الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كل حلف عدوله)) (1) وإن كان بعضهم قد تكلم فيهم بما لا يرضيه هذا المعتقدة إذا كان قولهم ذلك غير مردود عليهم بنص الكتاب والسنة والإجماع وكان قولهم ذلك محتملاً وكان مجال ومساغ للخوض فيه سواء كان قولهم ذلك في أصول الدين أو في المباحث الفقهية أو في الحقائق الوجدانية وعلى هذا الأصل اعتقدنا في شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى.
فإنا قد تحققنا من حاله أنه عالم بكتاب الله ومعانيه اللغوية والشرعية وحافظ لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وآثار السلف عارف بمعانيهما اللغوية والشرعية أستاذ في النحو واللغة محور لمذهب الحنابلة فروعه وأصوله فائق في الذكاء ذو لسان وبلاغة في الذب عن عقيدة أهل السنة لم يؤثر عنه فسق ولا بدعة اللهم إلا هذه الأمور التي ضيق عليه لأجلها وليس شيء منها إلا ومعه دليله من الكتاب والسنة وآثار السلف فمثل هذا الشيخ عزيز الوجود في العالم ومن يطيق أن يلحق شأوره في تحريره وتقديره والذين ضيقوا عليه ما بلغوا معشار ما آتاه الله تعالى، وإن كان تضييقه ذلك ناشئاً من اجتهاد ومشاجرة العلماء في مثل ذلك ما هي إلا كمشاجرة الصحابة رضي الله عنهم فيما بينهم والواجب في ذلك كف اللسان إلا بخير - انتهى. ثم أجاب عن مسائله التي ضيقوا عليه فيها.
(ترجمة العلامة الشوكاني)
(ومنهم) - شيخ الإسلام والمسلمين وارث علوم سيد المرسلين العلامة المجتهد المطلق الإمام العلامة الرباني، قاضي القضاة بن علي الشوكاني اليماني رضي الله عنه فإنه أثنى عليه في مؤلفاته الممتعة النافعة في مسألة الاستواء ومسألة الطلاق الثلاث وغيرهما. وشرح
(1) تمامه؛ ((ينقون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين)) . رواه البيهقي في كتاب المدخل مرسلاً عن إبراهيم بن عبد الرحمن العذرى اهـ من هامش الأصل. (هـ. ص)
كتاب ((المنتقى في الأخبار)) لجده، وأتى بما لم تستطعه الأوائل.
وترجم له في كتابه ((البدر الطالع)) وقال: تقي الدين أبو العباس أحمد ابن عبد الحليم بن عبد السلام شيخ الإسلام إمام الأئمة المجتهد المطلق نظر في الرجال والعلل وتفقه وتمهر وتقدم وصنف ودرس وأفتى وفاق الأقران وصار عجباً في سرعة الاستحضار وقوة الجنان والتوسع في المنقول والمعقول والاطلاع على مذاهب السلف والخلف كذا في ((اندرر)) للحافظ ابن حجر.
وأقول أنا: لا أعلم بعد ((ابن حزم)) مثله وما أظن أنه سمح الزمان ما بين عصري الرجلين بمن يشابههما أو يقاربهما وكان يحق له الاجتهاد لاجتماع شروطه فيه ولعل فتاواه في الفنون تبلغ ثلاثمائة مجلد بل أكثر وكان قولاً بالحق لاتأخذه في الله لومة لائم ولا كان متلاعباً بالدين ولا يتفرد بمسائل بالتشهى ولا يطلق لسانه بما اتفق بل يحتج بالقرآن والحديث والقياس ويبرهن ويناظر أسوة لمن تقدمه من الأئمة تعتريه حدة في البحث وغضب وصدمة للخصوم تزرع له عداوة في النفوس ولولا ذلك لكان كلمة إجماع فإن كبارهم خاضعون لعلومه معترفون بأنه بحر لا ساحل له وكنز ليس له نفاد والناس قسمان في شأنه: فبعض منهم مقصر به عن المقدار الذي يستحقه بل يريمه بالعظائم وبعض آخر يبالغ في وصفه ويجاوز به الحد وهذه قاعدة مطردة في كل عالم يتبحر في المعارف العلمية ويفوق أهل عصره ويدين بالكتاب والسنة فإنه لا بد أن يستنكره المقصرون ويقع له معهم محنة ثم يكون أمره الأعلى وقوله الأولى ويصير له بتلك الزلازل لسان صدق في الآخرين ويكون لعلمه حظ لا يكون لغيره وهكذا كان حال هذا الإمام فإنه بعد موته عرف الناس مقداره واتفقت الألسن بالثناء عليه إلا من لا بعتد به وطارت مصنفاته واشتهرت مقالاته.