الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تلميذه ارسطو وليس له حجة وانتهى باختصار والله ولي التوفيق.
[هل يعلم الولى بلغيب
؟]
(قوله كدعوى أحدهم أنه مطلع على اللوح المحفوظ إلخ) قال الوالد عليه الرحمة في باب الإشارة من تفسير قوله تعالى: {ولا يمسه إلا المطهرون} ما نصه: وإذا كانت هذه الجملة صفة للكتاب المكنون المراد منه اللوح المحفوظ وأريد بالمطهرين الملائكة عليهم السلام وكان المعنى لا يطلع عليه إلا الملائكة عليهم السلام كان في ذلك رد على من يزعم أن الأولياء يرون اللوح المحفوظ ويطلعون على ما فيه وحمل المطهرين على ما يعم الملائكة والأولياء الذين طهرت نفوسهم وقدست ذواتهم حتى التحقوا بالملائكة عليهم السلام لا ينفع في البحث مع أهل الشرع فإن مدار استدلالاتهم على الأحكام الشرعية الظواهر على أنه لم يسمع عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو أنه ينظر يوماً وهو مع أصحابه إلى اللوح المحفوظ واطلع على شئ مما فيه وقال لهم: إنى رأيت اللوح المحفوظ واطلعت على كذا وكذا فيه وكذلك لم يسمع عن النبي أجلة أصحابه الراشدين أنه وقع لهم ذلك.
وقد وقعت بينهم مسائل اختلفوا فيها وطال نزاعهم في تحقيقها إلى أن كاد يغم هلال الحق فيها ولم يراجع أحد منهم لكشفها اللوح المحفوظ.
وذكر بعض العلماء أن سدرة المنتهى ينتهي علم من تحتها إليها وأن اللوح فوقها بكثير وبكل من نطقت الآثار وهو يشعر بعدم اطلاع الأولياء على اللوح المحفوظ ومع هذا كله من ادعى وقوع الاطلاع فعليه البيان وأنى به وهذا الذي سمعت مبني ما نطقت به الأخبار في صفة اللوح المحفوظ وأنه جسم كتب فيه ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة.
(وأما) إذا قيل فيه غير ذلك انجز البحث إلى وراء ما سمعت واتسعت الدائرة ومن ذلك قولهم: أن الألواح أربعة: لوح القضاء السابق على المحو
والإثبات هو لوح العقل الأول ولوح القدر أي لوح النفس الناطقة الكلية التي يفصل فيها كلمات اللوح الأول وهو المسمى باللوح المحفوظ ولوح النفس الجزيئة السماوية التي ينتقش فيها كل ما في هذا العالم شكله وهيئته ومقداره وهو المسمى بالسماء الدنيا وهو بمثابة خيال العالم كما أن الأول بمثابة روحه والثاني بمثابة قلبه ولوح الحيوان القابل للصور في عالم الشهادة ويقولون أيضاً ما يقولون، وينشد المنتصر له:[خفيف]
وإذا لم تر الهلال فسلم
…
لأناس رأوه بالأبصار
هذا ولا تظنن أن نفي رؤيتهم للوح المحفوظ نفي لكراماتهم الكشفية وإلهاماتهم الغيبية معاذ الله تعالى من ذلك وطرق إطلاع الله تعالى من شاء من أوليائه على من يشاء من علمه غير منحصر بإراءته اللوح المحفوظ ثم إن الإمكان مما لا نزاع فيه وليس الكلام إلا في الوقوع وورود ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم وأجلة أصحابه كالصديق والفاروق وذي النورين وباب مدينة العلم - والنقطة تحت الباء - رضي الله عنهم أجمعين - انتهى.
وقال في آخر تفسير سورة ((الرعد)) بعد أن نقل طبق هذا عنهم ما نصه: ((وهو كلام فلسفي)) انتهى.
وقال الشيخ محيى الدين في الباب (316) من كلام في القلم ما بعضه: وعدد هذه الأقلام التي تجري على حكم كتابتها الليل والنهار ثلثمائة قلم وستون قلماً على عدد درج الفلك وكل قلم له علم من الله تعالى خاص ليس لغيره ومن ذلك القلم ينزل العلم إلى درجة معينة من درجات الفلك فإذا نزل في تلك الدرجة ما نزل من الكواكب التي يقطعها بالسير من الثمانية الأفلاك يأخذ من تلك الدرجة من العلم المودع من ذلك القلم بقدر ما تعطيه قوة روحانية ذلك الكوكب فيتحرك بذلك فلكها فيبلغ الأثر إلى العناصر فتقبل من
ذلك الأثر بحسب استعداد ذلك العنصر ثم يسرى ذلك الأثر من العناصر في المولدات فيحدث فيها ما شاء الله بحسب ما قبلته من الزيادة والنقصان في جسم ذلك المولد أو في قواه أو في روحه وفي علمه وجهله ونسيانه وغفلته وحضوره وتذكره ويقظته كل ذلك بتقدير العزيز العليم - انتهى.
(وقد) أطال الكلام ولتلزم خوف الملل دواتها الأقلام.
وقال في الباب (307) من كلام كثير ما نصه: فلنذكر من ذلك حال أهل الله تعالى مع هذا الأمر الإلهي إذا نزل فيهم وذلك أن المحقق من أهل الله تعالى يماين نزوله وتخلله في الجو والأكر إذا فارق السماء الدنيا تارة ثلاث سنين وحينئذ يظهر في الأرض فكل شيء فكل شيء يظهر في الأرض فعند انقضاء ثلاث سنين من نزوله من السماء في كل نفس ومن هنا ينطق أهل الكشف بالغيوب التي تظهر عتهم فإنهم يرونها قبل نزولها ويخبرون بما يكون فيها في السنين المستقبلة وما تعطيهم أرواح الكواكب وحركات الأفلاك النازلة في خدمة الأمر الإلهي فإذا عرف المنجم كيف يأخذ من هذه الحركات ما فيها من الآيات أصاب الحكم وكذلك الكهان والعرافون إذا صدقوا عرفوا ما يكون قبل كونه أي قبل ظهور أثر عينه في الأرض وإلا فمن أين يكون في قوة الإنسان أن يعلم ما يحدث من حركات الأفلاك في مجاريها ولكن التناسب الروحاني الذي بيننا وبين أرواح العالمين بما يجري به في الخلق تنزل بصورتها التي اكتسبته من تلك الحركات والأنوار الكوكبية على أوزانها، فإن لها مقادير ما تخطئ وهمة هذا المنجم التعاليمي وهمة هذا الكائن قد انصبغت روحانيته بما توجهت إليه همته فوقعت المناسبة بينه وبين مطلوبه فأفاضت عليه روحانية المطلوب بما فيها في وقت نظره فحكم بالكوائن الطارئة في المستقبل.
(وأما) العارفون فإنهم عرفوا أن لله وجها خاصاً في كل موجود،
فهم لا ينظرون أبداً إلى كل شئ من حيث أسبابه وإنما ينظرون فيه من الوجه الذي لهم من الحق فينظر بعين حق فلا يحظئ ابداً إلى آخر ما قال مما لا يخطو إليه من الخيال.
(وأنت تعلم) أن علماء الظاهر لا يقنعهم هذا مع وجود قوله سبحانه: {ولو كنت أعلم الغيب} [الأعراف: 188]{وأن الله عنده علم الساعة} [لقمان:34]، وقوله عليه الصلاة والسلام:((من أتى كاهناً أو منجماً. .)) الحديث فتدبر ولا تغفل.
قال الدالد عليه الرحمة في الإشارة من تفسير قوله تعالى: {إن الله عنده علم الساعة} [لقمان: 34] الآية: ذكر غير واحد حكايات عن الأولياء متضمنة لإطلاع الله تعالى إياهم على ماعدا علم الساعة من الخمس وقد علمت الكلام في ذلك وأغرب ما رأيت ما ذكره الشعراني عن بعضهم: أنه كان يبيع المطر على أرض من يشترى من هـ شيئاً. ومن له عقل مستقيم لا يقبل مثل هذه الحكاية وكم للقصاص أمثالها من رواية! – انتهى.
وقال أيضاً في باب الإشارة من سورة ((الصافات)) ما نصه: وتنزل الملائكة على الأولياء مما قال بعه الصوفية قدس الله تعالى أسرارهم وقد يطلقون على بعض الأولياء وأنبياء الأولياء قال الشعراني في ((رسالة الفتح في تأويل ما صدر عن الكمل من الشطح)) : أنبياء الأولياء هم ولى أقامة الحق تعالى في تجل من تجلياته وأقام له مظهر محمد صلى الله عليه وسلم ومظهر جبريل عليه السلام فأسمعه ذلك المظهر الروحاني خطاب الأحكام المشروعة لمظهر محمد صلى الله عليه وسلم حتى إذا فزع من خطابه وفرغ من قلب هذا الولى عقل صاحب هذا المشهد مجيع ما تضمنه ذلك الخطاب من الأحكام المشروعة الظاهرة في هذه الأمة المحمدية ويأخذها هذا الولى
كما أخذها المظهر المحمدي فيرد إلى حسه وقد وعي ما خاطب الروح به مظهر محمد صلى الله عليه وسلم وعلم صحته علم يقين بل عين يقين فمثل هذا يعمل بما شاء من الأحاديث لا التفات له إلى تصحيح غيره أو تضعيفه فقد يكون ما قال بعض المحدثين بأنه صحيح لم يقله النبي عليه الصلاة والسلام وقد يكون ما قالوا فيه: أنه ضعيف سمعه هذا الولى من الروح الأمين يلقيه على حقيقة محمد صلى الله عليه وسلم كما سمع بعض الصحابة حديث جبريل في بيان الإسلام والإيمان والإحسان فهؤلاء هم أولياء الأنبياء ولا ينفردون قط بشريعة ولا يكون لهم خطاب بها إلا يتعريف أن هذا هو شرع محمد صلى الله عليه وسلم أو يشاهدون المنزل على رسوله صلى الله عليه وسلم في حضرة التمثل الخارج عن ذاتهم والدخل المعبر عنه بالمبشرات في حق النائم غير أن الولى يشترك مع النبي في إدراك ما تدركه العامة في النوم حال اليقظة فهؤلاء في هذه الأمة كالأنبياء في بني إسرائيل مرتبة.
تعبد هارون بشريعة موسى عليه السلام مع كونه نبياً وهم الذين يحفظون الشريعة الصحيحة التي لا شك فيها أنفسهم وعلى هذه الأمة فهم أعلم الناس بالشرع غير أن غالب علماء الشريعة لا يسلمون لهم ذلك وهم لا يلزمهم إقامة الدليل على صدقهم لأنهم ليسوا مشرعين فهم حفاظ الحال النبوي والعلم اللدنى والسر الإلهى وغيرهم حفاظ الأحكام الظاهرة وقد بسطنا الكلام على ذلك في الميزان - انتهى.
وقال أيضاً فيها: اعلم أن بعض العلماء أنكر نزول الملك على قلب غير النبي صلى الله عليه وسلم لعدم ذوقه له والحق أنه ينزل ولكن بشريعة نبيه عليه الصلاة والسلام فالخلاف إنما ينبغي أن يكون فيما ينزل به الملك لا في نزول الملك وإذا نزل على غير نبي لا يظهر له حال الكلام أبداً إنما يسمع كلامه ولا يرى شخصه أو يرى شخصه من غير كلام فلا يجمع بين الكلام والرؤية إلا نبي، والسلام - انتهى.