الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب
[ما جاء في إثباته صفة التكليم والتكلم والقول سوى ما مضى]
قال الله جل ثناؤه: {وكلم الله موسى تكليماً} [النساء 164] فوصف نفسه بالتكلم ووكده بالتكرار فقال {تكليماً} . وقال عز من قائل: {ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه} [الأعراف 143] . وقال تعالى: {تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله} [البقرة 253] وذكر في غير آية من كتابه ما كلم به موسى عليه السلام فقال: {يا موسى أنى انا ربك فأخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى. وأنا أخترتك فاستمع لما يوحى إننى أنا الله لا إله إلا أنا فأعبدنى} [طه 12 - 14] .
فهذا كلام سمعه عليه السلام من ربه بإسماع الحق إياه بلا ترجمان كان بينه وبينه، دله بذلك على ربوبيته، ودعاه إلى وحدانيته، وأمره بعبادته وإقامة الصلاة لذكره، وأخبر أنه أصطنعه لنفسه.
وروى البخارى في الصحيح قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أحتج آدم وموسى فقال له أنت آدم الذى أخرجت ذريتم من الجنة. فقال له آدم أنت موسى الذى أصطفاك الله تعالى برسالته وكلامه تلومنى على أمر قد قدر قبل أن أخلق، فحج آدم موسى)) .
وروى في الصحيحين عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يجمع المؤمنون يومئذ فيهيمون لذلك اليوم ويقولون: لو استشفعنا على ربنا من مكاننا هذا، فيأتون آدم فيقولون له: يا آدم، أنت أبو الناس خلقك الله عز وجل بيده، وأسجد لك ملائكته، وعلمك أسماء كل شئ فاشفع لنا إلى ربنا حتى يريحنا من مكاننا هذا. فيقول: لست هناكم، ويذكر لهم خطيئته، التى أصاب، ولكن أئتوا نوحاً أول رسول بعثه الله إلى الأرض. فيأتون نوحاٌ فيقول: لهم لست هناكم، ويذكر لهم خطيئته التى أصاب، ولكن أئتوا إبراهيم خليل الرحمن. فيأتون إبراهيم فيقول لهم: لست هناكم، ويذكر لهم خطاياه التى أصاب، ولكن أئتوا موسى عبداً آتاه الله التوراة وكلمه تكليماً. فيأتون موسى فيقول لهم: لست هناكم، ويذكر لهم خطيئته
التى اصاب، ولكن أئتوا عيسى رسول الله وكلمته وروحه. فيأتون عيسى فيقول لهم: لست هناكم، ولكن أئتوا محمداً عبداً غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فيأتون، فأنطلق معهم فأستأذن على ربي فيؤذن لي، فإذا رأيت ربي وقعت له ساجداً، فيدعنى ما شاء الله أن يدعنى، ثم يقول لي: يا محمد ارفع رأسك سل تعط واشفع تشفع، فأحمد ربي بمحامد علمنيها، فأحد لهم حداً فأدخلهم الجنة، ثم أرفع الثانية فأستأذن على ربي فيؤذن لى، فإذا رأيت ربي وقعت له ساجداً فيدعنى ما شاء الله أن يدعنى، ثم يقول لى: يا محمد، أرفع رأسك سل تعط، وأشفع تشفع، فأحمد ربي بمحامد علمنيها، ثم أحد ثانياً فأدخلهم الجنة، ثم أرجع الثالثة فاستأذن على ربي فيؤذن لى، فإذا رأيت ربي وقعت له ساجداً، فيدعنى ما شاء الله أن يدعنى، ثم يقول: يا محمد، أرفع راسك سل تعط واشفع تشفع، فأحمد ربي بمحامد علمنيها، ثم أحد لهم حداً فأدخلهم الجنة حتى ارجع فاقول: يارب، ما بقي في النار إلا من وجب عليه الخلود أو حبسه القرآن)) .
وفي هذا أن موسى عليه السلام مخصوص أن الله عز وجل كلمه تكليماً، ولو كان إنما سمعه من مخلوق لم يكن له خاصية. وقوله في عيسى عليه السلام ((إنه كلمته)) فإنما يريد أن يكلمه الله تعالى صار مكوناً من غير أب.