الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مجيزى التوسل لم يجعلوه خاصاً بسيد الرسل، وأن المانعين أقسام: فمنهم من عمم المنع، ومنهم من أستثنى خاتمة الأنبياء الكرام عليه وعليهم الصلاة والسلام. وإنى ذاكر إن شاء الله تعالى ذلك بفضول، وخاتمة بالتوسط المقبول. فاستمع ما نتلوه عليك، واتباع أسلمها مفوض إليك.
[أدلة المجوزين للتوسل والإستغاثة]
الفصل الأول
في أدلة المجوزين للتوسل والإستغاثة بالأنبياء والصالحين، ولا سيما ذو الجاه العظيم، الرسول الشفيع الكريم، والنبي الرءوف الرحيم، عليه افضل الصلاة والتسليم.
قال العلامة القسطلاني شارح البخارى في كتابه ((المواهب اللدنية)) ما نصه: وينبغي للزائر أن يكثر من الدعاء والتضرع، والاستغاثة والتشفع، والتوسل به صلى الله عليه وسلم. فجدير بمن استشفع به أن يشفعه الله تعالى فيه.
واعلم أن الاستغاثة هي طلب الغوث، فالمستغيث يطلب من المستغاث به أن يحصل له الغوث منه، فلا فرق بين أن يعبر بلفظ الاستغاثة، أو التوسل، أو التشفع، أو التوجه، لأنها من الجاه والوجاهة، ومعناه: علو القدر والمنزلة. وقد يتوسل بصاحب الجاه إلى من هو أعلى منه. ثم إن كلا من الاستغاثة والتوسل والتشفع والتوجه بالنبي صلى الله عليه وسلم، كما ذكره في تحقيق النصرة ومصباح الظلام - واقع في كل حال قبل خلقه وبعد خلقه، في مدة حياته في الدنيا وبعد موته صلى الله عليه وسلم، في مدة البرزخ وبعد البعث في عرصات القيامة. فأما الحالة الأولى فحسبك ما قدمته في المقصد الأول من استشفاع آدم عليه السلام به لما خرج من الجنة، وقوله
((اللهم بحق محمد عليك اغفر لي خطيئتى)) ، وقول الله تعالى:((يا آدم لو أستشفعت إلينا بمحمد في اهل السماوات والأرض لشفعناك)) . وفي حديث عمر ابن الخطاب عند الحاكم والبيهقى وغيرهما: ((وإذا سألتنى فقد غفرت لك)) ويرحم الله تعالى ابن جابر حيث يقول: [طويل] :
به قد أجاب الله آدم إذ دعا ونجى في بطن السفينة نوح
وما ضرت النار الخليل لنوره ومن أجله نال الفداء ذبيح
وأما التوسل به صلى الله عليه وسلم بعد خلقه في مدة حياته، فمن ذلك: الاستغاثة به عليه الصلاة والسلام عند القحط وعدم الأمطار. وكذلك الاستغاثة به من الجوع ونحو ذلك مما ذكرته في مقصد المعجزات، ومقصد العبادات في الاستسقاء.
ومن ذلك استغاثة ذوى العاهات به صلى الله عليه وسلم. وحسبك ما رواه النسائي، والترمذي عن عثمان بن حنيف: أن رجلاً ضريراً أتاه صلى الله عليه وسلم، فقال: ادع الله تعالى أن يعافيني. قال: فأمره أن يتوضأ ويحسن وضوءه، ويدعو بهذا الدعاء:((اللهم إنى أسألك واتوجه إليك بحبيبك محمد نبي الرحمة، يا محمد أنى أتوجه بك إلى ربك في حاجتى لتقضى. اللهم شفعه في)) وصححه البيهقي وزاد: فقام وقد ابصر.
وأما التوسل به صلى الله عليه وسلم بعد موته في البرزخ فهو أكثر من ان يحصى، او يدرك باستقصا.
وفي مصباح الظلام في المستغيثين بخير الأنام للشيخ أبي عبد الله بن النعمان طرف من ذلك
ولقد كان حصل لى داء أعيا دواؤه الأطباء، وأقمت به سنين فاستغيث به صلى الله عليه وسلم ليلة الثامن والعشرين من جمادى الأولى سنة ثلاث
وتسعين وثمانمائة بمكة، زادها الله تعالى شرفاً، فبينما أن نائم إذا رجل معه قرطاس يكتب فيه: هذا دواء لداء أحمد بن القسطلاني من الحضرة الشريفة بعد الإذن الشريف النبوى. ثم أستيقظت فلم أجد بي والله شيئاً مما كنت أجده، وحصل الشفاء ببركة النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم.
وأما التوسل به صلى الله عليه وسلم في عرصات القيامة فمما قام عليه الإجماع، تواترت به الأخبار في حديث الشفاعة. أهـ.
وقال السمهودى في تاريخ المدينة المسمى ((بخلاصة الوفا)) : التوسل والتشفيع به صلى الله عليه وسلم وبجاهه وببركته من سنن المرسلين، وسيرة السلف الصالحين، واستدل على ذلك أيضاً بما تقدم من حديث آدم عليه السلام والأعمى. وكذا مما رواه البيهقي والطبراني عن عثمان بن عفان بن حنيف رضي الله عنه: أن رجلاً لا يلتفت إليه، ولا ينظر في حاجته، فشكا ذلك لابن حنيف فقال له: أئت الميضاة قتوضأ ثم أئت المسجد فصل ركعتين، ثم قل: اللهم انى اسألك وأتوجه إليك بنبينا محمد نبي الرحمة. يا محمد، إنى أتوجه بك إلى ربك في حاجتى لتقضى، وتذكر حاجتك. فانطلق الرجل فصنع ذلك، ثم أتى باب عثمان بن عفان فجاءه البواب حتى اخذ بيده فادخله على عثمان رضي الله عنه فأجلسه معه على الطنفسة، فقال له: ما حاجتك؟ فذكر حاجته وقضاها ثم قال له: ما ذكرت حاجتك حتى الساعة، وما كانت لك من حاجة فأذكرها. ثم خرج ذلك الرجل من عنده فلقى عثمان بن حنيف فقال له: جزاك الله تعالى خيراً، ما كان ينظر في حاجتى حتى كلمته. فقال عثمان بن حنيف: والله ما كلمته! ولكنى شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاه ضرير فشكا إليه ذهاب بصره، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أو تصبر؟
فقال: يا رسول الله، إنه ليس لي قائد، وقد يشق علي. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ((ائت الميضأة فتوضأ، ثم صلى ركعتين، ثم أدع بهذه الدعوات
…
)) . أهـ
وبه استدل أيضاً ابن الجزرى، فذكر في ((الحصن الحصين)) : أن م آداب الدعاء أن يتوسل الداعي إلى الله تعالى بانبيائه والصالحين من عباده.
وقال ابن الحاج المالكي في كتابه ((المدخل)) ما لفظه: وأما عظيم جناب الأنبياء، والرسل صلوات الله وسلامه عليهم فياتى إليهم الزائر، ويتعين قصدهم من الأماكن البعيدة.
فإذا جاء إليهم فليتصف بالذل، والانكسار، والمسكنة، الفقر والفاقة، والاضطرار، والخضوع، ويحضر قلبه وخاطره إليهم، وإلى مشاهدتهم بعين قلبه لا بعين بصره، لأنهم لا يبلون ولا يتغيرون، ويثني على الله بما هو أهله، ثم يصلى عليهم، ويترضى عن أصحابهم، ويترحم على التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، ثم يتوسل إلى الله تعالى بهم في قضاء مآربه ومغفرة ذنوبه، ويستغيث بهم ويطلب حوائجه منهم، ويحزم بالإجابة ببركتهم، ويقوى حسن ظنه في ذلك، وانهم باب الله تعالى المفتوح، وجرت سنة الله سبحانه على قضاء الحوائج على أيديهم وبسببهم.
ومن عجز الوصول إليهم فليرسل بالسلام عليهم ويذكر ما يحتاج إليه من حوائجه ومغفرة ذنوبه، وستر عيوبه، إلى غير ذلك. فإنهم السادة الكرام لا يردون من سألهم ولا من توسل بهم، ولا من لجأ غليهم، وهذه في زيارة الأنبياء عليهم السلام. وأما زيارة نبينا صلى الله عليه وسلم فيزيد على ما ذكرنا اضعافاً مضاعفة. أهـ.
وقال صاحب المبدع: يستحب الاستسقاء بمن ظهر صلاحه، لأنه اقرب إلى الإجابة، وقد استسقى عمر بالعباس رضي الله عنه، واستسقى معاوية بيزيد بن أبي الأسود الحرشي التابعي المشهور.
وقال صاحب التلخيص من الحنابلة: لا ياس بالتوسل في الاستسقاء بالشيوخ، والعلماء المتقين. وقال في منتهى الإرادات للحنابلة: ويباح التوسل بالصالحين. وكذلك قال ابن مفلح الحنبلي في فروعه. وذكر السمهودى: ان النبي صلى الله عليه وسلم لم ينزل في قبر أحد إلا خمسة قبور: قبر خديجة بمكة، واربعة بالمدينة: قبر ابن كان لخديجة في حجر النبي صلى الله عليه وسلم، وقبر عبد الله المزني، يقال له: ذو البجادين. وقبر ام رومان أم عائشة بنت ابي بكر رضي الله عنه. وقبر فاطمة بنت أسد بن هاشم بالروحاء.
ففي المعجم للطبراني برجال الصحيح إلا روح بن صلاح ففيه مقال، وقد وثقه ابن حبان عن أنس قال: لما ماتت فاطمة بنت اسد دخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس عند رأسها وقال ((رحمك الله يا أمى بعد أمي
…
)) وذكر ثناءه عليها وتكفينها ببرده، وأمر بحفر قبرها. وقال: فلما بلغو اللحد حفره رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده، فلما فرغ دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فاضطجع فيه ثم قال:((الله الذى يحيى ويميت، وهو حي لا يموت، اغفر لأمى فاطمة بنت اسد، ووسع عليها مدخلها بحق الأنبياء الذين من قبلى، فإنك أرحم الراحمين)) .
ثم قال السمهودى: وذكر المحبوب قد يكون سبباً للإجابة. وفي العادة أن من يتوسل بمن له قدر أجابة عند شخص أجابة إكراماً له. وقد يتوجه بمن له جاه إلى من هو أعلى منه، وإذا جاز التوسل بالأعمال الصالحة كما في حديث الثلاثة الذين أصابهم المطر فدخلوا الغار فانطبقت عليهم الصخرة، فدعو الله بأعمالهم ففرج عنهم، وهي مخلوقة، فالسؤال به صلى الله عليه وسلم أولى.
وقد روى البيهقي عن مالك الدار رضي الله عنه، وكان خازن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه، فجاء رجل إلى قبر النبي - صلى الله عليه
وسلم - فقال: يا رسول الله، استسق لأمتك، فإنهم قد هلكوا، فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام فقال له:((أئت عمر فأقرئه السلام، وأخبره أنهم مسقون، وقل له: عليك الكيس الكيس)) وذكر شيئاً كثيراً مما وقع للعلماء والصالحين من الشدائد، فالتجئوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فحصل لهم الفرج.
ومما حكاه أبو محمد الشيلى قال: نزل برجل من اهل غرناطة علة عجز عنها الأطباء، فكتب عنه الوزير كتاباً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وضمنه شعراً، فلما وصل الركب إلى المدينة الشريفة، وقرئ على رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الشعر برئ الرجل مكانه.
وقد سئل العز بن عبد السلام عن التوسل بالذات الفاضلة؟ فقال: إن صح حديث الأعمى فهو مقصور على النبي صلى الله عليه وسلم، ويكون من خصوصياته. وتعقبه المجزون بقياس غيره عليه صلى الله عليه وسلم. ومن أدلتهم أنه قد أوجب الله تعالى أمره وتوقيره، وإلزام إكرامه، وقد كانت الصحابة تتبرك بآثاره وشعره، ولا شك أن حرمته صلى الله عليه وسلم بعد وفاته وتوقيره لازم كما كان حال حياته.
وقد روى أن أبا جعفر المنصور ناظر مالكاً في المسجد النبوى، فقال له مالك: يا أمير المؤمنين، لا ترفع صوتك في هذا المسجد النبوى، فإن الله تعالى ادب قوماً فقال:{لا ترفعوا اصواتكم فوق صوت النبي} الآية. وإن حرمته ميتاً كحرمته حياً فاستكان ابو جعفر وقال: يا أبا عبد الله، استقبل القبلة وأدعوا؟ أم أستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: ولم تصرف وجهك عنه، وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم إلى الله تعالى يوم القيامة؟ بل استقبل واستشفع به فيشفعه الله تعالى. قال الله سبحانه {ولو أنهم إذ ظلموا انفسهم جاءوك
فاستغفر الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً} [النساء 6] وإذ قد ثبت تعظيمه وإجلاله له ميتاً صلى الله عليه وسلم كما كان حياً، وثبت أنه حي في قبره فطلب الشفاعة منه دخول في توقيره صلى الله عليه وسلم، ويكون طالب الشفاعة كمن طلب شيئاً ممن له قدرة عليه، وهو عليه الصلاة والسلام قادر على ذلك بوجه التسيب في الدعاء كما كان حياً، وكما كان وسيلة في التبليغ. فهو صلى الله عليه وسلم الوسيلة في دعائه لأمته، ويكون طلب ذلك منه ادعى للإجابة. وفي الصحيح عن أنس رضي الله عنه: أن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه كان إذا أقحطوا استسقى بالعباس فقال: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا صلى الله عليه وسلم فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا صلى الله عليه وسلم فاسقنا. قال: فيسقون. وفي رواية: ونستشفع إليك بشيبته،)) في ذلك يقول عباس بن عتبه بن ابي لهب: بعمي سقى الله الحجاز وأهله عشية يستسقى بشيبته عمر
توه بالعباس في الحدب راغبا إليه فما إن زال حتى اتى المطر
ومنا رسول الله فينا تراثه فهل أحد هذى المفاخر مفتخر
وقال النووي وغيره: ثم يرجع الزائر إلى موقفه قبالة وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيتوسل به ويستشفع به إلى ربه. ومن احسن ما يقول ما حكاه اصحابنا عن العتبى مستحسن له قال: كنت جالساً عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فجاءه أعرابي فقال: السلام عليك يا رسول الله، سمعت الله تعالى يقول:{ولو أنهم ّذ ظلموا انفسهم جاءوك} الآية [النساء 64] ، وقد جئتك مستغفراً من ذنبي، مستشفعاً بك إلى ربي. ثم أنشأ يقول:[بسيط]
يا خير من دفنت بالقاع أعظمه فطاب من طيبهن القاع والأكم نفسى الفداء لقبر أنت ساكنه فيه العفاف وفيه الجود والكرم
قال: ثم أنصرف. فحملتنى عيناي، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم، فقال:((يا عتبى، الحق الأعرابي فبشره بأن الله قد غفر له)) ، وممن ذكرها الإمام ابن الجوزى في كتابه ((مثير الغرام)) عن العتبى. قالوا: ونقل الواحدى في كتابه ((أسباب نزول القرآن)) عن ابن عباس، رضي الله عنه عند قوله تعالى:{وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا} أنه قال: كانت أهل خيبر تقاتل غطفان اليهود، فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم كفروا به.
قالوا: وما ورد في الأدعية المأثورة عن سيد الأنام صلى الله عليه وسلم مثل: أسألك بحق السائلين عليك، ويحق ممشاى هذا إليك، يدل على جواز التوسل بأفعال العبد، فكيف بذاته الشريفة عليه الصلاة والسلام فالتوجه به اولى، والتوجه إلى حضرة الحق به أحرى.
وقد روى البخارى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ألا أخبركم باهل الجنة؟ كل ضعيف مستضعف، لو أقسم على الله تعالى لأبره)) .
قال العلماء: معناه لو حلف على الله ليفعلن كذا لأوقع مطلوبه فيبر بقسمه إكراماً له لعظم منزلته عنده، فهذا وعد الله تعالى لعباده الصالحين، فكيف بسيد المرسلين؟ ! وورد: إذا انفلتت دابة احدكم بأرض فلاة فليناد: يا عباد الله، وأعينوني (ثلاثا) . قال النووى: وقد حرب ذلك بعض أهل العلم، ونحن جربناه فصح، انتهى.
وروى الطبراني بإسناد صحيح عن عباده، رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الأبدال في أمتى ثلاثون رجلاً، بهم تقوم الأرض، وبهم تمطرون، وبهم تنصرون)) والأحاديث في مثل
ذلك كثيرة، فمن وقف على هذه وامثالنا، تبين له ان الله سبحانه قد جعل من عباده في الأرض غياثاً يستغيث الناس بهم، لا مانع من ذلك عقلاً وشرعاً، لأن ذلك كله بإذن الله تعالى، ومن أقر بالكرامة لم يجد بداً من اعترافه بجواز ذلك وإن كانوا في برازخهم.
فقد ورد في حديث المعراج: أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على موسى وهو قائم يصلى في قبره، والصلاة تستدعى بدناً حياً، فنبينا صلى الله عليه وسلم أولى بهذه الحياة، والاستغاثة به في حياته صلى الله عليه وسلم ثابتة بالدعاء، فكذلك بعد انتقاله ورفاقه، والأحاديث الواردة في زيارة قبره عليه الصلاة والسلام التى تضمنت الوعد لمن زار قبره الشريف صلى الله عليه وسلم بالشفاعة التى تتضمن البشارة بالموت على التوحيد، وذلك يفيد نيل المزيد. فكل ذلك من ثمرات زيارته والتشفيع به، ولم يزل الناس في جميع الأزمان من جميع البلدان مجمعين على زيارة قبره المنيف، رجاء الخير والبركة، والطمع في الشفاعة، ولا فرق بين ذكر التوسل والاستغاثة والتشفع، والتوجه به صلى الله عليه وسلم أو بغيره من الأنبياء، وكذا الأولياء.
والاستغاثة: طلب الغوث. والمستغيث يطلب من المستغاث به أن يحصل له الغوث من غيره، وغن كان أعلى منه. فالتوجه والاستغاثة به صلى الله عليه وسلم، وبغيره ليس لها معنى في قلوب المسلمين غير ذلك. ولم يقصد بها احد سواه. فمن لم ينشرح صدره لذلك، فليبك على نفسه.
والمستغاث به في الحقيقة هو الله تعالى.
والنبي صلى الله عليه وسلم واسطه بينه وبين المستغيث، فهو سبحانه مستغاث، والغوث منه خلقاً وإيجاداً، والنبي - صلى الله عليه