الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أو الثوري وأبو حنيفة لم يجز أن يقال قول هذا أصوب دون هذا إلا بحجة والله اعلم. أنتهى.
[هل يجوز الانتقال من مذهب إلى مذهب
؟]
قال الشعراني عليه الرحمة في ((الميزان)) : ورأيت فتوى للجلال السيوطي عليه الرحمة مطولة قد حث فيها على أعتقاد أن سائر أئمة المسلمين على هدى من ربهم وإن تفاوتوا في العلم والفضل، ولا يجوز لأحد التفضيل الذي يؤدي إلى نقص في غير إمامة، قياساً على ما ورد في تفصيل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام. فقد حرم العلماء التفضيل المؤدي إلى نقص نبي أو أحتقاره، ولا سيما إن أدي ذلك إلى خصام ووقيعة في الأعراض.
وقد وقع الاختلاف بين الصحابة في الفروع وهم خير الأمة، وما بلغنا أن أحداً منهم خاصم من قال بخلاف قوله، ولا عاداه ولا نسبه إلى خطأ ولا قصور نظر.
وفي الحديث: ((أختلاف أمتى رحمة)) وكان الاختلاف على من قبلنا عذاباً. أنتهى.
ومعنى رحمة: أى توسعة على الأمة. ولو كان أحد من الأئمة مخطئاً في نفس الأمر لما كان أختلافهم رحمة. قال: وقد أستنبطت من حديث: ((أصحابي كالنجوم بايهم أقتديتم أهتديتم)) أننا إذا أقتدينا بأي إمام كان، أهتدينا، لأنه صلى الله عليه وسلم خيرنا في الأخذ بقول من شئنا منهم من غير تعيين. أنتهى.
وقد دخل هارون الرشيد على الإمام مالك رضي الله عنه عنه فقال له: دعني أبا عبد الله أفرق هذه الكتب التى ألفتها وأنشرها في بلاد الإسلام، وأحمل عليها الأمة، فقال له: يا أمير المؤمنين، إن أختلاف
العلماء رحمة من الله تعالى على هذه الأمة، فكل يتبع ما صح دليله عنده، وكل على هدى، وكل يريد الله تعالى. أنتهى.
وقال أيضاً: وكان الإمام الزناتي من أئمة المالكية يقول: يجوز تقليد كل من أهل المذاهب في النوازل، وكذلك يجوز الإنتقال من مذهب إلى مذهب، لكن بثلاثة شروط:
الأول - أن لا يجمع بينهما على وجه الإجماع، كمن تزوج بغير صداق ولا ولي ولا شهود، فإن هذه الصورة لم يقل بها أحد.
الثاني - أن يعتقد فيمن يقلده الفضل ببلوغ أخباره إليه.
الثالث - أن لا يقلد وهو في عماية من دينه، كأن يقلد في الرخصة من غير شروطها. انتهى.
وقال القرافي: يجوز الانتقال من جميع المذاهب إلى بعضها بعضاً في كل ما لا ينتقض فيه حكم حاكم، وفي ذلك في أربعة مواضع: أن يخالف الإجماع أو النص، أو القياس الجلي، أو القواعد. انتهى.
وإن اردت أن تطلع على حكم التقليد جملة وتفصيلاً فأرجع إلى كتب مؤلفة من هذا الباب - كعقد الجيد للشيخ الأجل ولي الله المحدث الدهلوي، وأدب الطلب، والقول المفيد للعلامة الشوكاني، والإقليد لولد شيخنا العلامة أبي النصر حماهما الله تعالى - يتضح عليك ما هو الصواب من الخطأ، والحق من الباطل، والسداد من العوج.
وقال الشيخ جلال الدين السيوطي رحمه الله تعالى: وممن بلغنا أنه أنتقل من مذهب إلى أخر من غير نكير عليه من علماء عصره، الشيخ عبد العزيز ابن الخزاعي، كان من أكابر المالكية، فلما قدم الإمام الشافعي بغداد تبعه وقرا عليه كتبه ونشر علمه.
ومنهم محمد بن عبد الله كان على مذهب الإمام مالك، فلما قدم الشافعي إلى مصر انتقل إلى مذهبه ثم رجع، ومنهم أبو جعفر بن نصر الترمذي رأس الشافعية بالعراق، كان حنفياً فلما حج أنتقل إلى مذهب الشافعي. ومنهم أبو جعفر الطحاوي، كان شافعياً وتفقه على حاله المزني، ثم تحول حنفياً بعد ذلك.
ومنهم الخطيب البغدادي الحافظ، كان حنبلياً ثم عمل شافعياً. ومنهم ابن فارس صاحب كتاب المجمل في اللغة، كان شافعياً تبعاً لوالده ثم أنتقل إلى مذهب مالك. ومنهم السيف الآمدي الأصولي المشهور، كان حنفياً ثم تحول إلى مذهب الشافعي. ومنهم الشيخ محمد بن الدهان النحوي، كان حنبلياً أنتقل إلى مذهب الشافعي، ثم تحول حنفياً حين طلب الخليفة نحوياً يعلم ولده النحو ثم تحول شافعياً.
ومنهم الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد، كان أولاً مالكياً ثم تحول إلي مذهب الشافعي. ومنهم الإمام أبو حيان النحوي، كان أولاً على مذهب أهل الظاهر، ثم عمل شافعياً. ومنهم غير من ذكر. أنتهى.
(قلت) : ومنهم عماد الدين أحمد بن إبراهيم الواسطي، كان شافعياً ثم صار حنبلياً. قال في الشذرات: هو الزاهد القدوة، ولد بشرقي واسط، ودخل بغداد، وأقام بالقاهرة مدة ثم قدم الشام، وأنتقل إللا مذهب الإمام أحمد، صاحب الشيخ تقى الدين أحمد بن تيميه، حتى قال فيه هو حنيذ وقته، وتمذهب بمذهب السلف، توفى بدمشق سنة إحدى وسبعمائة. أنتهى ملخصاً.