الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب
[مجئ الله]
ما جاء في قوله تعالى: {هل ينظرون إلا أن يأتيهم اله في ظلل من الغمام والملائكة وقضى الأمر وإلى الله ترجع الأمور} [البقرة 210] وقوله تبارك وتعالى: {وجاء ربك والملك صفاً صفا} [البقرة 22] .
عن أبي العالية في قوله تعالى: {هل ينظرون} الآية يقول: الملائكة يجيئون في ظلل من الغمام، والله تعالى يجئ فيما يشاء، وهي في القراءة ((هل ينتظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة)) وهي كقوله سبحانه:{ويم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلاً} [البقرة 25] .
قال الشيخ: فصح بهذا التفسير أن الغمام إنما هو مكان للملائكة ومركبهم، وأن الله عز وجل لا مكان له ولا مركب. وأما الإتيان والمجئ فعلى قول أبي الحسن الأشعري رحمه الله تعالى ((يحدث الله عز وجل يوم القيامة قولا يسميه إتياناً ومجيئاً)) ، لا بأن يتحرك أو ينتقل، فإن الحركة والسكون والانتقال والاستقرار من صفات الأجسام، والله تعالى أحد صمد ليس كمثله شئ، وهو كقوله عز وجل:{فأتى الله بنيانهم من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون} [النحل 26] لم يرد به إتياناً من حيث النقلة، وإنما أراد إحداث الفعل الذى به خرب بنيانهم، وخر عليهم السقف من فوقهم، فسمى ذلك الفعل إتياناً.
وهكذا قال في اخبار النزول: إن المراد به فعل يحدثه الله عز وجل في سماء الدنيا كل ليلة يسميه نزولاً بلا حركة ولا نقلة - تعالى الله عن صفات المخلوقين. أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال: حدثنا أحمد بن سليمان النجاد قال: قرئ على سليمان بن الأشعث وأنا أسمع قال: نا القعني عن مالك عن
ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وعن أبي عبد الله الأغر عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((ينزل الله عز وجل كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فأستجب له؟ من يسألنى فأعطيه؟ من يستغفرنى فأغفر له)) وفي رواية ((ثم يقول: من يقرض غير عدوم ولا ظلوم)) رواه مسلم في الصحيح، وله طرق أخر كثيرة.
قال إسحق بن راهويه: دخلت يوماً على عبد الله بن طاهر فقال لى: يا أبا يعقوب، نقول: إن الله تعالى ينزل كل ليلة؟ فقلت: أيها الأمير، إن الله تعالى بعث إلينا نبياً، نقل إلينا عنه أخباراً بها نحلل الدماء وبها نحرم، وبها تحلل الفروج، وبها تحرم، وبها تباح الأموال، وبها تحرم، فإن صح ذا صح ذاك، وإن بطل ذا بطل ذاك. قال: فأمسك عبد الله.
وقال إسحق بن إبراهيم الحنظلي: جمعنى وهذا المبتدع - يعنى إبراهيم ابن أبي صالح - مجلس الأمير ابن طاهر، وسالنى الأمير عن أخبار النزول فسردتها فقال إبراهيم: كفرت برب ينزل من سماء إلى سماء. فقلت: آمنت برب يفعل ما يشاء. قال فرضى عبد الله كلامى.
قلت: فقد بين إسحق في هذه الحكاية أن النزول عنده من صفات الفعل، ثم أنه كان يجعله تزولا بلا كيف. قال أبو سليمان الخطابي رحمه الله تعالى: هذا الحديث وما أشبهه من الأحاديث في الصفات كان مذهب السلف فيها (1) : أن الإيمان بها وإجراءها على ظاهرها، ونفى الكيفية عنها.
وقال عبد بن المبارك: ينزل كيف يشاء. قال أبو سفيان في كتاب معالم السنن: هذا من العلم الذى أمرنا أن نؤمن بظاهره، ولا نكشف عن
(1) قوله: ((إن الإيمان بها)) لعل الظاهر إسقاط ((أن)) أهـ. من هامش الأصل.
باطنه، وهو من جملة المتشابه الذى ذكره الله عز وجل في كتابه فقال:{هو الذى أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب واخر متشابهات} الآية. فالمحكم منه يقع به العلم الحقيقى والعمل. والمتشابه يقع به الإيمان والعلم الظاهر، ويوكل باطنه إلى الله عز وجل، وهو معنى قوله تعالى:{وما يعلم تأويله إلا الله} وإنما حظ الراسخين في العلم أن يقولوا آمنا به كل من عند ربنا.
وكذلك ما جاء في هذا الباب في القرآن، وقد زل بعض شيوخ أهل الحديث ممن يرجع إلى معرفته بالحديث والرجال فحاد عن هذه الطريقة حين روى حديث النزول، ثم اقبل على نفسه فقال: إن قال قائل: كيف ينزل ربنا إلى السماء؟ فقل له: ينزل كيف يشاء. فإن قال: هل يتحرك إذا نزل؟ فقل: إن شاء تحرك وإن شاء لم يتحرك. وهذا خطأ فاحش عظيم، والله تعالى لا يوصف بالحركة، لأن الحركة والسكون متعاقبان في محل واحد، وإنما يجوز أن يوصف بالحركة من يجوز أن يوصف بالسكون، وكلاهما من اعراض الحدث وأوصاف المخلوقين، والله تعالى متعال عنهما ليس كمثله شئ.
فلو جرى هذا الشيخ على طريقة السلف الصالح ولم يدخل نفسه فيما لا يعنيه لم يكن يخرج به القول إلى مثل هذا الخطأ الفاحش. وإنما ذكرت هذا لكي يتوقى الكلام فيما كان من هذا النوع، فإنه ر يثمر خيراً ولا يفيد رشداً. ونسأله تعالى العصمة من الضلال، والقول بما لا يجوز من الفاسد المحال.
وقيل: قد يكون النزول بمعنى إقبالك على الشئ لإرادة النية، وكذلك الهبوط والارتفاع والبلوغ والمصير، وأشباه هذا من الكلام.
وقال أبو منصور الخمساوى: سئل أبو حنيفة رضي الله عنه عن
ذلك فقال: ينزل بلا كيف. وقال حماد بن زيد وكثير: ينزل نزولاً يليق بالربوبية بلا كيف، من غير أن يكون نزوله مثل نزول الخلق بلا تشبيه ولا تعطيل، جل الله سبحانه عما يقول المعطلة لصفاته والمشبه بها علواً كبيراً.
أنتهى باقتصار.
وقال إمام المالكية في عصره المعروف بينهم بخليفة مالك أبو محمد عبد الله بن ابي زيد القيرواني المتوفي سنة ست وتسعين وثلثمائة في كتابه المسمى ((باكورة السعد وزبدة المذهب)) ما نصه: السميع البصير العلي الكبير، وفوق عرشه المجيد بذاته، وهو في كل مكان بعلمه - أنتهى. وقال شارحه أحمد بن غنيم بعد أن ذكر تأويل الخلف لما ورد ذلك ما نصه: فلا ينبغى الأعتراض على المصنف بمثل ذلك مع وروده في القرآن، وما قيل إن هذه اللفظة وهي بذاته دست على المؤلف رده ابن ناجى قائلاً: ليس هذا من إطلاق المصنف، وإنما هو من إطلاق السلف الصالح والصدر الأول. أنتهى باقتصار.
وقال الإمام أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينورى المتوفى سنة سبعين ومائتين في كتابه ((تأويل مختلف الحديث)) ما نصه: والأمم كلها هربيها وعجميها تقول: إن الله تعالى في السماء، ما تركت على فطرها ولم ينقل عن ذلك بالتعليم. وفي الحديث: أن رجلاً أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بامة أعجمية للعتق، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:((أين الله؟ قالت: في السماء، قال فمن أنا، قالت: رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: هي مؤمنة وأمر بعتقها)) وهذا أو نحوه. وقال أمية بن ابي الصلت: [خفيف]
مجدوا الله للمجد أهل ربنا في السماء أضحى كبيراً
الأبيات. وفي الأنجيل: أن المسيح عليه السلام قال: لا تحلفوا بالسماء فإنها
كرسى الله تعالى، وقال للحواريين: إن أنتم غفرتم للناس فإن ربكم الذى في السماء يغفر لكم ظلمكم. أنتهى
وقال الوالد نور الله تعالى مرقده في روح المعاني عند تفسير قوله تعالى: {وهو القاهر فوق عباده} قيل: هو استمارة تمثيلية، وتصوير لقهره سبحانه وعلو بالغلبة والقدرة.
وجوز أن تكون الاستعارة في الظروف بان شبه الغلبة بمكان محسوس وقيل: إنه كناية عن القهر، والعلو بالغلبة، والقدرة. وقيل: إن ((فوق)) زائدة، وصحح زيادتها، وإن كانت اسماً - كونها بمعنى على، وهو كما ترى. والداعى إلى التزام ذلك كله أن ظاهر الآية يقتضى القول بالجهة، والله تعالى منزه عنها، لأنها محدثة بإحداث العالم وإخراجه من العدم إلى الوجود، ويلزم ايضاً من كونه سبحانه في جهة مفاسد لا تخفى، وأنت تعلم أن مذهب السلف غثبات الفوقية لله تعالى، كما نص عليه الإمام الطحاوى وغيره.
واستدلوا لذلك بنحو ألف دليل، وقد روى أحمد في حديث الأوعال عن العباس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((والعرش فوق ذلك، والله تعالى فوق ذلك كله)) .
وروى ابن ماجه يرفعه قال: بينا اهل الجنة في نعيمهم إذ سطع لهم نور فرفعوا إليه رءوسهم فإذا الجبار جل جلاله قد اشرف عليهم من فوقهم وقال: يا أهل الجنة سلام عليكم - ثم قرأ صلى الله عليه وسلم {سلام قولاً من رب رحيم} فينظر إليهم وينظرون إليه فلا يلتفتون إلى شئ من النعيم ماداموا ينظرون إليه)) .
وصح أن عبد الله بن رواحة أنشد بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم أبياته التى عرض بها عن القراءة لمرأته حين أتهمته بجاريته، وهي:[وافر] .
شهدت بأن وعد الله حق
…
وان النار مثوى الكافرينا
وأن العرش فوق الماء طاف
…
وفوق العرش رب العالمينا
وتحمله ملائكة شداد
…
وملائكة الإله مسومينا
فأقره عليه الصلاة والسلام على ما قال وضحك منه. وكذا أنشد حسان ابن ثابت رضي الله عنه قوله
شهدت بإذن الله أن محمداً
…
رسول الذى فوق السماوات من عل
وأن ابا يحيى ويحيى كلاهما
…
له عمل من ربه متقبل
وأن الذى عادى اليهود ابن مريم
…
رسول إلى من عند ذى العرش مرسل
وأن أخا الأحقاف إذ قام فيهم
…
يقوم بذات الله فيهم ويعدل
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((وأنا أشهد)) . وروى عكرمه عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله تعالى حكاية عن إبليس عليه اللعنة: {ثم لآتينهم من بين ايديهم ومن خلفهم وعن إيمانهم وعن شمائلهم} أنه قال: لم يستطع ان يقول ((ومن فوقهم)) لأنه قد علم أن الله سبحانه من فوقهم. والآيات والأخبار التى فيها التصريح بما يدل على الفوقية كقوله تعالى: {تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم} ،
{وإليه يصعد الكلم الطيب} و {بل رفعه الله إليه} و {تعرج الملائكة والروح إليه} وقوله صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه مسلم: ((وأنت الظاهر فليس فوقك شئ)) كثيرة جداً.
وكذا كلام السلف في ذلك، فمنه ما روى شيخ الإسلام أبو إسماعيل الأنصارى في كتابه ((الفاروق)) بسنده إلى أبي مطيع البلخى أنه سال أبا حنيفة رضي الله عنه عمن قال: لا أعرف ربي سبحانه في السماء أم في الأرض؟ فقال: كفر، لأن الله تعالى يقول:{الرحمن على العرش استوى}
وعرشه فوق سبع سماوات. فقالت: قلت: فإن على العرش، ولكن لا أدرى، العرش في السماء أم في الأرض. فقال رضي الله عنه: هو كافر، لأنه أنكر أنه في السماء، ومن أنكر أنه في السماء فقد كفر. وزاد غيره: لأن الله تعالى في اعلى عليين، وهو يدعى من أعلى لا من أسفل. أنتهى.
وأيد القول بالفوقية أيضاً بان الله تعالى لما خلق الخلق لم يخلقهم في ذاته المقدسة تعالى عن ذلك فإنه الحد الصمد، الذى لم يلد ولم يولد، فتعين أنه خلقهم خارجاً عن ذاته، ولو لم يتصف سبحانه بفوقية الذات مع أنه قائم بنفسه غير مخالط للعالم لكان متصفاً بضد ذلك، لأن القابل للشئ لا يخلو منه أو من ضده، وضد الفوقية السفول، وهو مذموم على الإطلاق.
والقول بأنا لا نسلم أنه قليل للفوقية حتى يلزم من نفيها ثبوت ضدها مدفوع بانه سبحانه لو لم يكن قابلاً للعلو والفوقية لم يكن له حقيقة قائمة بنفسها، فمتى سلم بأنه جل شانه ذات قائم بنفسه غير مخالط للعالم، وأنه موجود في الخارج ليس وجوده ذهنياً فقط، بل وجوده خارج الأذهان قطعاً، وقد علم كل العقلاء بالضرورة أن ما كان وجوده كذلك فهو إما داخل العالم وإما خارج عنه، وإنكار ذلك إنكار ما هو أجلى البديهيات، فلا يستدل بدليل على ذلك إلا كان العلم بالمباينة اظهر منه وأوضح.
وإذا كانت صفة الفوقية صفة كمال لا نقص فيها ولا يوجب القول بها مخالفة كتاب ولا سنة ولا إجماع كان نفيها عين الباطل، ولا سيما والطباع مفطورة على قصد جهة العلو عند التضرع إلى الله تعالى.
وذكر محمد بن طاهر المقدسى أن الشيخ أبا جعفر الهمداني حضر مجلس إمام الحرمين وهو يتكلم في نفى صفة العلو ويقول: كان الله تعالى ولا عرش،
وهو الآن على ما كان. فقال الشيخ أبو جعفر: أخبرنا يا أستاذ عن هذه الضرورة التى نجدها في قلوبنا، فإنه ما قال عارف قط: يا الله إلا وجد في قلبه ضرورة بطلب العلو لا يلتفت يمنه ولا يسره، فكيف تدفع هذ الضرورة عن انفسنا؟؟ فلطم الإمام على رأسه ونزل، وأظنه قال: وبكى، وقال حيرنى الهمدانى.
وبعضهم تكلف الجواب عن هذا: بأن هذا التوجه إلى فوق إنما هو لكون السماء قبلة الدعاء، كما أن الكعبة قبلة الصلاة، ثم هو ايضاً منقوض بوضع الجهة على الأرض مع أنه سبحانه ليس في جهة الأرض. ولا يخفى أن هذا باطل، وما أولاً - فلأن السماء قبلة الدعاء لم يقله أحد من سلف الأمة، ولا أنزل الله تعالى به من سلطان، والذى صح أن قبلة الدعاء هي قبلة الصلاة، فقد صرحوا بانه يستحب للداعى أن يستقبل القبلة، وقد استقبل النبي صلى الله عليه وسلم الكعبة في دعائه في مواطن كثيرة، فمن قال: إن للدعاء قبلة غير قبلة الصلاة فقد ابتدع في الدين وخالف جماعة المسلمين. وأما ثانياً - فلأن القبلة ما يستقبله الداعى بوجهه كما يستقبل الكعبة في الصلاة وما حاذاه الإنسان برأسه أو يديه مثلا لا يسمى قبلة أصلاً، فلو كانت السماء قبلة الدعاء لكان المشروع أن يوجه الداعى وجهه إلينا، ولم يثبت ذلك في شرع أصلاً.
وأما النقض بوضع الجبهة فما أفسده من نقض! فإن واضع الجبهة إنما قصده الخضوع لمن فوقه بالذل، لا أن يميل إليه إذ هو تحته، بل هذا لا يخطر في قلب ساجد.
نعم، سمع من بشر المريسى أنه يقول: سبحان ربي الأسفل. تعالى الله سبحانه عما يقول الجاحدون والظالمون علوا كبيراً. وتأول بعضهم كل نص فيه نسبة الفوقية إليه تعالى بأن فوق فيه بمعنى خير وأفضل، كما يقال:
الأمير فوق الوزير، والدينار فوق الدرهم. وأنت تعلم أن هذا مما تنفر منه العقول السليمة، وتشمئز منه القلوب الصحيحة، فإن قول القائل ابتداء الله تعالى خير من عباده، أو خير من عرشه، من جنس قوله: الثلج بارد والنار حارة، والشمس أضواء من السراج، والسماء أعلى من سقف الدار، ونحو ذلك.
وليس في ذلك أيضاً تمجيد ولا تعظيم لله تعالى، بل هو من أرذل الكلام، فكيف يليق حمل الكلام المجيد عليه، وهو الذى لو اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثله لا يأتون ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً.
على أن في ذلك تنقيصاً لله تعالى شأنه، ففى المثل السائر:[طويل]
ألم تر أن السيف ينقص قدره إذا قيل للسيف خير من العصى
نعم، إذا كان المقام يقتضى ذلك بأن كان احتجاجاً على مبطل، كما في قول يوسف الصديق عليه السلام:{ {أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار؟} .
وقوله تعالى: {آلله خير أم ما يشركون} ، {والله خير وأبقى} فهو أمر لا اعتراض عليه، ولا توجه سهام الطعن إليه. والفوقية بمعني الفوقية المطلقة في الفضل مما يثبتها السلف لله تعالى أيضاً، وهي متحققة في ضمن الفوقية المطلقة، وكذا يثبتون فوقية القهر والغلبة، كما يثبتون فوقية الذات، ويؤمنون بجميع ذلك على الوجه اللائق بجلال ذاته وكمال صفاته سبحانه وتعالى منزهين له سبحانه عما يلزم ذلك مما يستحيل عليه جل شأنه، ولا يؤمنون ببعض ويكفرون ببعض، ولا يعدلون عن الألفاظ الشرعية نفياً ولا إثباتاً لئلا يثبتوا معنى فاسداً، وينفوا معنى صحيحاً، فهم يثبتون الفوقية كما أثبتها الله تعالى لنفسه.