الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل: (في كلام العلامة ابن حجر فيما يتعلق بكتب الصوفية)
(ابن تيمية والتصوف والمتصوفة)
قال الشيخ ((ابن حجر)) عليه الرحمة في كتابه المذكور: وحاصل ما أشير إليه في السؤال أنه قال في بعض كلامه: إن في كتب الصوفية ما هو مبني على أصول الفلاسفة المخالفين لدين المسلمين فتلقى ذلك بالقبول من يطلع فيها من غير أن يعرف حقيقتها كدعوى أحدهم أنه مطلع على اللوح المحفوظ؛ فإنه عند الفلاسفة كابن سينا وأتباعه ((النفس الفلكية)) ويزعم أن نفوس البشر تتصل بالنفس الفلكية، أو بالعقل الفعال يقظة أو مناماً وهم يدعون أن ما يحصل من المكاشفة يقظة أو مناماً هو بسبب اتصالها بالنفس الفلكية عندهم وهي سبب حدوث الحوادث العالم فإذا اتصلت بها النفس البشر انتقش فيها ما كان في النفس الفلكية وهذه الأمور لم يذكرها قدماء الفلاسفة وإنما ذكرها ابن سينا ومن يتلقى عنه.
ويؤخذ ذلك من بعض كلام ((أبي حامد الغزالي)) وكلام ((ابن عربي)) ((وابن سبعين)) وأمثال هؤلاء الذي تكلموا في التصوف والحقيقة على قاعدة الفلاسفة لاعلى أصول المسلمين ولقد خرجوا بذلك إلى الإلحاد كإلحاد الشيعة والإسماعيلية والقرامطة الباطنية بخلاف عباد أهل السنة والحديث ومتصوفيهم، ((كالفضيل)) (1) وسائر رجال الرسالة وهؤلاء أعظم الناس إنكاراً لطرق من هو خير من الفلاسفة كالمعتزلة والكلابية فكيف بالفلاسفة؟
وأهل التصوف ثلاثة أنصاف:
قوم على مذهب اهل السنة كهؤلاء المذكورين
(1) الفضيل بن عياض والرسالة للقشيري.
وقوم على طريقة بعض أهل الكلام من الكلابية وغيرهم.
وقوم خرجوا إلى طريق الفلسفة؛ مثل مسلك من سلك رسائل ((إخوان الصفا)) وقطعة توجد في كلام ((أبي حيان التوحيدي)) . وأما ((ابن عربي)) و ((ابن سبعين)) ونحوهما فجاءوا فلسفية غيروا عباراتها، وأخرجوا في قالب التصوف. و ((ابن سينا)) تكلم في آخر ((الإشارات)) على مقام العارفين بحسب ما يليق بحاله وكذا معظم من لم يعرف الحقائق الإيمانية. و ((الغزالي)) ذكر شيئاً من ذلك في بعض كتبه، لا سيما في الكتاب ((المضنون به على غير أهله)) و ((مشكاة الأنوار)) ونحو ذلك.
حتى ادعى صاحبه ((أبو بكر ابن العربي)) فقال: شيخنا دخل في نظر الفلاسفة وأراد أن يخرج منهم فما قدر؛ لكن ((أبو حامد)) يكفر الفلاسفة في غير موضع وبين فساد طريقتهم وأنها لا تحصل المقصود واشتغل في آخر عمره ((بالبخاري)) ومات على ذلك. وقيل: أنه رجع عن هذه الكتب ومنهم من يقول: إنها مكذوبة عليه وكثر كلام الناس فيه لأجلها؛ ((كالمازوي والطرطوشي وابن الجوزي وابن عقيل)) وغيرهم.
انتهى حاصل الكلام ((ابن تيمية)) .
وهو يناسب ما كان عليه من سوء الاعتقاد حتى في أكابر الصحابة ومن بعدهم إلى أهل عصره وربما أداه ذلك إلى تبديع كثير منهم.
ومن جملة من تتبعه: الولى القطب العارف ((أبو الحسن الشاذلي)) نفعنا الله تعالى به وبعلومه ومعارفه في ((حزبه الكبير وحزب البحر)) وقطعة من كلامه كما تتبع ((ابن عربي وابن الفارض وابن سبعين)) وتتبع أيضاً ((الحلاج الحسين بن منصور)) ولا زال يتتبع الأكابر حتى تمالأ عليه أهل عصره ففسقوه وبدعوه (1) بل كفره كثير منهم.
(1) اتهموا بالبدعة
وقد كتب إليه بعض أجلاء عصره علماً ومعرفة سنة خمس وسبعمائة: من فلان إلى الشيخ الكبير العالم إمام أهل عصره بزعمه - أما بعد، فإنا أحببناك في الله زماناً وأعرضنا عما يقال عنك إعراض الغفلة إحساناً إلى أن ظهر لنا خلاف موجبات المحبة بحكم ما يقتضيه العقل والحس وهل يشك في الليل عاقل إذا غابت الشمس، وإنك أظهرت أنك قائم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والله تعالى أعلم بقصدك ونيتك ولكن الإخلاص مع العمل ينتج ظهور القبول وما رأينا آل أمرك إلا إلى هتك الأستار والأعراض باتباع من لايوثق بقوله من أهل الأهواء والأغراض؛ فهو سائر زمانه يسب الأوصاف والذوات وام يقنع بسب الأحياء حتى كفر الأموات ولم يكفه التعرض على من تأخير من صالحي السلف حتى تعدى إلى الصدر الأول من له أعلى المراتب في الفضل فياويح من هؤلاء! خصماؤه يوم القيامة وهيهات أن لايناله غضب وأنى له بالسلامة! وكنت ممن سمعه وهو على منبر جامع الجبل بالصالحية وقد ذكر ((عمر بن الخطاب)) رضي الله عنه فقال: إن عمر غلطات وبليات وأي بليات! وأخبرني عنه السلف أن ذكر ((علي بن أبي طالب)) رضي الله عنه في مجلس آخر فقال: إن علياً أخطأ في أكثر من ثلاثمائة مكان فياليت شعري! من أين يحصل لك الصواب، إذا أخطأ على - كرم اللع تعالى وجهه - بزعمك وعمر بن الخطاب؟ والآن قد بلغ هذا الحال منتهاه والأمر إلى مقتضاه ولا ينفعني إلا القيام في أمرك ودفع شرك؛ لأنك قد أفرطت في الغى، ووصل أذاك إلى كل ميت وحي وتلزمني الغيرة شرعاً من الله ولرسوله ويلزم ذلك جميع المؤمنين وسائر عباد الله المسلمين بحكم ما تقوله العلماء وهم أهل الشرع وأرباب السيف الذين بهم الوصل والقطع إلى أن يحصل منك الكف عن أعراض