الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلا بمحلل لا يخرج شيئاً، ولا يجوز كون المحلل أكثر من واحد يكافئ مركوبة مركوبيها في المسابقة، فإن سبقا معاً أى سبق المخرجان المحلل ولم يسبق أحدهما الآخر أحرزا سبقيهما، أى أحرز كل واحد منهما ما أخرجه لأنه لا سابق فيهما. ولا شء للمحلل، لأنه لم يسبق واحداً منهما، ولم يأخذا من المحلل شيئاً لأنه لم يشترط عليه من سبقه شيئاً. وإن سبق أحدهما - أى أحد المخرجين - صاحبه أو سبق المحلل أحرز السبقتين، لأنهما قد جعلاه لمن سبق. أهـ. وبقى في صورة المسابقة كلام يطلب من محله. والحاصل أنى لم أعثر للشيخ ابن تيمية على كلام مغاير لكلامه الأول، أو لكلام الجمهور الذى عليه المعول، ولئن سلمنا صحة النقل عنه فيما يخالف الجمهور فلابد أن يكون لمستند من قياس أو خبر مأثور، أو اختيار لقول مجتهد مهجور، قد تبينت عنده ادلته، وثبتت لديه ارجحيته لقوة الدليل والله سبحانه الموفق للصواب وهو يهدى السبيل. فتدبر ولا تفغل.
(قال ابن رجب: والقول ب
استبراء المختلعة
بحيضه) -
أقول وبالله تعالى التوفيق: قال العلامة ابن القيم في كتابه إعلام الموقعين ما نصه:
فصل
[استبراء المختلعة]
كلام دقيق لابن القيم في أنواع العدة وتعطيلها
وأما تفريقه في العدة بين الموت والطلاق وعدة الحرة وعدة الأمة، بين الاستبراء والعدة، مع أن المقصود العلم ببراءة الرحم في ذلك كله، فهذا إنما يتبين وجهه إذا عرف الحكمة التى لأجلها شرعت العدة، وعرفت أجناس العدة وأنواعها. فأما المقام الأول - ففي شرع العدة حكم مع العلم ببراءة الرحم،
ألا يجتمع ماء الوطأين وأكثر، فتختلط الأنساب وتفسد. وفي ذلك من الفساد ما تمنعه الشريعة والحكمة. ومنها تعظيم خطر هذا العقد ورفع قدره، وإظهار شرفه. ومنها تطويل زمان الرجعة للمطلق، إذ لعله يندم فيصادف زمناً يتمكن من الرجعة. ومنها قضاء حق الزواج وإظهار تأثير فقده في المنع من التزين والتجمل، ولذلك شرع الإحداد عليه أكثر من الإحداد على الوالد والولد. ومنها الاحتياط لحق الزوج ومصلحة الزوجة، وحق الولد والقيام بحق الله الذى أوجبه. ففي العدة أربعة حقوق، وقد أقام الشارع الموت مقام الدخول في استيفاء العقود عليه، فإن النكاح مدة الممر، ولهذا أقيم مقام الدخول في تكميل الصداق، وفي تحريم الريبة عند جماعة من الصحابة ومن بعدهم، كما هو مذهب زيد بن ثابت رضي الله عنه والإمام أحمد في إحدى الروايتين عنه.
فليس المقصود من العدة مجرد براءة الرحم، بل ذلك من بعض مقاصدها وحكمها.
المقام الثاني في أجناسها. وهي أربعة في كتاب الله تعالى، وخامس في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. فالجنس الأول من أرباب العدة - {وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن} [الطلاق 4] .
الثاني - {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بانفسهن أربعة أشهر وعشراً} [البقرة 234] .
والثالث - {والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء} [البقرة 228] .
والرابع - {واللائى يئسن من المحيض من نسائكم إن أرتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر} [الطلاق 4] .
والخامس - قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا توطأ حامل حتى تضع، ولا حائل حتى تستبرأ بحيضة)) مقدم هذه الأجناس الحاكم عليها
كلها - وضع الحل، فإذا وجد فالحكم له ولا التفات إلى غيره. وقد كان بين السلف نزاع في المتوفي عنها أنها أبعد الأجلين، ثم حصل الاتفاق على أنقضائها بوضع الحمل.
وأما عدة الوفاة فتجب بالموت، سواء دخل بها أو لم يدخل، كما دل عليه عموم القرآن والسنة الصحيحة واتفاق الناس، فإن الموت لما كان انتهاء العقد وانقضاءه واستقرت به الأحكام من التوراث واستحقاق المهر، وليس المقصود بالعدة ههنا مجرد استبراء بحيضة واحدة، ولا ستواء الصغيرة والأيسة وذوات القرء في مدتها. فلما كان الأمر كذلك قالت طائفة: هي تعبد محض لا يعقل معناه. وهذا باطل لوجوه:
منها - أنه ليس في الشريعة حكم واحد إلا وله معنى وحكمة، يعقله من عقله، ويخفى على من خفى عليه.
ومنها - أن العدة ليست من باب العبادات المحضة، فإنها تجب في حق الصغيرة والكبيرة، العاقلة، والمجنونة، والمسلمة والذمية، ولا تفتقر إلى نية.
ومنها - ان رعاية حق الزوجين والولد والزوج ظاهر فيها.
والصواب أن يقال: هي تحريم لانقضاء النكاح لما كمل. ولهذا تجد فيها رعاية لحق الزوج وحرمة له. ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان من احترامه ورعاية حقوقه تحريم نسائه بعده، ولما كان نساؤه في الدنيا هن نساءه في الآخرة قطعاً لم يحل لأحد أن يتزوج بهن بعده بخلاف غيره، فإن هذا ليس معلوماً في حقه. فلو حرمت المرأة على غيره لتضررت ضرراً محققاً بغير نفع معلوم. ولكن لو تأيمت على أولادها كانت محمودة على ذلك. وقد كانوا في الجاهلية يبالغون في أحترام حق الزوج، وتعظيم حرمة هذا العقد غاية
المبالغة من تربص سنة في شر ثيابها وحفش بيتها، فخفف الله تعالى عنهم ذلك بشريعته التى جعلها رحمة وحكمة ومصلحة ونعمة، بل هي من أجل نعمة عليهم على الإطلاق، فله الحمد كما هو أهله.
وكانت أربعة أشهر وعشراً على وفق الحكمة والمصلحة، إذ لا بد من مدة مضروبة لها، وأولى المدد لذلك المدة التى يعلم فيها وجود الولد وعدمه، فإنه يكون أربعين يوماً نطفة، ثم أربعين علقة، ثم أربعين مضغة - فهذا أربعة أشهر. ثم ينفخ فيه الروح في الطور الرابع، وقدر بعشرة أيام، لتظهر حياته بالحركة إن كان ثم حمل.
فصل
وأما عدة الطلاق فلا يمكن تعليلها بذلك، لأنها إنما تجب بعد المسيس بالاتفاق، ولا ببراءة الرحم، لأنها تحصل بحيضة كالاستبراء، وإن كان ببراءة الرحم بعض مقاصدها. ولا يقال: هي تعبد لما تقدم، وإنما يتبين حكمها إذا عرف ما فيها من الحقوق، ففيها حق الله سبحانه، وهو أمتثال أمره وطلب مرضاته. وحق للزوج المطلق، وهو اتساع زمن الرجعة له. وحق للزوجة، وهو استحقاقها النفقة والسكنى مادامت في العدة. وحق للولد، وهو الاحتياط في ثبوت نسبه، وأن لا يختلط بغيره. وحق للزوج الثاني، وهو أن لا يسقى ماؤه زرع غيره. فرتب الشارع على كل واحد من هذه الحقوق ما يناسبه من الأحكام، فرتب على رعاية حق لزوم المنزل، وأنها لا تخرج ولا تخرج، هذا موجب القرآن، ومنصوص إمام اهل الحديث أهل الرأى. ورتب على حق المطلق تمكينه من الرجعة مادامت في العدة، وعلى حقها استحقاق النفقة والسكنى، وعلى حق الولد ثبوت نسبه وإلحاقه بأبيه دون غيره، وعلى حق الزوج الثاني دخوله على بصيرة ورحم برئ غير مشغول بولد غيره
فكان في جعلها ثلاثة قروء رعاية لهذه الحقوق، وتكميلاً لها. وقد دل القرآن على أن العدة حق للزوج عليها بقوله تعالى:{يأيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فمال كم لعيهن من عدة تعتدونها} فهذا دليل على ان العدة للرجل على المرأة بعد المسيس. وقال تعالى: {وبعولتهن أحق بردهن في ذلك} فجعل الزوج أحق بردها في العدة، فإذا كانت العدة ثلاثة قروء أو ثلاثة أشهر طالت مدة التربص، لينظر في أمرها هل يمسكها بمعروف أو يسرحها بإحسان؟ كما جعل الله سبحانه للمولى تربص أربعة أشهر، لينظر في أمره هل يفئ أو يطلق، وكما جعل مدة تخيير الكفار أربعة أشهر، لينظروا في أمرهم ويختاروا لأنفسهم. فإن قيل: هذه العلة باطلة، فإن المختلعة والمسفوخ نكاحها بسبب من الأسباب، والمطلقة ثلاثاً، والموطوءة بشبهه، والمزنى بها تعتد ثلاثة قروء، ولا رجعة هناك، فقد وجد الحكم في صورة ثابتاً بنص أو إجماع، وأما كونه قولاً لبعض العلماء فلا يمكن النقض به.
وقد أختلف الناس في عدة المختلعة، فذهب إسحاق وأحمد في أصح الروايتين عنه دليلاً أنها تعتد بحيضة واحدة. وهو مذهب عثمان بن عفان وعبد الله بن عباس رضي الله عنه. وقد حكى إجماع الصحابة ولا يعلم له مخالف. وقد دلت عليه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحيحة دلالة صريحة. وعذر من خالفها أنها لم تبلغه أو لم تصح عنده، أو ظن الإجماع على خلاف موجبها، فهذا القول هو الراجح في الأثر والنظر. أما رجحانه أثراً فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر المختلعة قط أن تعتد ثلاث حيض، بل قد روى اهل السنن عنه عليه الصلاة والسلام من حديث الربيع بنت معوذ أن ثابت بن قيس ضرب أمرأته فكسر يدها، وهي جميلة بنت عبد الله بن أبي،
فأتى أخوها يشتكى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأرسل عليه الصلاة والسلام إلى ثابت فقال:((خذ الذى لها عليك، وخل سبيلها)) قال نعم. فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تتربص حيضة واحدة وتلحق بأهلها. وذكر أبو داود والنسائي من حديث ابن عباس رضي الله عنه: أن أمرأة ثابت بن قيس أختلعت من زوجها، فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم، أو أمرت أن تعتد بحيضة. قال الترمذى: الصحيح أنها تعتد بحيضة. وهذه الأحاديث لها طرق يصدق بعضها بعضاً. وأعل الحديث بعلتين:
إحداهما: إرساله.
والثاني: أن الصحيح فيه ((امرت)) بحذف الفاعل، والعلتان غير مؤثريتن فإنه قد روى من وجوه متصلة، ولا تعارض بين ((أمرت، وأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم)) إذ من المحال أن يكون الآمر لها بذلك غير رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته، وإذا كان الحديث قد روى بلفظ محتمل، ولفظ صريح يفسر المحتمل ويبينه فكيف يجعل المحتمل معارضاً للمفسر بل مقدماً عليه؟ ثم يكفى في ذلك فتاوى النبي صلى الله عليه وسلم.
قال أبو جعفر النحاس في كتاب الناسخ والمنسوخ: هو إجماع من الصحابة. وأما اقتضاء النظر له فإن المختلعة لم يبق لزوجها عليها عدة، وقد ملكت نفسها أو صارت أحق ببعضها، فلها أن تتزوج بعد براءة رحمها، فصارت العدة في حقها براءة الرحم. وقد رأينا الشريعة جاءت في غير هذا النوع بحيضة واحدة، جاءت في ذلك في المسبية والمملوكة بعقد معاوضة أو تبرع، والمهاجرة من دار الحرب، ولا ريب أنها جاءت بثلاثة أقراء في الرجعية،
والمختلعة فرع متردد بين هذين الأصلين، فينبغي إلحاقها بأشبهها بها، فنظرنا فإذا هي بذوات الحيضة أشبه.
ومما يبين حكمة الشريعة في ذلك: أن الشارع قسم النساء إلى ثلاثة أقسام:
أحدها - المفارقة قبل الدخول فلا عدة عليها إذ لا رجعة فيها.
الثاني - المفارقة بعد الدخول إذا كان لزوجها عليها رجعة، فجعل عدتها ثلاثة قروء، ولم يذكر سبحانه العدة بثلاثة قروء إلا في هذا القسم، كما هو مصرح به في القرآن العظيم، كقوله تعالى:{والمطلقات يتربصن بانفسهن ثلاثة قروء، ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر وبعولتهن أحق بردهن في ذلك} [البقرة 228] ، وكذا في سورة الطلاق لما ذكر الاعتداد بالأشهر الثلاثة في حق من إذا بلغت أجلها خبر زوجها بين إمساكها بمعروف أو مفارقتها بإحسان وهي الرجعية قطعاً فلم يذكر الأقراء وبدلها في حق بائن ألبته.
القسم الثالث - من بانت عن زوجها وانقطع حقه عنها بسبى أو هجرة أو خلع فجعل عدتها حيضة بالاستبراء، ولم يجعلها ثلاثاً، إذ لا رجعة للزوج، وهذا في غاية الظهور والمناسبة.
وأما الزانية والموطوءة بشبهة فموجب الدليل أنها تستبرأ بحيضة فقط ونص عليه أحمد في الزانية، واحتاره شيخنا ابن تيمية في الموطوءة بشبهة وهو الراجح، وقياسهما على المطلقة الرجعية من أبعد القياس وأفسده.
فإن قيل: فهب هذا قد سلم لكم فيما ذكرتم من الصور، فإنه لا يسلم معكم في المطلقة ثلاثاً، فإن الإجماع منعقد على اعتدادها بثلاثة قروء مع انقطاع حق زوجها من الرجعة، والقصد مجرد استبراء رحمها.
قيل: نعم، هذا سؤال وارد. وجوابه وجهين:
أنه قد أختلف في عدتها، هل هي بثلاثة قروء أو بقرء واحد؟ فالجمهور، بل الذى لا يعرف الناس غيره أنها ثلاثة قروء، وعلى هذا فيكون وجهه أن المطلقة الثالثة كانت من جنس الأوليين فأعطيت حكمها ليكون باب الطلاق كله باباً واحداً، فلا يختلف حكمه، والشارع إذا علق الحكم بوصف لمصلحة عامة لم يكن تخلف تلك المصلحة والحكمة في بعض الصور مانعاً من ترتب الحكم، بل هذه قاعدة الشريعة وتصرفها في مصادرها ومواردها.
الوجه الثاني - أن الشارع حرمها عليه حتى تنكح زوجاً غيره عقوبة له، ولعن المحلل والمحلل له لمناقضتهما ما قصد الله سبحانه من عقوبة، وكان من تمام هذه العقوبة أن طول مدة تحريمها عليه، وكان ذلك أبلغ فيما قصده بتزوجها آخر نكاح رغبة مقصوداً، لا تحليل موجب اللعنة، ويفارقها وتعتد من فراقه ثلاثة قروء أخر - طال عليه الانتظار وعيل صبره فأمسك عن الطلاق الثلاث. وهذا واقع على وفق الحكمة والمصلحة والزجر، وكان التربص بثلاثة قروء في الرجعية نظراً للزوج، ومراعاة لمصلحته لما لم يوقع الثالثة المحرمة لها عليه. وههنا كان تربصها عقوبة له وزجراً لما أوقع الطلاق المحرم لما أحل الله له. وأكدت هذه العقوبة بتحريمها عليه إلا بعد زوج وإصابة وتربص ثان.
وقيل: بل عدتها حيضة واحدة، وهو اختيار أبي الحسين بن اللبان، فإن كان مسبوقاً بالإجماع فالصواب اتباع الإجماع، وألا يلتفت إلى قوله، وإن لم يكن في المسألة إجماع فقوله ظاهر: والله تعالى أعلم.
فإن قيل: قد جاءت السنة بأن المخبرة تعتد ثلاث حيض، كما رواه ابن ماجه من حديث عائشة رضي الله عنه قالت: أمرت بريرة أن تعتد ثلاث حيض. قيل: ما أصرحه من حديث لو ثبت، ولكنه حديث منكر بإسناد
مشهور. وكيف يكون عند أم المؤمنين هذا الحديث وهي تقول: الأقراء الأطهار، فإن صح الحديث وجب القول به ولم يسع مخالفته، ويكون حكمها حكم المطلقة ثلاثاً في اعتدادها بثلاثة قروء، ولا رجعة لزوجها عليها، فإن الشارع يخصص بعض الأعيان والأفعال والأزمان والأماكن ببعض الأحكام، وإن لم يظهر لنا موجب التخصيص. فكيف وهو ظاهر في مسألة المخيرة فإنها لو جعلت عدتها حيضة واحدة لبادرت إلى التزوج بعدها، أيس منها زوجها. فإذا جعلت ثلاث حيض طال زمن انتظارها وحسبها عن الأزواج، ولعلها تتذكر زوجها فيها وترغب في رجعته، ويزول ما عندها من الوحشة.
ولو قيل: إن اعتداد المختلعة بثلاث حيض لهذا المعنى بعينه لكان حسناً على وفق حكمه الشارع، ولكن هذا مفقود في المسبية والمهاجرة والزانية والموطوءة بشبهة.
فإذا قيل: فهب أن هذا كله قد سلم لكم، فكيف يسلم لكم في الآيسة والصغيرة التى لا يوطأ مثلها.
قيل: هذا إنما يرد على من جعل علة العدة مجرد براءة الرحم فقط. ولهذا أجابوا عن هذا السؤال: بأن العدة ههنا شرعت تعبداً محضاً غير معقول المعنى. وأما من جعل هذا بعض مقاصج العدة فإن لها مقاصد أخرى من تكميل شان هذا العقد واحترامه، وإظهار خطره وشرفه، فجعل له حريم بعد انقطاعه بموت أو فرقة، فلا فرق في ذلك بين الآيسة وغيرها، ولا بين الصغيرة والكبيرة، مع أن المعنى الذى طولت له العدة في حق الرجعية والمطلقة ثلاثاً موجود بعينه في الآيسة والصغيرة. وكان مقتضى الحكمة التى تضمنت النظر في مصلحة الزوج في الطلاق الرجعي وعقوبته، وزجره في الطلاق المحرم - التسوية بين النساء في ذلك. وهذا ظاهر جداً وبالله تعالى