الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إنه يصبر إلى ان يقدر على الماء. أهـ. وقال المالكى في التوضيح على قول الماتن: وكذلك الحاضر الصحيح يخشى فوات الوقت على المشهور، ولا يعيد ما نصه: منشأ الخلاف هل تتناول الآية الحاضر أو هي مختصة بالمريض والمسافر، وذلك لأنه تعالى قال:{وإن كنتم مرضى أو على سفر} الآية، فإن حملنا ((أو)) على بابها فيكون قوله {أو جاء أحد منكم من الغائط أو لمستم النساء} مطلقاً، ولا يختص بمريض ولا مسافر، وإن جعلناهم بمعنى الواو خصت المريض والمسافر، لأن التقدير: وإن كنتم مرضى أو على سفر وجاء أحد منكم من الغائط. والمشهور أظهر لحمل ((أو)) على حقيقتها. ومقابل المشهور لمالك أنه يطلب الماء وإن خرج الوقت. والمشهور أيضاً أنه لا إعادة عليه. أهـ. ملخصاً.
والتيمم لصلاة الجنازة مختلف فيه عند المالكية أيضاً، وكذا لو خشى فوات الجمعة فقولان. قال الشارح في توضيحه: القول بالمنع لأشهب. قال: فإن فعل لم يجزه. والقول بالجواز حكاه ابن القصار وغيره. قال ابن عطاء الله: ومنشأ الخلاف هل الجمعة فرض يومها أو بدل عن الظهر. أهـ.
وظاهر المذهب أنه لا يتيمم لها. قال ابن يونس: قال بعض المتأخرين: لو قيل يتيمم ويدرك الجمعة، ثم يتوضأ ويعيد احتياطاً ما بعد. أهـ. ما في التوضيح فليتدبر، وسيأتى قريباً ما يوضحه إن شاء الله تعالى.
[اختيار لابن تيمية في التيمم]
(قال ابن رجب: واختار أن المرأة إذا لم يمكنها من الاغتسال. إلخ) - أقول: هذا قريب مما مر. وقال الشيخ محيى الدين عليه الرحمة في الفتوحات (باب كون التيمم بدلاً عن الوضوء باتفاق، ومن الكبرى بخلاف) - أتفق بالشريعة أن التيمم بدل من الطهارة الصغرى والكبرى،
ونحن لا نقول فيها: إنها طهارة مشروعة مخصوصة اعتبرها الشرع، فإنه ما ورد شرع عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا من الكتاب العزيز أن التيمم بدل، فلا فرق بين التيمم وبين كل طهارة مشروعة. وإنما قلنا مشروعة، لأنها ليست بطهارة لغوية.
واتفق علماء الشريعة على أن التيمم يجوز للمريض والمسافر. واختلفوا في المريض يجد الماء ويخاف من استعماله، فمن قائل بجواز التيمم له، وبه أقول ولا إعادة عليه. ومن قائل: لا يتيمم مع وجود الماء، سواء في ذلك المريض والخائف. ومن قائل: يتيمم، وإن وجد الماء قبل خروج الوقت توضأ وأعاد، وإن وجد الماء بعده لا إعادة عليه. واختلفوا في الحاضر إذا عدم الماء، فمن قائل: يجوز التيمم له، وبه أقول. ومن قائل: لا يجوز التيمم للحاضر الصحيح إذا عدم الماء.
واختلف العلماء في الخائف من البرد، وإذا غلب على ظنه أنه يمرض باستعماله، فمن قائل: يجوز التيمم. ومن قائل: لا يجوز، وبالأول أقول.
واختلفوا فيه النية له، فمن قائل تحتاج. ومن قائل لا تحتاج، وبالأول أقول، لقوله تعالى:{وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين} [البينة 5] ، والتيمم عبادة والإخلاص عين النية.
واختلفوا في اشتراط دخول الوقت في هذه الطهارة، فمن قائل، به أقول. ومن قائل بعدم هذا الشرط فيها.
واختلف العلماء في حد الأيدى في التيمم، فمن قائل مثل حدها في الوضوء. ومن قائل: هو مسح الكف فقط. ومن قائل: إن الاستحباب، والفرض الكفان. ومن قائل: إن الفرض إلى المناكب. والذى أقول به: إن أقل ما يسمى يداً في لغة العرب يجب، فما زاد على
أقل مسمى اليد إلى غاية فذلك له، وهو مستحب عندى.
واختلفوا في عدد الضربات على الصعيد، فمن قائل: واحدة. ومن قائل: إثنان. ومن قائل: ضربتان لليدين، وضربتان للوجه. ومذهبنا من ضرب واحدة أجزأت عنه، وحديث الضربة الواحدة أثبت، فهو أحب إلى. أهـ. ملخصاً.
(وأقول) : إنى لم أعثر عليه في فتاويه. نعم، ورأيت ما يوافقه حاكياً للأقوال، وهو قوله: مسألة - مسافر وصل الماء وقد ضاق الوقت ما يفعل؟ الجواب - إذا وصل الماء وقد ضاق الوقت، فإنه يصلى بالتيمم على قول جمهور العلماء. وكذا لو كان هناك بئر، ولكن لا يمكن أن يصنع حبلاً حتى يخرج الوقت فيتيمم.
وقد قال بعض الفقهاء: إنه يغتسل ويصلى بعد خرود الوقت، وهو ضعيف. فإذا علم المسافر أنه لا يجد الماء حتى يفوت الوقت كان فرضاً عليه أن يصلى بالتيمم باتفاق الأئمة، وليس له التأخير حتى يجد الماء. وهذا بخلاف المستيقظ آخر الوقت والماء حاضر، فإن هذا مأمور أن يغتسل ويصلى ووقته من حين يستيقظ لا من حين طلوع الفجر. بخلاف من كان يقظان عند طلوع الفجر، أو عند زوالها مقيماً، أو مسافراً، فالوقت في حقه من حينئذ، والله تعالى اعلم. أهـ.
ورأيت في محل آخر من فتاويه ما منه: ومن كان مستيقظاً في أول الوقت والماء بعيد عنه لا يدركه إلا بعد الوقت، فإنه يصلى في الوقت بالتيمم باتفاق العلماء. اما إذا استيقظ آخر وقت الفجر، وإذا اغتسل طلعت الشمس، فجمهور العلماء هنا يقولون: يغتسل ويصلى بعد طلوع الشمس، وهذا مذهب أبي حنيفة، والشافعي، وأحمد، وأحد القولين في مذهب مالك رحمهم الله تعالى. وقال في القول الآخر: يتيمم أيضاً ويصلى في الوقت، كما
تقدم في تلك المسائل. والصحيح هنا قول الجمهور، لأن الوقت في حق النائم هو من حين يستيقظ، وقبل ذلك لم يكن وقتها في حقه.
وإذا كان كذلك، فإذا استيقظ قبل طلوع الشمس فلم يمكنه الاغتسال والصلاة إلا بعد طلوعها، فقد صلاها في وقتها، ولم يفوتها عن وقتها في حقه بخلاف من استيقظ أول الوقت.
وكذلك من نسى صلاة، فإذا ذكرها فإنه يغتسل ويصلى في اى وقت كان وهذا هو الوقت في حقه. وإذا لم يستيقظ إلا بعد طلوع الشمس، كما استيقظ الصحابة لما ناموا عن الصلاة عام خيبر، فإنه يصلى بالطهارة الكاملة وإن أخرها إلى حين الزوال، ولا يصلى هنا بالتيمم.
ويستحب أن ينتقل عن المكان الذى نام فيه كما انتقل صلى الله عليه وسلم. وبالجملة فليس لأجد شغل يسقط عنه فعل الصلاة في وقتها، بل لا بد أن يصليها في الوقت، لكن يصلى بحسب حاله، فما قدر عليه فعله وما عجز عنه سقط عنه. أهـ.
(ولنذكر) من كلام أئمتنا الحنفية ما يقرب من أقوال الشيخ ابن تيميه، أو يوافقها بالقواعد المرعية، في هذه المسائل الفرعية. فمن ذلك ما ذكره في الدار المختار، وحاشيته رد المختار في بحث الغسل ما نصه: عليه غسل وثمة رجال لا يدعه وإن رأوه. والمرأة بين رجال ونساء تؤخره. لا بين نساء فقط. واختلف في الرجل بين رجال ونساء، أ، نساء فقد كما بسطه ابن الشحنة. وينبغي لها أن تتيمم وتصلى لعجزها شرعاً عن الماء. ولا يخفى أن تأخير الغسل لا يقتضى عدم التيمم، فإن المبيح له وهو العجز عن الماء قد وجد، والأشبه الإعادة بعد ذلك. واستظهر الرحمتى عدم الإعادة، قال: لأن العذر لم يأت من قبل المخلوق، فإن المانع لها الشرع والحياء، وهما من الله تعالى.
وفي باب التيمم منهما: من عجز عن استعمال الماء تيمم لبعده ميلاً أربعة آلاف ذراع أو خطوة، أو لمرض يشتد أو يمتد، أو برد يهلك الجنب أو يمرضه، ولو في المصر، وإذا لم تكن له أجرة حمام، ولا ما يدفيه، أى من ثوب يلبسه أو مكان يؤويه.
وكذلك يباح التيمم لخوف عدو أو عطش، أ، عدم آلة. وجاز التيمم لخوف فوت صلاة الجنازة، أى ولو كان الماء قريباً، أو كان المصلى جنباً أو كونه إماماً أو لا في الأصح، لأن المناط خوف الفوت لا إلى بدل. فجاز لكسوف، وخسوف، وسنن رواتب، كالسنن التى بعد الظهر والمغرب والعشاء والجمعة إذا أخرها، بحيث لو توضأ فات وقتها فله التيمم.
قال الطحاوى: والظاهر أن المستحب كذلك لفوته وقته، كما إذا ضاق وقت الضحى عنه وعن الوضوء فتيمم له، لا يجوز التيمم لفوت الجمعة ووقت لفواتها إلى بدل، أى فبدل الجمعة يصلى ظهراً، وبدل الوقتيات قضاء.
وقال زفر: يتيمم لفوات الوقت. وفي القنية: أنه رواية عن مشايخنا قال البرهان الحلبي: فالأحوط أن يتيمم ويصلى ثم يعيد، وإنما أختار المشايخ قول زفر لقوة دليله، وهو أن التيمم إنما شرع للحاجة إلى أداء الصلاة في الوقت، فيتيمم عند خوف فوته.
قال ابن الهمام: ولم يتجه لهم عليه سوى أن التقصير جاء من قبله فلا يوجب الترخيص عليه، وهو إنما يتيمم إذا أخر لا لعذر. أهـ.
وأقول: إذا أخر لا لعذر، فهو عاص. والمذهب عندنا أنه كالمطيع في الرخص. نعم، وتأخير إلى هذا الحد عذر جاء من قبل غير صاحب الحق، فينبغي أن يقال: يتيمم ويصلى، ثم يعيد الوضوء، كمن عجز بعذر من قبل