المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

ومع هذا فلعله اتبع في ذلك أقوال الفاروق، وباب مدينة - جلاء العينين في محاكمة الأحمدين

[ابن الألوسي]

فهرس الكتاب

- ‌[سبب تأليف الكتاب]

- ‌[ابن حجر ينال من ابن تيمية]

- ‌[ترجمة شيخ الإسلام ابن تيمية]

- ‌[الحافظ الذهبي يتحدث عن ابن تيمية]

- ‌[الحافظ ابن كثير أيضاً]

- ‌[ما كتبه الزملكاني]

- ‌[كلام للسيوطي في ابن تيمية]

- ‌[رأى الحافظ ابن سيد الناس في ابن تيمية]

- ‌[رأى ابن الوردى]

- ‌[رأى الواسطى]

- ‌[رأى ابن دقيق العيد]

- ‌[رأى العلامة السبكي]

- ‌[رأى الحافظ ابن حجر العسقلاني]

- ‌[المؤمنون يفتنون]

- ‌فصل:في تبرئة الشيخ مما نسب إليه وثناء المحققين المتأخرين عليه

- ‌[شهادة الكورانى]

- ‌[شهادة السويدي البغدادي]

- ‌[شهادة الآلوسي والد المؤلف]

- ‌فصل: (في قول العلامة ابن حجر المتقدم سابقاً)

- ‌(ترجمة الإمام السبكي)

- ‌(في رد اليافعي على السبكي)

- ‌(مطلب كلام السبكي)

- ‌(الجواب من اليافعي)

- ‌(ترجمة القاضي تاج الدين السبكي)

- ‌(ترجمة العز بن جماعة)

- ‌(ترجمة الزملكاني)

- ‌(ترجمة أبي حيان)

- ‌(ترجمة ابن حجر الهيتمي)

- ‌(ترجمة ابن حجر العسقلاني)

- ‌فصل: يشتمل على مقصدين

- ‌المقصد الأول: في تراجم بعض آباء الشيخ ابن تيمية وأقربائه

- ‌(ترجمة المجد ابن تيمية)

- ‌(ترجمة عبد الحليم بن تيمية)

- ‌(ترجمة عبد الغني بن تيمية)

- ‌(ترجمة شرف الدين بن تيمية)

- ‌(ترجمة محمد بن تيمية)

- ‌(ترجمة زينب بنت تيمية)

- ‌المقصد الثاني: في ترجمة بعض تلامذته الكرام المشهورين وترجمة المثنين عليه من العلماء المتأخرين

- ‌(ترجمة الإمام ابن القيم)

- ‌(ترجمة الحافظ الذهبي)

- ‌(ترجمة شمس الدين ابن قداه)

- ‌(ترجمة ابن قاضي الجبل)

- ‌(ترجمة الطوفى الصرصري)

- ‌(ترجمة ابن الوردى)

- ‌(ترجمة زين الدين الحراني)

- ‌(ترجمة ابن مفلح)

- ‌(ترجمة شرف الدين ابن المنجا)

- ‌[ترجمة بعض تلامذة الإمام الذين تأثروا به ولم يعاصروه]

- ‌(ترجمة ابن ناصر)

- ‌(ترجمة الشيخ إبراهيم الكوراني)

- ‌(ترجمة منلا على القارئ)

- ‌(ترجمة العلامة السويدي البغدادي)

- ‌(ترجمة شهاب الدين مفتى الحنفية ببغداد الألوسي البغدادي)

- ‌(ترجمة مسند الوقت أحمد ولى الله الدهلوي)

- ‌(ترجمة العلامة الشوكاني)

- ‌(ترجمة الإمام الأجر أبي الطيب)

- ‌فصل: (في الجرح والتعديل)

- ‌(لا يؤخذ بقول العلماء في طعن بعضهم بعضاً)

- ‌(فيمن طعن في معاصروه)

- ‌[لغرض أو مرض هوجم ابن تيمية]

- ‌فصل: (في كلام العلامة ابن حجر فيما يتعلق بكتب الصوفية)

- ‌الفصل الأول: (في عقيدة الإمام ابن تيمية)

- ‌[إجلاله للصحابة]

- ‌[ابن تيمية والشاذلي]

- ‌(ترجمة أبي الحسن الشاذلي)

- ‌الفصل الثالث: [المعترضون على الصوفية كثيرون]

- ‌(ترجمة الإمام محي الدين بن العربي)

- ‌[الناس في ابن عربي أقسام ثلاثة]

- ‌(ترجمة ابن الفارض)

- ‌(ترجمة ابن سبعين)

- ‌(ترجمة الحلاج)

- ‌[رأى ابن حجر العسقلاني في الحلاج ومن على شاكلته]

- ‌[ابن تيمية يرد القول بولاية الحلاج من وجوه]

- ‌(مكتوب شيخ الإسلام ابن تيمية)

- ‌الفصل الرابع: في الكلام على ما نقله الشيخ ابن حجر من عبارة شيخ الإسلام

- ‌[ابن حجر لا يلتزم أدب المناظرة في النقل]

- ‌[الصوفى المثالى]

- ‌[الصوفى المنحرف]

- ‌[ابن تيمية كان يتشدد في سد ذرائع البدع]

- ‌[رأى ابن تيمية في الولاية والأولياء]

- ‌[لم يكن ابن تيمية وحده هو الذي حارب الفلاسفة]

- ‌[الغزالي يرمى الفلاسفة بالكفر]

- ‌فصل: [في أصنافهم وشمول سمة الكفر كافتهم]

- ‌[رأى لابن تيمية في الفلاسفة]

- ‌[هل يعلم الولى بلغيب

- ‌(ترجمة ابن سينا)

- ‌(ترجمة الإمام أبي حامد الغزالي)

- ‌[مما أخذ عن الغزالي]

- ‌[ليس ابن تيمية أول من انتقد الغزالي]

- ‌[فرق الشيعة وعقائدهم]

- ‌(ترجمة الفضيل بن عياض)

- ‌(ترجمة القشيرى)

- ‌[عقيدة المعتزلة وفرقهم]

- ‌[عقيدة الجهمية]

- ‌[مناظرة شعرية بين أهل السنة والمعتزلة حول رؤية الله]

- ‌[علم الكلام بين مادحيه وقادحيه]

- ‌[رأى ابن تيمية في المتكلمين]

- ‌[التعريف برسائل إخوان الصفا]

- ‌[ترجمة أبي حيان التوحيدى]

- ‌[ابن سينا يرى أن علم الغيب بالنسبة للبشر جار على السنن الطبيعي]

- ‌[بحث في الرؤيا]

- ‌ الروح

- ‌[في الإنسان]

- ‌[الروح حادثة أم هي قديمة

- ‌[مستقر الأرواح في البرزخ]

- ‌[هل تموت الروح

- ‌[قصيدة ابن سينا في الروح ومعارضه الدهلوى لها]

- ‌(ترجمة الإمام أبي بكر بن العربي)

- ‌[الدس في بعض الكتب]

- ‌(ترجمة الإمام المازرى)

- ‌(ترجمة الإمام الطرطوشي)

- ‌(ترجمة الإمام ابن الجوزي)

- ‌(ترجمة ابن عقيل)

- ‌فصل: وأما قول الشيخ ابن حجر:

- ‌[أكاذيب تدفعها حقائق]

- ‌[تعريفه وشروطه]

- ‌[هل يتجزأ الاجتهاد

- ‌[هل يجوز أن يخلو الزمان عن مجتهد

- ‌[فتوى للإمام ابن تيميه عن التقليد]

- ‌[فتوى للإمام ابن تيمية حول جواز تقليد غير الأربعة]

- ‌[هل يجوز الانتقال من مذهب إلى مذهب

- ‌[التقليد في أصول الدين]

- ‌(ترجمة الإمام أحمد بن حنبل)

- ‌[كتاب للإمام أحمد عن السنة]

- ‌[محنة القول بخلق القرآن]

- ‌[نقلة فقه الإمام أحمد]

- ‌((وما ضرنا أنا قليل وجارنا عزيز وجار الأكثرين ذليل))

- ‌[ترجمة الإمام أبو الحسن الأشعري]

- ‌[من أتباع الأشعري]

- ‌[عقيدة الأشعري]

- ‌[ترجمة الإمام البيهقي]

- ‌فصلوقد آن الشروع في أجوبة ما عزاه الشيخ ابن حجر عليه الرحمة إلى الشيخ ابن تيمية

- ‌[رأى ابن تيمية في يمين الطلاق]

- ‌[الطلاق المخالف للسنة]

- ‌[تارك الصلاة عمداً هل يقضى]

- ‌[هل يباح للحائض الطواف بدون كفارة]

- ‌[هل يرد الطلاق الثلاث إلى واحدة]

- ‌[حكم المكوس وهل تقوم مقام الزكاة

- ‌فصل: [في المظالم المشتركة]

- ‌[هل تنجس المائعات بموت حيوان]

- ‌[هل للجنب أن يصلى التطوع ليلاً قبل أن يغتسل

- ‌[شرط الواقف هل يعتبر أو لا

- ‌[اختيارات أخرى ذهب إليها ابن تيميه]

- ‌[رأى ابن تيميه في الحسن والقبح]

- ‌[أفعال العباد]

- ‌[حكم مخالف الإجماع]

- ‌[عقيدة ابن تيميه في كلام الله]

- ‌[فتوى لابن تيميه عن كلام الله]

- ‌[كلام نفيس لابن القيم في الموضوع]

- ‌فصل: [عقيدة ابن القيم وشيخه في القرآن]

- ‌[مقتطفات من نونية ابن القيم]

- ‌فصل: في مذهب الاقترانية

- ‌فصل: في مذهب القائلين بأنه متعلق بالمشيئة والإرادة

- ‌فصل: في مذهب الكرامية

- ‌فصل: في ذكر مذهب أهل الحديث

- ‌فصلوأتى ابن حزم بعد ذاك

- ‌فصلونعتقد أن القرآن كلام الله عز وجل

- ‌فصلونعتقد أن القرآن حروف مفهومة

- ‌فصل: [حروف المعجم أمخلوقة هي أو قديمة

- ‌فصل[البيهقي يستدل لكون القرآن غير مخلوق]

- ‌[القول والكلام يتواردان على معنى واحد]

- ‌[ما جاء في إثباته صفة التكليم والتكلم والقول سوى ما مضى]

- ‌[كيف يكلم الله البشر

- ‌[إسماع الرب ملائكته]

- ‌[الفرق بين التلاوة والمتلو]

- ‌[هل كان ابن تيمية دهرياً يقول بقدم العالم

- ‌[وهل كان يقول بالحسمية والجهة والانتقال]

- ‌[تبرئة ابن تيمية مما نسبه إليه ابن حجر من التجسيم]

- ‌[فوقية الخالق سبحانه]

- ‌[قول الله عز وجل: {أأمنتم من في السماء} [الملك 16]]

- ‌[قول الله عز وجل لعيسى ابن مريم]

- ‌[مجئ الله]

- ‌[مذهب السلف. تنزيه. وتفويض. وتصديق]

- ‌[ليس الاستواء بمعنى الاستيلاء]

- ‌[أنتصار الرازى لتأويلات الخلف]

- ‌[الصفات بين المفوضين والمعطلين]

- ‌[رأى المؤلف في الصفات]

- ‌[مذهب ابن تيمية في الصفات]

- ‌[كلام ابن تيمية في العرش وإحاطة الله بمخلوقاته]

- ‌[أسماء الله وصفاته توقيفية دون زيادة ولا نقصان]

- ‌[ما روى في الحجر الأسود أنه يمين الله وتأويله]

- ‌[عقيدة الشيخ عبد القادر الكيلاني]

- ‌[عقيدة الأشعري]

- ‌[ابن تيمية لم يكن بدعاً من الأئمة حينما رأى ما رأى]

- ‌[لازم المذهب ليس بمذهب]

- ‌[الأقوال في آيات الصفات وأحاديثها]

- ‌[القول في فناء النار]

- ‌[هل الجنة والنار موجودتان؟ وأين؟ وهل هما ابديتان

- ‌[أدلة القائلين بعدم فناء النار]

- ‌[صاحب الكبيرة]

- ‌[عصمة الأنبياء]

- ‌[كلام في التوسل والوسيلة والاستغاثة]

- ‌[أدلة المجوزين للتوسل والإستغاثة]

- ‌[أدلة المانعين للتوصل]

- ‌[حقيقة الشفاعة]

- ‌[سقوط الاستدلال بحديث الأعمى]

- ‌[توسل عمر بالعباس]

- ‌[حديث آدم]

- ‌[حديث الأعرابي]

- ‌[حديث مالك]

- ‌[التبرك بآثار النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌[قيمة المنامات والحكايات في الاستدلال]

- ‌[الحياة البرزخية]

- ‌[مذهب ابن تيمية في التوسل]

- ‌[لا يعبد الله إلا بما شرع]

- ‌[نوعا الشفاعة]

- ‌[هل تنعقد اليمين بغير الله]

- ‌[الوسيلة الجائزة والممنوعة]

- ‌[الاستغاثة بالمشايخ والموتى]

- ‌[إسراف بغيض]

- ‌[هل يشد الرحال لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌[باب زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌[فتوى لابن تيمية في زيارة قبره صلى الله عليه وسلم

- ‌[حكم زيارة القبور بلا شد الرحال]

- ‌[السنن والبدع في زيارة القبور]

- ‌[كيف بدلت التوراة والإنجيل]

- ‌[ابن حجر لا يعدل في القضية]

- ‌[ارتفاع الحدث بماء الورد]

- ‌[حكم المسح على النعلين وما جرى مجراهما]

- ‌[هل يتوقت المسح على الخفين

- ‌[التيمم لخشية فوات الوقت]

- ‌[اختيار لابن تيمية في التيمم]

- ‌[مدة الحيض]

- ‌[مسافة القصر]

- ‌[هل تستبرأ البكر

- ‌[هل يقضى من أكل في وقت الصوم يظنه بليل]

- ‌[المسابقة]

- ‌استبراء المختلعة

- ‌[وطء الوثنيات بملك اليمين]

- ‌[بيع الأصل بالعصير]

- ‌[بيع الفضل بالمصنوع متفاضلاً]

- ‌[تفصيل مسائل الربا]

- ‌[ابن القيم يرى أن ربا الفضل حرم سداً للذرائع]

- ‌[هل يجوز إهداء ثواب القراءة للنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌[هل للإنسان أن يجعل ثواب عمله لغيره]

- ‌[مطلب في إرسال العذبة]

- ‌[حكم بيع المسجد إذا خرب]

- ‌كلمة المطبعة

الفصل: ومع هذا فلعله اتبع في ذلك أقوال الفاروق، وباب مدينة

ومع هذا فلعله اتبع في ذلك أقوال الفاروق، وباب مدينة العلم، وترجمان القرآن، وابن مسعود، وأبي هريرة القائل: أخذت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعاءين

الحديث الشهير. فتدبر جميع ما حررناه لك من كلام العلماء الأخيار، وأسأله سبحانه أن ينجينا وإياك من النار، ويسكننا الجنة دار القرار. آمين.

[عصمة الأنبياء]

(قوله: وقال الأنبياء غير معصومين) أقول: قد أجمل العلامة، ابن حجر هذا التشنيع، لم يبين المراد من ذلك، هل عدم العصمة قبل النبوة أم بعدها؟ وهل ذلك من الكبائر أو التغائر؟ ومع هذا فانت تعلم أن مسألة العصمة أختلفت فيها علماء الأمة، وأن الشيخ ابن تيمية ذكر في كتبه ما ذكره غيره مما يتعلق في مسألة العصمة، فقد نقل الشيخ السفاريني في شرح منظومته، انه قال: الناس متقفون على أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام معصومون فيما يبلغونه عن الله تعالى، فلا يستقر في ذلك خطأ باتفاق المسلمين، ولكن هل بصدر منهم ما يستدركه الله تعالى فينسخ ما يلقى الشيطان ويحكم الله ىياته؟ هذا فيه قولان. قال. والمأثور عن السلف يوافق القول بذلك. قال: وأما العصمة في غير ما يتعلق بتبليغ الرسالة فللناس فيه نزاع: هل هو ثابت بالعقل أو بالسمع ومتنازعون في العصمة من الكبائر والصغائر، أو من بعضها، أو هل العصمة إنما هي في الإقرار عليها لا في فعلها. وقيل: لا يجب القول في العصمة إلا بالتبليغ فقط. وهل تجب العصمة من الكفر والذنوب قبل البعث أم لا؟ قال: والذى عليه الجمهور الموافق للاثارة: إثبات العصمة من الإقرار على الذنوب مطلقاً.

قال: ووقوع الذنب إذا لم يقر عليه ما يحصل منه تنفير ولا نقص؟ فإن التوبة النصوح يرفع بها صاحبها أكثر مما كان أو لا. وكذلك التأسي بهم إنما هو فيما أقروا عليه بدليل النسخ ونحوه. أهـ.

ص: 489

وقال السعد التفتاراني في شرح النسفية: إن الأنبياء عليهم السلام معصومون عن الكذب، خصوصاً فيما يتعلق بأمر الشرائع وتبليع الأحكام / وإرشاد الأمة، أما عمداً فبالإجماع، وأما سهوا فعند الأكثرين. وفي عصمتهم عن سائر الذنوب تفصيل، وهو أنهم معصومون عن الكفر قبل الوحي وبعده بالإجماع، وكذا عن تعمد الكبائر عند الجمهور خلافاً للحشوية، وإنما الخلاف في أمتناعه بدليل السمع أو العقل، وأما سهواً فجوزه الأكثرون واما الصغائر فتجوز عمداً عند الجمهور خلافاً للجبائي واتباعه، وتجوز سهواً بالاتفاق، إلا بدليل على الخسة كسرقة لقمة، والتطفيف بحبة، لكن المحققين اشترطوا أن ينبهوا عليه فينتهوا عنه.

هذا كله بعد الوحي، وأما قبله فلا دليل على أن امتناع صدور الكبيرة. وذهبت المعتزلة إلى امتناعها، لأنها تودب النفرة المانعة عن اتباعهم فتفوت مصلحة البعثة.

والحق منع ما يوجب النفرة كعهر الأمهات والفجور، والصغائر الدالة على الخسة. ومنع الشيعة صدور الصغيرة والكبيرة قبل الوحي وبعده، لكنهم جوزوا إظهار الكفر تقيه.

إذا تقرر هذا. فما نقل عن الأنبياء مما يشعر بكذب أو معصية، فما كان منقولاً بطريق الآحاد فمردود، وما كان بطريق التواتر فمصروف عن الظاهر إن أمكن. وإلا فمحمول على ترك الأولى أو كونه قبل البعثة. وتفصيل ذلك في الكتب المبسوطة. أهـ.

وقال الوالد تغمده الله تعالى برحمته، وأسكنه فسيح جناته، في تفسير قوله تعالى:{وعصى آدم ربه فغوى} ما نصه: وعصى آدم ربه، بما ذكر من أكل الشجرة، وأوعن الرشد حيث اغتر بقول العدو. وقيل:

ص: 490

غوى أى فسد عليه عيشه، ومنه يقال: الغوى الرضاع. وقرئ ((فغوى)) بفتح الغين وكسر الواو وفتح الياء: أى فبشم من كثرة الأكل، من غوى الفصيل: إذا أنحم من اللبن، وبه فسرت القراءة الأخرى.

وتعقب ذلك الزمخشرى فقال: وهذا وإن صح على لغة من يقلب الياء المكسورة ما قبلها ألفاً فيقول في فنى وبقى: فنى وبقى بالألف، ،هم بنو طيئ تفسير خبيث. وظاهر الآية يدل على أن ما وقع من الكبائر 0 وهو المفهوم من كلام الإمام - فإن كان صدور بعد البعثة تعمداً من غير نسيان ولا تأويل أشكل على ما اتفق عليه المحققون، والأئمة المتفقون، من وجوب عصمة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بعد البعثة عن صدور مثل ذلك منهم على ذلك الوجه.

ولا يكاد يقول بذلك إلا الأزارقة من الخوارج، فإنهم - عليهم ما يستحقون - جوزوا الكفر عليهم، وحاشاهم! فما دونه أولى بالتجويز، وإن كان صدوره قبل البعثة كما قال به جمع.

وقال الإمام: إنه مذهبنا، فإن كان تعمداً أشكل على قول أكثر المعتزلة والشيعة بعصمتهم عليهم السلام عن صدور مثل ذلك تعمداً قبل البعثة أيضاً.

نعم، لا إشكال فيه على ما قاله القاضي أبو بكر من أنه لا يمتنع عقلاً ولا سمعاً أن يصدر من النبي صلى الله عليه وسلم قبل نبوته معصية مطلقاً، بل لا يمتنع عقلاً إرسال من اسلم بعد كفره، ووافقه على ذلك - كما قال الآمدى في أبكار الأفكار - أكثر الأصحاب وكثير من المعتزلة. وإن كان سهواً كما يدل عليه قوله تعالى، {فنسى ولم نجد له عزماً} بناء على احد القولين فيه أشكل على ما نقل عن الشيعة من منع صدور الكبيرة سهواً قبل البعثة أيضاً، ولا إشكال فيه على ما سمعت عن القاضي أبي بكر، وإن كان بعد البعثة سهواً أشكل أيضاً عند بعض دون بعض، فقد عضد الملة في

ص: 491

المواقف: إن الأكثرين جوزوا صدور الكبيرة يعنى ما عدا الكفر والكذب فيما دلت المعجزة على صدقهم عليه السلام فيه سهوا على سبيل الخطأ منهم.

وقال العلامة الشريف المختار خلافه. وذهب كثير إلى أن ما وقع صغيرة والآمر عليه هين، فإن الصغائر الغير المشعرة بالخسة تجوز - على ما ذكره العلامة الثاني في شرح العقائد - صدورها منهم عليه السلام عمداً بعد البعثة عند الجمهور، خلافاً للجبائي وأتباعه. ويجوز صدورها سهواً بالاتفاق.

لكن المحققين اشترطوا على أن ينتهوا على ذلك فينتهوا عنه.

نعم، ذكر في شرح المقاصد عصمتهم عن صدور ذلك عمداً. والأحوط نظراً إلى مقام آدم عليه السلام أن يقال: إن صدور ما ذكر منه كان قبل النبوة، وكان سهواً أو عن تاويل، إلا أنه عظم المر عليه وعظم لديه، نظراً إلى علو شانه، ومزيد فضل الله تعالى عليه وإحسانه. وقد شاع:((حسنات الأبرار سيئات المقربين)) . ومما يدل على استعظام ذلك منه لعلو شأنه عليه السلام ما اخرجه البيهقي في شعب الإيمان عن ابي عبد الله المغربي قال: تفكر إبراهيم في شأن آدم عليها السلام فقال: يارب، خلقته بيدك، ونفخت فيه من روحك، وأسجدت له ملائكتك، ثم بذنب واحد ملأت أفواه الناس من ذكر معصيته)) ؟ فأوحى الله تعالى إليه ((يا إبراهيم، أما علمت أن مخالفة الحبيب على الحبيب شديدة)) ؟ .

وذكر بعضهم أن في استعظام ذلك منه عليه السلام زجراً بليغاً لأولاده عن أمثاله. وعلى العلات لا ينبغي لأحد أن ينسب إليه العصيان اليوم، وأن يخبر بذلك، إلا أن يكون تألياً لما تضمن ذلك، أو راوياً له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. واما أن يكون مبتدئاً من قبل نفسه فلا. وقد صرح أبو بكر بن العربي بعدم جواز نسبة العصيان للآباء الأدنين إلينا المماثلين لنا، فكيف يجوز لأبينا الأقدم، والنبي المقدم الأكرم؟ وارتضى

ص: 492

ذلك القرطبي، وادعى أن ابتداء الإخبار بشئ من صفات الله تعالى المتشابهة كاليد والنزول أولى بالمنع وعدم الجواز.

ثم إن ما وقع كان في الحقيقة بمحض قضاء الله تعالى وقدره، وإلا فقد روى عن أبي أمامه الباهلى والحسن: أن عقله عليه السلام مثل عقل جميع ولده. وعداوة إبليس عليه اللعنة له عليه السلام في غاية الظهور. وفي ذلك دليل على أنه لا ينتفع عقل، ولا يغني شئ في جنب تقدير الله تعالى وقضائه - أهـ.

وأنت تعلم ما ورد في القرآن الكريم بما يخالف كقصة إبراهيم عليه السلام وغيرها، وقد أوله العلماء المفسرون، والأئمة المدققون، فإن أردت الإحاطة فعليك بكتب التفسير والعقائد، ففيهما، يرتوى كل ظمآن وارد.

(واقول) : قد رمى حجة الإسلام الغزالي أيضاً بأكبر مارمى به الشيخ ابن تيمية في هذه المسالة الأصولية، حتى نسب إليه بعضهم تنقيص النبي المعصوم صلى الله عليه وسلم، ونسبوا ذلك الإمام إلى الكفر، وحاشاه في هذا المقام! فقد رأيت في فتوى الشيخ ابن تيمية أنه سئل عن رجلين تكلما في مسالة التكفير فقال أحدهما: إن من نقص الرسول صلى الله عليه وسلم، وتكلم بما يدل على النقص كفر، ولو كفرنا كل عالم بمثل ذلك لزم أن نكفر الإمام الغزالي، فإنه ذكر في بعض كتبه تخطئه الرسول صلى الله عليه وسلم في مسألة تأبير النخل، فهل يلزم من ذلك تنقيصه - أرواحنا له الفداء.

لم يلزم تعزيز من كفر العلماء؟ فأجاب بما ملخصه: إن كلام الغزالي المذكور ليس فيه تنقيص والعياذ بالله تعالى، لمقام سيد المرسلين، والنبي الأمين. ولا يجوز تكفير عالم من علماء المسلمين إذا اجتهد في مسألة واخطأ فيها، فإن تسليط الجهال على تكفير علماء الإسلام أعظم المنكرات.

ص: 493

وقد اتفق أهل السنة أن كل يؤخذ منه ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس كل من ترك كلامه لخطيئة يكفر أو يفسق، بل ولا يؤثم، وقال الله تعالى في دعاء المؤمنين:{ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا او أخطأنا} الآية.

واتفق علماء المسلمين على انه لا يكفر أحد من علماء المسلمين المنازعين في عصمة الأنبياء عليهم السلام. فالذين قالوا: إنه يجوز عليهم الصغائر والخطأ، ،لا يقرون على ذلك لم يكفر أحد منهم بذلك، بإتفاق المسلمين فغن هؤلاء يقولون: إنهم معصومون من الإقرار على ذلك، ولو كفر هؤلاء لزم تكفير كثير من ائمة المذاهب الأربعة والأشعرية واهل الحديث والتفسير والصوفية، وهم ليسوا كفاراً باتفاق المسلمين، والذى حكاه عن الشيخ أبي حامد الغزالي قد قاله أيضاً الشيخ أبو حامد الأسفرايني، الذى هو غمام المذهب بعد الشافعي وابن سريج، وذلك قوله: إن عندنا أن النبي صلى الله عليه وسلم يجوز عليه الخطا، كما يجوز علينا، لكن الفرق بيننا وبينه أن تقر عليه والنبي صلى الله عليه وسلم لا يقر عليه، وإنما يسهوا ليسن لنا، كما روى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:((إنما أسهو لأسن لكم)) وهذه المسالة قد ذكرها في أصول الفقه جماعة من العلماء، منهم هذا الشيخ أبو حامد، وأبو الطبيب الطبرى، والشيخ أبو إسحاق الشيرازى، وغيرهم.

ومنهم من ادعى إجماع السلف على هذا القول، حق قال أبو الحسن الآمدى: إن أكثر الأشعرية والمعتزلة ليقولون بذلك، والمسالة عندهم من الظنيات، كما صرح بذلك الأستاذ أبو المعالى، فكيف يكفر علماء المسلمين مسائل الظنون، وذهابهم إلى عدم العصمة من الصغائر، وإلى الخطأ الذى لا يقرون عليه عليهم الصلاة والسلام، فمن نسب إلى هؤلاء الأئمة الكفر فعليه الإثم وشديد التعزير. أهـ.

ص: 494