المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[أسماء الله وصفاته توقيفية دون زيادة ولا نقصان] - جلاء العينين في محاكمة الأحمدين

[ابن الألوسي]

فهرس الكتاب

- ‌[سبب تأليف الكتاب]

- ‌[ابن حجر ينال من ابن تيمية]

- ‌[ترجمة شيخ الإسلام ابن تيمية]

- ‌[الحافظ الذهبي يتحدث عن ابن تيمية]

- ‌[الحافظ ابن كثير أيضاً]

- ‌[ما كتبه الزملكاني]

- ‌[كلام للسيوطي في ابن تيمية]

- ‌[رأى الحافظ ابن سيد الناس في ابن تيمية]

- ‌[رأى ابن الوردى]

- ‌[رأى الواسطى]

- ‌[رأى ابن دقيق العيد]

- ‌[رأى العلامة السبكي]

- ‌[رأى الحافظ ابن حجر العسقلاني]

- ‌[المؤمنون يفتنون]

- ‌فصل:في تبرئة الشيخ مما نسب إليه وثناء المحققين المتأخرين عليه

- ‌[شهادة الكورانى]

- ‌[شهادة السويدي البغدادي]

- ‌[شهادة الآلوسي والد المؤلف]

- ‌فصل: (في قول العلامة ابن حجر المتقدم سابقاً)

- ‌(ترجمة الإمام السبكي)

- ‌(في رد اليافعي على السبكي)

- ‌(مطلب كلام السبكي)

- ‌(الجواب من اليافعي)

- ‌(ترجمة القاضي تاج الدين السبكي)

- ‌(ترجمة العز بن جماعة)

- ‌(ترجمة الزملكاني)

- ‌(ترجمة أبي حيان)

- ‌(ترجمة ابن حجر الهيتمي)

- ‌(ترجمة ابن حجر العسقلاني)

- ‌فصل: يشتمل على مقصدين

- ‌المقصد الأول: في تراجم بعض آباء الشيخ ابن تيمية وأقربائه

- ‌(ترجمة المجد ابن تيمية)

- ‌(ترجمة عبد الحليم بن تيمية)

- ‌(ترجمة عبد الغني بن تيمية)

- ‌(ترجمة شرف الدين بن تيمية)

- ‌(ترجمة محمد بن تيمية)

- ‌(ترجمة زينب بنت تيمية)

- ‌المقصد الثاني: في ترجمة بعض تلامذته الكرام المشهورين وترجمة المثنين عليه من العلماء المتأخرين

- ‌(ترجمة الإمام ابن القيم)

- ‌(ترجمة الحافظ الذهبي)

- ‌(ترجمة شمس الدين ابن قداه)

- ‌(ترجمة ابن قاضي الجبل)

- ‌(ترجمة الطوفى الصرصري)

- ‌(ترجمة ابن الوردى)

- ‌(ترجمة زين الدين الحراني)

- ‌(ترجمة ابن مفلح)

- ‌(ترجمة شرف الدين ابن المنجا)

- ‌[ترجمة بعض تلامذة الإمام الذين تأثروا به ولم يعاصروه]

- ‌(ترجمة ابن ناصر)

- ‌(ترجمة الشيخ إبراهيم الكوراني)

- ‌(ترجمة منلا على القارئ)

- ‌(ترجمة العلامة السويدي البغدادي)

- ‌(ترجمة شهاب الدين مفتى الحنفية ببغداد الألوسي البغدادي)

- ‌(ترجمة مسند الوقت أحمد ولى الله الدهلوي)

- ‌(ترجمة العلامة الشوكاني)

- ‌(ترجمة الإمام الأجر أبي الطيب)

- ‌فصل: (في الجرح والتعديل)

- ‌(لا يؤخذ بقول العلماء في طعن بعضهم بعضاً)

- ‌(فيمن طعن في معاصروه)

- ‌[لغرض أو مرض هوجم ابن تيمية]

- ‌فصل: (في كلام العلامة ابن حجر فيما يتعلق بكتب الصوفية)

- ‌الفصل الأول: (في عقيدة الإمام ابن تيمية)

- ‌[إجلاله للصحابة]

- ‌[ابن تيمية والشاذلي]

- ‌(ترجمة أبي الحسن الشاذلي)

- ‌الفصل الثالث: [المعترضون على الصوفية كثيرون]

- ‌(ترجمة الإمام محي الدين بن العربي)

- ‌[الناس في ابن عربي أقسام ثلاثة]

- ‌(ترجمة ابن الفارض)

- ‌(ترجمة ابن سبعين)

- ‌(ترجمة الحلاج)

- ‌[رأى ابن حجر العسقلاني في الحلاج ومن على شاكلته]

- ‌[ابن تيمية يرد القول بولاية الحلاج من وجوه]

- ‌(مكتوب شيخ الإسلام ابن تيمية)

- ‌الفصل الرابع: في الكلام على ما نقله الشيخ ابن حجر من عبارة شيخ الإسلام

- ‌[ابن حجر لا يلتزم أدب المناظرة في النقل]

- ‌[الصوفى المثالى]

- ‌[الصوفى المنحرف]

- ‌[ابن تيمية كان يتشدد في سد ذرائع البدع]

- ‌[رأى ابن تيمية في الولاية والأولياء]

- ‌[لم يكن ابن تيمية وحده هو الذي حارب الفلاسفة]

- ‌[الغزالي يرمى الفلاسفة بالكفر]

- ‌فصل: [في أصنافهم وشمول سمة الكفر كافتهم]

- ‌[رأى لابن تيمية في الفلاسفة]

- ‌[هل يعلم الولى بلغيب

- ‌(ترجمة ابن سينا)

- ‌(ترجمة الإمام أبي حامد الغزالي)

- ‌[مما أخذ عن الغزالي]

- ‌[ليس ابن تيمية أول من انتقد الغزالي]

- ‌[فرق الشيعة وعقائدهم]

- ‌(ترجمة الفضيل بن عياض)

- ‌(ترجمة القشيرى)

- ‌[عقيدة المعتزلة وفرقهم]

- ‌[عقيدة الجهمية]

- ‌[مناظرة شعرية بين أهل السنة والمعتزلة حول رؤية الله]

- ‌[علم الكلام بين مادحيه وقادحيه]

- ‌[رأى ابن تيمية في المتكلمين]

- ‌[التعريف برسائل إخوان الصفا]

- ‌[ترجمة أبي حيان التوحيدى]

- ‌[ابن سينا يرى أن علم الغيب بالنسبة للبشر جار على السنن الطبيعي]

- ‌[بحث في الرؤيا]

- ‌ الروح

- ‌[في الإنسان]

- ‌[الروح حادثة أم هي قديمة

- ‌[مستقر الأرواح في البرزخ]

- ‌[هل تموت الروح

- ‌[قصيدة ابن سينا في الروح ومعارضه الدهلوى لها]

- ‌(ترجمة الإمام أبي بكر بن العربي)

- ‌[الدس في بعض الكتب]

- ‌(ترجمة الإمام المازرى)

- ‌(ترجمة الإمام الطرطوشي)

- ‌(ترجمة الإمام ابن الجوزي)

- ‌(ترجمة ابن عقيل)

- ‌فصل: وأما قول الشيخ ابن حجر:

- ‌[أكاذيب تدفعها حقائق]

- ‌[تعريفه وشروطه]

- ‌[هل يتجزأ الاجتهاد

- ‌[هل يجوز أن يخلو الزمان عن مجتهد

- ‌[فتوى للإمام ابن تيميه عن التقليد]

- ‌[فتوى للإمام ابن تيمية حول جواز تقليد غير الأربعة]

- ‌[هل يجوز الانتقال من مذهب إلى مذهب

- ‌[التقليد في أصول الدين]

- ‌(ترجمة الإمام أحمد بن حنبل)

- ‌[كتاب للإمام أحمد عن السنة]

- ‌[محنة القول بخلق القرآن]

- ‌[نقلة فقه الإمام أحمد]

- ‌((وما ضرنا أنا قليل وجارنا عزيز وجار الأكثرين ذليل))

- ‌[ترجمة الإمام أبو الحسن الأشعري]

- ‌[من أتباع الأشعري]

- ‌[عقيدة الأشعري]

- ‌[ترجمة الإمام البيهقي]

- ‌فصلوقد آن الشروع في أجوبة ما عزاه الشيخ ابن حجر عليه الرحمة إلى الشيخ ابن تيمية

- ‌[رأى ابن تيمية في يمين الطلاق]

- ‌[الطلاق المخالف للسنة]

- ‌[تارك الصلاة عمداً هل يقضى]

- ‌[هل يباح للحائض الطواف بدون كفارة]

- ‌[هل يرد الطلاق الثلاث إلى واحدة]

- ‌[حكم المكوس وهل تقوم مقام الزكاة

- ‌فصل: [في المظالم المشتركة]

- ‌[هل تنجس المائعات بموت حيوان]

- ‌[هل للجنب أن يصلى التطوع ليلاً قبل أن يغتسل

- ‌[شرط الواقف هل يعتبر أو لا

- ‌[اختيارات أخرى ذهب إليها ابن تيميه]

- ‌[رأى ابن تيميه في الحسن والقبح]

- ‌[أفعال العباد]

- ‌[حكم مخالف الإجماع]

- ‌[عقيدة ابن تيميه في كلام الله]

- ‌[فتوى لابن تيميه عن كلام الله]

- ‌[كلام نفيس لابن القيم في الموضوع]

- ‌فصل: [عقيدة ابن القيم وشيخه في القرآن]

- ‌[مقتطفات من نونية ابن القيم]

- ‌فصل: في مذهب الاقترانية

- ‌فصل: في مذهب القائلين بأنه متعلق بالمشيئة والإرادة

- ‌فصل: في مذهب الكرامية

- ‌فصل: في ذكر مذهب أهل الحديث

- ‌فصلوأتى ابن حزم بعد ذاك

- ‌فصلونعتقد أن القرآن كلام الله عز وجل

- ‌فصلونعتقد أن القرآن حروف مفهومة

- ‌فصل: [حروف المعجم أمخلوقة هي أو قديمة

- ‌فصل[البيهقي يستدل لكون القرآن غير مخلوق]

- ‌[القول والكلام يتواردان على معنى واحد]

- ‌[ما جاء في إثباته صفة التكليم والتكلم والقول سوى ما مضى]

- ‌[كيف يكلم الله البشر

- ‌[إسماع الرب ملائكته]

- ‌[الفرق بين التلاوة والمتلو]

- ‌[هل كان ابن تيمية دهرياً يقول بقدم العالم

- ‌[وهل كان يقول بالحسمية والجهة والانتقال]

- ‌[تبرئة ابن تيمية مما نسبه إليه ابن حجر من التجسيم]

- ‌[فوقية الخالق سبحانه]

- ‌[قول الله عز وجل: {أأمنتم من في السماء} [الملك 16]]

- ‌[قول الله عز وجل لعيسى ابن مريم]

- ‌[مجئ الله]

- ‌[مذهب السلف. تنزيه. وتفويض. وتصديق]

- ‌[ليس الاستواء بمعنى الاستيلاء]

- ‌[أنتصار الرازى لتأويلات الخلف]

- ‌[الصفات بين المفوضين والمعطلين]

- ‌[رأى المؤلف في الصفات]

- ‌[مذهب ابن تيمية في الصفات]

- ‌[كلام ابن تيمية في العرش وإحاطة الله بمخلوقاته]

- ‌[أسماء الله وصفاته توقيفية دون زيادة ولا نقصان]

- ‌[ما روى في الحجر الأسود أنه يمين الله وتأويله]

- ‌[عقيدة الشيخ عبد القادر الكيلاني]

- ‌[عقيدة الأشعري]

- ‌[ابن تيمية لم يكن بدعاً من الأئمة حينما رأى ما رأى]

- ‌[لازم المذهب ليس بمذهب]

- ‌[الأقوال في آيات الصفات وأحاديثها]

- ‌[القول في فناء النار]

- ‌[هل الجنة والنار موجودتان؟ وأين؟ وهل هما ابديتان

- ‌[أدلة القائلين بعدم فناء النار]

- ‌[صاحب الكبيرة]

- ‌[عصمة الأنبياء]

- ‌[كلام في التوسل والوسيلة والاستغاثة]

- ‌[أدلة المجوزين للتوسل والإستغاثة]

- ‌[أدلة المانعين للتوصل]

- ‌[حقيقة الشفاعة]

- ‌[سقوط الاستدلال بحديث الأعمى]

- ‌[توسل عمر بالعباس]

- ‌[حديث آدم]

- ‌[حديث الأعرابي]

- ‌[حديث مالك]

- ‌[التبرك بآثار النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌[قيمة المنامات والحكايات في الاستدلال]

- ‌[الحياة البرزخية]

- ‌[مذهب ابن تيمية في التوسل]

- ‌[لا يعبد الله إلا بما شرع]

- ‌[نوعا الشفاعة]

- ‌[هل تنعقد اليمين بغير الله]

- ‌[الوسيلة الجائزة والممنوعة]

- ‌[الاستغاثة بالمشايخ والموتى]

- ‌[إسراف بغيض]

- ‌[هل يشد الرحال لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌[باب زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌[فتوى لابن تيمية في زيارة قبره صلى الله عليه وسلم

- ‌[حكم زيارة القبور بلا شد الرحال]

- ‌[السنن والبدع في زيارة القبور]

- ‌[كيف بدلت التوراة والإنجيل]

- ‌[ابن حجر لا يعدل في القضية]

- ‌[ارتفاع الحدث بماء الورد]

- ‌[حكم المسح على النعلين وما جرى مجراهما]

- ‌[هل يتوقت المسح على الخفين

- ‌[التيمم لخشية فوات الوقت]

- ‌[اختيار لابن تيمية في التيمم]

- ‌[مدة الحيض]

- ‌[مسافة القصر]

- ‌[هل تستبرأ البكر

- ‌[هل يقضى من أكل في وقت الصوم يظنه بليل]

- ‌[المسابقة]

- ‌استبراء المختلعة

- ‌[وطء الوثنيات بملك اليمين]

- ‌[بيع الأصل بالعصير]

- ‌[بيع الفضل بالمصنوع متفاضلاً]

- ‌[تفصيل مسائل الربا]

- ‌[ابن القيم يرى أن ربا الفضل حرم سداً للذرائع]

- ‌[هل يجوز إهداء ثواب القراءة للنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌[هل للإنسان أن يجعل ثواب عمله لغيره]

- ‌[مطلب في إرسال العذبة]

- ‌[حكم بيع المسجد إذا خرب]

- ‌كلمة المطبعة

الفصل: ‌[أسماء الله وصفاته توقيفية دون زيادة ولا نقصان]

واعلم أن العرش سواء كان هذا الفلك التاسع أو جسماً محيطاً به أو كان فوقه من جهة وجه الأرض محيط به أو قيل فيه غير ذلك في غاية الصغير كما قال تعالى: {وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون} [الزمر:67] .

(وفي الصحيحين) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((يقبض الله تبارك وتعالى يوم القيامة ويطوى السماء بيمينه ثم يقول: أنا الملك أين ملوك الأرض)) .

(وفي الصحيحين) عن عبد الله بن عمر عنه عليه الصلاة السلام أنه قال: ((يطوى السموات يوم القيامة ثم يأخذهن بيده اليمنى ثم يقول: أنا الملك أين الجبارون! أين المتكبرون! ثم يطوي الأرضين بشماله ثم يقول: أنا الملك أين الجبارون! اين المتكبرون!)) وفي لفظ: وبتميل رسول الله صلى الله عليه وسلم على يمينه وعلى شماله حتى نظرت إلى المنبر يتحرك من أسفله شئ. وفي رواية أخرى قال: قرأ على المنبر {والأرض جمعياً قبته يوم القيامة الآية. قال: ((مطوية في كفه يرى بها كما يرمى الغلام بالكرة)) ففي هذه الأحاديث وغيرها المتفق على صحتها ما يبين أن السموات والأرض وما بينهما بالنسبة إلى عظمته عز وجل أصغر من أن تكون مع قبضة لها إلا كالشي الصغير في يد أحدنا حتى يدحوها كما تدحى الكرة.

[أسماء الله وصفاته توقيفية دون زيادة ولا نقصان]

ثم قال في الجواب: فما وصف الله تعالى من نفسه وأسمائه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم سميناه كما سماه ولم نتكلف علم سواه فلا نجحد ما وصف ولا نتكلف معرفة ما لم يصف وإذ كان كذلك فهو قادر على أن

ص: 451

يقبضها ويدحوها كالكرة وفي ذلك من الإحاطة بها ما لا يخفى وإن شاء لم يفعل.

وبكل حال فهو مباين لها ليس بمجانب لها

ومن المعلوم أن الواحد منا - والله المثل الأعلى - إذا كان عنده خردلة إن شاء قبضها فأحاطت بها قبضته وإن شاء لم يقبضها بل جعلها تحته فهو في الحالين مباين لها.

وسواء قدر أن العرش هو محيط بالمخلوقات كإحاطة الكرة بما فيها أم قيل إنه فوقها وليس محيطها بها كوجه الأرض الذي نحن عليها بالنسبة إلى جوفها وكالقبة بالنسبة إلى ما تحتها أو غير ذلك فعلى التقدير يكون العرش فوق المخلوقات والخالق سبحانه فوقه والعبد في توجهه إليه عز وجل يقصد العلو دون التحت.

وتمام هذا البحث بأن يقال: لا يخلو إما أن يكون العرش كريا كالأفلاك ويكون محيطها بها وإما أن يكون فوقها وليس بكرى فإن كان الأول فمن المعلوم باتفاق من يعلم هذا أن الأفلاك مستديرة كرية وأن الجهة العليا هي جهة المحيط وهو الحدود وأن الجهة السلفى هي المركز.

وليس للأفلاك إلا جهتان: العلو والسفل فقط، وأما الجهات الست فهي للحيوان فإن له ست جوانب: يؤم جهة فتكون أمامه ويخلف أخرى فتكون خلفه وجهة تحاذى شماله وجهة تحاذى يمينه وجهة تحاذى رأسه وجهة تحاذى رجليه.

وليس لهذه الجهات الست في نفسها صفة لا زمة بل هي بحسب النسبة والإضافة فيكون يمين هذا ما يكون يسار هذا ويكون فوق هذا ما يكون تحت هذا لكن جهة العلو السفل للأفلاك لا تتغير فالمحيط هو

ص: 452

العلو والمركز هو السفل مع أن وجه الأرض التي وضعها الله تعالى للأنام وأرساها بالجبال هو الذي عليه الناس والبهائم وغيرهما.

فأما الناحية الأخرى منها فالبحر محيط بها وليس هناك شيء من الآدميين وما يتبعهم ولو قدر أن هناك أحداً لكان على ظهر الأرض ولم يكن من في هذه الجهة تحت من في هذه الجهة ولا من في هذه تحت من في هذه كما أن الأفلاك محيطة بالمركز وليس أحد جانبي الفلك تحت الآخر تحت ولا القطب الشمالي تحت الجنوبي ولا بالعكس وإن كان الشمالي هو الظاهر لنا بحسب بعد الناس عن خط الاستواء.

فما كان بعده عن خط الاستواء ثلاثين درجة مثلا كان ارتفاع القطب عنده ثلاثين درجة وهو الذي يسمى عرض البلد. فكما أن جوانب الأرض المحيطة بها وجوانب الفلك المستدير ليس بعضها فوق بعض ولا تحته، فكذلك من يكون على الأرض لا يقال إنه تحت أولئك، وإنما هذا خيال يتخيله الإنسان وهو تحت إضافي، كما لو كانت نملة تمشى تحت سقف فالسقف فوقها وإن كانت رجلاها تحاذيه.

وكذلك من علق منكوساً فإنه تحت السماء وإن كان رجلاه تلى السماء. وكذلك قد يتوهم الإنسان إذا كان في أحد جانبي الأرض أو الفلك أن الجانب الآخر تحته، وهذا أمر لا يتنازع فيه أثنان ممن يقول: إن الأفلاك مستديرة، وهذا كما انه قول اهل الهيئة والحساب فهو الذى عليه علماء المسلمين، كما ذكره أبو الحسين المناوي، وأبو محمد بن حزم، وأبو الفرج بن الجوزى، وغيرهم، وهو المأخوذ من قول ابن عباس وغيره.

ومن ظن أن من يكون في الفلك من ناحية يكون من في الفلك من الناحية الأخرى في نفس الأمر فهو متوهم عندهم.

فإذا كان الأمر كذلك، فإذا قدر أن العرش مستدير محيط بالمخلوقات

ص: 453

كان هو أعلاها وسقفها، وهو فوقها مطلقاًُ فلا يتوجه إليه وإلى ما فوقه الإنسان إلا من العلو. ومن توجه إلى الفلك الثامن أو التاسع مثلاً من غير جهة العلو بانفاق العقلاء، فكيف بالتوجه إلى العرش، أو إلى ما فوقه ! .

وغاية ما يقدر أن يكون كرى الشكل، والله تعالى محيط بالمخلوقات كلها إحاطة تليق بجلاله، فإن السماوات السبع والأرض في يده أصغر من الحمصة في يد أحدنا.

وأما قول القائل: إذا كان كرياً والله من ورائه محيط بائن عنه فما فائدة التوجه إلى العلو دون التحت، ومع هذا نجد في قلوبنا قصد العلو؟ فيقال: هذا إنما ورد لتوهم أن نصف الفلك يكون تحت الأرض وتحت ما على وجه الأرض من الآدميين والبهائم.

وهذا غلط، فلو كان الفلك تحت الأرض من جهة لكان تحتها من كل جهة، فكان يلزم أن يكون تحت الأرض مطلقاً. وهذا قلب للحقائق إذ الفلك هو فوق الأرض مطلقاً.

وأهل الهيئة يقولون: لو أن الأرض مخروقة إلى ناحية أرجلنا وألقى في الخرق شء ثقيل كالحجر ونحوه لكان ينتهى إلى المركز، حتى لو ألقى من تلك الناحية جحر آخر لالتقيا جميعاً في المركز، أى الذى هو النقطة المتوسطة في كرة الأرض.

ولو قدر إن إنسانين التقيا في المركز بدل الحجر لا لتقت رجلاهما ولم يكن أحدهما تحت الآخر، بل كلاهما فوق المركز وكلاهما تحت الفلك. وإذا كان مطلوب أحد ما فوق الفلك لم يطلبه إلا من الجهة العليا، لأن مطلوبه من تلك الجهة أقرب، لأنه لو قدر أن رجلاً أو ملكاً يصعد إلى السماء كان صعوده مما يلى، ولا يقول عاقل إنه يخرق الأرض ثم يصعد من تلك

ص: 454

الناحية أو يدهب يميناص أو شمالاً ثم يصعد. ولو أن رجلاً أراد مخاطبة القمر فإنه لا يخاطبه إلا من الجهة العليا، مع أنه قد يشرق ويغرب، فكيف بما هو فوق كل شئ لا يأفل ولا يغيب. سبحانه وتعالى! وكما أن حركة الحجر تطلب مركزها بأقصر طريق وهو الخط المستقيم، فالطلب الإدارى الذى يقوم بقلوب العباد، كيف يعدل عن الصراط المستقيم - إلى أن قال: وحديث الإدلاء الذى رواه أبو هريرة، وأبو ذر، قد رواه الترمذى وغيره من حديث الحسن عن أبي هريرة وهو منقطع، فإن الحسن لم يسمع من أبي هريرة، ولكن يقويه حديث أبي ذر المرفوع، فإن كان ثابتاً فمعناه موافق لهذا. فإن قوله عليه الصلاة والسلام:((لو أدلى أحدكم بحبل لهبط على الله)) إنما هو تقدير مفروض: أى لو وقع الإدلاء لوقع عليه، لكنه لا يمكن أن يدلى احد على الله عز وجل شيئاً، لأنه عال بالذات. وإذا أهبط شئ إلى جهة الأرض وقف في المركز.

والمقصود بيان إحاطة الخالق سبحانه، كما بين انه يقبض السماوات ويطوى الأرض، ونحو ذلك مما فيه من بيان إحاطته تعالى، ولهذا قرا في تمام الحديث:{هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شئ عليم} [الحديد 3] . وهذا كله على تقدير صحته، فإن الترمذى لما رواه قال: وفسره بعض اهل العلم بانه هبط على علم الله. وبعض الحلولية والاتحادية يظن أن فيه ما يدل على زعمه الباطل، من أنه سبحانه حال بذاته في كل مكان، أو أن وجوده وجود الأمكنة ونحو ذلك. وكذلك تاويله بالعلم غير مستقيم، بلى على تقدير ثبوته، فالمراد به الإحاطة، ونحن لا نتكلم إلا بما نعلم، وما لم نعلمه أمسكنا عنه، وقد فطر الله تعالى الناس على التوجه في الدعاء إلى جهة العلو، وقال تعالى:{فأقم وجهك للدين حنيفاً فطرة الله التى فطر الناس عليها} [الروم 3] فجاءت الشريعة بالعبادة والدعاء بما يوافق الفطرة.

ص: 455