المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[مذهب السلف. تنزيه. وتفويض. وتصديق] - جلاء العينين في محاكمة الأحمدين

[ابن الألوسي]

فهرس الكتاب

- ‌[سبب تأليف الكتاب]

- ‌[ابن حجر ينال من ابن تيمية]

- ‌[ترجمة شيخ الإسلام ابن تيمية]

- ‌[الحافظ الذهبي يتحدث عن ابن تيمية]

- ‌[الحافظ ابن كثير أيضاً]

- ‌[ما كتبه الزملكاني]

- ‌[كلام للسيوطي في ابن تيمية]

- ‌[رأى الحافظ ابن سيد الناس في ابن تيمية]

- ‌[رأى ابن الوردى]

- ‌[رأى الواسطى]

- ‌[رأى ابن دقيق العيد]

- ‌[رأى العلامة السبكي]

- ‌[رأى الحافظ ابن حجر العسقلاني]

- ‌[المؤمنون يفتنون]

- ‌فصل:في تبرئة الشيخ مما نسب إليه وثناء المحققين المتأخرين عليه

- ‌[شهادة الكورانى]

- ‌[شهادة السويدي البغدادي]

- ‌[شهادة الآلوسي والد المؤلف]

- ‌فصل: (في قول العلامة ابن حجر المتقدم سابقاً)

- ‌(ترجمة الإمام السبكي)

- ‌(في رد اليافعي على السبكي)

- ‌(مطلب كلام السبكي)

- ‌(الجواب من اليافعي)

- ‌(ترجمة القاضي تاج الدين السبكي)

- ‌(ترجمة العز بن جماعة)

- ‌(ترجمة الزملكاني)

- ‌(ترجمة أبي حيان)

- ‌(ترجمة ابن حجر الهيتمي)

- ‌(ترجمة ابن حجر العسقلاني)

- ‌فصل: يشتمل على مقصدين

- ‌المقصد الأول: في تراجم بعض آباء الشيخ ابن تيمية وأقربائه

- ‌(ترجمة المجد ابن تيمية)

- ‌(ترجمة عبد الحليم بن تيمية)

- ‌(ترجمة عبد الغني بن تيمية)

- ‌(ترجمة شرف الدين بن تيمية)

- ‌(ترجمة محمد بن تيمية)

- ‌(ترجمة زينب بنت تيمية)

- ‌المقصد الثاني: في ترجمة بعض تلامذته الكرام المشهورين وترجمة المثنين عليه من العلماء المتأخرين

- ‌(ترجمة الإمام ابن القيم)

- ‌(ترجمة الحافظ الذهبي)

- ‌(ترجمة شمس الدين ابن قداه)

- ‌(ترجمة ابن قاضي الجبل)

- ‌(ترجمة الطوفى الصرصري)

- ‌(ترجمة ابن الوردى)

- ‌(ترجمة زين الدين الحراني)

- ‌(ترجمة ابن مفلح)

- ‌(ترجمة شرف الدين ابن المنجا)

- ‌[ترجمة بعض تلامذة الإمام الذين تأثروا به ولم يعاصروه]

- ‌(ترجمة ابن ناصر)

- ‌(ترجمة الشيخ إبراهيم الكوراني)

- ‌(ترجمة منلا على القارئ)

- ‌(ترجمة العلامة السويدي البغدادي)

- ‌(ترجمة شهاب الدين مفتى الحنفية ببغداد الألوسي البغدادي)

- ‌(ترجمة مسند الوقت أحمد ولى الله الدهلوي)

- ‌(ترجمة العلامة الشوكاني)

- ‌(ترجمة الإمام الأجر أبي الطيب)

- ‌فصل: (في الجرح والتعديل)

- ‌(لا يؤخذ بقول العلماء في طعن بعضهم بعضاً)

- ‌(فيمن طعن في معاصروه)

- ‌[لغرض أو مرض هوجم ابن تيمية]

- ‌فصل: (في كلام العلامة ابن حجر فيما يتعلق بكتب الصوفية)

- ‌الفصل الأول: (في عقيدة الإمام ابن تيمية)

- ‌[إجلاله للصحابة]

- ‌[ابن تيمية والشاذلي]

- ‌(ترجمة أبي الحسن الشاذلي)

- ‌الفصل الثالث: [المعترضون على الصوفية كثيرون]

- ‌(ترجمة الإمام محي الدين بن العربي)

- ‌[الناس في ابن عربي أقسام ثلاثة]

- ‌(ترجمة ابن الفارض)

- ‌(ترجمة ابن سبعين)

- ‌(ترجمة الحلاج)

- ‌[رأى ابن حجر العسقلاني في الحلاج ومن على شاكلته]

- ‌[ابن تيمية يرد القول بولاية الحلاج من وجوه]

- ‌(مكتوب شيخ الإسلام ابن تيمية)

- ‌الفصل الرابع: في الكلام على ما نقله الشيخ ابن حجر من عبارة شيخ الإسلام

- ‌[ابن حجر لا يلتزم أدب المناظرة في النقل]

- ‌[الصوفى المثالى]

- ‌[الصوفى المنحرف]

- ‌[ابن تيمية كان يتشدد في سد ذرائع البدع]

- ‌[رأى ابن تيمية في الولاية والأولياء]

- ‌[لم يكن ابن تيمية وحده هو الذي حارب الفلاسفة]

- ‌[الغزالي يرمى الفلاسفة بالكفر]

- ‌فصل: [في أصنافهم وشمول سمة الكفر كافتهم]

- ‌[رأى لابن تيمية في الفلاسفة]

- ‌[هل يعلم الولى بلغيب

- ‌(ترجمة ابن سينا)

- ‌(ترجمة الإمام أبي حامد الغزالي)

- ‌[مما أخذ عن الغزالي]

- ‌[ليس ابن تيمية أول من انتقد الغزالي]

- ‌[فرق الشيعة وعقائدهم]

- ‌(ترجمة الفضيل بن عياض)

- ‌(ترجمة القشيرى)

- ‌[عقيدة المعتزلة وفرقهم]

- ‌[عقيدة الجهمية]

- ‌[مناظرة شعرية بين أهل السنة والمعتزلة حول رؤية الله]

- ‌[علم الكلام بين مادحيه وقادحيه]

- ‌[رأى ابن تيمية في المتكلمين]

- ‌[التعريف برسائل إخوان الصفا]

- ‌[ترجمة أبي حيان التوحيدى]

- ‌[ابن سينا يرى أن علم الغيب بالنسبة للبشر جار على السنن الطبيعي]

- ‌[بحث في الرؤيا]

- ‌ الروح

- ‌[في الإنسان]

- ‌[الروح حادثة أم هي قديمة

- ‌[مستقر الأرواح في البرزخ]

- ‌[هل تموت الروح

- ‌[قصيدة ابن سينا في الروح ومعارضه الدهلوى لها]

- ‌(ترجمة الإمام أبي بكر بن العربي)

- ‌[الدس في بعض الكتب]

- ‌(ترجمة الإمام المازرى)

- ‌(ترجمة الإمام الطرطوشي)

- ‌(ترجمة الإمام ابن الجوزي)

- ‌(ترجمة ابن عقيل)

- ‌فصل: وأما قول الشيخ ابن حجر:

- ‌[أكاذيب تدفعها حقائق]

- ‌[تعريفه وشروطه]

- ‌[هل يتجزأ الاجتهاد

- ‌[هل يجوز أن يخلو الزمان عن مجتهد

- ‌[فتوى للإمام ابن تيميه عن التقليد]

- ‌[فتوى للإمام ابن تيمية حول جواز تقليد غير الأربعة]

- ‌[هل يجوز الانتقال من مذهب إلى مذهب

- ‌[التقليد في أصول الدين]

- ‌(ترجمة الإمام أحمد بن حنبل)

- ‌[كتاب للإمام أحمد عن السنة]

- ‌[محنة القول بخلق القرآن]

- ‌[نقلة فقه الإمام أحمد]

- ‌((وما ضرنا أنا قليل وجارنا عزيز وجار الأكثرين ذليل))

- ‌[ترجمة الإمام أبو الحسن الأشعري]

- ‌[من أتباع الأشعري]

- ‌[عقيدة الأشعري]

- ‌[ترجمة الإمام البيهقي]

- ‌فصلوقد آن الشروع في أجوبة ما عزاه الشيخ ابن حجر عليه الرحمة إلى الشيخ ابن تيمية

- ‌[رأى ابن تيمية في يمين الطلاق]

- ‌[الطلاق المخالف للسنة]

- ‌[تارك الصلاة عمداً هل يقضى]

- ‌[هل يباح للحائض الطواف بدون كفارة]

- ‌[هل يرد الطلاق الثلاث إلى واحدة]

- ‌[حكم المكوس وهل تقوم مقام الزكاة

- ‌فصل: [في المظالم المشتركة]

- ‌[هل تنجس المائعات بموت حيوان]

- ‌[هل للجنب أن يصلى التطوع ليلاً قبل أن يغتسل

- ‌[شرط الواقف هل يعتبر أو لا

- ‌[اختيارات أخرى ذهب إليها ابن تيميه]

- ‌[رأى ابن تيميه في الحسن والقبح]

- ‌[أفعال العباد]

- ‌[حكم مخالف الإجماع]

- ‌[عقيدة ابن تيميه في كلام الله]

- ‌[فتوى لابن تيميه عن كلام الله]

- ‌[كلام نفيس لابن القيم في الموضوع]

- ‌فصل: [عقيدة ابن القيم وشيخه في القرآن]

- ‌[مقتطفات من نونية ابن القيم]

- ‌فصل: في مذهب الاقترانية

- ‌فصل: في مذهب القائلين بأنه متعلق بالمشيئة والإرادة

- ‌فصل: في مذهب الكرامية

- ‌فصل: في ذكر مذهب أهل الحديث

- ‌فصلوأتى ابن حزم بعد ذاك

- ‌فصلونعتقد أن القرآن كلام الله عز وجل

- ‌فصلونعتقد أن القرآن حروف مفهومة

- ‌فصل: [حروف المعجم أمخلوقة هي أو قديمة

- ‌فصل[البيهقي يستدل لكون القرآن غير مخلوق]

- ‌[القول والكلام يتواردان على معنى واحد]

- ‌[ما جاء في إثباته صفة التكليم والتكلم والقول سوى ما مضى]

- ‌[كيف يكلم الله البشر

- ‌[إسماع الرب ملائكته]

- ‌[الفرق بين التلاوة والمتلو]

- ‌[هل كان ابن تيمية دهرياً يقول بقدم العالم

- ‌[وهل كان يقول بالحسمية والجهة والانتقال]

- ‌[تبرئة ابن تيمية مما نسبه إليه ابن حجر من التجسيم]

- ‌[فوقية الخالق سبحانه]

- ‌[قول الله عز وجل: {أأمنتم من في السماء} [الملك 16]]

- ‌[قول الله عز وجل لعيسى ابن مريم]

- ‌[مجئ الله]

- ‌[مذهب السلف. تنزيه. وتفويض. وتصديق]

- ‌[ليس الاستواء بمعنى الاستيلاء]

- ‌[أنتصار الرازى لتأويلات الخلف]

- ‌[الصفات بين المفوضين والمعطلين]

- ‌[رأى المؤلف في الصفات]

- ‌[مذهب ابن تيمية في الصفات]

- ‌[كلام ابن تيمية في العرش وإحاطة الله بمخلوقاته]

- ‌[أسماء الله وصفاته توقيفية دون زيادة ولا نقصان]

- ‌[ما روى في الحجر الأسود أنه يمين الله وتأويله]

- ‌[عقيدة الشيخ عبد القادر الكيلاني]

- ‌[عقيدة الأشعري]

- ‌[ابن تيمية لم يكن بدعاً من الأئمة حينما رأى ما رأى]

- ‌[لازم المذهب ليس بمذهب]

- ‌[الأقوال في آيات الصفات وأحاديثها]

- ‌[القول في فناء النار]

- ‌[هل الجنة والنار موجودتان؟ وأين؟ وهل هما ابديتان

- ‌[أدلة القائلين بعدم فناء النار]

- ‌[صاحب الكبيرة]

- ‌[عصمة الأنبياء]

- ‌[كلام في التوسل والوسيلة والاستغاثة]

- ‌[أدلة المجوزين للتوسل والإستغاثة]

- ‌[أدلة المانعين للتوصل]

- ‌[حقيقة الشفاعة]

- ‌[سقوط الاستدلال بحديث الأعمى]

- ‌[توسل عمر بالعباس]

- ‌[حديث آدم]

- ‌[حديث الأعرابي]

- ‌[حديث مالك]

- ‌[التبرك بآثار النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌[قيمة المنامات والحكايات في الاستدلال]

- ‌[الحياة البرزخية]

- ‌[مذهب ابن تيمية في التوسل]

- ‌[لا يعبد الله إلا بما شرع]

- ‌[نوعا الشفاعة]

- ‌[هل تنعقد اليمين بغير الله]

- ‌[الوسيلة الجائزة والممنوعة]

- ‌[الاستغاثة بالمشايخ والموتى]

- ‌[إسراف بغيض]

- ‌[هل يشد الرحال لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌[باب زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌[فتوى لابن تيمية في زيارة قبره صلى الله عليه وسلم

- ‌[حكم زيارة القبور بلا شد الرحال]

- ‌[السنن والبدع في زيارة القبور]

- ‌[كيف بدلت التوراة والإنجيل]

- ‌[ابن حجر لا يعدل في القضية]

- ‌[ارتفاع الحدث بماء الورد]

- ‌[حكم المسح على النعلين وما جرى مجراهما]

- ‌[هل يتوقت المسح على الخفين

- ‌[التيمم لخشية فوات الوقت]

- ‌[اختيار لابن تيمية في التيمم]

- ‌[مدة الحيض]

- ‌[مسافة القصر]

- ‌[هل تستبرأ البكر

- ‌[هل يقضى من أكل في وقت الصوم يظنه بليل]

- ‌[المسابقة]

- ‌استبراء المختلعة

- ‌[وطء الوثنيات بملك اليمين]

- ‌[بيع الأصل بالعصير]

- ‌[بيع الفضل بالمصنوع متفاضلاً]

- ‌[تفصيل مسائل الربا]

- ‌[ابن القيم يرى أن ربا الفضل حرم سداً للذرائع]

- ‌[هل يجوز إهداء ثواب القراءة للنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌[هل للإنسان أن يجعل ثواب عمله لغيره]

- ‌[مطلب في إرسال العذبة]

- ‌[حكم بيع المسجد إذا خرب]

- ‌كلمة المطبعة

الفصل: ‌[مذهب السلف. تنزيه. وتفويض. وتصديق]

وأما لفظ الجهة فقد يراد به ما هو موجود وقد يراد به ما هو معدوم، ومن المعلوم أنه لا موجود إلا الخالق والمخلوق، فإذا أريد بالجهة أمر موجود غير الله تعالى لا يحصره شئ ولا يحيط به شئ من المخلوقات، تعالى عن ذلك.

وإن أريد بالجهة أمر عدمى وهو فوق العالم فليس هناك إلا الله تعالى وحده، فإذا قيل إنه تعالى في جهة بهذا الاعتبار فهو صحيح عندهم، ومعني ذلك أنه فوق العالم حيث أنتهت المخلوقات. ونفاه لفظ الجهة الذين يريدون بذلك نفى العلو يذكرون من أدلتهم أن الجهات كلها مخلوقة، وانه سبحانه كان قبلى الجهات. وأنه من قال: إنه تعالى في جهة كلام حق، ولكن الجهة ليست أمراً وجودياً، بل هي امر اعتبارى، ولا محذور في ذلك.

[مذهب السلف. تنزيه. وتفويض. وتصديق]

وبالجملة، يجب تنزيه الله تعالى عن مشابهة المخلوقين، وتفويض علم ما جاء من المتشابهات إليه عز شأنه، والإيمان بها على الوجه الذى جاءت عليه. والتأويل القريب إلى الذهن الشائع نظيره في كلام العرب مما لا بأس به عندى، على أن بعض الآيات مما أجمع على تأويلها السلف والخلف. والله تعالى أعلم بمراده.

وقال أيضاً في تفسير سورة الحديد. وأنت تعلم أن الأسلم التأويل، فإنه قول على الله تعالى من غير علم، ولا نؤول إلا ما أوله السلف ونتبعهم فيما كانوا عليه، فغن أولوا أولنا، وإن فوضوا فوضنا، ولا نأخذ تأويلهم لشئ سلماً لتاويل غيره. اهـ باقتصار. ولعله يشير بهذا إلى ما قاله بعض الخلف أنه قد ورد عن الإمام أحمد أنه قال بالتأويل في ثلاثة أحاديث:

أحدها قوله عليه الصلاة والسلام: ((الحجر الأسود يمين الله في أرضه)) .

وثانيها: ((إنى لأجد نفس الرحمن من قبل اليمن)) .

ص: 412

وثالثها: ((أنا جليس من ذكرنى)) .

وكذا إلى ما أوله من قوله صلى الله عليه وسلم: ((تأتى سورة البقرة وسورة كذا وكذا يوم القيامة كأنها غمامتان بثواب القارئ)) . وقوله عليه الصلاة والسلام: ((إن الرحم يتعلق بحقوى الرحمن فيقول سبحانه: أصل من وصلك)) فهذا أيضاً مما لا بد فيه من التأويل، فإذا أولوا البعض فليؤولوا البعض الآخر. والجواب ما سمعت آنفاً فلا تغفل. قلت: وكذا أولوا الحديث الإدلاء الذى رواه أبو هريرة وأبو ذر والترمذى وغيره من حديث الحسن: ((لو أدلى أحدكم بحبل لهبط على الله)) فهو إن صح على ما قاله الشيخ ابن تيمية في رسالة العرش الآتى بعضها: تقدير مفروض، أى لو وقع الإدلاء لوقع عليه، لأنه لا يمكن أن يدلى أحد على الله تعالى شيئاً، لأنه عال بالذات، وإذا اهبط شئ إلى جهة الأرض وقف في المركز. أو كما قيل: يؤول بالعلم، أى على علم الله، وهو تأويل غير مرضى له - وتمام البحث فيها.

وقال الوالد أيضاً في تفسير سورة الأعراف من كلام طويل ما بعضه: وأنت تعلم أن المشهور من مذهب السلف الصالح في مثل ذلك تفويض المراد منه إلى الله تعالى، فهم يقولون: استوى على العرش على الوجه الذى عناه سبحانه، منزها عن الاستقرار والتمكن، وأن تفسير الاستواء بالاستيلاء تفسير مرذول، إذ القائل به لا يسعه أن يقول كاستيلائنا، بل لابد أن يقول هو استيلاء لائق بذاته عز وجل. فليقل من أول الآمر: هو استواء لائق به جل وعلا. وقد أختار ذلك السادة الصوفية قدس الله تعالى أسرارهم، وهو أعلم وأسلم وأحكم، خلافاً لبعضهم. ولعل لنا دعوة إلى هذا المبحث إن شاء الله تعالى أهـ.

وقال في تفسير سورة السجدة عند قوله تعالى: {يدبر الأمر من السماء

ص: 413

إلى الأرض ثم يعرج إليه} الآية من كلام طويل ما بعضه: ويظهر لى أن المراد بالسماء جهة العلو في قوله تعالى: {أأمنتم من في السماء} وبعروج الأمر إليه صعود خبره، كما سمعت عن الجماعة. وأقوال: إن الآية من المتشابهة، واعتقد أن الله تعالى يدبر أمور الدنيا وشئونها، ويدبرها متقنة، وهو سبحانه مستو على عرشه، وذلك هو التدبير من جهة العلو، ثم يصعد خبر ذلك مع الملك إليه عز وجل إظهاراً لمزيد عظمته جلت عظته، وعظيم سلطنته عظمت سلطنته، إلى حكم هو - جل وعلا - أعلم بها، وكل ذلك بمعنى لائق به تعالى مجامع للتنزيه، مباين للتشبيه حسبما يقوله السلف في أمثاله.

وقول بعضهم: العرش موضع التدبير وما دونه موضع التفضيل، وما دون السماوات موضع فيه رائحة مما ذكرناه. أهـ. ومن خطه نقلته.

وقال في تفسير قوله تعالى حكاية عن فرعون: {يا هامان ابن لى صرحاً} الآية ما نصه: ورأيت لبعض السلفيين أن اللعين ما قال ذلك إلا لأنه سمع من موسى عليه السلام أو من أحد من المؤمنين وصف الله تعالى بالعلو، أو بانه سبحانه بالسماء، فحمله على معنى مستحيل في حقه تعالى لم يرده موسى عليه السلام ولا أحد من المؤمنين، فقال ما قال تهكما وتمويهاً على قومه. وللإمام في هذا المقال كلام رد به على القائلين بأن الله تعالى في السماء، ورد احتجاجهم بما أشعرت به الآية على ذلك وسماهم المشبهة، والبحث في ذلك طويل المجال، والحق مع السلف عليهم رحمة الملك المتعال، وحاشاهم ثم حاشاهم من التشبيه. أهـ. باقتصاره.

وقال أيضاً العلامة الوالد رحمه الله تعالى في تفسيره روح المعانى عند قوله عز وجل: {الرحمن على العرش أستوى} من سورة طه ما نصه: والعرش

ص: 414

في اللغة. وفي الشرع، سرير ذو قوائم له حمله من الملائكة عليهم السلام فوق السماوات مثل القبة ويدل على أن له قوائم ما أخرجاه في الصحيحين عن أبي سعيد قال: جاء رجل من اليهود إلى النبي صلى الله عليه وسلم قد لطم وجهه فقال، يا محمد رجل من أصحابك قد لطم وجهى؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم، ((أدعوه، فقال، لم لطمت وجهه؟ فقال: يا رسول الله، إنى مررت بالسوق وهو يقول، والذى أصطفى موسى على البشر، فقلت يا خبيث! وعلى محمد صلى الله عليه وسلم! فأخذتنى غضبة فلطمته. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا تخيروا بين الأنبياء، فإن الناس يصعقون وأكون أول من يفيق، فإذا انا بموسى عليه السلام آخذ بقائمة من قوائم العرش، فلا أدرى أفاق قبلى أم جوزى بصعقة الطور)) وعلى أن له حملة من الملائكة عليهم السلام قوله تعالى: {الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به} [غافر 7] وما رواه أبو داود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((أذن لى أن أحدث عن ملك من ملائكة الله عز وجل من حملة العرش أن ما بين أذنيه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة سنة)) وعلى أنه فوق السماوات مثل القبة. ما رواه أبو داود أيضاً عن جبير بن محمد بن مطعم عن أبيه عن جده قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم أعرابي فقال: يا رسول الله، جهدت الأنفس ونهكت الأموال أو هلكت، فاستسق لنا، فإنا نستشفع بك إلى الله تعالى، ونستشفع بالله تعالى عليك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ويحك، أتدرى ما تقول! وسبح رسول الله صلى الله عليه وسلم فمازال يسبح حتى عرف ذلك في وجوه أصحابه - ثم قال - ويحك! إنه لا يستشفع بالله تعالى على أحد من خلقه، شأنه شأن الله تعالى أعظم من ذلك. ويحك، أتدرى ما الله! إن الله تعالى فوق عرشه، وعرشه فوق سماواته هكذا، وقال باصابعه

ص: 415

مثل القبة، وإنه ليثط به اطيط الرحل الجديد بالراكب)) ومن شعر أمية بن أبي الصلت:[خفيف] .

مجدوا الله فهو للمجد أهل

ربنا في السماء أمسى كبيراً

بالبناء العالى الذى بهر النا

س وسوى فوق السماء سريراً

شرجعاً لا يناله طرف العي

ن ترى حوله الملائك صوراً (1)

وذهب طائفة من أهل الكلام إلى أنه مستدير من جميع الجوانب محيط بالعالم من كل جهة، وهو محدد الجهات، وربما سموه الفلك الأطلس، والفلك التاسع.

وتعقبه بعض شرائح عقيدة الطحاوى بأنه ليس بصحيح، لما ثبت في الشرع من أن قوائم تحمله الملائكة عليهم السلام، وأيضاً أخرجاه في الصحيحين عن جابر أنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((أهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ)) والفلك التاسع عندهم متحرك دائماً بحركة متشابهة.

ومن تأويل ذلك على أن المراد باهتزازه استشار حملة العرش وفرحهم فلا بد من دليل، على أن سياق الحديث ولفظه - كما نقل عن أبي الحسن الطبرى وغيره - بعيد عن ذلك الاحتمال.

وأيضاً جاء في صحيح مسلم من حديث جويرة بنت الحرث ما يدل على أن له زنة هي أثقل الأوزان. والفلك عندهم لا ثفيل ولا خفيف.

وأيضاً العرب لا تفهم منه الفلك، والقرآن إنما نزل بما يفهمون. وقصارى ما يدل عليه خبر أبي داود عن جبير بن مطعم التقبيب، وهو لا يستلزم الاستدارة من جميع الجوانب كما في الفلك، ولا بد لها من دليل منفصل، ثم

(1) الشرجع - كجعفر -: الطويل، والسرير. والصور: جمع أصور، وهو المائل العنق لنظره إلى العلو

ص: 416