المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[رأى ابن تيميه في الحسن والقبح] - جلاء العينين في محاكمة الأحمدين

[ابن الألوسي]

فهرس الكتاب

- ‌[سبب تأليف الكتاب]

- ‌[ابن حجر ينال من ابن تيمية]

- ‌[ترجمة شيخ الإسلام ابن تيمية]

- ‌[الحافظ الذهبي يتحدث عن ابن تيمية]

- ‌[الحافظ ابن كثير أيضاً]

- ‌[ما كتبه الزملكاني]

- ‌[كلام للسيوطي في ابن تيمية]

- ‌[رأى الحافظ ابن سيد الناس في ابن تيمية]

- ‌[رأى ابن الوردى]

- ‌[رأى الواسطى]

- ‌[رأى ابن دقيق العيد]

- ‌[رأى العلامة السبكي]

- ‌[رأى الحافظ ابن حجر العسقلاني]

- ‌[المؤمنون يفتنون]

- ‌فصل:في تبرئة الشيخ مما نسب إليه وثناء المحققين المتأخرين عليه

- ‌[شهادة الكورانى]

- ‌[شهادة السويدي البغدادي]

- ‌[شهادة الآلوسي والد المؤلف]

- ‌فصل: (في قول العلامة ابن حجر المتقدم سابقاً)

- ‌(ترجمة الإمام السبكي)

- ‌(في رد اليافعي على السبكي)

- ‌(مطلب كلام السبكي)

- ‌(الجواب من اليافعي)

- ‌(ترجمة القاضي تاج الدين السبكي)

- ‌(ترجمة العز بن جماعة)

- ‌(ترجمة الزملكاني)

- ‌(ترجمة أبي حيان)

- ‌(ترجمة ابن حجر الهيتمي)

- ‌(ترجمة ابن حجر العسقلاني)

- ‌فصل: يشتمل على مقصدين

- ‌المقصد الأول: في تراجم بعض آباء الشيخ ابن تيمية وأقربائه

- ‌(ترجمة المجد ابن تيمية)

- ‌(ترجمة عبد الحليم بن تيمية)

- ‌(ترجمة عبد الغني بن تيمية)

- ‌(ترجمة شرف الدين بن تيمية)

- ‌(ترجمة محمد بن تيمية)

- ‌(ترجمة زينب بنت تيمية)

- ‌المقصد الثاني: في ترجمة بعض تلامذته الكرام المشهورين وترجمة المثنين عليه من العلماء المتأخرين

- ‌(ترجمة الإمام ابن القيم)

- ‌(ترجمة الحافظ الذهبي)

- ‌(ترجمة شمس الدين ابن قداه)

- ‌(ترجمة ابن قاضي الجبل)

- ‌(ترجمة الطوفى الصرصري)

- ‌(ترجمة ابن الوردى)

- ‌(ترجمة زين الدين الحراني)

- ‌(ترجمة ابن مفلح)

- ‌(ترجمة شرف الدين ابن المنجا)

- ‌[ترجمة بعض تلامذة الإمام الذين تأثروا به ولم يعاصروه]

- ‌(ترجمة ابن ناصر)

- ‌(ترجمة الشيخ إبراهيم الكوراني)

- ‌(ترجمة منلا على القارئ)

- ‌(ترجمة العلامة السويدي البغدادي)

- ‌(ترجمة شهاب الدين مفتى الحنفية ببغداد الألوسي البغدادي)

- ‌(ترجمة مسند الوقت أحمد ولى الله الدهلوي)

- ‌(ترجمة العلامة الشوكاني)

- ‌(ترجمة الإمام الأجر أبي الطيب)

- ‌فصل: (في الجرح والتعديل)

- ‌(لا يؤخذ بقول العلماء في طعن بعضهم بعضاً)

- ‌(فيمن طعن في معاصروه)

- ‌[لغرض أو مرض هوجم ابن تيمية]

- ‌فصل: (في كلام العلامة ابن حجر فيما يتعلق بكتب الصوفية)

- ‌الفصل الأول: (في عقيدة الإمام ابن تيمية)

- ‌[إجلاله للصحابة]

- ‌[ابن تيمية والشاذلي]

- ‌(ترجمة أبي الحسن الشاذلي)

- ‌الفصل الثالث: [المعترضون على الصوفية كثيرون]

- ‌(ترجمة الإمام محي الدين بن العربي)

- ‌[الناس في ابن عربي أقسام ثلاثة]

- ‌(ترجمة ابن الفارض)

- ‌(ترجمة ابن سبعين)

- ‌(ترجمة الحلاج)

- ‌[رأى ابن حجر العسقلاني في الحلاج ومن على شاكلته]

- ‌[ابن تيمية يرد القول بولاية الحلاج من وجوه]

- ‌(مكتوب شيخ الإسلام ابن تيمية)

- ‌الفصل الرابع: في الكلام على ما نقله الشيخ ابن حجر من عبارة شيخ الإسلام

- ‌[ابن حجر لا يلتزم أدب المناظرة في النقل]

- ‌[الصوفى المثالى]

- ‌[الصوفى المنحرف]

- ‌[ابن تيمية كان يتشدد في سد ذرائع البدع]

- ‌[رأى ابن تيمية في الولاية والأولياء]

- ‌[لم يكن ابن تيمية وحده هو الذي حارب الفلاسفة]

- ‌[الغزالي يرمى الفلاسفة بالكفر]

- ‌فصل: [في أصنافهم وشمول سمة الكفر كافتهم]

- ‌[رأى لابن تيمية في الفلاسفة]

- ‌[هل يعلم الولى بلغيب

- ‌(ترجمة ابن سينا)

- ‌(ترجمة الإمام أبي حامد الغزالي)

- ‌[مما أخذ عن الغزالي]

- ‌[ليس ابن تيمية أول من انتقد الغزالي]

- ‌[فرق الشيعة وعقائدهم]

- ‌(ترجمة الفضيل بن عياض)

- ‌(ترجمة القشيرى)

- ‌[عقيدة المعتزلة وفرقهم]

- ‌[عقيدة الجهمية]

- ‌[مناظرة شعرية بين أهل السنة والمعتزلة حول رؤية الله]

- ‌[علم الكلام بين مادحيه وقادحيه]

- ‌[رأى ابن تيمية في المتكلمين]

- ‌[التعريف برسائل إخوان الصفا]

- ‌[ترجمة أبي حيان التوحيدى]

- ‌[ابن سينا يرى أن علم الغيب بالنسبة للبشر جار على السنن الطبيعي]

- ‌[بحث في الرؤيا]

- ‌ الروح

- ‌[في الإنسان]

- ‌[الروح حادثة أم هي قديمة

- ‌[مستقر الأرواح في البرزخ]

- ‌[هل تموت الروح

- ‌[قصيدة ابن سينا في الروح ومعارضه الدهلوى لها]

- ‌(ترجمة الإمام أبي بكر بن العربي)

- ‌[الدس في بعض الكتب]

- ‌(ترجمة الإمام المازرى)

- ‌(ترجمة الإمام الطرطوشي)

- ‌(ترجمة الإمام ابن الجوزي)

- ‌(ترجمة ابن عقيل)

- ‌فصل: وأما قول الشيخ ابن حجر:

- ‌[أكاذيب تدفعها حقائق]

- ‌[تعريفه وشروطه]

- ‌[هل يتجزأ الاجتهاد

- ‌[هل يجوز أن يخلو الزمان عن مجتهد

- ‌[فتوى للإمام ابن تيميه عن التقليد]

- ‌[فتوى للإمام ابن تيمية حول جواز تقليد غير الأربعة]

- ‌[هل يجوز الانتقال من مذهب إلى مذهب

- ‌[التقليد في أصول الدين]

- ‌(ترجمة الإمام أحمد بن حنبل)

- ‌[كتاب للإمام أحمد عن السنة]

- ‌[محنة القول بخلق القرآن]

- ‌[نقلة فقه الإمام أحمد]

- ‌((وما ضرنا أنا قليل وجارنا عزيز وجار الأكثرين ذليل))

- ‌[ترجمة الإمام أبو الحسن الأشعري]

- ‌[من أتباع الأشعري]

- ‌[عقيدة الأشعري]

- ‌[ترجمة الإمام البيهقي]

- ‌فصلوقد آن الشروع في أجوبة ما عزاه الشيخ ابن حجر عليه الرحمة إلى الشيخ ابن تيمية

- ‌[رأى ابن تيمية في يمين الطلاق]

- ‌[الطلاق المخالف للسنة]

- ‌[تارك الصلاة عمداً هل يقضى]

- ‌[هل يباح للحائض الطواف بدون كفارة]

- ‌[هل يرد الطلاق الثلاث إلى واحدة]

- ‌[حكم المكوس وهل تقوم مقام الزكاة

- ‌فصل: [في المظالم المشتركة]

- ‌[هل تنجس المائعات بموت حيوان]

- ‌[هل للجنب أن يصلى التطوع ليلاً قبل أن يغتسل

- ‌[شرط الواقف هل يعتبر أو لا

- ‌[اختيارات أخرى ذهب إليها ابن تيميه]

- ‌[رأى ابن تيميه في الحسن والقبح]

- ‌[أفعال العباد]

- ‌[حكم مخالف الإجماع]

- ‌[عقيدة ابن تيميه في كلام الله]

- ‌[فتوى لابن تيميه عن كلام الله]

- ‌[كلام نفيس لابن القيم في الموضوع]

- ‌فصل: [عقيدة ابن القيم وشيخه في القرآن]

- ‌[مقتطفات من نونية ابن القيم]

- ‌فصل: في مذهب الاقترانية

- ‌فصل: في مذهب القائلين بأنه متعلق بالمشيئة والإرادة

- ‌فصل: في مذهب الكرامية

- ‌فصل: في ذكر مذهب أهل الحديث

- ‌فصلوأتى ابن حزم بعد ذاك

- ‌فصلونعتقد أن القرآن كلام الله عز وجل

- ‌فصلونعتقد أن القرآن حروف مفهومة

- ‌فصل: [حروف المعجم أمخلوقة هي أو قديمة

- ‌فصل[البيهقي يستدل لكون القرآن غير مخلوق]

- ‌[القول والكلام يتواردان على معنى واحد]

- ‌[ما جاء في إثباته صفة التكليم والتكلم والقول سوى ما مضى]

- ‌[كيف يكلم الله البشر

- ‌[إسماع الرب ملائكته]

- ‌[الفرق بين التلاوة والمتلو]

- ‌[هل كان ابن تيمية دهرياً يقول بقدم العالم

- ‌[وهل كان يقول بالحسمية والجهة والانتقال]

- ‌[تبرئة ابن تيمية مما نسبه إليه ابن حجر من التجسيم]

- ‌[فوقية الخالق سبحانه]

- ‌[قول الله عز وجل: {أأمنتم من في السماء} [الملك 16]]

- ‌[قول الله عز وجل لعيسى ابن مريم]

- ‌[مجئ الله]

- ‌[مذهب السلف. تنزيه. وتفويض. وتصديق]

- ‌[ليس الاستواء بمعنى الاستيلاء]

- ‌[أنتصار الرازى لتأويلات الخلف]

- ‌[الصفات بين المفوضين والمعطلين]

- ‌[رأى المؤلف في الصفات]

- ‌[مذهب ابن تيمية في الصفات]

- ‌[كلام ابن تيمية في العرش وإحاطة الله بمخلوقاته]

- ‌[أسماء الله وصفاته توقيفية دون زيادة ولا نقصان]

- ‌[ما روى في الحجر الأسود أنه يمين الله وتأويله]

- ‌[عقيدة الشيخ عبد القادر الكيلاني]

- ‌[عقيدة الأشعري]

- ‌[ابن تيمية لم يكن بدعاً من الأئمة حينما رأى ما رأى]

- ‌[لازم المذهب ليس بمذهب]

- ‌[الأقوال في آيات الصفات وأحاديثها]

- ‌[القول في فناء النار]

- ‌[هل الجنة والنار موجودتان؟ وأين؟ وهل هما ابديتان

- ‌[أدلة القائلين بعدم فناء النار]

- ‌[صاحب الكبيرة]

- ‌[عصمة الأنبياء]

- ‌[كلام في التوسل والوسيلة والاستغاثة]

- ‌[أدلة المجوزين للتوسل والإستغاثة]

- ‌[أدلة المانعين للتوصل]

- ‌[حقيقة الشفاعة]

- ‌[سقوط الاستدلال بحديث الأعمى]

- ‌[توسل عمر بالعباس]

- ‌[حديث آدم]

- ‌[حديث الأعرابي]

- ‌[حديث مالك]

- ‌[التبرك بآثار النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌[قيمة المنامات والحكايات في الاستدلال]

- ‌[الحياة البرزخية]

- ‌[مذهب ابن تيمية في التوسل]

- ‌[لا يعبد الله إلا بما شرع]

- ‌[نوعا الشفاعة]

- ‌[هل تنعقد اليمين بغير الله]

- ‌[الوسيلة الجائزة والممنوعة]

- ‌[الاستغاثة بالمشايخ والموتى]

- ‌[إسراف بغيض]

- ‌[هل يشد الرحال لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌[باب زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌[فتوى لابن تيمية في زيارة قبره صلى الله عليه وسلم

- ‌[حكم زيارة القبور بلا شد الرحال]

- ‌[السنن والبدع في زيارة القبور]

- ‌[كيف بدلت التوراة والإنجيل]

- ‌[ابن حجر لا يعدل في القضية]

- ‌[ارتفاع الحدث بماء الورد]

- ‌[حكم المسح على النعلين وما جرى مجراهما]

- ‌[هل يتوقت المسح على الخفين

- ‌[التيمم لخشية فوات الوقت]

- ‌[اختيار لابن تيمية في التيمم]

- ‌[مدة الحيض]

- ‌[مسافة القصر]

- ‌[هل تستبرأ البكر

- ‌[هل يقضى من أكل في وقت الصوم يظنه بليل]

- ‌[المسابقة]

- ‌استبراء المختلعة

- ‌[وطء الوثنيات بملك اليمين]

- ‌[بيع الأصل بالعصير]

- ‌[بيع الفضل بالمصنوع متفاضلاً]

- ‌[تفصيل مسائل الربا]

- ‌[ابن القيم يرى أن ربا الفضل حرم سداً للذرائع]

- ‌[هل يجوز إهداء ثواب القراءة للنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌[هل للإنسان أن يجعل ثواب عمله لغيره]

- ‌[مطلب في إرسال العذبة]

- ‌[حكم بيع المسجد إذا خرب]

- ‌كلمة المطبعة

الفصل: ‌[رأى ابن تيميه في الحسن والقبح]

رمضان معتقداً أنه ليل، وكان نهاراً لا قضاء عليه، كما هو الصحيح عن عمر رضي الله عنه، وإليه ذهب بعض التابعين وبعض الفقهاء بعدهم.

والقول بجواز المسابقة بلا محلل وإن أخرج المستبقان.

والقول باستبراء المختلعة بحيضة، وكذلك الموطوءة بشبهة والمطلقة آخر ثلاث طلقات.

والقول بإباحة وطء الوثنيات بملك اليمين. وجواز طواف الحائض ولا شئ عليها إذا لم يمكنها أن تطوف طاهراً.

والقول بجواز بيع الأصل بالعصير كالزيتون بالزيت، والسمسم بالشيرج متفاضلاً، وجعل الزائد من الثمن في مقابلة الصنعة.

والقول بالتكفير في الحلف بالطلاق، وهو من الأقوال المشهورة التى جرى بسبب الإفتاء بها محن وقلاقل، وأن الثلاث بلفظة لا يقع إلا واحدة. وأن الطلاق المحرم لا يقع. وله في ذلك مؤلفات كثيرة لا تحصر ولا تنضبط أهـ.

وأنت تعلم أن كثيراً من ذلك هو قول لأحد المذاهب الربعة أو لداود الظاهري، أو لأحد الصحابة الكرام، أو أحد التابعين. وقد بينت البعض فيما سبق، وسأبين الباقي إن شاء الله تعالى فيما سيلحق.

والحاصل - أن هذه الأقوال والاختبارات إما له فيها سلف، أو أدلة بحسب الظاهر قويات فلا تغفل.

[رأى ابن تيميه في الحسن والقبح]

(قوله: ومن مسائل الأصول مسألة الحسن والقبح التزم كل ما يرد عليها - أقول: يا لله العجب! من إجمال هذا النقل والتشنيع على هذا القول كما لا يخفى عدم حسنه عند ناقد بصير، لأن هذه المسألة كما ستقف إن شاء الله تعالى على تفصيلها، أختلف العلماء في تفريعها وتأصيلها. فعند الأشعرية هما

ص: 285

شرعيان. وعند غالب الحنفية وكثير من أصحاب المذاهب وجمهور المعتزلة عقليان. فإذا خالف الشيخ ابن تيمية قول السادة الأشعرية ووافق قوله غير واحد من الحنفية أو الشافعية أو الحنبلية، هل ينبغي أن يعد ذلك من الأقوال المطعونة والآراء المرذولة، بحيث إذا سمع هذا التجهيل جاهل، أو عالم عن الاختلاف غافل، يظن أن الشيخ ابن تيمية قد تفرد بهذه المسألة، وشذ عن أهل السنة النبوية، ولم يعلم أنه قد أختلف فيها أيضاً من فحول الأئمة الماتريدية، فاستمع الآن ما تنقله لك من كتب الاسلاف التى هي كفيلة بتبيان الخلاف.

قال العلامة صدر الشريعة الحنفى في التوضيح شرح التنقيح: هذه المسألة من أمهات مسائل الأصول، ومهمات مباحث المعقول والمنقول، ومع ذلك هي مبنية على مسائل الجبر والقدر التى زلت في بواديها أقوام الراسخين، وضلت في مباديها أفهام المتفكرين، وغرقت في بحارها عقول المتبحرين. وحقيقة الحق فيها - أعنى الحق بين الإفراط والتفريط - سر من أسرار الله تعالى التى لا يطلع إلا خواص عباده. وهأنذا بمعزل من ذلك، لكن أوردت مع العجز عن درك الإدراك قدر ما وقفت عليه، ووقفت لإيراده.

أعلم أن العلماء قد ذكروا أن الحسن والقبح يطلقان على ثلاثة معان:

الأول: كون الشئ ملائماً للطبع ومنافراً له.

والثاني: كونه صفة كمال، وكونه صفة نقصان.

والثالث: كون الشئ متعلق المدح عاجلاً والثواب آجلاً، وكونه متعلق الذم عاجلاً والعقاب آجلاً.

فالحسن والقبح بالمعنيين الأولين يثبتان بالعقل أتفاقاً، أما بالمعني الثالث فقد أختلفوا فيه، فعند الأشعري لا يثبتان بالعقل بل بالشرع فقط. فهذا بناء على أمرين:

ص: 286

أحدهما - أن الحسن والقبح ليسا لذات الفعل وليس للفعل صفة يحسن الفعل أو يقبح لأجلها عند الأشعري.

وثانيهما - أن فعل العبد ليس باختياره عنده، فلا يوصف بالحسن والقبح ومع ذلك جوز كونه متعلق الثواب والعقاب بالشرع، بناء على أن عنده لا يقبح من الله تعالى أن يثبت العبد أو يعاقبه على ما ليس باختياره، لأن الحسن والقبح لا ينسبان إلى أفعال الله تعالى عنده.

فالحسن والقبح بالمعني الثالث يكونان عند الأشعري بمجرد كون الفعل مأموراً به ومنهياً عنه. فالحسن عنده ما أمر به والقبيح ما نهى عنه. وعند المعتزلة ما يحمد على فعله سواء يحمد عليه شرعاً أو عقلاً. والقبح ما يذم على فعله. ثم بعد ما أبطل دليل الأشعري بما يطول نقله قال: وعند بعض أصحابنا يعني الحنفية والمعتزلة حسن بعض أفعال العباد وقبحها يكونان لذات الفعل أو لصفة له ويعرفان عقلاً أيضاً، لأن وجوب تصديق النبي صلى الله عليه وسلم إن توقف على الشرع يلزم الدور، وإن لم يتوقف على الشرع كان واجباً عقلاً فيكون حسناً عقلاً. وأيضاً وجوب تصديق النبي صلى الله عليه وسلم موقوف على حرمة الكذب، فهي إن ثبتت شرعاً يلزم الدور، وإن ثبتت عقلاً يلزم قبحاً عقلاً.

ثم قال: ولما أثبتنا الحسن والقبح العقليين - وفي هذا القدر لا خلاف بيننا وبين المعتزلة - أردنا أن نذكر بعد ذلك الخلاف بيننا وبينهم، وذلك في امرين:

أحدهما - أن العقل عندهم حاكم مطلقاً بالحسن والقبح على أن الله تعالى وعلى العباد. أما على الله تعالى فلأن الأصلح واجب على الله تعالى بالعقل، فيكون تركه حراماً على الله تعالى. والحكم بالوجوب والحرمة يكون حكماً بالحسن والقبح ضرورة. وأما على العباد فلأن العقل عندهم يوجب الأفعال عليهم

ص: 287

ويبيحها ويحرمها من غير أن يحكم الله تعالى فيها بشئ من ذلك. وعندنا، الحاكم بالحسن والقبح هو الله تعالى، وهو متعال عن أبي يحكم غيره، وعن أن يجب عليه شئ، وهو خالق أفعال العباد، جاعل بعضها حسناً وبعضها قبيحاً وله في كل قضية كلية أو جزئية حكم معين، وقضاء مبين، وإحاطة بظواهره وبواطنها، وقد وضع فيها ما وضع من خير أو شر، ومن نفع أو ضر، ومن حسن أو قبح.

وثانياً - أن العقل عندهم يوجب العلم بالحسن والقبح بطريق التوليد بأن يولد العقل العلم بالنتيجة عقب النظر الصحيح. وعندنا العقل آلة لمعرفة بعض من ذلك، إذ كثير مما حكم الله تعالى بحسنه أو قبحه لم يطلع العقل على شئ منه، بل معرفته موقوفة على تبليغ الرسل، لكن البعض منه قد أوقف الله تعالى العقل على انه غير مولد للعلم، بل أجرى عادته بخلق بعضه من غير كسب، وبعضه بعد الكسب. أى ترتيب العقل المقدمات المعلومة ترتيباً صحيحاً على ما مر أنه ليس لما قدرة إيجاد الموجودات، وترتيب الموجودات ليس بإيجاده. أهـ. ملخصاً.

وكتب السعد في تلويحه على قوله ((وعندنا الحاكم بالحسن والقبح هو الله تعالى)) ما نصه: لا يقال هذا مذهب الأشاعرة بعينه، لأنا نقول: الفرق هو أن الحسن والقبح عند الأشاعرة لا يعرفان إلا بعد كتاب ونبي وعلى هذا المذهب قد يعرفها العقل بخلق الله تعالى علماً ضرورياً بهما، إما بلا كسب كحسن تصديق النبي وقبح الكذب الضار، وإما مع كسب كالحسن والقبح المستفادين من النظر في الأدلة وترتيب المقدمات، وقد لا يعرفان إلا بالنبي والكتاب كأكثر أحكام الشرع. أهـ. ملخصاً.

وقال التاج السبكي في جمع الجوامع: الحسن والقبح بمعنى ملاءمة الطبع

ص: 288

ومنافرته وصفة الكمال والنقص - عقلي وبمعنى الذم عاجلاً والعقاب آجلاً - شرعي، خلافاً للمعتزلة. قال شارحه ولي الدين أحمد الشهير بابي زرعه العراقي الشافعي: الحسن والقبح يطلق بثلاثة اعتبارات:

أحدها - ما يلائم الطبع وينافره، كقولنا: إنقاذ الفريق حسن، وإتهام البرئ قبيح.

الثاني - صفة الكمال والنقص، كقولنا: العلم حسن والجهل قبيح وهو بهذين الاعتبارين عقلى بلا خلاف، أى أن العقل يستقل بإدراكها من غير توقف على الشرع.

الثالث: ما يوجب المدح أو الذم الشرعي عاجلاً، والثواب أو العقاب آجلاً وهو موضع الخلاف. والمعتزلة قالوا: هو عقلى أيضاً، يستقل العقل بإدراكه. وهل أهل السنة: هو شرعي لا يعرف إلا بالشرع. أهـ.

ونقل العلامة السفاريني عند شرح قوله: [رجز]

وربنا يخلق باختيار من غير حاجة ولا اضطرار

لكنه لا يخلق الخلق سدى كما أتى في النص فاتبع الهدى

ما نصه: قال شيخ الإسلام ابن تيميه قدس الله تعالى روحه: ونشا من هذا الاختلاف نزاع بين المعتزلة وغيرهم ومن وافقهم في مسألة التحسين والتقبيح العقلي، فأثبت ذلك المعتزلة والكرامية، وغيرهم، ومن وافقهم من أصحاب أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد، واهل الحديث وغيرهم رضي الله عنه، ونفى ذلك الأشعرية ومن وافقهم من اصحاب مالك والشافعي وأحمد وغيرهم. وأتفق الفريقان على أن الحسن والقبيح إذا فسر أيكون الفعل نافعاً للفاعل ملائماً له، وكونه ضاراً للفاعل منافراً له أنه تمكن معرفته بالعقل كما يعرف بالشرع وظن من ظن من هؤلاء أن الحسن والقبح المعلوم بالشرع خارج عن هذا، وليس كذلك، بل جميع الأفعال التى أوجبها الله تعالى وندب إليها هي نافعة لفاعليها ومصلحة لهم، وجميع الأفعال التى نهى الله تعالى عنها هي ضارة لفاعليها ومفسدة في حقهم.

ص: 289

والحمد والثواب المترتب على طاعة الشارع نافع للفاعل ومصلحة له. والذم والعقاب المترتب على معصيته ضار للفاعل مفسدة له. والمعتزلة اثبتت الحسن في افعال الله تعالى لا بمعنى حكم يعود إليه من أفعاله تعالى.

قال الشيخ: ومنازعوهم لما أعتقدوا ان لا حسن ولا قبح في الفعل إلا ما عاد إلى الفاعل منه حكم، نفوا ذلك وقالوا: القبيح في حق الله تعالى هو الممتنع لذاته، وكل ما يقدر ممكناً من الأفعال فهو حسن، إذ لا فرق بالنسبة إليه عندهم بين مفعول ومفعول، وأولئك - يعني المعتزلة - اثبتوا حسناً وقبحاً لا يعود إلى الفاعل منه حكم يقوم بذاته. وعندهم لا يقوم بذاته ولا وصف ولا فعل ولا غير ذلك، وغن كانوا قد يتناقضون. ثم أخذوا يقيسون ذلك على ما يحسن من العبد ويقبح، فجعلوا يوجبون على الله سبحانه من جنس ما يوجبون على العبد، ويحرمون عليه من جنس ما يحرمون على العبد، ويسمون ذلك العدل والحكمة مع قصور عقلهم عن معرفة حكمته، فلا يثبتون له مشيئه عامة ولا قدرة تامة. فلا يجعلونه على كل شئ قديراً، ولا يقولون ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، ولا يقرون بانه خالق كل شئ. ويثبتون له من الظلم ما نزه نفسه عنه، فإنه سبحانه قال:{ومن يعلم من الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف ظلماً ولا هضماً} [طه 112] أى لا يخال أن يظلم فيحمل عليه من سيئات غيره، ولا يهضم من حسناته.

والحاصل - أن فعل الله تعالى وتقدس وأمره لا يكون لعلة في قول مرجوح - أختاره كثير من علمائنا وبعض المالكية والشافعية، وقاله الظاهرية والأشعرية والجهمية.

والقول الثاني - أنها لعلة وحكمة، أختاره الطوفي، وهو مختار شيخ

ص: 290

الإسلام ابن تيميه وابن القيم وابن قاضي الجبل وحكاه عن إجماع السلف وهو مذهب الشيعة والمعتزلة.

لكن المعتزلة تقول بوجوب الصلاح، ولهم في الأصلح قولان. والمخالفون لهم يقولون بالتعليل لا على منهج المعتزلة. قال شيخ الإسلام: لأهل السنة في تعليل أفعال الله تعالى وأحكامه قولان، والأكثرون على التعليل والحكمة، وهل هي منفصلة عن الرب ولا تقوم به، أو قائمة مع ثبوت الحكم المنفصل، لهم فيه أيضاً قولان. وهل يتسلسل الحكم أولا بتسلسل، أو يتسلسل في المستقبل دون الماضي؟ فيه أقول.

قال: احتج المثبتون للحكمة والعلة بقوله تعالى: {من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل} [المائدة 32] وقوله تعالى: {كي لا يكون دولة} [الحشر 7] وقوله سبحانه: {وما جعلنا القبلة التى كنت عليها إلا لنعلم} [البقرة 143] ونظائرها، ولأنه تعالى حكيم شرع الأحكام لحكمة ومصلحة، لقوله تعالى:{وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين} [الأنبياء: 107] والإجماع واقع على اشتمال الأفعال على الحكم والمصالح، جوازاً عند أهل السنة، ووجوباً عند المعتزلة، فيفعل ما يريد بحكمته.

وتقدم أن النافين للحكمة والعلة احتجوا بما أحتجوا به انه يلزم من قدم العلة قدم المعلول وهو محال، ومن حدوثها افتقارها إلى علة أخرى، وأنه يلزم التسلسل.

قال الإمام الرازي. وهو مراد المشايخ بقولهم: كل شئ صنعه ولا علة لصنعه. وما أجاب به من قال بالحكمة، وانها قديمة لا يلزم من قدم العلة قدم معلولها، كالإدارة فإنها قديمة ومتعلقها حادث.

والحاصل - أن شيخ الإسلام وجمعاً من تلامذته أثبتوا الحكمة والعلة أفعال الباري سبحانه واقاموا على ذلك من البراهين ما لعله لا يبقى في مخيلة

ص: 291

الفطين، السالم من ربقة تقليد الأساطين - أدنى اختلاج وأقل تخمين، منها قوله تعالى:{أيحسب الإنسان أن يترك سدى} [القيامة 36] وقوله تعالى {أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً} [المؤمنون 115] وغير ذلك.

واما الإمام شمس الدين ابن القيم قد أجلب وأجنب، واتى بما يقضى منه العجب، في كتابه ((شرح منازل السائرين)) و ((مفتاح دار السعادة)) وغيرهما فمن أراد تنمية البحث والأدلة فليرجع إليهما، وإلى شرح عقيدة السفاريني عليه الرحمة. وقال أيضاً عند شرح قوله:[رجز]

فكل ما منه تعالى يحمل لأنه عن فعله لا يسئل

ما بعضه: مذهب الأشاعرة أن أفعال البارى تعالى ليست معللة بالأغراض والمصالح، ويقولون: إنه سبحانه يفعل هذه الحوادث عند الأسباب، واللام للعاقبة لا للتعليل. ومذهب الماتريدية: امتناع خلو فعله عن المصلحة، كما قال السعد.

والحق أن تعليل بعض الأفعال لا سيما الأحكام الشرعية بالحكم والمصالح ظاهر، وأنه مذهب سلف الأمة. والقول الوسط كما حكاه الشيخ في ((شرح الأصبهانية)) لأنه تعالى خلق كل شئ، وأنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، ويثبتون لله تعالى حكمة يفعل لأجلها قائمة به عز وجل. أهـ.

وقال بعض الأشاعرة: إنهم يقولون بالحكمة والمصلحة في نفس الآمر لأنهم يمنعون العبث في افعاله سبحانه، كما يمنعون الغرض، ولذلك كان التعبدي من الأحكام ما لا يطلع على حكمته لا مالا حكمه له، على أن بعضهم نقل عن الأشاعرة أنهم إنما يمنعون وجوب التعليل لا أنهم يحيلونه، كما صرح به ابن عقيل الحنبلى، واستغربه بعض الأشاعرة، أهـ. وقال أيضاً عند شرح قوله:[رجز]

فلم يحب عليه فعل الأصلح ولا الصلاح ويح من لم يفلح

ص: 292

خلافاً للمعتزلة. فمعتزلة البصرة قالوا بوجوب الأصلح في الدين، وقالوا تركه بخل ويفه يجب تنزيه البارى تعالى عنه، ومنهم الجبائي. وذهب معتزلة بغداد إلى وجوب الصلح في الدين والدنيا معاً، لكن بمعنى الأوفق في الحكمة والتدبير. وهذه المسألة مترجمة في كتب القوم بمسألة وجوب الصلاح والأصلح أنتهى.

قلت: والكلام فيها مبسوط في محله. وقصة الأشعري مع الجبائي المتقدمة لك في ترجمته قاضية بحقية مذهب أهل السنة ثم قال:

تنبيه - مذهب القول بالصلاح والأصلح مبني فيما قاله متكلموا الأشاعرة وغيرهم على قاعدتين:

إحداهما - تحسين العقل وتقبيحه في الأحكام الشرعية.

الثانية - استلزام الأمر للإدارة، فإن قلت: قد أسلفت أن أسلافك مثل شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم وغيرهما لهم الميل الاستدلال لإثبات التعليل والحكمة في الخلق والأمر، وذلك من اصول القول بالصلاح والأصلح. ثم هنا أبطلت هذا القول، وذكرت من لوازمه ما لا جواب عنه فما تصنع في هذه اللوازم التى ألزمت بها المعتزلة وما الجواب عنها إذا وجهت إليكم؟.

قلت: لا ريب، إنما نثبت لله وما أثبته لنفسه، وشهدت به الفطرة والعقول من الحكمة في خلقه وأمره، فكل ما خلقه وامر به فله فيه حكمه بالغة. وآية ظاهرة لأجلها خلقه وأمر به. لكن نقول: إن الله تعالى في خلقه كالفرق بين الفعلين، وكالفرق بين الوصفين والذاتين، فليس كمثله شئ في وصفه ولا في فعله ولا في حكمه مطلوبة له.

بل الفرق بين الخالق والمخلوق في ذلك كله أعظم فرق وابينه وأوضحه عند العقول والفطر، وعلى هذا فجميع ما ألزمت به الفرق القائلة بالصلاح

ص: 293

والأصلح، بل واضعاف ما ذكر من الإلزاميات فيه حكمة يختص بها لا يشاركه فيها غيره، ولأجلها حسن منه ذلك، وقبح من المخلوقين لانتفاء تلك الحكمة في حقهم. وهذا كما يحسن منه تعالى مدح نفسه والثناء عليها، وإن قبح من اكثر خلقه ذلك. ويليق بجلالة الكبرياء والعظمة، ويقبح من خلقه تعاطيها كما روى عنه صلى الله عليه وسلم أنه حكى عن الله تعالى أنه قال:((الكبرياء إزارى والعظمة ردائى، فمن نازعني واحداً منها عذبته)) وكما يحسن منه إماتة خلقه وابتلاؤهم وامتحانهم بانواع المحن، ويقبح ذلك من خلقه.

وهذا أكثر من أن تذكر أمثلته، فليس بين الله تعالى وبين خلقه جامع يوجب أن يحسن منه ما حسن منهم، ويقبح منه ما قبح منهم، وإنما تتوجه تلك الإلزامات على من قاس أفعال الله تعالى بأفعال العباد، دون من أثبت له حكمه يختص بها لا تشبه ما للمخلوقين من الحكمة، فهو عن تلك الإلزامات بمعزل، ومنزلة منها أبعد منزل.

ونكتة الفرق أن بطلان الصلاح والأصلح لا يستلزم بطلان الحكمة والتعليل كما أن التعليل الذى نثبته غير الذى تثبته المعتزلة كما مر، فإن المعتزلة أثبتوا لله شريعة عقلية، وأوجبوا عليه فيها وحرموا بمقتضى عقولهم. فالمعتزلة يوجبون على اله تعالى ويحرمون بالقياس على عباده، ولا ريب أن هذا من أفسد القياس وأبطله كما نبه عليه وبينه الإمام المحقق ابن القيم في كتابه:(مفتاح دار السعادة) . وأما زعم المعتزلة استلزام الآمر للإرادة فباطل لا يعول عليه وبالله تعالى التوفيق. أهـ.

فإذا أحطت خبراً بما تقرر علمت أن في المسألة أقوالاً، وأن العلماء قد كثر بينهم لذلك القيل والقال. فخذ ما طابق الكتاب وأترك الجدال.

ص: 294