الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإمام إلى ذلك. وإذا سكت نسيب إلى إعتقاد ذلك، ولا يهولنى أمر عظيم في النفوس، لأن العمل على الدليل وخصوصاً في معرفة الحق لا يجوز فيه التقليد وقد سئل الإمام أحمد عن مسألة فألفتى فيها، فقيل: هذا يقول لا يقول به ابن المبارك؟ فقال: ابن المبارك لم ينزل من السماء. وقال الإمام الشافعي رضي الله عنه: استخرت الله تعالى في الرد على الإمام مالك. أنتهى. وقال في آخر الرسالة في الكلام على الحديث المتمم ستين ما نصه:
روى عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إذا رأيتم الريح فلا تسبوها فإنها من نفس الرحمن، تأتى بالرحمة وتأتى بالعذاب، فأسلوا الله تعالى خيرها، واستعيذوا بالله تعالى من شرها)) فالنفس بمعنى التنفيس عن المكروب. ومثله ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إني لأجد نفس ربكم من قبل اليمين)) يعني تنفيسه عن المكروب، بنصره أهل المدينة من جانب اليمين. وهذا شئ لا يختلف فيه المسلمون. وقال ابن حامد: رأيت بعض أصحابنا يثبتون لله تعالى وصفاًَ في ذاته بأنه يتنفس.
قال: وقالوا: الرياح الهابة مثل الرياح العاصفة والعقيم والجنوب والشمال والصبا والدبور مخلوقة إلا ريحاً من صفاته هي ذات نسيم حياتى، وهي من نفس الرحمن.
قلت: على من يعتقد بهذا اللعنة، لأنه يثبت جسداً مخلوقاً، ما هؤلاء بمسلمين! اهـ المراد منه فليتدبر وليحفظ.
[الأقوال في آيات الصفات وأحاديثها]
فتحصل أن في آيات الصفات والأحاديث المتشابهة أقوالا: ((منها)) كما قال الحافظ ابن حجر في شرح الصحيح في الكلام على قوله صلى الله عليه وسلم: ((ينزل ربنا إلى السماء الدنيا)) : قول مدعى الجهة وهي جهة العلو، المستدل بهذا
الحديث ونظائره، وهو قول غير واحد من السلف والصوفية. ((ومنها)) قول من اجرى ذلك على ظاهرة وهم المشبهة، تعالى الله عن قولهم.
قال الحافظ: ((ومنها)) قول من أنكر صحة الأحاديث الواردة في ذلك جملة، وهم الخوارج والمعتزلة، وهو مكابرة.
والعجب أنهم أولوا ما في القرآن من نحو ذلك، وأنكروا ما في الحديث إما جهلاً وإما عناداً. ((ومنها)) قول من اجراه على ما ورد مؤمناً به على طريق الإجمال، منزهاً لله تعالى عن الكيفية والتشبيه، وهم جمهور السلف ونقله البيهقي وغيره عن الأئمة، والسفيانين والحمادين، والأوزاعي والليث وغيره.
((ومنها)) قول من أوله على وجه يليق، مستعمل في كلام العرب.
((ومنها)) قول من أفرط في التأويل، حتى كاد يخرج إلى نوع من التحريف.
((ومنها)) قول من فصل بين ما يكون تاويله قريباً مستعملاً في كلام العرب، وبين ما يكون بعيداً مهجوراً.
فأول في بعض وفوض في بعض، وهو منقول عن مالك، وجزم به من المتأخرين ابن دقيق العيد.
قال البيهقي: وأسلمها الإيمان بلا كيف، والسكوت عن المراد. إلا أن يرد ذلك عن الصادق صلى الله عليه وسلم فيصار إليه - أنتهى - فعض بالنواجذ عليه.
وإذا علمت الفكر بما حررناه ووعت أذنك ما سطرناه، أندفع ما شنع به العلامة ابن حجر على الشيخ ابن تيمية مما لم يصح به عنه اثر فمتفطن، ولا يضيق بك العطن، وهو الموفق للصواب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.