الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب
[كيف يكلم الله البشر
؟]
{ما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحياً أو من وراء حجاب أو يرسل رسولاً فيوحى بإذنه ما يشاء} [الشورى 51] .
قال بعض أهل التفسير: فالوحي الأول ما أرى الله سبحانه الأنبياء عليهم السلام في منامهم، كما أمر إبراهيم عليه لسلام في منامه بذبح أبنه. قال الشافعي رحمه الله تعالى: قال غير واحد من أهل التفسير: رؤيا الأنبياء وحي، لقول ابن إبراهيم الذى أمر بذبحه: أفعل ما تؤمر.
وأما الكلام من وراء حجاب فهو كلام الله عز وجل موسى عليه السلام من وراء حجاب، والحجاب المذكور في هذا الموضع وغيره يرجع إلى الخلق دون الخالق.
وأما الكلام بالرسالة فهو إرسال الروح الأمين بالرسالة إلى من شاء من عباده، قال الله عز وجل:{إنه لتنزيل رب العالمين. نزل به الروح الأمين، على قلبك لتكون من المنذرين} [الشعراء 193] .
وقد ذهب الزهرى رحمه الله تعالى في تقسيم الوحى إلى زيادة بيان، وذلك فيما روى يونس بن زيد قال: سمعت الزهرى سئل عن قول الله عز وجل: {ما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحياً} [الشورى 51] الآية. قال: نزلت هذه الآية من أوحى الله عز وجل إليه من النبيين، فالكلام كلام الله عز وجل الذى كلم به موسى من وراء حجاب، والوحى ما يوحى الله تعالى به إلى النبي من أنبيائه، فيثبت الله عز وجل ما أراه من وحيه في قلب النبي فيتكلم به النبي عليه السلام ويبينه، وهو كلام الله ووحيه.
ومنه ما يكون بين الله تعالى ورسله، لا يكلم به أحد من الأنبياء أحداً
من الناس، ولكنه سر غيب بين الله تعالى ورسله.
ومنه ما يتكلم به الأنبياء ولا يكتبونه لأحد ولا يأمرون بكتابة ولكنهم يحدثون به الناس حديثاً، ويبينون بهم أن الله عز وجل أمرهم أن يبينوا للناس، ويبلغوهم من الوحى ما يرسل به إليه فيوحون وحياً في قلوب من يشاء من رسله.
وقد بين الله وجل لنا في كتابه أنه يرسل جبريل عليه السلام إلى محمد صلى الله عليه وسلم، فقال الله عز وجل في كتابه:{من كان عدواً لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله مصدقاً لما بين يديه وهدى وبشرى للمؤمنين} [البقرة 17] وذكر أنه الروح الأمين فقال: {وإنه لتنزيل رب العالمين. نزل به الروح الأمين، على قلبك} [الشعراء 192 - 194] الآية - فذهب في الوحي الأول إلى أنه ما يوحى الله عز وجل به إلى النبي عليه السلام فيثبت ما أراد من وحيه في قلبه فيتكلم به النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا يجمع حال اليقظة والنوم.
وذهب فيما يوحى الله عز وجل إلى النبي بإرسال الملك إليه إلى أنه يكون على نوعين: أحدهما - أن ياتيه الملك فيكلمه بأمر الله عز وجل تكليماً، والآخر أن يأتيه فيلقى في روحه (1) ما أمر الله عز وجل، وكذلك بين في الأخار.
وعن عائشة رضي الله تعالى عنها أن الحرث بن هشام سأل النبي صلى الله عليه وسلم، كيف يأتيك الوحي؟ قال:((كل ذلك يأتى الملك أحياناً في مثل صلصلة الجرس فيصم عنى وقد وعيت ما قال وهو أشده على، ويتمثل في مثل الملك أحياناً رجلاً فليكلمنى فأعى ما يقول)) رواه البخارى في الصحيح.
وروى المطلب بن حنطب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ما تركت شيئاً مما أمركم الله عز وجل به إلا وقد أمرتكم به ولا تركت
(1) كذا في الأصل ولعلها: ((روعه)) بالعين.