الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القوم أياماً فلا أقبل منه إلا بشاهدين عدلين: الكتاب والسنة.
(وقال) ذو النون المصرى: ومن علامات المحب لله سبحانه متابعة حبيب الله محمد صلى الله عليه وسلم في أفعاله وأخلاقه وأوامره وسننه.
(وقال) بشر الحافى: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقال لي: ((يا بشر هل تدري بم رفعك الله تعالى من بين أقرانك قلت: قال: باتباعك سنتى وخدمتك الصالحين ونصيحتك لإخوانك ومحبتك لأصحابي وأهل بيتي هو الذي بلغك منازل الأبرار)) .
(وقال) ابو سعيد الخرار: كل فيض باطن يخالفه ظاههر فهو باطل انتهى قاله القشيري في الرسالة.
(وقال) سيدي الشيخ عبد القادر الكيلاني قدس سره النوراني: جميع الأولياء لا يستمدون غلا من كلام الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم ولا يعملون إلا بظاهرهما.
(وقال) الشيخ الأكبر محي الدين من جملة أبيات افتتح بها الباب الثامن والثلثمائة من الفتوحات وهي: [رمل]
فنجاة النفس في الشرع فلا
…
تك إنسانا رأى ثم حرم
واعتصم بالشرع في الكشف فقد
…
فاز بالخير عبيد قد عصم
كل علم يشهد الشرع له
…
فهو علم فبه فلتعتصم
فإذا خالفه العقل فقل
…
طورك الزم مالكم فيه قدم
[الصوفى المنحرف]
وإن ترد أن تطلع على حقائق السلوك السنى والتصوف الإحساني فعليك بكتاب شيخنا السيد البدر أبي الطيب القنوجي - حماه الله - الذي سماه (رياض المرتاض وغياض العرباض) وكتاب (حظيرة القدس وذخيرة الأنس) له فإنهما غاية في الباب ونهاية في تلك الآداب ومن حصل له هذان السفران
فهو كما قيل: ((أللِّبَأ وابن طاب (1)) ) وأما غير هذا القسم من الصوفية كالمتصوفة المغايرين في حركاتهم وأفعالهم للسنة النبوية ((فهم المذمومون والجماعة المخالفون للطائفة المرضية)) فقد قال صاحب الطريقة المحمدية من بعد ما تكلم على البدعة: فظهر من هذا بطلان ما يدعيه بعض المتصوفة في زماننا إذا أمكر عليهم بعض أمورهم المخالفة للشرع الشريف: إن حرمة ذلك في العلم الظاهر وإنا أصحاب اعلم الباطن وأنه حلال فيه وإنكم تأخذون من الكتاب وإنا نأخذ من صاحبه محمد صلى الله عليه وسلم فإذا أشكلت علينا مسألة استفتيناها منه، فإذا حصل قناعة وإلا رجعنا إلى الله تعالى بالذات فنأخذ منه وإنا بالخلوة وهمة شيخنا نصل إلى اله تعالى فتكشف لنا العلوم فلا يحتاج إلى الكتاب والمطالعة والقراءة على الأستاذ وإن الوصول إلى الله تعالى لا يكون إلا برفض الظاهر والشرع ولو كنا على الباطل لما حصل لنا تلك الحالات السنية والكرامات العلمية من مشاهدة الأنوار ورؤية الأنبياء الكبائر وإنا إذا صدر منا مكروه أو حرام نبهنا بالرؤيا في المنام فنعرف بها الحلال والحرام وإن ما فعلناه مما قلتم إنه لحرام لم ننبه عنه في المنام فعلمنا أنه حلال إلى غير ذلك من النزهات.
(وهذا) كله إلحاد وضلال لأنه صرح العلماء أن الإلهام ليس من أسباب المعرفة بالأحكام وكذلك الرؤيا خصوصاً إذا خالف الكتاب والسنة سيد الأنام عليه أفضل الصلاة والسلام. انتهى.
(وقال) الإمام الغزالي في الأحياء: من قال إن الباطن يخالف الظاهر فهو إلى الكفر أقرب منه للإيمان. (ونقل) الوالد عليه الرحمة في تفسيره عن الإمام الرباني مجدد الالف الثاني قدس سره أنه قال في مواضع عديدة في
(1) اللبأ - كعنب: أول اللبن في النتاج. وابن طاب: نوع من تمر المدينة منسوب إلى ((ابن طاب)) رجل من أهلها يريد أنه جمع بين نفيسين.
مكتوباته: إن الإلهام ل يحل حراماً ولا يحرم حلالاً ففي المكتوب الثالث والأربعين من المجلد الأول: أن قوماً مالوا إلى الإلحاد والزندقة يتخيلون أن المقصود الأصلي وراء الشريعة حاشاً وكلاً؟ نعوذ بالله سبحانه من هذا الاعتقاد السوء فكل من الطريقة والشريعة عين الآخر لا مخالفة بينهما بقدر رأس الشعيرة وكل ما خالف الشريعة مردود وكل حقيقة ردتها الشريعة فهي زندقة.
(وقال ايضاً) في أثناء المكتوب السادس والثلاثين: للشريعة ثلاثة أجزاء: علم وعمل وإخلاص فما لم تتحقق هذه الأجزاء لم تتحقق الشريعة وإذا تحققت الشريعة حصل رضا الحق سبحانه وتعالى وهو فوق جميع السعادات الدنيوية والأخروية ورضوان من الله أكبر فالشريعة متكلفة بجميع السعادات ولم يبق مطلب وراء الشريعة فالطريقة والحقيقة اللتان امتاز بهما الصوفية كلتاهما خادمتان للشريعة في تكميل الجزء الثالث الذي هو الإخلاص فالمقصود منهما تكميل الشريعة لا أمراً آخر وراء ذلك - إلى آخر ما قال.
(وقال) عليه الرحمة في أثناء المكتوب التاسع والعشرين بعد تحقيق كثير فتقرر أن طريق الوصول إلى درجات القرب الإلهي جل شأنه سواء كان قرب النبوة أو قرب الولاية منحصر في طريق الشريعة التي دعا إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وصار مأموراً بها في آية: {قل هذه سبيل أدعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني} [يوسف 108] وآية {قل إن كنتم تحبون الله ورسوله فاتبعوني يحببكم الله} [آل عمران 31] تدل على ذلك أيضاً - إلى آخر ما قال.
(قال) الوالد نفعنا الله تعالى به في تفسيره سورة الكهف: والذي ينبغي أن يعلم ان كلام العارفين المحققين وإن دل على أن لا مخالفة بين الشريعة
والطريقة والحقيقة في الحقيقة ولكنه يدل أيضاً على أن في الحقيقة كشوفاً وعلوماً غيبية ولذا تراهم يقولون: علم الحقيقة هو العلم اللدنى وعلم المكاشفة وعلم الموهبة وعلم الأسرار والعلم المكنون وعلم الوارثة، إلا أن هذا لا يدل على المخالفة فإن الكشوف والعلوم الغيبية ثمرة الإخلاص الذي هو الجزء الثالث من أجزاء الشريعة فهي بالحقيقة مترتبة على الشريعة ونتيجة لها ومع هذا ر تغير تلك الكشوف والعلوم الغيبية حكماً شرعياً ولا تقيد مطلقاً ولا تطلق مقيداً خلافاً لما توهمه بعضهم رقصة الخضر لا تصلح دليلاً.
وكذا قول أبي هريرة رضي الله عنه: ((حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم وعاءين من العلم: فأما أحدهما فبثثته وأما الآخر فلو بثثته لقطع منى هذا البلعوم)) لأن الخضر أوحى إليه إن قلنا بنبوته أو الإلهام كان شرعاً إذ ذاك. والوعاء الآخر يحتمل أن يكون علم الفتن. وما وقع من بني أمية وذم النبي صلى الله عليه وسلم لأناس معينين منهم ولا شك أن بث ذلك في تلك الأعصار يجر إلى القتل - انتهى باختصار. وقد أطال في هذا البحث وأطاب فعليك به إن أردته فقلما تجده في كتاب.
قال الشيخ ولى الله الدهلوي في التفهيمات - وقد ذكر عنه أنه أنكر وجود القطب والغوث والخضر والذي تدعيه الشيعة أنه المهدى وحق له ذلك -: فالسنى ما دام على شرطه من اعتقدا ما ثبت بالكتاب والسنة والإجماع والسكوت عما لا يثبت بها لا يعتقد ذلك ومن أثبت ذلك من الصوفية فإنه لم يثبت عن كتاب ولا سنة اللهم إلا الكشف وليس من أدلة الشرع والذي أفهم من كلامه أنه يريد أن هذا قول مبتدع باطل اعتقاده من حيث الشرع لقوله صلى الله عليه وسلم: ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)) ولو كان قطع الإنكار لم يستحق التكفير ولا التفسيق أيضاً. انتهى.