الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[حقيقة الشفاعة]
وحقيقة الشفاعة الماذون فيها: أن الله سبحانه هو الذى يتفضل على أهل الإخلاص والتوحيد فيغفر لهم بواسطة دعاء الشافعين، الذين أذن لهم في المشفوع له ليكرمهم على حسب مراتبهم. وينال نبينا صلى الله عليه وسلم منه المقام المحمود الذى يغبطه به الأولون والآخرون. ولما كان عليه الصلاة والسلام يشفع لأمته بدعاء واستسقاء مما هو شفاعة منه لهم، فكذلك في عرصات القيامة، بفتح الله تعالى عليه في الدعاء فيشفعه، كما ورد في حديث الشفاعة.
ومن تأمل بعين الأستبصار في الشفاعة المنفية أولاً علم ان المقصود بنفي الشفاعة نفى الشرك وهو أن لا يعبد إلا الله. والدعاء عبادة كما ورد، وقال سبحانه:{فلا تدعو مع الله أحداً}
ولا يسأل غيره، ولا يتوكل عليه لا في شفاعة ولا في غيرها. فكما أنه ليس للمؤمن أن يتوكل على أحد في أن يرزقه، وإن كان الله تعالى ياتيه برزقه باسباب، كذلك ليس له أن يتوكل على غير الله تعالى في أن يغفر له ويرحمه في الآخرة بشفاعة وغيرها مما لم يأذن الله سبحانه به، إذ لا فرق بينهما، فالشفاعة التى نفاها القرآن مطلقاً، كما قال تعالى:{ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع} ما كان فيها شرك، وتلك منفية مطلقاً.
والشفاعة المثبتة ما تكون بعد الأذن يوم القيامة، ولا تكون الشفاعة إلا لمن أرتضى، فهذه الشفاعة من التوحيد، ومستحقها أهل التوحيد. فمن كان موحداً مخلصاً قطع رجاءه عن غير الله تعالى، ولم يجعل له ولياً ولا شفيعاً من دون الله سبحانه.
إذا تبين هذا، فالمشركون قد كانت عبادتهم لآلهتهم هذا الالتجاء والرجاء
والدعاء لأجل الشفاعة معتقدين أنها المقربة لهم، فبسبب هذا الاعتقاد والالتجاء أريقت دماؤهم واستبيحت أموالهم.
وقد ارسل صلى الله عليه وسلم بل جميع الرسل بكلمة التوحيد ليعدلهم عما هم عليه من الضلالات، وأوحيت عليهم إفراد الحق سبحانه بالألوهية، التى من أعظم خواصها هذا الالتجاء والرجاء، وألا يجعلوا الألوهية لغيره، وقد تعبدهم الله تعالى باعتقاد هذا التوحيد والعمل بمقتضى الشهادة المشتملة على التجريد والتفريد، اللذين هما حقيقة التوحيد. فهذا الالتجاء بطلب الشفاعة ورجائها عبادة لا تصلح إلا له عز وجل، وإنها من صرف حقوقه تعالى ومن الشرك (1) .
(فإن قلت) : إن المشركين كانوا يعبدونهم ونحن لا نعبدهم؟
(فالجواب) : أن عبادتهم هي هذا الالتجاء الذى انت فيه، وكما أنك تدعو النبي صلى الله عليه وسلم الذى بعث بإخلاص الدعوة لله تعالى، وحاشاه أن يرضى بذلك ولا يرضيه إلا ما يرضى ربه من التوحيد - فإنه عليه الصلاة والسلام قد أمر بإخلاص العبادة، ونهى عن الشرك، وحذر وبصر، وأرشدك وبلغ، ونصح الأمة، وأزل عنا الغمة، فهدانا إلى السبيل المستقيم، وتدعو غيره ملتجئاً إليهم بطلب الشفاعة منهم. كذلك الأولون كانوا يدعون صالحين وانبياء ومرسلين، طالبين منهم الشفاعة عند رب العالمين، كما قال تعالى:{ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله} فبهذا الالتجاء والتوكل على هذه الشفاعة والرجاء أشركوا.
(فإن قلت) : إن الأولين لا يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وينكرون البعث، ويجعلون القرآن سحراً.
(1) كذا في الأصل.
فالجواب: إنه لا خلاف بين العلماء كلهم: أن الرجل إذا صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم في شئ وكذبه في آخر، أنه لم يدخل في الإسلام، كما إذا آمن ببعض القرآن وكفر ببعض، فما نحن فيه من هذا القبيل.
(فإن قلت) : إن النبي صلى الله عليه وسلم مأذون بالشفاعة ونحن نطلبها ممن هو مأذون فيها.
(فالجواب) : أنه عليه الصلاة والسلام الآن موعود بالشفاعة في اليوم الآخر ووعد الله حق، لكنها مشروطة ببعد الإذن ورضاه عن المشفوع فيه، فينبغي لمن أراد أن يدعو بطلب الشفاعة أن يقول: اللهم لا تحرمنى شفاعته عليه الصلاة والسلام، اللهم شفعه في، وأمثال ذلك.
ولو كانت تطلب منه صلى الله عليه وسلم الآن لجاز لنا أن نطلبها أيضاً ممن وردت الشفاعة لهم، كالقرآن والملائكة والأفراط، وهم أطفال المؤمنين، والحجر الأسود، إذ قد روى أنه يشفع لمثل ربيعة ومضر، وبالصالحين، ولجاز لنا أن ندعوهم ونلتجئ إليهم ونرجوهم بهذه الشفاعة، إذ لا فرق بين الجمع بثبوت أصل الشفاعة لهم والإذن فيها، فنصير إذن والمشركون الولين في طريق واحد، ولم نفترق إلا بالأعمال الظاهرة: كالصوم والصلاة، وقول كلمة التوحيد من غير عمل بما فيها، ومن غير اعتقاد لحقيقتها.
ولا يقدم على ذلك من له أدنى مسكة من عقل، أو فكرة فيما صح من النقل.
ومن نظر بعين افنصاف، وتجنب سبيل الاعتساف، ونظر إلى ما كان عليه الأولون، وعرف كيف كان شركهم، وبماذا أرسل إليهم النبي صلى الله عليه وسلم، وكيف التوحيد، وما معنى الإله والتأله، وتبصر في
العبادات وأنواعها - تحقق أن هذا الألتجاء والتوكل والرجاء بمثل طلب الشفاعة هو الذى نهى عنه الأولون، وأرسل لأجل قمعه المرسلون، وبذلك نطق الكتاب، وبينه لنا خير من اوتى الحكمة وفصل الخطاب، سيما إذا استغيث بهم لدفع الشدائد والملمات، ولرفع الكرب المهمات، مما لا يقدر على دفعه إلا خالق الأرض والسماوات.
وقد كان الأولون إذا وقعوا في شدة دعوا الله مخلصين له الدين، فلما نجاهم إذا هم يشركون. ومن فعل هذا بحالتى الشدة والرخاء، بل في قسمى المنع والعطاء فقد غلا وداوز حده، قال سبحانه:{له دعوة الحق والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشئ إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه، وما هو ببالغه وما دعاء الكافرين إلا في ضلال} [الرعد 14] .
وإذا علمت هذا، فاعلم أن الاستغاثة بالشئ طلب الإغاثة والغوث منه، كما ان الاستغاثة بشئ: طلب الإعانة منه. فإذا كانت بنداء من المستغيث للمستغاث كان ذلك سؤالاً منه، وظاهر أن ذلك ليس توسلاً به إلى غيره، بل طلب منه، إذ قد جرت العادة أن من توسل بأحد عند غيره أن يقول لمستغاثه: أستغيثك على هذا الآمر بفلان، فيوجه السؤال إليه ويقصر أمر شكواه عليه، ولا يخاطب المستغاث به ويقول له ارجو منك، أو أريد منك، أو أستغيث بك، ويقول إنه وسيلتى إلى ربي، فإن هذا غير معروف، وإن كان كما يقول فما قدر عظم المتوسل إليه حق قدره وتعظيمه، وقد رجا وتوكل والتجأ إلى غيره. كيف واستعمال العرب يأبي عنه، فإن من يقول: صار لى ضيق فاستغيث بصاحب القبر فحصل الفرج، يدل دلالة جبلية على أنه قد طلب الغوث منه، ولم يفد كلامه أنه توسل به عند غيره، بل إنما يراد هذا المعنى إذا قال: توسلت أو أستغيث عند الله تعالى بفلان، أو يقول لمستغاثه وهو الله سبحانه: استعيث إليك بفلان، فيكون حينئذ مدخول الباء متوسلاً به،
ولايصح إرادة هذا المعنى إذا قلت: أستغثت بفلان، وتريد التوسل به، وسيما إذا كنت داعية وسائلة، بل قولك هذا نص على أن مدخول الباء مستغاث وليس بمستغاث به. والقرائن التى تكشفه من الدعاء له، وقصر الرجاء عليه شهود عدول، ولا محيد عما شهدت به ولا عدول. فهذه الاستغاثة، وتوجه القلب إلى المسئول بالسؤال والإبانة، محظور على المسلمين، لم يشرعها لأحد من أمته رسول رب العالمين.
قال الشيخ محمد الأمين السويدى الشافعي: ولا يجوز ذلك إلا من جهل آثار الرسالة، ولهذا عمت الاستغاثة بالأموات عند نزول الكربات، يسألونهم ويتضرعون إليهم، فكان ما يفعلونه معهم أعظم من عبادتهم واعتقادهم في رب السماوات. أهـ.
قال المانعون: وهل سمعتم ان أحداً في زمانه صلى الله عليه وسلم أو ممن بعده في القرون الثلاثة المشهود لأهلها بالنجاة والصدق، وهم أعلم منا بهذه المطالب، وأحرص على نيل مثل تيك الرغائب - استغاث بمن يزيل كربته التى لا يقدر على إزالتها إلا الله سبحانه، أم كانوا يقصرون الاستغاثة على مالك ولم يعبدوا إلا إياه.
ولقد جرت عليهم أمور مهمة وشدائد مدلهمة في حياته صلى الله عليه وسلم وبعد وفاته. فهل سمعت عن احد منهم انه استغاث بسيد المرسلين صلى الله عليه وسلم! أو قالوا: إنا مستغيثون بك يا رسول الله! أم بلغت أنهم لاذوا بقبره الشريف، وهو سيد القبور، حين ضاقت منهم الصدور! كلا! لا يمكن لهم ذلك، وإن الذى كان بعكس ما هنالك فلقد أثنى الله تعالى عليهم ورضي عنهم فقال عز من قائل:{إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم} [الأنفال 9] مبيناً لما سبحانه أن هذه الاستغاثة هي اخص الدعاء، وأجلى احوال الالتجاء.
ففي استغاثة المضطر بغيره تعالى عند كربته: تعطيل لتوحيد معاملته الخاصة به.
(فإن قلت) : إن اللمستغاث بهم قدرة كسبيه وتسببية فتنسب الإغاثة إليهم بهذا المعنى.
(قلنا له) : إن كلامنا فيمن يستغاث به عند المام ما لا يقدر عليه غلا الله تعالى، أو لسؤال ما لا يعطيه، ويمنعه إلا الله سبحانه، وأما فيما عدا ذلك مما يجرى فيه التعاون والتعاضد بين الناس، وإغاثة بعضهم ببعض فهذا شئ لا نقول به ولا ننكره؟ كما قال تعالى:{فاستغاثة الذى من شيعته على الذى من عدوه} [القصص 15] ، ونعد منعه جنوناً، كما نعد إباحة ما لا يقدر عليه إلا الله تعالى شركاً وضلالاً. وكون العبد له قدرة كسبية، لا يخرج بها عن مشيئة رب البرية، لا يستغاث به فيها لا يقدر عليه إلا الله، ولا يستعان به ولا يتوكل عليه، يلتجأ في ذلك. وأما مجئ جبريل عليه السلام لإبراهيم عليه الصلاة والسلام حين القى في النار، وقوله: هل لك من حاجة؟ فقال: إما إليك، فإن ذلك مما يقدر عليه جبريل بإذن اله تعالى، لأنه كما قال سبحانه فيه:{شديد القوى} فلو أذن تعالى له أن يأخذ نار إبراهيم وما حولها من الأرض، أو يرفع إبراهيم إلى السماء لفعل. فإذا علمت ذلك فلا يقال لحي او ميت قريب أو بعيد: أرزقنى، أو أمت فلاناً، أو أشف مريضى، إلى غير ذلك مما هو من الفعال الخاصة به عز وجل. وبالجملة، فالاستعاثة والاستعانة والاتوكل أغصان دوحة التوحيد، المطلوب من العبيد.
بقى ههنا بوردة المجيزون على هؤلاء المانعين، وهو أنه لا شك أن عن عبد غير الله تعالى مشرك، وأن الدعاء المختص بالله سبحانه عباده، بل هو مخ العبادة، كما ورد في الحديث. ولكن لا نسلم أن طلب الإغاثة لمن استغيث
بهم شرك مطلقاً، وإنما يكون شركاً لو كان المستغيث معتقداً أنهم هم الفاعلون لذلك خلقاً وإيجاداً، فحينئذ يكون من الشرك الاعتقادى قطعاً.
أما من اعتقدهم الفاعلين كسباً وتسيباً، وأن المؤثر الحقيقى هو الله تعالى، وإنما تسند هذه الأمور إليهم لكونها جرت على أيديهم فليس بمسلم. ولئن سلمنا فليس المقصود من طلب الإغاثة منهم وندائهم إلا التوسل بهم وبجاههم، وإن كان اللفظ يدل على الطلب منهم، لكن المقصود التشفيع والتوسل بهم إلى ربهم، وهو صلى الله عليه وسلم من اشرف الوسائل إليه سبحانه.
وقد أمرنا عز وجل بطلب ما يتوسل إليه بقوله تعالى: {وابتغوا إليه الوسيلة} فكيف تخطرونها شركاً مخرجاً من الملة، وليس في قلوب المسلمين إلا هذا المعنى، وأن في الذى ذكرتموه تكفير أكثر الناس. وكيف تحكمون على إناس قد ظهروا شعائر انثلام من اذان وصلاة وصوم وحج وزكاة، يأتون بكلمة التوحيد، ويحبون الله تعالى وسيد المرسلين. وغاية المر أنهم لرهبتهم من ربهم ومعرفتهم بعلو مرتبة نبينا صلى الله عليه وسلم، وما وعده الله سبحانه به من إرضائه، كما قال تعالى:{ولسوف يعطيك ربك فترضى} ولا يرضى عليه الصلاة والسلام إلا بأن يقف لأمته في مثل هذه التوسلات فينالوا الرغبات. وليس في اقوالكم هذه إلا تنقص بحق هذا النبي الأمين. الذى أوجب الله تعالى علينا حبه أكثر من محبتنا لأنفسنا والقربين، وفي مثل ذلك تدعونه بشاعة في القول، وشناعة بطريق الأولى.
فأجاب المانعون بقولهم: أما قولكم: أن ليس مقصودهم إلا التوسل والتشفيع، وإن تكلموا بما يفيد غيره،فإنه يدل على أن الشرك لا يكون إلا أعتقادياً، وأن اللفظ لا يكون كفراً إلا إذا طابق الاعتقاد.
هذا يقتضى سد أبواب الشرائع،ومحو الأبواب التى ذكرها الفقهاء في الردة. ولا سيما ما ذكرته الحنفية من التكفير بألفاظ يذكرها بعض الناس من غير اعتقاد، كيف وأن الله سبحانه يقول:{ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم} والكلمة التى قالوها كانت على جهة المزح مع كونهم في زمن رسوله صلى الله عليه وسلم، وكانوا يجاهدون ويصلون، ويفعلون جميع الأوامر، وقال تعالى:{أبالله ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم} ، وقد ذكر المفسرون: أنهم قالوها على جهة المزح.
وكذلك العلماء كفروا بألفاظ سهلة جداً، وبأفعال تدل على ما هو دون ذلك، لا سيما الحنفية كما لا يخفى على من تتبع كتبهم.
ولو قلنا: إن الألفاظ لا عبرة بها، وإنما العبرة للإعتقاد لأمكن لكل من تكلم بكلام يحكم على قائله بالردة اتفاقاً أن يقول: لم تحكمون بردتى! ؟ فيذكر احتمالاً، ولو بعيداً، يخرج به عما كفر فيه، ولما احتاج إلى توبة ولا توجه عليه لوم أبداً.
وهذا ظاهر البطلان، ولساغ لكل أحد ان يتكلم بكل ما أراد، فتئسد الأبواب المتعلقة بأحكام الألفاظ.
قالوا: وأما ما ذكرتم من انه صلى الله عليه وسلم من اشرف الوسائل فهي كلمة حق أريد بها بالطل، كقولهم: إنه ذو الجاه العريض، والمقام المنيع، ونحن أولى بهذا المقام منكم لاتباعنا لأقواله وأفعاله، واقتدائنا به صلى الله عليه وسلم في جميع احواله، مقنفين لأثاره، واقفين عند اخباره، فهو صلى الله عليه وسلم نبينا وهادينا إلى سبل الإسلام، ومنقذنا برسالته من مهاوى اولئك الجفاة الطغام. فلا نعمل إلا بأمره، ونتلقى ذلك بالسمع والطاعة في حلوه ومره. وقد أوجب سبحانه علينا ان نتبع سبيل
المؤمنين، ونهانا عن الغلو في الدين. وهذا طريق سلفنا الصالح، والاعتقاد الراجح.
هذا، وإن نبينا عليه الصلاة والسلام، وأرواحنا واولادنا وأموالنا له الفداء، لا يرضى بما يغضب الرب المتعال. وكيف وقد بعث بحماية التوحيد من هذه الأقوال والأفعال، وقد قالت عائشة رضي الله عنه:((كان خلقه القرآن، يرضى لرضاه، ويسخط لسخطه)) فليس لنا وسيلة إلى الله تعالى إلا طاعة رسوله، والأعمال الصالحة، والدعاء المبني على أصول الذل والافتقار وهو مخ العبادة.
هذا، وقد اختلف العلماء بعد أن اتفقوا على استحباب سؤاله عز وجل به وباسمائه وبصفاته وأفعاله في جواز التوسل بالذوات المنفية والأماكن والأوقات الشريفة، فعن العز بن عبد السلام ومن تابعه: عدم الجواز إلا بالنبي صلى الله عليه وسلم، وعن الحنابلة في اصح القولين: إنه مكروه كراهة تحريم. وهذا إذا كان الداعي متوجهاً إلى ربه متوسلاً إليه بغيره، مثل أن يقول: أسألك بجاه فلان عبدك، أو بحرمته أو بحقه.
وأما إذا توجه إلى ذلك الغير فطلب منه كما يفعله كثير من الجهلة فهو شرك كما تقدم.
ونقل القدورى وغيره عن الحنفية عن أبي يوسف أنه قال: قال أبو حنيفة رضي الله عنه:لا ينبغي لأحد أن يدعو الله تعالى إلا به.
وذكر العلائي في شرح التنوير عن التتار خانية عن ابي حنفية أنه قال: لا ينبغي لأحد أن الله يدعو سبحانه إلا به. والدعاء المأذون فيه المامور به: ما استفيد من قوله تعالى: {ولله الأسماء الحسنى فأدعوه بها} قال: وكذا لا يصلى أحد إلا على النبي عليه الصلاة والسلام. أهـ.
وفي جميع متونهم: أن قول الداعي المتوسل بحق الأنبياء والأولياء،