المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[هل يشد الرحال لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم - جلاء العينين في محاكمة الأحمدين

[ابن الألوسي]

فهرس الكتاب

- ‌[سبب تأليف الكتاب]

- ‌[ابن حجر ينال من ابن تيمية]

- ‌[ترجمة شيخ الإسلام ابن تيمية]

- ‌[الحافظ الذهبي يتحدث عن ابن تيمية]

- ‌[الحافظ ابن كثير أيضاً]

- ‌[ما كتبه الزملكاني]

- ‌[كلام للسيوطي في ابن تيمية]

- ‌[رأى الحافظ ابن سيد الناس في ابن تيمية]

- ‌[رأى ابن الوردى]

- ‌[رأى الواسطى]

- ‌[رأى ابن دقيق العيد]

- ‌[رأى العلامة السبكي]

- ‌[رأى الحافظ ابن حجر العسقلاني]

- ‌[المؤمنون يفتنون]

- ‌فصل:في تبرئة الشيخ مما نسب إليه وثناء المحققين المتأخرين عليه

- ‌[شهادة الكورانى]

- ‌[شهادة السويدي البغدادي]

- ‌[شهادة الآلوسي والد المؤلف]

- ‌فصل: (في قول العلامة ابن حجر المتقدم سابقاً)

- ‌(ترجمة الإمام السبكي)

- ‌(في رد اليافعي على السبكي)

- ‌(مطلب كلام السبكي)

- ‌(الجواب من اليافعي)

- ‌(ترجمة القاضي تاج الدين السبكي)

- ‌(ترجمة العز بن جماعة)

- ‌(ترجمة الزملكاني)

- ‌(ترجمة أبي حيان)

- ‌(ترجمة ابن حجر الهيتمي)

- ‌(ترجمة ابن حجر العسقلاني)

- ‌فصل: يشتمل على مقصدين

- ‌المقصد الأول: في تراجم بعض آباء الشيخ ابن تيمية وأقربائه

- ‌(ترجمة المجد ابن تيمية)

- ‌(ترجمة عبد الحليم بن تيمية)

- ‌(ترجمة عبد الغني بن تيمية)

- ‌(ترجمة شرف الدين بن تيمية)

- ‌(ترجمة محمد بن تيمية)

- ‌(ترجمة زينب بنت تيمية)

- ‌المقصد الثاني: في ترجمة بعض تلامذته الكرام المشهورين وترجمة المثنين عليه من العلماء المتأخرين

- ‌(ترجمة الإمام ابن القيم)

- ‌(ترجمة الحافظ الذهبي)

- ‌(ترجمة شمس الدين ابن قداه)

- ‌(ترجمة ابن قاضي الجبل)

- ‌(ترجمة الطوفى الصرصري)

- ‌(ترجمة ابن الوردى)

- ‌(ترجمة زين الدين الحراني)

- ‌(ترجمة ابن مفلح)

- ‌(ترجمة شرف الدين ابن المنجا)

- ‌[ترجمة بعض تلامذة الإمام الذين تأثروا به ولم يعاصروه]

- ‌(ترجمة ابن ناصر)

- ‌(ترجمة الشيخ إبراهيم الكوراني)

- ‌(ترجمة منلا على القارئ)

- ‌(ترجمة العلامة السويدي البغدادي)

- ‌(ترجمة شهاب الدين مفتى الحنفية ببغداد الألوسي البغدادي)

- ‌(ترجمة مسند الوقت أحمد ولى الله الدهلوي)

- ‌(ترجمة العلامة الشوكاني)

- ‌(ترجمة الإمام الأجر أبي الطيب)

- ‌فصل: (في الجرح والتعديل)

- ‌(لا يؤخذ بقول العلماء في طعن بعضهم بعضاً)

- ‌(فيمن طعن في معاصروه)

- ‌[لغرض أو مرض هوجم ابن تيمية]

- ‌فصل: (في كلام العلامة ابن حجر فيما يتعلق بكتب الصوفية)

- ‌الفصل الأول: (في عقيدة الإمام ابن تيمية)

- ‌[إجلاله للصحابة]

- ‌[ابن تيمية والشاذلي]

- ‌(ترجمة أبي الحسن الشاذلي)

- ‌الفصل الثالث: [المعترضون على الصوفية كثيرون]

- ‌(ترجمة الإمام محي الدين بن العربي)

- ‌[الناس في ابن عربي أقسام ثلاثة]

- ‌(ترجمة ابن الفارض)

- ‌(ترجمة ابن سبعين)

- ‌(ترجمة الحلاج)

- ‌[رأى ابن حجر العسقلاني في الحلاج ومن على شاكلته]

- ‌[ابن تيمية يرد القول بولاية الحلاج من وجوه]

- ‌(مكتوب شيخ الإسلام ابن تيمية)

- ‌الفصل الرابع: في الكلام على ما نقله الشيخ ابن حجر من عبارة شيخ الإسلام

- ‌[ابن حجر لا يلتزم أدب المناظرة في النقل]

- ‌[الصوفى المثالى]

- ‌[الصوفى المنحرف]

- ‌[ابن تيمية كان يتشدد في سد ذرائع البدع]

- ‌[رأى ابن تيمية في الولاية والأولياء]

- ‌[لم يكن ابن تيمية وحده هو الذي حارب الفلاسفة]

- ‌[الغزالي يرمى الفلاسفة بالكفر]

- ‌فصل: [في أصنافهم وشمول سمة الكفر كافتهم]

- ‌[رأى لابن تيمية في الفلاسفة]

- ‌[هل يعلم الولى بلغيب

- ‌(ترجمة ابن سينا)

- ‌(ترجمة الإمام أبي حامد الغزالي)

- ‌[مما أخذ عن الغزالي]

- ‌[ليس ابن تيمية أول من انتقد الغزالي]

- ‌[فرق الشيعة وعقائدهم]

- ‌(ترجمة الفضيل بن عياض)

- ‌(ترجمة القشيرى)

- ‌[عقيدة المعتزلة وفرقهم]

- ‌[عقيدة الجهمية]

- ‌[مناظرة شعرية بين أهل السنة والمعتزلة حول رؤية الله]

- ‌[علم الكلام بين مادحيه وقادحيه]

- ‌[رأى ابن تيمية في المتكلمين]

- ‌[التعريف برسائل إخوان الصفا]

- ‌[ترجمة أبي حيان التوحيدى]

- ‌[ابن سينا يرى أن علم الغيب بالنسبة للبشر جار على السنن الطبيعي]

- ‌[بحث في الرؤيا]

- ‌ الروح

- ‌[في الإنسان]

- ‌[الروح حادثة أم هي قديمة

- ‌[مستقر الأرواح في البرزخ]

- ‌[هل تموت الروح

- ‌[قصيدة ابن سينا في الروح ومعارضه الدهلوى لها]

- ‌(ترجمة الإمام أبي بكر بن العربي)

- ‌[الدس في بعض الكتب]

- ‌(ترجمة الإمام المازرى)

- ‌(ترجمة الإمام الطرطوشي)

- ‌(ترجمة الإمام ابن الجوزي)

- ‌(ترجمة ابن عقيل)

- ‌فصل: وأما قول الشيخ ابن حجر:

- ‌[أكاذيب تدفعها حقائق]

- ‌[تعريفه وشروطه]

- ‌[هل يتجزأ الاجتهاد

- ‌[هل يجوز أن يخلو الزمان عن مجتهد

- ‌[فتوى للإمام ابن تيميه عن التقليد]

- ‌[فتوى للإمام ابن تيمية حول جواز تقليد غير الأربعة]

- ‌[هل يجوز الانتقال من مذهب إلى مذهب

- ‌[التقليد في أصول الدين]

- ‌(ترجمة الإمام أحمد بن حنبل)

- ‌[كتاب للإمام أحمد عن السنة]

- ‌[محنة القول بخلق القرآن]

- ‌[نقلة فقه الإمام أحمد]

- ‌((وما ضرنا أنا قليل وجارنا عزيز وجار الأكثرين ذليل))

- ‌[ترجمة الإمام أبو الحسن الأشعري]

- ‌[من أتباع الأشعري]

- ‌[عقيدة الأشعري]

- ‌[ترجمة الإمام البيهقي]

- ‌فصلوقد آن الشروع في أجوبة ما عزاه الشيخ ابن حجر عليه الرحمة إلى الشيخ ابن تيمية

- ‌[رأى ابن تيمية في يمين الطلاق]

- ‌[الطلاق المخالف للسنة]

- ‌[تارك الصلاة عمداً هل يقضى]

- ‌[هل يباح للحائض الطواف بدون كفارة]

- ‌[هل يرد الطلاق الثلاث إلى واحدة]

- ‌[حكم المكوس وهل تقوم مقام الزكاة

- ‌فصل: [في المظالم المشتركة]

- ‌[هل تنجس المائعات بموت حيوان]

- ‌[هل للجنب أن يصلى التطوع ليلاً قبل أن يغتسل

- ‌[شرط الواقف هل يعتبر أو لا

- ‌[اختيارات أخرى ذهب إليها ابن تيميه]

- ‌[رأى ابن تيميه في الحسن والقبح]

- ‌[أفعال العباد]

- ‌[حكم مخالف الإجماع]

- ‌[عقيدة ابن تيميه في كلام الله]

- ‌[فتوى لابن تيميه عن كلام الله]

- ‌[كلام نفيس لابن القيم في الموضوع]

- ‌فصل: [عقيدة ابن القيم وشيخه في القرآن]

- ‌[مقتطفات من نونية ابن القيم]

- ‌فصل: في مذهب الاقترانية

- ‌فصل: في مذهب القائلين بأنه متعلق بالمشيئة والإرادة

- ‌فصل: في مذهب الكرامية

- ‌فصل: في ذكر مذهب أهل الحديث

- ‌فصلوأتى ابن حزم بعد ذاك

- ‌فصلونعتقد أن القرآن كلام الله عز وجل

- ‌فصلونعتقد أن القرآن حروف مفهومة

- ‌فصل: [حروف المعجم أمخلوقة هي أو قديمة

- ‌فصل[البيهقي يستدل لكون القرآن غير مخلوق]

- ‌[القول والكلام يتواردان على معنى واحد]

- ‌[ما جاء في إثباته صفة التكليم والتكلم والقول سوى ما مضى]

- ‌[كيف يكلم الله البشر

- ‌[إسماع الرب ملائكته]

- ‌[الفرق بين التلاوة والمتلو]

- ‌[هل كان ابن تيمية دهرياً يقول بقدم العالم

- ‌[وهل كان يقول بالحسمية والجهة والانتقال]

- ‌[تبرئة ابن تيمية مما نسبه إليه ابن حجر من التجسيم]

- ‌[فوقية الخالق سبحانه]

- ‌[قول الله عز وجل: {أأمنتم من في السماء} [الملك 16]]

- ‌[قول الله عز وجل لعيسى ابن مريم]

- ‌[مجئ الله]

- ‌[مذهب السلف. تنزيه. وتفويض. وتصديق]

- ‌[ليس الاستواء بمعنى الاستيلاء]

- ‌[أنتصار الرازى لتأويلات الخلف]

- ‌[الصفات بين المفوضين والمعطلين]

- ‌[رأى المؤلف في الصفات]

- ‌[مذهب ابن تيمية في الصفات]

- ‌[كلام ابن تيمية في العرش وإحاطة الله بمخلوقاته]

- ‌[أسماء الله وصفاته توقيفية دون زيادة ولا نقصان]

- ‌[ما روى في الحجر الأسود أنه يمين الله وتأويله]

- ‌[عقيدة الشيخ عبد القادر الكيلاني]

- ‌[عقيدة الأشعري]

- ‌[ابن تيمية لم يكن بدعاً من الأئمة حينما رأى ما رأى]

- ‌[لازم المذهب ليس بمذهب]

- ‌[الأقوال في آيات الصفات وأحاديثها]

- ‌[القول في فناء النار]

- ‌[هل الجنة والنار موجودتان؟ وأين؟ وهل هما ابديتان

- ‌[أدلة القائلين بعدم فناء النار]

- ‌[صاحب الكبيرة]

- ‌[عصمة الأنبياء]

- ‌[كلام في التوسل والوسيلة والاستغاثة]

- ‌[أدلة المجوزين للتوسل والإستغاثة]

- ‌[أدلة المانعين للتوصل]

- ‌[حقيقة الشفاعة]

- ‌[سقوط الاستدلال بحديث الأعمى]

- ‌[توسل عمر بالعباس]

- ‌[حديث آدم]

- ‌[حديث الأعرابي]

- ‌[حديث مالك]

- ‌[التبرك بآثار النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌[قيمة المنامات والحكايات في الاستدلال]

- ‌[الحياة البرزخية]

- ‌[مذهب ابن تيمية في التوسل]

- ‌[لا يعبد الله إلا بما شرع]

- ‌[نوعا الشفاعة]

- ‌[هل تنعقد اليمين بغير الله]

- ‌[الوسيلة الجائزة والممنوعة]

- ‌[الاستغاثة بالمشايخ والموتى]

- ‌[إسراف بغيض]

- ‌[هل يشد الرحال لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌[باب زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌[فتوى لابن تيمية في زيارة قبره صلى الله عليه وسلم

- ‌[حكم زيارة القبور بلا شد الرحال]

- ‌[السنن والبدع في زيارة القبور]

- ‌[كيف بدلت التوراة والإنجيل]

- ‌[ابن حجر لا يعدل في القضية]

- ‌[ارتفاع الحدث بماء الورد]

- ‌[حكم المسح على النعلين وما جرى مجراهما]

- ‌[هل يتوقت المسح على الخفين

- ‌[التيمم لخشية فوات الوقت]

- ‌[اختيار لابن تيمية في التيمم]

- ‌[مدة الحيض]

- ‌[مسافة القصر]

- ‌[هل تستبرأ البكر

- ‌[هل يقضى من أكل في وقت الصوم يظنه بليل]

- ‌[المسابقة]

- ‌استبراء المختلعة

- ‌[وطء الوثنيات بملك اليمين]

- ‌[بيع الأصل بالعصير]

- ‌[بيع الفضل بالمصنوع متفاضلاً]

- ‌[تفصيل مسائل الربا]

- ‌[ابن القيم يرى أن ربا الفضل حرم سداً للذرائع]

- ‌[هل يجوز إهداء ثواب القراءة للنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌[هل للإنسان أن يجعل ثواب عمله لغيره]

- ‌[مطلب في إرسال العذبة]

- ‌[حكم بيع المسجد إذا خرب]

- ‌كلمة المطبعة

الفصل: ‌[هل يشد الرحال لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم

والهذبان، لا سيما وقد نشر أمثاله في كتابه الذي سماه ((بصلح الاخوان)) لئلا يغتر به الغافل، فتروج عليه زخارف ما أودعه من الباطل، فتيقظ ولا تغفل، وهو سبحانه ولي التوفيق.

‌[هل يشد الرحال لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم

-]

(وقوله وإن إنشاء السفر إليه بسبب الزيارة معصية لا تقصر الصلاة فيه)

أقول هذا أيضاً تشنيع يحتاج إلى تفصيل وسيع؛ فإن الشيخ ابن تيمية وغير واحد من العلماء ذهبوا إلى أن شد الرحل إلى المسجد النبوي مشروع مسنون، فإذا وصل قاصد المسجد صلى فيه، ثم توجه إلى القبر الشريف، وزار الزيارة المسنونة؛ مستدلين بحديث:((لا تشدوا الرحال إلا إلى ثلاث)) كما سيأتي.

وذهب كثير من العلماء إلى جواز شد الرحال لقصد الزيارة، مستدلين ببعض الآثار. ولنذكر من كلام الطائفتين شيئاً لتتضح أدلتهما لذوي الأبصار فنقول:

قال الإمام النووي في شرح الصحيح في الكلام على قوله صلى الله عليه وسلم: ((لا تشدوا الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجدي هذا، والمسجد الحرام، والمسجد الأقصى)) مانصه: واختلف العلماء في شد الرحال، وإعمال المطى إلى غير المساجد الثلاثة؛ كالذهاب إلى قبور الصالحين، وإلى المواضع الفاضلة ونحو ذلك. فقال الشيخ أبو محمد الجويني من أصحابنا ك هو حرام. وهو الذي أشار القاضي عياض إلى اختياره.

والصحيح عند اصحابنا - وهو الذي اختاره إمام الحرمين والمحققون - أنه لا يحرم ولايكره. قالوا: والمراد الفضيلة التامة إنما هي شد الرحال إلى هذه الثلاثة خاصة. والله تعالى أعلم. انتهى.

وقال الخفاجي في شرح الشفا: واختلف في هذا الهي، هل هو على

ص: 577

ظاهرة التحريم كما ذهب إليه بعضهم؟ والصحيح أنه مؤؤل؛ أي لا تشدوا الرحال لنذر العبادة إلا لها، ولذا قالوا: لو نذر الصلاة في غيرها لم يلزمه شيء. فلا يكره شد الرحال لبعض الأماكن للتبرك بها، أو لزيارة من فيها من الصالحين أو لطلب العلم. اهـ.

وقال العلامة ابن القيم تلميذ الشيخ في عقيدته النونية ما بعضه: [كامل] :

والله لو يرضى الرسول سجودنا

كنا نخر له على الأذقان

والله ما يرضيه منا غير تجـ

ـريد بتوحيد بلا طغيان

ولقد نهى ذا الخلق عن اطرائه

فعل النصارى عابدى الصلبان

ولقد نهانا أن نصير قبره

عيداً حذار الشرك بالديان

ودعا بأن لا يجعل القبر الذي

قد ضمه وثناً من الأوثان

فأجاب رب العالمين دعاءه

وأحاطه بثلاثة جدران

حتى اغتدت أرجاؤه بدعائه

في عزة وحماية وصيان

ولقد غدا عند الوفاة مصرحا

باللعن يصرخ فيهم باذان

وعنى الألى جعلوا القبور مساجدا

وهم اليهود وعابدو الأوثان

والله لولا ذاك لزرت قبره

لكنهم حجبوه بالحيطان

قصدوا إلى تسنيم حجرته ليمـ

ـتنع السجود له على الأذقان

قصدوا موافقة الرسول وقصد الـ

ـتجريد للتوحيد للرحمن

يافرقة جهلت نصوص نبيهم

ومراده وحقيقة الإيمان

فسطوا علو أتباعه وجنوده

بالبقى والعدوان والبهتان

لا تعجلوا وتبينوا وتثبتوا

فمصابكم ما فيه من حيران

قلنا الذي قال الأئمة قبلنا

وبه النصوص أتت على التبيان

والقصد حج البيت وهو فريضة الـ

ـرحمن واجبة إلى الأعيان

ص: 578

ورحالنا شدت إليه من بقا

ع الأرض قا صيها كذاك الدابي

من لم يزر بيت الإله فماله

من حجة سهم ولا سهمان

وكذا تشد رحالنا للمسجد الـ

ـنبوي خير مساجد البلدان

من بعد مكة قبل أو هذا على

الإطلاق فيه الخلف منذ زمان

وتراه عند النذر فرضا لكن الـ

ـنعمان يأبى ذا وللنعمان

أصل هو النافي الوجوب فإنه

ما جنسه فرضا على إنسان

ولنا براهين تدل بأنه

بالنذر مفترض على الإنسان

أمر الرسول لكل ناذر طاعة

بوفائه بالنذر والإحسان

وصلاتنا فيه بألف في سوا

هـ ما خلا ذا الحجر والأركان

وكذا صلاة قي قبا فكعمرة

في أجرها والفضل للمنان

فإذا أتينا المسجد النبوي

صلينا التحية أولا ثنتان

بتمام أركان لها وخشوعها

وحضور قلب فعل ذى الإحسان

ثم انثنينا للزيارة نقصد الـ

ـقبر الشريف ولو على الأجفان

فنقوم دون القبر وقفة خاضع

متذلل في السر والإعلان

فكأنه في القبر حى ناطق

فالواقفون نواكس الأذقان

ملكتهم تلك المهابة فاعترت

تلك القوائم كثرة الرجفان

وتفجرت تلك العيون بمائها

ولطالما غاصت على الأزمان

وأتى المسلم بالسلام بهيبة

ووقار ذي علم وذى إيمان

لم يرفع الأصوات حول ضريحه

كلا ولم يسجد على الأذقان

كلا ولم ير طائفاً بالقبر أسـ

ـبوعاً كأن القبر بيت ثاني

ثم انثنى بدعائه متوجها

لله نحو البيت ذى الأركان

هذا زيارة من غدا متمسكاً

بشريعة الإسلام والعدناني

من أفضل الأعمال هاتيك الزيا

رة وهي يوم الحشر في الميزان

ص: 579

لا تلبسوا الحق الذي جاءت به

سنن الرسول بإعظم البطلان

هذى زيارتنا ولم ننكر سوى الـ

ـبدع المضلة يا أولى العدوان

وحديث شد الرحال نص ثابت

يجب المصير إليه بالبرهان

ونقل المناوى في شرحه الكبير للجامع الصغير عن الإمام مالك، أنه منع شد الرحل لمجرد زيارة القبر المكرم، ونصه:((من زار قبرى وجبت له شفاعتى)) أى من زارنى في قبرى، فقصد نفسها ليس بقربة، وكذا ذكره السبكى في الشفاء. وحمل عليه ما نقل عن مالك من منع شد الرحل لمجرد زيارة القبر المكرم من غير إرادته إتيان المسجد للصلاة فيه. أهـ.

وفي بعض رواته مقال. فليراجعه من أراد الجدال.

وقال الشيخ الأجل أحمد ولى الله الدهلوى في التفهيمات: وقد ذكر عنه - أى عن شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله أنه منع السفر لزيارة النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يروى كلامه ذلك بنقل صريح صحيح.

فإنه لم يمنع الزيارة مطلقاً، بل منع السفر للزيارة بحديث ((لا تشد الرحال)) وبحديث ((لا تتخذوا مسجدى عيداً)) فإذا كان لقوله مساغ اجتهادى لا ينبغي أن يشدد عليه ذلك التشديد. أهـ.

وقال الحافظ أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عبد الهادى بن قدامه المقدسى الحنبلى المتقدم ذكره في كتابه المطنب المسمى (بالصارم المنكى في الرد على ابن السبكي) ما نصه:

أما بعد: فإنى وقفت على الكتاب الذى ألفه بعض قضاة الشافعية في الرد على شيخ الإسلام تقى الدين أبي العباس أحمد بن تيميه في مسألة ((شد الرحال)) و ((إعمال المطى إلى القبور)) وذكر أنه قد سماه ((سن الغارة على من أنكر الزيارة)) ثم زعم أنه اختار أن يسميه ((شفاء السقام في زيارة خير الأنام))

ص: 580

فوجدته كتاباً مشتملاً على تصحيح الأحاديث الضعيفة والموضوعة، وتقوية الآثار الواهية والمكذوبة، وعلى تضعيف الأحاديث الصحيحة الثابتة، والآثار المقبولة، أو تحريفها من مواضعها، وصرفها عن ظواهرها، بالتأويلات المستنكرة المردودة. ورأيت مؤلف هذا الكتاب رجلاً ممارياً معجباً برأيه متبعاً لهواه، ذاهباً في كثير مما يعتقده إلى الأقوال الشاذة والآراء الساقطة سائراً في أشياء مما يعتقده إلى الشبه المخيلة، والحجج الداحضة، وربما خرج عن الإجماع في مواضع لم يسبق إليها، ولم يوافقه أحد من الأئمة عليها.

وهي في الجملة لون عجيب، وبناء غريب، تارة يسلك فيما ينصره ويقويه مسلك المجتهدين، فيكون مخطئاً في ذلك الاجتهاد. ومرة يزعم فيما يقويه ويدعيه أنه من جملة المقلدين، فيكون من قلده مخطئاً في ذلك الاعتقاد. نسأل الله سبحانه أن يلهمنا رشدنا، ويرزقنا الهداية والسداد. هذا، مع أنه إن ذكر حديثاً مرفوعاً، أو أثراً موقوفاً، وهو غير ثابت، قبله إذا كان موافقاً لهواه.

وإن نقل عن بعض الأئمة الأعلام كمالك أو غيره ما يوافق رأيه قبله، وإن كان مطعوناً فيه غير صحيح عنه.

وإن كان مما يخالف رأيه رده ولم ينقله وإن كان صحيحاً ثابتاً عنه.

وإن حكى شيئاً مما يتعلق بالكلام على الحديث، وأحوال الرواه عن أحمد من ائمة الجرح والتعديل كالإمام أحمد بن حنبل وأبي حاتم الرازى وأبي حاتم بن البستى، وأبي جعفر العقبي، وأبي أحمد عدى، وأبي عبد الله الحاكم صاحب المستدرك، وأبي بكر البيهقى، وغيرهم من الحفاظ. وكان مخالفاً لما ذهب إليه، لم يقبل قوله، ورده عليه وناقشه

ص: 581

فيه - وإن كان ذلك الإمام قد أصاب في ذلك القول، ووافقه غيره من الأئمة عليه.

وإن كان موافقاً لما صار إليه تلقاه بالقبول، وأحتج به واعتمد عليه.

وإن كان ذلك الإمام قد خولف في ذلك القول، ولم يتابعه غيره من الأئمة عليه.

وهذا هو عين الجور والظلم، وعدم القيام بالقسط، نسأل الله تعالى التوفيق، ونعوذ به من الخذلان واتباع الهوى. وهذا، مع أنه حمله إعجابه برأيه، وغلبه اتباع هواه على ان نسب سوء الفهم والغلط في النقل إلى جماعة من العلماء الأعلام، المعتمد عليهم في حكاية مذاهب الفقهاء واختلافهم، وتحقيق معرفة الأحكام، حتى زعم أن ما نقله الشيخ أبو زكريا النووى في شرح مسلم عن الشيخ أبي محمد الجويني من النهي عن شد الرحال، وإعمال المطى إلى غير المساجد الثلاثة كالذاهب إلى قبور الأنبياء والصالحين، وإلى المواضع الفاضلة ونحو ذلك، هو مما غلط فيه أبو محمد، او أن ذلك مما وقع منه على سبيل السهو والغفلة.

قال: ولو قاله هو - يعنى الشيخ أبا محمد - أو غيره أو ممن يقبل كلامه الغلط لحكمنا بغلطه، وإنه لم يفهم مقصود الحديث، فأنظر إلى كلام هذا المعترض المتضمن لرد النقل الصحيح بالرأى الفاسد، وأجمع بينه وبين ما حكاه عن شيخ انثلام من الافتراء العظيم والإفك المبين، والكذب الصراح وهو مما نقله عنه من انه جعل زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبور الأنبياء عليهم السلام معصية بالإجماع مقطوعاً بها.

هكذا ذكر هذا المعترض عن بعض قضاة الشافعية عن الشيخ أنه قال: هذا القول الذى لا يشك عاقل من أصحابه، وعن أصحابه أنه كذب مفترى لم يقله قط، ولا يوجد في شئ من كتبه، ولا دل كلامه عليه، بل كتبه كلها

ص: 582

ومناسكه وفتاويه، وأقواله وأفعاله تشهد ببطلان هذا النقل عنه، ومن له أدنى علم وبصيرة يقطع بان هذا مفتعل مختلق على الشيخ. وأنه لم يقلد قط. وقد قال الله تعالى {يأيها الذين أمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين} [الحجرات 6] ، وهذا المعترض يعلم أن ما نقله عن القاضي المشهور بما لا أحب حكايته عنه في هذا المقام عن شيخ الإسلام من هذا الكلام - كذب مفترى، لا يرتاب في ذلك، ولكنه يداهن، ويقول بلسانه ما ليس في قلبه.

ولقد أخبرني الثقة أنه ألف هذا الكتاب لما كان بمصر أن يلى لقضاء بالشام بمدة كثيرة ليتقرب به إلى القاضى الذى حكى عنه هذا الكتاب، ويخطى لديه، فخاب أمله، ولم ينفق ما عنده، وقد كان هذا القاضى الذى جمع المعترض كتابه هذا لأجله من أعداء الشيخ المشهورين، وقد زعم هذا المعترض أيضاً مع هذا الأمر الفظيع الذى أرتكبه من التكذيب بالصدق والتصديق بالكذب أن الفتاوى المشهورة التى أجاب بها علماء أهل بغداد موافقة الشيخ مختلفة موضوعة، وضعها بعض الشياطين.

هكذا زعم، مع علم العام والخاص بأن هذه الفتاوى مما شاع خبرها وذاع اشتهر أمرها وانتشر، وهي صحيحة ثابتة متواترة عمن أفتى بها من العلماء.

وقد رأيت أنا وغيرى خطوطهم بها - إلى أن قال:

وليعلم قبل الشروع في الكلام مع هذا المعترض: أن شيخ الإسلام رحمه الله تعالى لم يحرم زيارة القبور على الوجه المشروع في شئ من كتبه، ولم ينه عنها ولك يكرهها، بل استحبها وحض عليها، ومصنفاته ومناسكه طافحة بذكر استجباب زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وسائر القبور. قال رحمه الله تعالى في بعض مناسكه:

ص: 583