الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشيخ ابن تيمية بعد اجتماعه به كيف رأيته؟ قال: رأيت رجلاً سائر العلوم بين عينيه، يأخذ ما شاء منها ويترك ما شاء. فقيل له: فلم لاتتناظران؟ قال: لأنه يحب الكلان وأحب السكوت.
[رأى العلامة السبكي]
وقال ابن مفلح في طبقاته: كتب (العلامة تقي الدين السبكي) إلى (الحافظ الذهبي) في أمر الشيخ تقي الدين ابن تيمية ما نصه. فالمملوك يتحقق قدره وزخارة بحره وتوسعته في العلوم الشرعية والعقلية، وفرط ذكائه واجتهاده، وأنه بلغ في ذلك كل المبلغ الذي يتجاوزه الوصف، والمملوك يقول ذلك دائماً. وقدره في نفسي أكبر من ذلك وأجل، مع ماجمعه الله تعالى من الزهادة والورع ن والديانة ونصرة الحق والقيام فيه، لا لغرض سواه، وجريه على سنن السلف وأخذه من ذلك بالمأخذ الأوفى، وفي غرابة مثله في هذا الزمان بل في أزمان. اهـ.
[رأى الحافظ ابن حجر العسقلاني]
وقال (الحافظ ابن حجر العسقلاني) في ترجمته المطنبة: إن الفتنة لما ثارت على الشيخ ابن تيمية من جهة بعض كلماته تعصب له القاضي الحنفي ونصره.
وسكت القاضي الشافعي ولم يكن له ولا عليه. وكان من أعظم القائمين عليه الشيخ نصر ابن المنبجي، لأنه كان بلغ ابن تيمية أنه يتعصب لابن عربي، فكتب يعاتبه على ذلك. لكونه بالغ في الحط من (1) ابن عربي وتكفيره؛ فصار هو يحط من ابن تيمية؛ ويغري بيبرس الجاشنكير. وكان بيبرس يفرط في محبته ويعظمه. واتفق أن قاضي الحنفية بدمشق وهو شمس الدين ابن الحرير انتصر للشيخ ابن تيمية وكتب في حقه محضراً بالثناء عليه بالعلم والفهم، وكتب به في خطه ثلاثة عشر سطراً من جملتها: أنه منذ ثلثمائة سنة ما رأى الناس مثله اهـ.
(1)(ص) على.
قلت: وسيأتي إن شاء الله تعالى في كتابنا هذا ما حرره الشيخ ابن تيمية للشيخ نصر المنبجي وما يتعلق بالقاضي السبكي عليهم الرحمة.
ونقل الإمام العسقلاني أيضاً عن الحافظ الذهبي أنه قال: حضر عند شيخنا أبو حيان المفسر فقال: ما رأت عيناي مثل هذا الرجل! ثم مدحه بأبيات ذكر أنه نظمها بديهة وأنشده إياها وهي: [بسيط] .
لما أتانا تقي الدين لاح لنا
…
داع إلى الله فرد ماله وزر
على محياه من سيما الألى صحبوا
…
خير البرية نور دونه القمر
حبر تسربل منه دهره حبراً
…
بحر تقاذف من أمواجه الدرر
قام ابن تيمية في نصر شرعتنا
…
مقام سيد تيم إذ مصت مضر
وأظهر الحق إذ آثاره اندرست
…
وأخمد الشر إذ طارت له شرر
يا من يحدث عن علم الكتاب أصخ
…
هذا الإمام الذي قد كان ينتظر
يشير بهذا إن أنه المجدد - وقد صرح بذلك أيضاً العماد الواسطى - ثم دار بينهما كلام فجرى ذكر سيبويه فأغلظ الشيخ ابن تيمية القول في سيبويه، فناظره أبو حيان بسببه ثم عاد ذاماً له، وصير ذلك ذنباً لا يغتفر.
ويقال: إن ابن تيمية قال له: ما كان سيبويه نبي النحو ولا معصوماً، بل أخطأ في الكتاب في ثمانين موضعاً ما تفهمها أنت. فكان ذلك سبب مقاطعته إياه. وذكره في تفسيره ((البحر)) بكل سوء، وكذا في مختصره ((النهر)) اهـ.
وقد ترجمته علماء المذاهبا المعاصرون له وغيرهم بتراجم مفصلة، وأثنوا عليه بالثناء الحسن، وذكروا له كرمات عديدة، ومواظبة على الطاعات والبعادات وتجنباً عن البدع، وشدة اتباع للسنن وطريقة السلف الصالح. وأنه لم يتزوج حتى مات.
وكان أبيض اللون أسود الرأس واللحية، قليل الشيب، شعره إلى
شحمتى أذنيه، عيناه لسانان ناطقان، ربعة من الرجال، بعيد ما بين المنكبين جهوري الصوت.
وقد ذكر نبذة من اختياراته (العلامة ابن رجب) المتوفى سنة سبعمائة وخمس وتسعين في ((طبقاته)) وفصل أيضاً سيرته وأحواله والثناء عليه. وقد توفي سنة سبعمائة وثمان وعشرين، سحر ليلة الإثنين عاشر ذي القعدة الحرام في السجن؛ فأخرج إلى جامع دمشق فصلوا عليه، فكان يوماً مشهوداً، لم يعهد بدمشق مثله وبكى الناس بكاء شديداً وتبركوا بماء غسله واشتد الزحام على نعشه ودفن بمقابر الصوفية بعد أن وصلوا عليه مراراً. وحزر من حضر جنازته بمائتي ألف، ومن النساء بخمسة عشر ألفا. وختمت له ختمات كثيرة. ورثي بقصائد بليغة منها قصيدة الشيخ عمر بن الوردى وهي:[الوافر] .
عثا في عرضه قوم سلاط
…
لهم من نثر جوهره التقاط
تقي الدين أحمد خير حبر
…
خروق المعضلات به تخاط
توفي وهو محبوس فريد
…
وليس له إلى الغلى الدنيا انبساط
ولو حضروه حين قضى لألفوا
…
ملائكة النعيم به أحاطوا
قضى نحباً وليس له قرين
…
ولا لنظيره ألف القماط
فتى في علمه أضحى فريداً
…
وحل المشكلات به يناط
وكان إلى التقى يدعو البرايا
…
وينهي فرقة فسقوا ولا طوا
وكان الجن تفرق من سطاه
…
بوعظ للقوب هو السياط
فيا لله ما قد ضم لحد
…
ويا لله ما غطى البلاط
هم حسدوه لما لم ينالوا
…
مناقبة فقد مكروا وشاطوا
وكانوا عن طرائقه كسالى
…
ولكن في أذاه لم نشاط
وحبس الدر في الأصداف فخر
…
وعند الشيخ في السجن اغتباط
بآل الهاشمي له اقتداء
…
فقد ذاقوا المنون ولم يواطوا