الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإذا رجعنا إلى الوجدان فلا نشك في ان الله تعالى خصوصية مع العرش ليست مع غيره من مخلوقاته، ولا تجد عبارة في ذلك أفصح وأقرب من الاستواء على العرش، كما أنا لا نجد عبارة في أنكشاف المسموعات والمبصرات افصح من السمع والبصر. والله أعلم بحقائق الأمور. أنتهى.
باب
[فوقية الخالق سبحانه]
قول الله عز وجل: {وهو القاهر فوق عباده} [الأنعام 18، 61]- وقوله تعالى - {يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون} [النحل 50] عن أنس بن مالك قال: جاء زيد بن حارثة يشكو زينب،، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:((اتق الله وامسك عليك زوجك)) .
قال أنس: فلو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كاتماً شيئاً لكتم هذه! وكانت تفخر على ازواج النبي صلى الله عليه وسلم تقول: زوجكن اهاليكن وزوجنى من فوق سبع سماوات.
رواه البخاري في الصحيح. وعن أبي الزناد عن الأعرج عن ابي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لما قضى الله الخلق كتب في كتاب فهو عنده فوق العرش: إن رحمتى غلبت غضبي)) رواه البخاري في الصحيح.
وروى الأحنف بن قيس عن العباس بن عبد المطلب أنه قال: مرت سحابة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((ما تدرون ما هذا؟ فقلنا: السحاب، فقال: أو المزن، قالوا: قلنا: أو المزن، قال أو العنان. قلنا: أو العنان، فقال: هل تدرون بعد ما بين السناء والأرض؟ قلنا: لا، قال إحدى وسبعين، أو اثنين وسبعين، أو ثلاث وسبعين - قال: وإلى فوقها مثل ذلك حتى عدهن سبع سماوات على نحو ذلك. ثم قال: فوق السابعة
البحر أسفله من اعلاه ما بين سماء إلى سماء، ثم فوقه ثمانية أو عال ما بين أظلافهن وركبهن مثل ما بين سماء إلى سماء، ثم العرش فوق ذلك بين أسفله وأعلاه مثل ما بين سماء إلى سماء، ثم إن الله تعالى فوق ذلك العرش)) أخرجه أبو داود في السنن.
وعن وهب بن جرير عن أبيه عن محمد بن إسحاق عن يعقوب بن عقبة عن جبير بن مطعم عن أبيه قال: جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، نهكت الأنفس، وجاع العيال، وهلكت الأموال! استسق لنا ربك، فإنا نستشفع بالله عليك وبك على الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ((سبحان الله! فما زال يسبح حتى عرف ذلك في وجوه أصحابه فقال: ويحك! أتدرى ما الله، إن شاء أعظم من ذلك! إنه لا يستشفع به احد! إنه لفوق سبع سماوات على عرشه، وأنه عليه لهكذا - واشار وهب بيده - مثل القبة، وإنه ليئط به اطيط الرجل بالراكب)) أخرجه أبو داود في كتاب السنن، وقد تكلموا في محمد ابن إسحاق.
وقد اشتغل أبو سليمان الخطابي في تأويله فقال: هذا الكلام إذا أجرى على ظاهرة كان فيه نوع من الكيفية، وهي عنه سبحانه وعن صفاته منفية، فعقل ان ليس المراد منه تحقيق هذه الصفة ولا تحديده على هذه الهيئة، وإنما هو كلام تقريب أريد به عظمة الله تعالى وجلاله سبحانه، وإنما قصد به إفهام السائل من حيث يدركه فهمه إذ كان أعرابياً جلفاً، لا علم له بمعاني ما دق من الكلام.
وفي الكلام حذف وإضمار، فمعنى قوله ((أتدرى ما الله؟)) معناه أتدرى ما عظمة الله وجلاله. وقوله ((إنه ليئط به)) معناه: إنه ليعجز عن جلاله وعظمته حتى يئط به، إذ كان معلوماً أن أطيط الرحل بالراكب إنما
يكون لقوة ما فوقه، وليعجزه عن احتماله، فقرر بهذا النوع من التمثيل عنده معنى عظمة الله عز وجل وجلاله - وارتفاع عرشه، ليعلم أن الموصوف يعلو الشأن وجلالة القدر وفخامة الذكر لا يجعل شفيعاً إلى من هو دونه في القدر.، وأسفل منه في الدرجة، وتعالى الله أن يكون مشبهاً لشئ او مكيفاً بصورة خلق، أو مدركاً بحد، ليس كمثله شئ وهو السميع البصير.
وروى سعد عن ابيه: أن سعد بن معاذ حكم على بني قريظة أن يقتل منهم كل من مرت عليه المواسى، وأن يقسم أموالهم وذراريهم، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:((لقد حكم اليوم بحكم الله الذي حكم به من فوق سبع سماوات)) .
وعن أبي يزيد المديني: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه مر من ناس من أصحابه فلقيه عجوز فاستوقفته فوقف عليها فوضع يده على منكبيها، حتى قضت حاجتها، فلما فرغت قال له الرجل: حبست رجالات قريش على هذه العجوز! ؟
قال: ويحك! أتدرى من هذه؟ عجوز سمع الله عز وجل شكواها من فوق سبع سماوات! والله لو استوقفتنى إلى الليل لوقفت عليها إلا آتى صلاة ثم أعود إليها حتى تقضى حاجتها! .
وعن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: تفكروا في كل شئ، ولا تفكروا في ذات الله تعالى، فإن بين السماء السابعة إلى كرسيه سبعة آلاف نور، وهو فوق ذلك)) وقال الفراء في قوله عز وجل:{وهو القاهر} [الأنعام 18، 61] الآية: كل شئ قهر شيئاً فهو مستعل عليه.