيضاً في مذهب الشافعي وأحمد وغيرهما.
واما إذا كان القول الذى يقول به هؤلاء الأئمة أو غيرهم قد قال به بعض العلماء الباقية مذاهبهم، فلا ريب أن قوله مؤبد بموافقة هؤلاء، ويعتضد به ويقابل بهؤلاء من خالفهم، فيقابل الثوري والأوزاعي أبو حنيفة ومالك رحمهما الله تعالى، إذ الأئمة متفقة على أنه إذا أختلف مالك والأوزاعي،