الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ورفيق واصل في الاعتزال وقرينه عمرو بن عبيد المتكلم الزاهد وكان من العلم والعمل والزهد والورع والديانة على جانب عظيم حتى إن الحسن البصري لما سئل عنه أجاب السائل: لقد سألت عنه أجاب السائل لقد سألت عن رجل كأن الملائكة أدبته وكأن الأنبياء ربته إن قام أمر قعد به وإن قعد بأمر قام به وإن أمر بشيء كان ألزم الناس له وإن نهى عن كل شيء كان أترك الناس له ما رأيت ظاهراً أشبه بباطن ولا باطناً أشبه بظاهر منه - انتهى.
ويروى أن واصل بن عطاء تكلم مرة بكلام فقال عمرو بن عبيد: لو بعث نبي ما كان يتكلم بأحسن من هذا وفصاحة واصل مشهورة وكان يلثغ بالراء فكان يجتنبها حتى كأنها ليست من حروف الهجاء.
ثم خلفه الجبائي أبو علي وكان الإمام الأشعري من أصحابه ثم فارقه كما سيأتي إن شاء الله تعالى ببيان سببه.
[عقيدة الجهمية]
والمعتزلة عشرون فرقة يضلل بعضهم بعضاً وكثير من أقوال جهم بن صفوان توافق أقوالهم الهزلية منهم. وإن كانت المعتزلة كلهم جهمية فقد نقل غير واحد من العلماء أن أول من حفظ عنه أنه قال مقالة التعطيل للصفات في الإسلام الجعد بن درهم الذي ضحى به خالد القشيرى وأخذها عنه الجهم بن صفوان وأظهرها فنسبت إليه.
قال السفاريني نقلاً عن شيخ الإسلام: وقد قيل إن الجعد أخذ مقالته عن أبان بن سمعان وأخذها أبان عن طالوت ابن أخت لبيد بن الأعظم وأخذها طالوت عن لبيد بن الأعصم اليهودي الساحر الذي سحر النبي صلى الله عليه وسلم وكان الجعد هذا فيما قيل: من أهل حران وكان فيهم خلق كثير من الصابئة والفلاسفة بقايا أهل دين النمرود الكنعانيين والنمرود هو ملك الصابئة المشركين - اسم جنس - ككسرى لملك الفرس وقيصر
لملك الروم - وأخذها الجهم أيضاً قيما ذكر الإمام أحمد رضي الله عنه عن السمنية وبعض فلاسفة الهند وهم الذين يجحدون من العلوم ما سوى الحسيات - انتهى.
وحكى بعضهم أن جهم بن صفوان الترمذي كان يدعو الناس إلى مذهبه الباطل وهو أن الله تعالى عالم لا علم له قادر لا قدرة له وكذا في سائر الصفات وكان جلس يوماً يدعو الناس لمذهبه وحوله أقوام كثيرة فجاء أعرابي ووقف حتى سمع مقالته فأرشده الله تعالى إلى بطلان هذا المذهب فأنشأ يقول: [طويل]
ألا إن جهما كافر بان كفره
…
ومن قال يوماً قول جهم فقد كفر
لقد جن جهم إذ يسمى إلهه
…
سميعاً بلا سمع بصيراً بلا بصر
عليماً بلا رضياً بلا رضا
…
لطيفاً بلا لطف خبيراً بلا خبر
أيرضيك أو لو قال يا جهم قائل
…
أبوك امرؤ حر خطير بلا خطر
مليح بلا ملح بهي بلا بها
…
طويل بلا طول يخالفه القصر
حليم بلا حلم وفي بلا وفا
…
فبالعقل موصوف وبالجهل مشتهر
جواد لا جود قوي بلا قوى
…
كبير بلا كبر صغير بلا صغر
امدحا تراه أم هجاء وسبة
…
وهز أكفاك الله يا أحمق البشر
فإنك شيطان بعثت لأمة
…
تصيرهم عما قريب إلى سقر
فألهمه الله عز وجل حقيقة مذهب أهل السنة ورجع كثير من الناس ببركة أبياته وكان عبد الله بن المبارك يقول: إن الله تعالى بعث الأعرابي رحمة لأولئك - انتهى.
ومما يحكى أيضاً أن القاضي عبد الجبار الهمذاني المعتزلي دخل على الصاحب ابن عباد وكان معتزلياً أيضاً وكان عنده الأستاذ أبو إسحق الأسفراينى من أئمة أهل السنة الأشعرية فقال عبد الجبار على الفور: سبحان من تنزه