الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفنية. لأن نقل هذه العقيدة عنه قدس سره مستفيض في كثير من كتب المؤلفين وزبر المتقدمين. واله سبحانه الموفق للحق المبين.
[عقيدة الأشعري]
روى غير واحد من المصنفين عن الشيخ أبي الحسن الأشعرى أنه قال: كتابه (الإبانة في أصول الديانة) وهو آخر كتاب صنفه، وعليه تعتمد أصحابه في الذب عنه عند من يطعن عليه ما نصه:
فصل
في إبانة قول أهل الحق والسنة
فإن قال قائل: قد أنكر قول المعتزلة والقدرية والجهمية والحرورية والرافضة والمرجئة، فعرفونا قولكم الذى به تقولون وديانتكم التى بها تدينون؟ قيل له: قولنا الذى نقول به ودينانتنا التى ندين بها التمسك بكلام ربنا وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم. وما روى عن الصحابة والتابعين وأئمة الحديث ونحن بذلك معتصمون. وبما كان يقول أبو عبد الله أحمد بن حنبل نصر الله وجهه، ورفع درجته قائلون. ولما خالف قوله مخالفون، لأنه الإمام الفاضل. والرئيس الكامل الذى أبان الله تعالى به الحق ودفع الضلال، وأوضح المنهاج، وقمع به بدع المبتدعين وزيغ الزائغين، وشك الشاكين، فرحمة الله تعالى عليه من إمام مقدم. وجليل معظم، وكبير مفخم.
وجملة قولنا: إنا نقر بالله تعالى وكتبه ورسله. وبما جاء من عند الله تعالى ومما رواه الثقات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا نرد من ذلك شيئاً، وأنه واحد لا إله إلا هو. فرد صمد. لم يتخذ صاحبة ولا ولداً وإن محمداً عبده ورسوله. أرسله بالهدى ودين الحق. وأن الجنة حق. وأن النار حق. وأن الساعة آتية لا ريب فيها. وأن الله يبعث من في القبور. وأن الله
تعالى مستو على عرشه، كما قال {الرحمن على العرش استوى} وأن له وجهاً، كما قال:{ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام} وأن له يدين بلا كيف كما قال {بل يداه مبسوطتان} وأن له عينين بلا كيف، كما قال:{تجرى بأعيينا} وان من زعم أن أسماء الله تعالى غيره كان ضالاً. وندين بأن الله تعالى يقلب القلوب بين أصبعين من اصابع الله عز وجل، يضع السماوات على اصبع، والأرضين على اصبع، كما جاءت الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأن الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص.
ونسلم الروايات الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم التى رواها الثقات عدلاً عن عدل، ونصدق بجميع الروايات التى رواها وأثبتها أهل النقل من النزول إلى السماء الدنيا. وأن الرب عز وجل يقول: هل من سائل؟ هل من مستغفر؟ وسائر ما نقلوه وأثبتوه خلافاً لأهل الزيغ والتضليل. ونقول: إ، الله تعالى يقرب من عباده كيف يشاء، كما قال:{ونحن أقرب إليه من حبل الوريد} ، وكما قال:{ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى} أنتهى ملخصاً.
ونقل الشيخ إبراهيم في كتابه ((إمداد ذوى الاستعداد)) عن الحافظ ابن حجر العسقلاني أنه قال في فتح البارئ شرح صحيح البخاري ما نصه:
وأخرج أبو القاسم اللائكائي في كتاب السنة من طريق الحسن البصري عن أم سلمه رضي الله عنه أنها قالت: الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإقرار به إيمان، والجحود به كفر.
ومن طريق ربيعة بن عبد الرحمن أنه سئل: كيف استوى على العرش؟ فقال: الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، وعلى الله تعالى إرساله وعلى الرسول البلاغ، وعلينا التسليم.
وأخرج البيهقى بسند جيد عن الوزاعي قال: كنا والتابعون متوافرون نقول: إن الله تعالى على عرشه، ونؤمن بما وردت به السنة من صفاته سبحانه.
ومن وجه آخر عن الأوزاعي قال في الجواب: هو كما وصف نفسه.
وأخرج الببيهقى عن طريق يحي قال: كنا عند مالك بن أنس رحمه الله تعالى فجاء رجل فقال: يا أبا عبد الله، الرحمن على العرش استوى، كيف استوى؟ قال: فأطرق مالك رأسه حتى علاه الرخصاء. ثم قال: الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة.
وأسند اللائكائي عن محمد بن الحسن الشيهاني قال: اتفق الفقهاء من المشرق إلى المغرب عن أن الإيمان بالقرآن وبالأحاديث التى جاء بها الثقات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في صفة الرب سبحانه من غير تشبيه ولا تعطيل. قال الحافظ ابن حجر عليه الرحمة: والآثار عن السلف الصالح كثيرة، وهذه طريقة الشافعي وأحمد بن حنبل. ثم قال:
وقال إمام الحرمين في (الرسالة النظامية) : اختلف مسالك العلماء في هذه الظواهر، فرأى بعضهم تأويلها، والتزم ذلك في آى الكتاب وما يصح من السنة. وذهب أئمة السلف الصالح إلى الانكفاف عن التأويل، وإجراء الظواهر على مواردها وتقويض معانيها إلى الله عز وجل.
والذى نرتضيه رأياً وندين الله تعالى به عقيدة أتباع سلف الأمة للدليل القاطع أن إجماع الأمة حجة، فلو كان تأويل هذه الظواهر حتما لأوشك أن يكون اهتمامهم به فوق اهتمامهم بفروع الشريعة، وإذا انصرم عصر الصحابة والتابعين على الاضراب عن التأويل كان ذلك هو الوجه المتبع. أهـ.
قال الحافظ ابن حجر: وقد تقدم النقل عن أهل العصر الثالث وغيرهم، وهم فقهاء الأمصار كالثورى والأوزاعي ومالك والليث ومن عاصرهم، وكذا أخذ عنهم من الأئمة، فكيف لا يوثق بما أتفق عليه أهل القرون الثلاثة وهم خير القرون بشهادة صاحب الشريعة صلى الله عليه وسلم. أهـ.
ونقل عن الشيخ محيى الدين بن عربي، كما نقله عنه تلميذه ابن سودكين في شرح التجليات أنه قال: ولا يجوز للعبد أن يتأول ما جاء من أخبار السمع، لكونها لا تطابق دليله العقلى كأخبار النزول وغيره، لأنه لو خرج الخطاب عما وضع له لما كان بالخطاب فائدة، وقد علمنا أنه ارسل ليبين للناس ما نزل إليهم ثم رأينا النبي صلى الله عليه وسلم مع فصاحته وسعة علمه وكشفه، لم يقل لنا إنه ينزل رحمته. ومن قال ينزل رحمته فقد حمل الخطاب على الأدلة العقلية، والحق تعالى ذاته مجهولة فلا يصح الحكم عليه بوصف مقيد معين.
والعرب تفهم نسبة النزول مطلقاً، فلا تقيده بحكم دون حكم خصوص. وقد تقرر عندها أنه تعالى ليس كمثله شئ فيحصل لها المعنى مطلقاً منزهاً. أهـ. وقال ابن الشحنة الحنفى في شرح الوهبانية ما نصه: وما ورد من النصوص الظاهرة في الجسمية والصورة والجوارح نفوض علمها إلى الله على ما هو دأب السلف إيثاراً للطريق الأسلم. أو نؤثرها تأويلات صحيحة على ما أختاره المتأخرون دفعاً عن الجاهلين، وجذباً لضبع العاجزين، وسلوكاً للسبيل الأحكم. وحكى والدى رحمه الله تعالى عن بعض المحققين: أن مذهب السلف أسلم وأحكم، والله تعالى أعلم. أهـ وقال جلال الدين الأسيوطي عليه الرحمه:[مجزوء الكامل] .
فوض أحاديث الصفا
…
ت ولا تشبه أو تعطيل
إن رمت إلا الخوض في
…
تحقيق معضلة فأول
إن المفوض سالم
…
مما تكلفه المؤول
ونقل الخفاجي في شرح الشفاء عن الدارقطني في حديث: أن المقام المحمود للنبي صلى الله عليه وسلم هو أن يجلسه معه تعالى على العرش ما نصه: [متقارب] .
حديث الشفاعة عن أحمد
…
إلى أحمد المصطفى بسند
وجاء الحديث بإقعاده
…
على العرش أيضاً ولا يجحد
أمروا الحديث على وجهه
…
ولا تدخلوا فيه ما يفسد
ولا تنكروا أنه قاعد
…
ولا تنكروا أنه يقعد. أهـ
وقال الشيخ الكوراني في (شرح القشاشية) ما نصه: مذهب السلف كما هو الأسهل والأسلم، كذلك هو الأتقن والأحكم، إذ لا خلل فيه ولا خطر أصلاً. وأما صاحب التأويل بمجرد النظر الفكرى فهو على خطر، لأنه ليس على يقين في أنه أصاب، لبقاء الاحتمال عنده إن كان حاذقاً منصفاً، فالأولى بالناصح نفسه أن لا يسلك طريق التأويل بمجرد النظر العقلى، فإن الأمر وراء طور العقل، وفوق حده الذى حده الله تعالى له. قال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله تعالى، في (فتح البارى) : أخرجه ابن أبي حاتم في مناقب الإمام الشافعي عن يونس بن عبد الأعلى قال: سمعت الإمام الشافعي يقول: لله تعالى أسماء وصفات لا يسع أحداً ردها، ومن خالف بعد ثبوت الحجة عليه كفر. وأما قبل قيام الحجة فإنه يعذر بالجهل، لأن علم ذلك لا يدرك بالعقل ولا الروية والفكر، فيثبت هذه الصفات وينفى عنه التشبيه، كما نفى سبحانه عن نفسه فقال:{ليس كمثله شئ} . أهـ.
ولكن لما وقع الخوض في التأويل، كما ترى، واتسع الخرق على الراقع، لم ينجح النصح باتباع طريق السلف إلا فيمن شاء الله تعالى، وقليل ماهم. أنتهى.
(قلت) : ويعجبني ما قاله علامة عصرنا، ومفتى مصرنا، من جارى الرافعى والنواوى محمد أفندى الشهير بالزهارى، ونصه:[مجزوء الرمل]
وقصارى أمر من أو ل أن ظنوا طنونا
فيقولون على الرحـ من ما لا يعلمونا
وكذا ما قاله عصرينا أشعر أدباء زمانه ذو الفضائل المسلمة عبد الباقى أفندى الفاروقي عليه الرحمة وهو: [طويل]
على عرشه الرحمن سبحانه استوى
…
كما أخبر القرآن والمصطفى روى