الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
((الحلاج)) ليس بولى فهو على حكم الظاهر والله أعلم بالسرائر قاله ((أحمد ابن علي بن حجر الشافعي)) - انتهى.
قال ((أحمد بن خلكان)) : والحلاج - بفتح الحاء وتشديد اللام - وإنما لقب بذلك لأنه جلس على حانوت حلاج واستقضاه شغلاً فقال الحلاج: أنا مشتغل بالحلج فقال له: امض في شغلي حتى أحلج عنك فمضى الحلاج فتركه فلما عاد رأى قطنه جميعه محلوجاً. انتهى باقتصار.
وحيث تبين لك أقوال العلماء فيه اتضح لك سقم كلام ((العلامة ابن حجر)) بظاهره وخافيه ولا بأس بأن نذكر شيئاً من كلام شيخ الإسلام ((ابن تيمية)) لتقف على حججه الساطعة المرضية.
[ابن تيمية يرد القول بولاية الحلاج من وجوه]
فأقول: قد قال في بعض فتاويه ما نصه: إن القول بولاية الحلاج مردود بوجوه:
(منها) : أن الأئمة الدين وفقهاء المسلمين اتفقوا على حل دم الحلاج وأمثاله.
(الثاني) : أن الاطلاع على أولياء الله تعالى لا يكون إلا ممن يعرف طرق الولاية وهو الإيمان والتقوى ومن أعظم الإيمان والتقوى أن يجتنب مقالة أهل الإلحاد كأهل الحلول والاتحاد. فمن وافق الحلاج على مثل هذه المقالة لم يكن عارفاً بالإيمان والتقوى فلا يكون عارفاً بطرق أولياء الله تعالى فلا يجوز أن يميز بين أولياء الله سبحانه وغيرهم.
(الثالث) : أن هذا القائل قد أخبر أنه يوافقه على مقالته فيكون من جنسه فشهادته له بالولاية شهادة اليهودي والنصراني والرافضي لنفسه أنه على الحق وشهادة المرء لنفسه فيما لا يعلم فيه كذبه ولا صدقه مردودة،
فكيف تكون لنفسه ولطائفته الذين ثبت بالكتاب والسنة والإجماع أنهم أهل الضلال؟
(الرابع) : أن يقال: أما كون ((الحلاج)) عند الموت فيما بينه وبين الله تعالى أو لم يتب فهذا غيب يعلمه الله سبحانه وتعالى منه.
وأما كونه كان يتكلم بهذا عند الاصطلام (1) فليس كذلك بل كان يصنف الكتب ويقوله وهو حاضر يقظان وقد تقدم أن غيبة العقل تكون عذراً في رفع القلم، وكذلك الشبهة التي ترفع معها قيام الحجة قد تكون عذراً في الباطن وإن لم تكن عذراً في الظاهر فهذا لو فرض لم يجز أن يقال: قتل ظلماً ولا يقال له إنه موافق له على اعتقاده ولا يشهد بما لا يعلم فكيف إذا كان الأمر بخلاف ذلك؟
وغاية المسلم المؤمن إذا عذر الحلاج أن يدعى فيه الاصطلام أو الشبهة وأما أن يوافقه على ما قتل عليه فهذا حال أهل الزندقة والإلحاد. وكذلك من لم يجوز قتل مثله فهو مارق من دين الإسلام ونحن إنما علينا أن نعرف التوحيد الذي أمرنا به ونعرف طريق الله سبحانه الذي أمرنا به وقد علمنا بكيهما: أن ما قاله الحلاج باطل وأنه يجب قتل مثله وأما نفس الشخص المعين هل كان في الباطن له أمر يغفر الله تعالى له من توبة أو غيرها فهذا أمر إلى الله تعالى ولا حاجة لأحد إلى العلم بحقيقة ذلك والله تعالى أعلم - انتهى.
(1) تقطيع الأعضاء فربما يقصد هنا الألم وما يسببه من غيبوبة.