المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[لازم المذهب ليس بمذهب] - جلاء العينين في محاكمة الأحمدين

[ابن الألوسي]

فهرس الكتاب

- ‌[سبب تأليف الكتاب]

- ‌[ابن حجر ينال من ابن تيمية]

- ‌[ترجمة شيخ الإسلام ابن تيمية]

- ‌[الحافظ الذهبي يتحدث عن ابن تيمية]

- ‌[الحافظ ابن كثير أيضاً]

- ‌[ما كتبه الزملكاني]

- ‌[كلام للسيوطي في ابن تيمية]

- ‌[رأى الحافظ ابن سيد الناس في ابن تيمية]

- ‌[رأى ابن الوردى]

- ‌[رأى الواسطى]

- ‌[رأى ابن دقيق العيد]

- ‌[رأى العلامة السبكي]

- ‌[رأى الحافظ ابن حجر العسقلاني]

- ‌[المؤمنون يفتنون]

- ‌فصل:في تبرئة الشيخ مما نسب إليه وثناء المحققين المتأخرين عليه

- ‌[شهادة الكورانى]

- ‌[شهادة السويدي البغدادي]

- ‌[شهادة الآلوسي والد المؤلف]

- ‌فصل: (في قول العلامة ابن حجر المتقدم سابقاً)

- ‌(ترجمة الإمام السبكي)

- ‌(في رد اليافعي على السبكي)

- ‌(مطلب كلام السبكي)

- ‌(الجواب من اليافعي)

- ‌(ترجمة القاضي تاج الدين السبكي)

- ‌(ترجمة العز بن جماعة)

- ‌(ترجمة الزملكاني)

- ‌(ترجمة أبي حيان)

- ‌(ترجمة ابن حجر الهيتمي)

- ‌(ترجمة ابن حجر العسقلاني)

- ‌فصل: يشتمل على مقصدين

- ‌المقصد الأول: في تراجم بعض آباء الشيخ ابن تيمية وأقربائه

- ‌(ترجمة المجد ابن تيمية)

- ‌(ترجمة عبد الحليم بن تيمية)

- ‌(ترجمة عبد الغني بن تيمية)

- ‌(ترجمة شرف الدين بن تيمية)

- ‌(ترجمة محمد بن تيمية)

- ‌(ترجمة زينب بنت تيمية)

- ‌المقصد الثاني: في ترجمة بعض تلامذته الكرام المشهورين وترجمة المثنين عليه من العلماء المتأخرين

- ‌(ترجمة الإمام ابن القيم)

- ‌(ترجمة الحافظ الذهبي)

- ‌(ترجمة شمس الدين ابن قداه)

- ‌(ترجمة ابن قاضي الجبل)

- ‌(ترجمة الطوفى الصرصري)

- ‌(ترجمة ابن الوردى)

- ‌(ترجمة زين الدين الحراني)

- ‌(ترجمة ابن مفلح)

- ‌(ترجمة شرف الدين ابن المنجا)

- ‌[ترجمة بعض تلامذة الإمام الذين تأثروا به ولم يعاصروه]

- ‌(ترجمة ابن ناصر)

- ‌(ترجمة الشيخ إبراهيم الكوراني)

- ‌(ترجمة منلا على القارئ)

- ‌(ترجمة العلامة السويدي البغدادي)

- ‌(ترجمة شهاب الدين مفتى الحنفية ببغداد الألوسي البغدادي)

- ‌(ترجمة مسند الوقت أحمد ولى الله الدهلوي)

- ‌(ترجمة العلامة الشوكاني)

- ‌(ترجمة الإمام الأجر أبي الطيب)

- ‌فصل: (في الجرح والتعديل)

- ‌(لا يؤخذ بقول العلماء في طعن بعضهم بعضاً)

- ‌(فيمن طعن في معاصروه)

- ‌[لغرض أو مرض هوجم ابن تيمية]

- ‌فصل: (في كلام العلامة ابن حجر فيما يتعلق بكتب الصوفية)

- ‌الفصل الأول: (في عقيدة الإمام ابن تيمية)

- ‌[إجلاله للصحابة]

- ‌[ابن تيمية والشاذلي]

- ‌(ترجمة أبي الحسن الشاذلي)

- ‌الفصل الثالث: [المعترضون على الصوفية كثيرون]

- ‌(ترجمة الإمام محي الدين بن العربي)

- ‌[الناس في ابن عربي أقسام ثلاثة]

- ‌(ترجمة ابن الفارض)

- ‌(ترجمة ابن سبعين)

- ‌(ترجمة الحلاج)

- ‌[رأى ابن حجر العسقلاني في الحلاج ومن على شاكلته]

- ‌[ابن تيمية يرد القول بولاية الحلاج من وجوه]

- ‌(مكتوب شيخ الإسلام ابن تيمية)

- ‌الفصل الرابع: في الكلام على ما نقله الشيخ ابن حجر من عبارة شيخ الإسلام

- ‌[ابن حجر لا يلتزم أدب المناظرة في النقل]

- ‌[الصوفى المثالى]

- ‌[الصوفى المنحرف]

- ‌[ابن تيمية كان يتشدد في سد ذرائع البدع]

- ‌[رأى ابن تيمية في الولاية والأولياء]

- ‌[لم يكن ابن تيمية وحده هو الذي حارب الفلاسفة]

- ‌[الغزالي يرمى الفلاسفة بالكفر]

- ‌فصل: [في أصنافهم وشمول سمة الكفر كافتهم]

- ‌[رأى لابن تيمية في الفلاسفة]

- ‌[هل يعلم الولى بلغيب

- ‌(ترجمة ابن سينا)

- ‌(ترجمة الإمام أبي حامد الغزالي)

- ‌[مما أخذ عن الغزالي]

- ‌[ليس ابن تيمية أول من انتقد الغزالي]

- ‌[فرق الشيعة وعقائدهم]

- ‌(ترجمة الفضيل بن عياض)

- ‌(ترجمة القشيرى)

- ‌[عقيدة المعتزلة وفرقهم]

- ‌[عقيدة الجهمية]

- ‌[مناظرة شعرية بين أهل السنة والمعتزلة حول رؤية الله]

- ‌[علم الكلام بين مادحيه وقادحيه]

- ‌[رأى ابن تيمية في المتكلمين]

- ‌[التعريف برسائل إخوان الصفا]

- ‌[ترجمة أبي حيان التوحيدى]

- ‌[ابن سينا يرى أن علم الغيب بالنسبة للبشر جار على السنن الطبيعي]

- ‌[بحث في الرؤيا]

- ‌ الروح

- ‌[في الإنسان]

- ‌[الروح حادثة أم هي قديمة

- ‌[مستقر الأرواح في البرزخ]

- ‌[هل تموت الروح

- ‌[قصيدة ابن سينا في الروح ومعارضه الدهلوى لها]

- ‌(ترجمة الإمام أبي بكر بن العربي)

- ‌[الدس في بعض الكتب]

- ‌(ترجمة الإمام المازرى)

- ‌(ترجمة الإمام الطرطوشي)

- ‌(ترجمة الإمام ابن الجوزي)

- ‌(ترجمة ابن عقيل)

- ‌فصل: وأما قول الشيخ ابن حجر:

- ‌[أكاذيب تدفعها حقائق]

- ‌[تعريفه وشروطه]

- ‌[هل يتجزأ الاجتهاد

- ‌[هل يجوز أن يخلو الزمان عن مجتهد

- ‌[فتوى للإمام ابن تيميه عن التقليد]

- ‌[فتوى للإمام ابن تيمية حول جواز تقليد غير الأربعة]

- ‌[هل يجوز الانتقال من مذهب إلى مذهب

- ‌[التقليد في أصول الدين]

- ‌(ترجمة الإمام أحمد بن حنبل)

- ‌[كتاب للإمام أحمد عن السنة]

- ‌[محنة القول بخلق القرآن]

- ‌[نقلة فقه الإمام أحمد]

- ‌((وما ضرنا أنا قليل وجارنا عزيز وجار الأكثرين ذليل))

- ‌[ترجمة الإمام أبو الحسن الأشعري]

- ‌[من أتباع الأشعري]

- ‌[عقيدة الأشعري]

- ‌[ترجمة الإمام البيهقي]

- ‌فصلوقد آن الشروع في أجوبة ما عزاه الشيخ ابن حجر عليه الرحمة إلى الشيخ ابن تيمية

- ‌[رأى ابن تيمية في يمين الطلاق]

- ‌[الطلاق المخالف للسنة]

- ‌[تارك الصلاة عمداً هل يقضى]

- ‌[هل يباح للحائض الطواف بدون كفارة]

- ‌[هل يرد الطلاق الثلاث إلى واحدة]

- ‌[حكم المكوس وهل تقوم مقام الزكاة

- ‌فصل: [في المظالم المشتركة]

- ‌[هل تنجس المائعات بموت حيوان]

- ‌[هل للجنب أن يصلى التطوع ليلاً قبل أن يغتسل

- ‌[شرط الواقف هل يعتبر أو لا

- ‌[اختيارات أخرى ذهب إليها ابن تيميه]

- ‌[رأى ابن تيميه في الحسن والقبح]

- ‌[أفعال العباد]

- ‌[حكم مخالف الإجماع]

- ‌[عقيدة ابن تيميه في كلام الله]

- ‌[فتوى لابن تيميه عن كلام الله]

- ‌[كلام نفيس لابن القيم في الموضوع]

- ‌فصل: [عقيدة ابن القيم وشيخه في القرآن]

- ‌[مقتطفات من نونية ابن القيم]

- ‌فصل: في مذهب الاقترانية

- ‌فصل: في مذهب القائلين بأنه متعلق بالمشيئة والإرادة

- ‌فصل: في مذهب الكرامية

- ‌فصل: في ذكر مذهب أهل الحديث

- ‌فصلوأتى ابن حزم بعد ذاك

- ‌فصلونعتقد أن القرآن كلام الله عز وجل

- ‌فصلونعتقد أن القرآن حروف مفهومة

- ‌فصل: [حروف المعجم أمخلوقة هي أو قديمة

- ‌فصل[البيهقي يستدل لكون القرآن غير مخلوق]

- ‌[القول والكلام يتواردان على معنى واحد]

- ‌[ما جاء في إثباته صفة التكليم والتكلم والقول سوى ما مضى]

- ‌[كيف يكلم الله البشر

- ‌[إسماع الرب ملائكته]

- ‌[الفرق بين التلاوة والمتلو]

- ‌[هل كان ابن تيمية دهرياً يقول بقدم العالم

- ‌[وهل كان يقول بالحسمية والجهة والانتقال]

- ‌[تبرئة ابن تيمية مما نسبه إليه ابن حجر من التجسيم]

- ‌[فوقية الخالق سبحانه]

- ‌[قول الله عز وجل: {أأمنتم من في السماء} [الملك 16]]

- ‌[قول الله عز وجل لعيسى ابن مريم]

- ‌[مجئ الله]

- ‌[مذهب السلف. تنزيه. وتفويض. وتصديق]

- ‌[ليس الاستواء بمعنى الاستيلاء]

- ‌[أنتصار الرازى لتأويلات الخلف]

- ‌[الصفات بين المفوضين والمعطلين]

- ‌[رأى المؤلف في الصفات]

- ‌[مذهب ابن تيمية في الصفات]

- ‌[كلام ابن تيمية في العرش وإحاطة الله بمخلوقاته]

- ‌[أسماء الله وصفاته توقيفية دون زيادة ولا نقصان]

- ‌[ما روى في الحجر الأسود أنه يمين الله وتأويله]

- ‌[عقيدة الشيخ عبد القادر الكيلاني]

- ‌[عقيدة الأشعري]

- ‌[ابن تيمية لم يكن بدعاً من الأئمة حينما رأى ما رأى]

- ‌[لازم المذهب ليس بمذهب]

- ‌[الأقوال في آيات الصفات وأحاديثها]

- ‌[القول في فناء النار]

- ‌[هل الجنة والنار موجودتان؟ وأين؟ وهل هما ابديتان

- ‌[أدلة القائلين بعدم فناء النار]

- ‌[صاحب الكبيرة]

- ‌[عصمة الأنبياء]

- ‌[كلام في التوسل والوسيلة والاستغاثة]

- ‌[أدلة المجوزين للتوسل والإستغاثة]

- ‌[أدلة المانعين للتوصل]

- ‌[حقيقة الشفاعة]

- ‌[سقوط الاستدلال بحديث الأعمى]

- ‌[توسل عمر بالعباس]

- ‌[حديث آدم]

- ‌[حديث الأعرابي]

- ‌[حديث مالك]

- ‌[التبرك بآثار النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌[قيمة المنامات والحكايات في الاستدلال]

- ‌[الحياة البرزخية]

- ‌[مذهب ابن تيمية في التوسل]

- ‌[لا يعبد الله إلا بما شرع]

- ‌[نوعا الشفاعة]

- ‌[هل تنعقد اليمين بغير الله]

- ‌[الوسيلة الجائزة والممنوعة]

- ‌[الاستغاثة بالمشايخ والموتى]

- ‌[إسراف بغيض]

- ‌[هل يشد الرحال لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌[باب زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌[فتوى لابن تيمية في زيارة قبره صلى الله عليه وسلم

- ‌[حكم زيارة القبور بلا شد الرحال]

- ‌[السنن والبدع في زيارة القبور]

- ‌[كيف بدلت التوراة والإنجيل]

- ‌[ابن حجر لا يعدل في القضية]

- ‌[ارتفاع الحدث بماء الورد]

- ‌[حكم المسح على النعلين وما جرى مجراهما]

- ‌[هل يتوقت المسح على الخفين

- ‌[التيمم لخشية فوات الوقت]

- ‌[اختيار لابن تيمية في التيمم]

- ‌[مدة الحيض]

- ‌[مسافة القصر]

- ‌[هل تستبرأ البكر

- ‌[هل يقضى من أكل في وقت الصوم يظنه بليل]

- ‌[المسابقة]

- ‌استبراء المختلعة

- ‌[وطء الوثنيات بملك اليمين]

- ‌[بيع الأصل بالعصير]

- ‌[بيع الفضل بالمصنوع متفاضلاً]

- ‌[تفصيل مسائل الربا]

- ‌[ابن القيم يرى أن ربا الفضل حرم سداً للذرائع]

- ‌[هل يجوز إهداء ثواب القراءة للنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌[هل للإنسان أن يجعل ثواب عمله لغيره]

- ‌[مطلب في إرسال العذبة]

- ‌[حكم بيع المسجد إذا خرب]

- ‌كلمة المطبعة

الفصل: ‌[لازم المذهب ليس بمذهب]

منه، ولا سيما معتقد الجهة، فإن اعتقاده موجود ليس بمتحرك ولا ساكن ولا مغفل من العالم، ولا متصل به ولا داخل فيه ولا خارج عنه. لا يهتدى إليه أحد بأصل الخلقة في العادة، ولا يهتدى إليه إلا بعد الوقوف على أدلة صعبة المدرك، عسرة الفهم، فلأجل هذه المشقة عفا الله تعالى عنها في حق العامة، ولذلك كان صلى الله عليه وسلم لا يلزم أحداً ممن أسلم بالبحث عن ذلك، بل كان يقرهم على ما يعلم أنه لا انفكاك لهم عنه.

وقد رجع الأشعرى عند موته عن تكفير أهل القبلة، لأن الجهل بالصفات ليس جهلاً بالمواصفات.

[لازم المذهب ليس بمذهب]

فإن قيل: يلزم من الاختلاف في كونه سبحانه في جهة أن يكون حادثاً. قلنا: لازم المذهب ليس بمذهب، لأن المجسمة جازمون بأنه في جهة، وجازمون بأنه قديم أزلى ليس بمحدث، فلا يجوز أن ينسب إلى مذهب من يصرح بخلافة، وإن كان لازماً من قوله. والعجب أن الأشعرية أختلفوا في كثير من الصفات كالقدم والبقاء، والوجه واليدين. وفي الأحوال كالعالمية والقادرية. وفي تعدد الكلام وإيجاده، ومع ذلك لا يكفر بعضهم بعضاً. واختلفوا في تكفير نفاة الصفات. أهـ.

وقال العلامة ابن القيم من كلام طويل في كتاب (الروح) ما نصه: وأما السلام على أهل القبور وخطابهم، فلا يدل على أن أرواحهم ليست في الجنة، وأنها على أفنية القبور فهذا سيد ولد آدم عليه الصلاة والسلام الذى روحه في أعلى عليين مع الرفيق الأعلى يسلم عند قبره ويرد سلام الملمين عليه.

وقد وافق ابن عمر رحمه الله تعالى على أن أرواح الشهداء في الجنة، ويسلم عليهم عند قبورهم، كما يسلم على غيرهم، كما علمنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نسلم عليهم. وكما كان الصحابة يسلمون على شهداء أحد،

ص: 468

وقد ثبت أن أرواحهم في الجنة تسرح حيث تشاء كما تقدم.

ولا يضيق عطئك عن كون الروح في الملأ الأعلى تسرح في الجنة حيث شاءت، وتسمع سلام المسلم عليها عند القبر، وتدنو حتى ترد عليه السلام.

وللروح شأن آخر غير شان البدن. وهذا جبريل صلوات الله تعالى عليه وسلامه، رآه النبي صلى الله عليه وسلم وله ستمائة جناح، منها جناحان قد سد بهما ما بين المشرق والمغرب وكان يدنو من النبي صلى الله عليه وسلم حتى يضع ركبتيه ويديه على فخديه. وما أظنك يتسع بطانك أنه كان حينئذ في الملأ الأعلى فوق السماوات حيث هو مستقره، وقد دنا من النبي صلى الله عليه وسلم هذا الدنو، فإن التصديق بهذا له قلوب خلقت له وأهلت لمعرفته.

ومن لم يتسع بطانه لهذا فهو ضيق أن يتسع للإيمان الإلهي إلى سماء الدنيا كل ليلة، وهو فوق سماواته على عرشه، لا يكون فوقه شئ ألبته، بل هو العالى على كل شئ، وعلوه من لوازم ذاته. وكذلك دنوه عشية عرفة من أهل الموقف. وكذلك مجيئه يوم القيامة لمحاسبة خلقه وإشراق الأرض بنوره.

وكذلك مجيئه إلى الأرض حين دحاها وسواها ومدها وبسطها وهيأها لما يردا منها. وكذلك مجيئه إليها قبل يوم القيامة حين يقبض من عليها ولا يبقى أحد، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:((فأصبح ربك يطوف في الأرض وقد خلت عليه البلاد)) هذا، وهو فوق سماواته على عرشه. أهـ.

وقد أطال في بحث الروح، وأنها تكون في السماوات في أعلى عليين وترد إلى القبر فترد السلام، وتعلم بالمسلم وهي في مكانها هناك. فإن أردت تكميل البحث فارجع إليه. والمراد هنا: إن ابن القيم ايضاً كشيخه ابن

ص: 469

تيميه لم يقل أيضاً بالانتقال والحركة اللازميين للأستواء والنزول، بل ذهب إلى الإيمان بذلك مع نفي اللوازم فلا تغفل. وقال أيضاً في نونيته ما بعضه [كامل] .

واحذر حكايات لأرباب الكلا

م عن الخصوم كثيرة الهذيان

فكموا بما ظنوه يلزمهم فقا

لوا ذاك مذهبهم بلا برهان

كذبوا عليهم باهتين لهم بما

ظنوا يلزمهم من البهتان

فحكى المعطل عن اولى الإثبات قو

لهم بان الله ذو جثمان

وحكى المعطل أنهم قالوا بأ

ن الله ليس يرى لنا بعيان

وحكى المعطل أنهم قالوا يجو

ز كلامه من غير قصد معاني

وحكى المعطل أنهم قالوا بتحـ

ييز الإله وحصره بمكان

وحكى المعطل أنهم قالوا الـ

أعضاء جل الله من بهتان

وحكى المعطل أن مذهبهم هو القشـ

بيه للخلاف بالإنسان

وحكى المعطل عنهم ما لم يقو

لوه ولا أشياخهم بلسان

ظن المعطل أن هذا لازم

فلذا أتى بالزور والعدوان

فعليه في هذا معاذير ثلا

ث كلها متحقق البطلان

ظن اللزوم وقذفهم بلزومه

وتمام ذاك شهادة الكفران

يا شاهداً بالزور ويلك لم تخف

يوم الشهادة سطوة الديان

يا قائل البهتان غط لوازماً

قد قلت ملزماتها ببيان

والله لازمها انتفاء الذات والأ

وصاف والأفعال للرحمن

والله لزمها أنتفاء الدين والـ

قرآن والإسلام والإيمان

ولزوم ذلك بين جداً لمن

كانت له أذنان واعيتان

والله لولا ضيق هذا النظم بيـ

نت اللزوم بأوضح التبيان

ص: 470

إلى أن قال:

والله لم ينقم علينا منكم

أبدأ خلاف النص من إنسان

لكن خلاف الأشعرى بزعمكم

وكذبتم أنتم على الإنسان (1)

كفرتم من قال ما قد قاله

في كتبه حقاً بلا كتمان

هذا وخالفناه في القرآن مثـ

ل خلافكم في الفوق للرحمن

فالأشعرى مصرح بالاستوا

ء وبالعلو بغاية التبيان

ومصرح أيضاً بإثبات اليديـ

ين ووجه رب العرش ذى السلطان

ومصرح أيضاً بإثبات الأصا

بع مثل ما قد قال ذو البرهان

ومصرح أيضاً بأن لربنا

سبحانه عينان ناظرتان

ومصرح ايضاً بإثبات النزو

ل لربنا نحو الرفيع الداني

ومصرح بفساد قول مؤول

للاستواء بقهر ذى السلطان

ومصرح أن الألى قالوا بذا التـ

أويل أهل ضلالة ببيان

ومصرح أن الذى قد قاله

أهل الحديث وعسكر القرآن

هو قوله يلقى عليه ربه

وبه يدين الله كل أوان

لكنه قد قال إن كلامه

معنى يقوم بربنا الرحمن

في القول خالفناه كفراً وكا

ن خلافكم هو مقتضى الإيمان

والله لا للأشعري تبعتم

كلا ولا للنص بالأحسان. أهـ.

وأنت تعلم أن الأشعرى أيضاً قائل كالسلف بالكلام اللفظي كما تقدم تحقيقه فلا تغفل.

وفي شرح الشفاء للعلامة الشهاب الخفاجي ما نصه: واعلم أنه حكى عن الأشعري والقشيرى واصحابه، أنهم قالوا: إن النبي صلى الله عليه وسلم

(1) قوله: على الإنسان، أى الإمام الأشعرى. أهـ. ومنه.

ص: 471

ليس بنى في قبره، وإن رسالته عليه أفضل الصلاة والسلام أنقطعت بموته. وقد شنع عليهم جماعة بذلك وقالوا بتكفيرهم. وقال السبكي: إنه افتراء عليهم، وقد كتب بذلك إلى الأفاق. وكيف يقال مع ما صح في الحديث من أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أحياء في قبورهم يصلون، وإنما فهم هذا عنهم الكرامية، وادعوا أنه لازم لمذهبهم، ولا زم المذهب ليس بمذهب، فإنه صلى الله عليه وسلم حي في قبره، باقٍ على ما كان عليه. انتهى.

وقال العلامة العارف الشيخ إبراهيم الكوراني في شرح عقيدة القشاشي في بحث رؤية الله تعالى يوم القيامة: إن المعتزلة قد كفرت أهل السنة لقولهم برؤيته سبحانه يوم القيامة، ظناً منهم ان ذلك يستلزم التجسيم، وهذا ظن فاسد لأن أهل السنة يثبتونها بلا كيف، ومع التنزيه عن الجسم والجهة، حتى قال في الكشاف: ثم تعجب من المتسمين بالإسلام، والمتسمين بأهل السنة والجماعة، كيف اتخذوا هذه العظيمة مذهباً، ولا يغرنك تسترهم بالبلكفة فإنه من منصوبات اشياخهم. والقول ما قال بعض العدلية فيهم:

* لجماعة سموا هواهم سنة *

البيتين. أنتهى. وقد أفترى على أشياخ أهل السنة لأن هذا ليس من منصوبات الشياخ. بل أخرج ابن مردوية عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: {وجوه يومئذ ناضرة. إلى ربها ناظرة} قال: ينظرون إلى ربهم للا كيفية ولا حد محدود ولا صفة معلومة، كما نقله السيوطي في الدر المنثور. وهذا نص صريح في مذهب أهل السنة وقولهم بالبلكفة، فلا يحزنك قولهم: إن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون، ستكتب شهادتهم ويسألون وهذا الحديث المحتج به للبلفكة له شواهد منها قوله تعالى:{فلما جاءها نودى من شاطئ الوادى الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة أن يا موسى إنى أنا رب العالمين} فإنه سبحانه تجلى

ص: 472

وظهر في النار، كما قال ابن عباس في قوله تعالى:{أن بورك من في النار} يعنى تبارك وتعالى نفسه، كأن نور رب العالمين في الشجرة، وفي رواية عنه قال: وكانت تلك النار نوراً، وكان الله تعالى في النور، ونودى موسى من النور. وقد صح ((حجابه النار، وحجابه النور)) والكل صحيح، فإن الله تعالى له تجلى الجلال والجمال. وإنما سمى حجاباً لكونه حجاباً على غيب الذات والهوية، فلا تشهد الذات المقدسة إلا في مظهر ومن حولها موسى والملائكة الحاضرين ثمة.

وقال بعض المحققين: المراد ((بمن)) هنا أيضاً هو الله تعالى، أى بورك من تجلى في النار، ومن تجلى فيما حولها من سائر الأكوان، لقوله تعالى:{فأينما تولوا فثم وجه الله} هو صحيح أيضاً.

ولما كان التجلى في المظهر يوم التقيد بالصورة والمكان والجهة قال تعالى إزالة لهذا التوهم: {وسبحان الله} نزهه عن التقيد بالصورة والمكان والجهة. وإن ناداك من النار من شاطئ الوادى الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة لكونه موصوفاً بوصف رب العالمين. وما هو كذلك لا يكون ظهوره في مظهر ما موجباً للتقيد بذلك، لأن رب العالمين له إلا الإطلاق الحقيقى الذى لا يقابله تقييد القابل لكل قيد شاء الظهور فيه، فيكون منزهاً عن التقيد بذلك في عين ظهوره فيه. ولهذا قال: يا موسى إنه - أى المنادى المتجلى في هذه البقعة المباركة أنا الله العزيز. ومقتضى العزة ان لا أكون متقيداً بهذا المظهر، ولكنى الحكيم، ومقتضى الحكمة الظهور في صورة مطلوبك. ووجه الشهادة أن الآية قد دلت بظاهرها الذى فسرها به ابن عباس ترجمان القرآن: أن الله تعالى هو المتجلى في النار بمقتضى حكمته، وانه منزه عن التقييد بذلك لربوبيته وعزته. فإذا رؤى يرى بلا كيف يقيد، وإن ظهر في مظهر له كيف. والله أعلم.

ص: 473

وقول أهل السنة: إن الله تعالى يرى بلا كيف، ومعناه: أنه تعالى لا يتقيد بكيف يقتضيه مظهر التجلى، لا أنه لا يتجلى في مظهر له الكيف اصلاً، فإن هذا مع أنه لا يصح لم يلتزمه أهل السنة، فقد قال العلامة التفتازاني في شرح المقاصد بعد تقرير جواز اختلاف الرؤيتين أى الخلق والحق في الشروط واللوازم ما نصه: وهذا هو المراد بالرؤية بلا كيف، بمعنى خلوها عن الشرائط والكيفيات المعتبرة في رؤية الأجسام والأغراض، لا بمعنى الرؤية، أى المرئي في جميع الحالات والصفات على ما يفهمه أرباب الجهالات. فيعترضون بأن الرؤية فعل من أفعال العباد، أو كسب من اكسابهم، فبالضرورة يكون من الكيفيات. انتهى.

وهذا كلام حسن يوضحه الحديث المذكور في قوله ولا محدود ولا صفة معلومة، فما نفي إلا حداً متعيناً ينحصر فيه من له ذلك الحد لا مطلق الحد وصفته معلومة متعينة فيها الموصوف لا مطلق الصفات.

وقال الشيخ الأشعرى في الإبانة ما نصه: وأن له عينين بلا كيف. ثم قال: وغن الله يقرب من عباده كيف يشاء. انتهى.

فنفى الكيف وأثبت، والكل صحيح عند من أحاط علماً بأن الحق سبحانه وتعالى له الإطلاق الحقيقى - ثم قال الكوراني: وإن فرضنا إن أثبات الرؤية يستلزم التجسيم لم يلزم من غثباتها كفر، لأن الأصح أن لزم المذهب ليس بمذهب، بل صريح التجسيم مع البلفكة ليس بكفر، كما في شرح العقائد العضدية للجلال الدواني، ونقله ابن حجر الهيتمى في كتاب (الأعلام بقواطع الإسلام) : لازم المذهب ليس بمذهب، ومن ثمة قال الأسنوى: المجسمة ملتزمون بالألوان وبالاتصال والانفصال مع انا لا نكفرهم على المشهور، كما دل عليه كلام الشرح والروضة في الشهادات. انتهى. قال: فالحاصل أن من

ص: 474

نفى أو اثبت ما هو صريح في النقص كفر، وما هو ملزوم للنقص فلا. ثم قال: مشى الغزالى في كتابه ((التفرقة بين الإسلام والزندقة)) والعز بن عبد السلام في فتاويه وغيرهما على عدم كفر القائلين بالجهة، وقال الشيخ ابن قاسم في حاشية التحفة: قوله: ((إن لازم المذهب)) ظاهرة إن كان لازماً بيناً (1) وهو ظاهر لجواز أن لا يعتقد اللازم وإن كان لزوم الجسمية لها لزوم بين. وقوله ((ليس بمذهب)) معناه: إنه لا يحكم به لمجرد لزومه، فإن اعتقدوه فهو مذهب، ويترتب عليه حكمه اللائق به - انتهى ما نقله.

وقال الكوراني ملخصاً: نعم، إنه قد رمى بعض الحنابلة بالتجسيم واشتهر عنهم هذا المذهب الوخيم. وردهم أصحاب مذهبهم، وبينوا زيف مطلبهم.

ومن الرادين العلامة الشهير عبد الرحمن الجوزى، فقد رأيت له رسالة في تأويل بعض الأحاديث النبوية، والتشنيع على من تعدى الطريقة الحنبلية. ومنها قوله: وانتدب للتصنيف ثلاثة: عبد الله بن حامد، وصاحب القاضي، ابن الزاغونى، فصنفوا كتباً شانوا بها المذاهب، ورأيتهم قد نزلوا إلى مرتبة العوام، فحملوا الصفات على مقتضى الحس، فسمعوا أن الله تعالى خلق آدم على صورته، فاثبتوا صورة ووجها زائداً على الذات وعينين وفماً ولهوات وأضراساً وجبهة وهي السبحات، ويدين واصابع، وكفاً وخنصراً وإبهاماً، وصدراً وفخذاً،

(1) اللازم: ما يمتنع انفكاكه عن الشئ. واللازم الين: هو الذى يكفى تصوره مع تصور ملزومه في جزم العقل باللزوم بينهما كالانقسام بمتساويين بين الأربعة، فإن من تصور الأربعة وتصور الانقسام بمتساويين حزم بمجرد تصورهما بأن الأربعة منقسمة بمتساويين: واللازم الغير البين: ما يحتاج إلى برهان: إن أردت تفصيل ذلك فعليك بتعريفات السيد وكليبات أبي البقاء. انتهى منه.

ص: 475

وساقين ورجلين. وقالوا: ما سمعنا بذكر الرأس. وقالوا: يجوز أن يمس ويمس، ويدنى العبد من ذاته. وقال بعضهم، ويتنفس وقد أخذوا بالظاهر في الأسماء والصفات فسموها بالصفات تسمية مبتدعة، لا دليل لهم في ذلك من النقل ولا من العقل، لم يلتفتوا إلى النصوص الصارفة عن الظواهر إلى المعاني الواجبة لله تعالى، ولا إلى إلغاء ما يوجبه الظاهر من سمات الحدوث، ولم يقنعوا ان يقولوا صفة حتى قالوا صفات ذات، ثم لما أثبتوا أنها صفات ذات قالوا: لا نحملها على توجيه اللغة مثل: يديه على نعمته وقدرته، ولا المجئ ولا الإتيان على معنى بر ولطف، ولا ساق على شدة. بل قالوا: نحملها على ظواهرها، والظاهر المعهود من نعوت الآدميين والشئ إنما يحمل على حقيقته إذا امكن، وهو يتحرجون عن التشبيه، ويأنفون من إضافته إليهم، ويقولون: نحن أهل السنة.

وكلامهم صريح في التشبيه، وقد تبعهم خلق من العوام، فقد نصحت التابع والمتبوع، وقلت لهم: يا أصحابنا، أنتم أصحاب نقل واتباع، وإمامكم الأكبر احمد بن حنبل يقول وهو تحت السياط: كيف أقول ما لم يقل! فإياكم أن تبتدعوا في مذهبه ما ليس منه. ثم قلتم في الأحاديث: تحمل علي ظاهراه، وظاهر القدم الجارحة. فإنه لما قيل في عيسى روح اله اعتقدت النصارى أن الله سبحانه صفة هي روح ولجت في مريم ومن قال: استوى بذاته فقد أجراه مجرى الحسيات.

ينبغي ألا يهمل ما يثبت به الأصل وهو العقل، فإذا به عرفنا الله تعالى، وحكمنا له بالقدم. فلو أنكم قلتم: نقر الأحاديث ونسكت، ما أنكر عليكم احد، إنما حملكم إياها على الظاهر قبيح، فلا تدخلوا في مذهب هذا الرجل الصالح السلفي ما ليس منه. ولقد كسيتم هذا المذهب شيئاً قبيحاً حتى لا يقال: حنبلى (1) إلا مجسم - إلى أن يقال - فرأيت الرد عليهم لازماً لئلا ينسب

(1) كذا في الأصل: ولعل ((ما)) ساقطة.

ص: 476