المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب السابع: في النقوش والصور والستورذم المصورين - التحبير لإيضاح معاني التيسير - جـ ٤

[الصنعاني]

فهرس الكتاب

- ‌حرف الدال

- ‌كتاب: الدعاء

- ‌[الباب الأول: في آدابه:

- ‌الفصل الأول: في فضله ووقته

- ‌الفصل الثاني: في هيئة الداعي

- ‌الفصل الثالث: في كيفية الدعاء

- ‌الفصل الرابع: في أحاديث متفرقة

- ‌الباب الثاني: في أقسام الدعاء

- ‌[القسم الأول: في الأدعية المؤقتة المضافة إلى أسبابها، وفيه عشرون فصلاً]

- ‌الفصل الأول: في ذكر اسم الله الأعظم وأسمائه الحسنى

- ‌(فائدة: ذكر شرح أسماء الله الحسنى)

- ‌الفصل الثاني: في أدعية الصلاة مفصلاً - الاستفتاح

- ‌الركوع والسجود

- ‌بعد التشهد

- ‌بعد السلام

- ‌الفصل الثالث: في الدعاء عند التهجد

- ‌الفصل الرابع: في الدعاء عند الصباح والمساء

- ‌الفصل الخامس: في أدعية النوم والانتباه

- ‌الفصل السادس: في أدعية الخروج من البيت والدخول إليه

- ‌الفصل السابع: في أدعية المجلس والقيام منه

- ‌الفصل الثامن: في أدعية السفر

- ‌الفصل التاسع: في أدعية الكرب والهم

- ‌الفصل العاشر: في أدعية الحفظ

- ‌الفصل الحادي عشر: في دعاء اللباس والطعام

- ‌الفصل الثاني عشر: في دعاء قضاء الحاجة

- ‌الفصل الثالث عشر: في دعاء الخروج من المسجد والدخول إليه

- ‌الباب الرابع عشر: في دعاء رؤية الهلال

- ‌الفصل الخامس عشر: في دعاء الرعد والريح والسحاب

- ‌الفصل السادس عشر: في دعاء يوم عرفة وليلة القدر

- ‌الفصل السابع عشر: في دعاء العطاس

- ‌الفصل الثامن عشر: في دعاء داود عليه السلام

- ‌الفصل التاسع عشر: في دعاء قوم يونس عليه السلام

- ‌الفصل العشرون: في الدعاء عند رؤية المبتلى

- ‌القسم الثاني من الباب الثاني: في أدعية غير مؤقتة ولا مضافة

- ‌الباب الثالث: فيما يجري في مجرى الدعاء

- ‌الفصل الأول: في الاستعاذة

- ‌الفصل الثاني: في الاستغفار والتسبيح والتهليل والتكبير والتحميد والحوقلة

- ‌الفصل الثالث: في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌كتاب: الديات

- ‌الفصل الأول: في دية النفس

- ‌الفصل الثاني: في دية الأعضاء والجراح العين

- ‌الأضراس

- ‌الأصابع

- ‌الجراح

- ‌الفصل الثالث: فيما جاء من الأحاديث مشتركاً بين النفس والأعضاء

- ‌الفصل الرابع: في دية الجنين

- ‌الفصل الخامس: في قيمة الدية

- ‌الفصل السادس: في أحكام تتعلق بالديات

- ‌كتاب: الدين وآداب الوفاء

- ‌حرف الذال

- ‌كتاب: الذكر

- ‌كتاب: الذبائح

- ‌الفصل الأول: في آداب الذبح ومنهياته

- ‌الفصل الثاني: في هيئة الذبح وموضعه

- ‌الفصل الثالث: في آلة الذبح

- ‌كتاب: ذم الدنيا وأماكن من الأرض

- ‌الفصل الأول: [في ذم الدنيا

- ‌الفصل الثاني: في ذم أماكن من الأرض

- ‌حرف الراء

- ‌كتاب: الرحمة

- ‌الفصل الأول: في الحث عليها

- ‌الفصل الثاني: في ذكر رحمة الله تعالى

- ‌الفصل الثالث: فيما جاء من رحمة الحيوان

- ‌كتاب: الرفق

- ‌كتاب: الرهن

- ‌كتاب: الرياء

- ‌حرف الزاي

- ‌كتاب: الزكاة

- ‌الباب الأول: في وجوبها وإثم تاركها

- ‌الباب الثاني: في أحكام الزكاة المالية

- ‌الفصل الأول: فيما اشتركن فيه من الأحاديث

- ‌الفصل الثاني: في زكاة النعم

- ‌الفصل الثالث: في زكاة الحلي

- ‌الفصل الرابع: في زكاة الثمار والخضروات

- ‌الفصل الخامس: في زكاة المعدن والركاز

- ‌الفصل السادس: في زكاة الخيل والرقيق

- ‌الفصل السابع: في زكاة العسل

- ‌الفصل الثامن: في زكاة مال اليتيم

- ‌الفصل التاسع: في تعجيل الزكاة

- ‌الفصل العاشر: في أحكام متفرقة للزكاة

- ‌الباب الثالث: في زكاة الفطر

- ‌الباب الرابع: في عامل الزكاة وما يجب له عليه

- ‌الباب الخامس: فيمن تحل له الصدقة ومن لا تحل

- ‌الفصل الأول: فيمن لا تحل له

- ‌الفصل الثاني: فيمن تحل له الصدقة

- ‌كتاب: الزهد والفقر

- ‌الفصل الأول: في مدحهما والحث عليهما

- ‌الفصل الثاني: فيما كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه عليه من الفقر

- ‌كتاب: الزينة

- ‌الباب الأول: في الحليّ

- ‌الباب الثاني: في الخضاب

- ‌الباب الثالث: في الخلوق

- ‌الباب الرابع: في الشعور شعر الرأس - الترجيل

- ‌الحلق

- ‌الوصل

- ‌السدل والفرق

- ‌نتف الشيب

- ‌قص الشارب

- ‌الباب الخامس: في الطيب والدهن

- ‌الباب السادس: في أمور من الزينة متعددة

- ‌الباب السابع: في النقوش والصور والستورذم المصورين

- ‌كراهة الصور والستور

- ‌حرف السين

- ‌كتاب: السخاء والكرم

- ‌كتاب: السفر وآدابه

- ‌النوع الأول: في يوم الخروج

- ‌النوع الثاني: في الرفقة

- ‌النوع الثالث: في السير والنزول

- ‌النوع الرابع: في إعانة الرفيق

- ‌النوع الخامس: في سفر المرأة

- ‌النوع السادس: فيما يذم استصحابه في السفر

- ‌النوع السابع: في القفول من السفر

- ‌النوع الثامن: في سفر البحر

- ‌النوع التاسع: في تلقي المسافر

- ‌النوع العاشر: في ركعتي القدوم

- ‌كتاب: السبق والرمي

- ‌الفصل الأول: في أحكامهما

- ‌الفصل الثاني: فيما جاء من صفات الخيل

- ‌كتاب: السؤال

- ‌كتاب: السحر والكهانة

- ‌حرف الشين

- ‌كتاب: الشراب

- ‌الباب الأول: في آدابه

- ‌الفصل الأول: في الشرب قائمًا: جوازه

- ‌الفصل الثاني: في الشرب من أفواه الأسقية جوازه

- ‌الفصل الثالث: في التنفس عند الشرب

- ‌الفصل الرابع: في ترتيب الشاربين

- ‌الفصل الخامس: في تغطية الإناء

- ‌الفصل السادس: في أحاديث متفرقة

- ‌الباب الثاني: في الخمور والأنبذة

- ‌الفصل الأول: في تحريم كل مسكر

- ‌الفصل الثاني: في تحريم المسكر وذم شاربه

- ‌الفصل الثالث: في تحريمها ومن أي شيء هي

- ‌الفصل الرابع: فيما يحل من الأنبذة وما يحرم

- ‌الفصل الخامس: في الظروف وما يحل منها وما يحرم

- ‌الفصل السادس: في لواحق الباب

- ‌كتاب: الشركة

- ‌كتاب: الشعر

الفصل: ‌الباب السابع: في النقوش والصور والستورذم المصورين

قال مَالِكٌ (1): أرَى ذَلِكَ العَيْنِ. أخرجه الثلاثة وأبو داود (2). [صحيح]

‌الباب السابع: في النقوش والصور والستورذم المصورين

1 -

عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الَّذِينَ يَصْنَعُونَ هَذِهِ الصُّوَرَ، وفي رواية: إنَّ أصْحَابَ هذِهِ الصُّوَرِ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، يُقَالُ لهُمْ: أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ". أخرجه الشيخان (3) والنسائي (4). [صحيح]

(الباب السابع في النقوش والصور والستور).

قوله في حديث ابن عمر: "الذين يصنعون هذه الصور [231 ب] يعذبون يوم القيامة" بين عذابهم بقوله: "أحيوا ما خلقتم" أقول: قال الخطابي (5): والصورة: هو كل ما يصور من الحيوان، سواء في ذلك الصورة المنصوبة القائمة التي لها أشخاص، وما لا شخص له من المنقوشة في الجدر، والمصورة فيها في الفرش والأنماط، وقد رخص بعض العلماء فيما كان منها في الأنماط التي توطأ وتداس بالأرجل. انتهى.

قوله: "أحيوا ما خلقتم" أقول: هو أمر تعجيز مثل: {كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا (50)} (6)، ويستفاد منه صفة عذاب المصورين، وهو أنه يكلف نفخ الروح في الصورة التي

(1) في "الموطأ"(2/ 937).

(2)

في "السنن"(2252).

(3)

أخرجه البخاري في صحيحه رقم (5951)، ومسلم رقم (2108).

(4)

في "السنن" رقم (5361)، وهو حديث صحيح.

(5)

في "معالم السنن"(4/ 384 - مع السنن).

(6)

سورة الإسراء: 50.

ص: 644

صورها وهو لا يقدر على ذلك، فيستمر تعذيبه. وفي رواية للبخاري (1):"أن ينفخ فيها الروح وليس بنافخ".

قال الكرماني (2): أنه من تكليف ما لا يطاق. ورده الحافظ في "الفتح"(3) فقال: ليس كذلك، وإنما المراد طول تعذيبه، وإظهار عجزه عما كان يتعاطاه، ومبالغة في توبيخه وقبح فعله.

2 -

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قَدِمَ رسول الله صلى الله عليه وسلم مِنْ سَفَرٍ وَقَدْ سَتَرْتُ سَهْوَةً لِي بِقِرَامٍ فِيهِ تَمَاثِيلُ، فَلَمَّا رَآهُ هَتكَهُ وَتَلَوَّنَ وَجْهُهُ وَقَالَ:"يَا عَائِشَةُ! أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ القِيَامَةِ الَّذِينَ يُضَاهُونَ بِخَلْقِ الله". قَالَتْ: فَقَطَعْنَاهُ فَجَعَلْنَا مِنْهُ وِسَادَةً أَوْ وِسَادَتَيْنِ. أخرجه الثلاثة (4) والنسائي (5). [صحيح]

"السَّهْوَةُ" كالكوَّةِ: النافذة بين الدارين، وقيل: هي الصُّفةُ بين يدي البيت. وقيل: هي صفة صغيرة كالمخدع (6).

"وَالقِرَامُ": الستر.

"وَالمضَاهَاةُ": المشابهة والمماثلة (7).

(1) في صحيحه رقم (2225، 5963، 7042).

(2)

ذكره الحافظ في "الفتح"(10/ 394).

(3)

في "فتح الباري"(10/ 394)، و (12/ 428).

(4)

أخرجه البخاري رقم (2479، 5954، 6109)، ومسلم رقم (2107)، ومالك في "الموطأ"(2/ 966).

(5)

في "السنن" رقم (5356).

(6)

قاله ابن الأثير في "غريب الجامع"(4/ 798).

(7)

قاله ابن الأثير في "غريب الجامع"(4/ 798).

ص: 645

قوله في حديث عائشة: "قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من سفر" أقول: لفظ أبي داود (1) عن عائشة: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض مغازيه، فكنت أتحين قفوله، فأخذت غطاء كان لنا فسترت به على العرض (2)، فلما جاء استقبلته فقلت: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، الحمد لله الذي أعزك وأكرمك، فنظر إلى البيت فرأى النمط فلم يرد [360/ أ] علي شيئاً، فرأيت الكراهة في وجهه، فأتى النمط حتى هتكه وقال:"إن الله لم يأمرنا فيما رزقنا أن نكسو الحجارة واللبن" قالت: فقطعته فجعلته وسادتين وحشوتهما ليفاً [232 ب] فلم ينكر ذلك عليَّ. انتهى.

قال الخطابي (3): العرض هو الخشبة المعترضة يسقف بها البيت، ثم توضع عليها أطراف الأخشاب الصغار.

قوله: "سهوة" أقول: قال الحافظ في "الفتح"(4): بفتح المهملة وسكون الهاء: الصفة في جانب البيت.

(1) في "السنن" رقم (4153).

وأخرجه البخاري رقم (3225)، ومسلم رقم (2106)، وابن ماجه رقم (3649)، والترمذي رقم (2804)، والنسائي رقم (4282، 5347، 5348).

(2)

قال الهروي: المحدثون يروونه بالضاد المعجمة، وهو بالصاد والسين، وهو خشبة توضع على البيت عَرْضاً إذا أرادوا تسقيفه، ثم تلقى عليه أطراف الخشب القصار.

"النهاية في غريب الحديث"(2/ 182)، "الفائق" للزمخشري (1/ 202).

(3)

"غريب الحديث" للخطابي (1/ 19).

(4)

(10/ 387).

ص: 646

وقيل: الكوة، وقيل: الرف، وقيل: أربعة أعواد ثلاثة تعارض بعضها ببعض يوضع عليها الشيء من الأمتعة، وقيل: أنْ يبني من حائط البيت حائط صغير، ويجعل السقف على الجميع، فما كان وسط البيت فهو السهوة، وما كان داخله فهو المخدع، ثم ساق تفاسير.

قال (1): وقد وقع في حديث (2) عائشة: أنها علقته على بابها، فيتعين أن السهوة بيت صغير علقت الستر على بابه. انتهى.

واعلم أن للحديث ألفاظ كثيرة سردها ابن الأثير في "الجامع"(3) منها هذا، وفي أخرى: سترت بها نمرقة فيها تصاوير. وفي أخرى: حشوت للنبي صلى الله عليه وسلم وسادة فيها تماثيل كأنها نمرقة. وفي رواية: فأخذته فجعلته مرفقتين، فكان يرتفق بهما في البيت.

قوله: "أشد الناس عذاباً يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله" أقول: قال الحافظ في "الفتح"(4): قد استشكل كون المصور أشد عذاباً مع قوله تعالى: {أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (46)} (5) فإنه يقتضي أن يكون المصور أشد عذاباً من آل فرعون.

وأجاب الطبري (6): بأن المراد هنا من يصور ما يعبد من دون الله، وهو عارف بذلك قاصد له، فإنه يكفر بذلك، ولا يبعد أن يدخل مدخل آل فرعون. وأما من لا يقصد ذلك؛ فإنه يكون عاصياً بتصويره فقط.

(1) أي الحافظ في "الفتح"(10/ 387).

(2)

يشير إلى الحديث الذي أخرجه البخاري في صحيحه رقم (5955) عن عائشة قالت: قدم النبي صلى الله عليه وسلم من سفر وعلَّقت درنوكاً فيه تماثيل، فأمرني أن أنزعه، فنزعته.

(3)

في "الجامع"(4/ 803 - 808).

(4)

(10/ 383).

(5)

سورة غافر: 46.

(6)

ذكره الحافظ في "الفتح"(10/ 387).

ص: 647

وأجاب غيره (1): بأن الرواية بإثبات (من) ثابتة وبحذفها محمولة عليها، وإذا كان من يفعل التصوير من أشد الناس عذاباً؛ كان مشتركاً مع غيره، وليس في الآية ما يقتضي اختصاص آل فرعون بأشد العذاب، بل هم في العذاب الأشد، فكذلك غيرهم، يجوز أن يكون في العذاب الأشد، وذكر أجوبة أخر.

قال النووي (2): تصوير صورة [233 ب] الحيوان شديد التحريم، وهو من الكبائر؛ لأنه متوعد عليه هذا الوعيد الشديد، وسواء صنعه لما يمتهن أو لغيره فصنعته حرام بكل حال، وسواء كان في ثوب أو بساط أو دراهم أو دنانير أو فلس أو إناء أو حائط أو غيرها، فأما تصوير ما ليس فيه صورة حيوان فليس بحرام.

قوله: "فقطعنا منه وسادة أو وسادتين" أقول: قال ابن الأثير (3): فقال رجل في المجلس حينئذ يقال له ربيعة بن عطاء مولى بني زهرة: أفما سمعت أبا محمد - يعني أباه، يريد راوي الحديث عن عائشة - فإنه ساقه من رواية عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه: أن عائشة نصبت ستراً

الحديث يذكر أن عائشة قالت: فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرتفق عليها.

فقال ابن القاسم: لا، فقال: لكني قد سمعته. يريد القاسم بن محمد. انتهى.

وفي رواية ساقها ابن الأثير (4) قالت: فأخذته فجعلته مرفقتين فكان يرتفق بهما في البيت. انتهى.

(1) ذكره الحافظ في "الفتح"(10/ 387).

(2)

في شرحه لصحيح مسلم (3/ 81).

(3)

في "الجامع"(4/ 797).

(4)

في "الجامع"(4/ 797).

ص: 648

وهذا لفظ رواية مسلم (1)، وعليه بوب البخاري (2): باب ما وطئ من التصاوير، أي: أنه يرخص فيه.

قال النووي (3): وهو قول جمهور العلماء من الصحابة والتابعين، وهو قول الثوري ومالك وأبي حنيفة والشافعي، ولا فرق بين ماله ظل ولا ما ظل له، فإن كان معلقاً على حائط أو ملبوساً أو عمامة أو نحو ذلك مما لا يعد ممتهناً فهو حرام. انتهى.

قال الحافظ في "الفتح"(4): قلت: وفيما ذكره مؤاخذات منها: أن ابن العربي نقل أن الصورة إذا كان لها ظل حرام بالإجماع سواء كانت فيما يمتهن أو لا.

قال الحافظ (5): وهذا الإجماع محله فيما إذا كان في غير لعب البنات. وفيها: أنه صحح ابن العربي أن الصورة التي لا ظل لها إذا بقيت على هيئتها [234 ب] حرمت، سواء كانت فيما يمتهن أولا وإن قطع رأسها، أو حرفت جاز. ونقل الرافعي عن الجمهور: أن الصورة إذا طقع رأسها ارتفع المانع. انتهى.

قلت: هذا كله مبني على أنه صلى الله عليه وسلم كان يرتفق بالوسادتين، وعلى أن الصور باقية فيهما، لكنه قد خرَّج البخاري (6) عن عائشة حديثاً يفيد أنه صلى الله عليه وسلم لم يستعمل ما فيه الصورة أصلًا،

(1) في صحيحه رقم (2107).

(2)

في صحيحه (10/ 386 الباب رقم 91).

(3)

في شرحه لصحيح مسلم (13/ 81 - 82).

(4)

(10/ 388).

(5)

في "فتح الباري"(13/ 388).

(6)

في صحيحه رقم (5957).

ص: 649

وبوب (1) له بقوله: باب من كره القعود على الصور، وساق حديث عائشة الذي [361/ أ] أشرت إليه.

قال الحافظ في "الفتح"(2): أن البخاري أشار إلى الجمع بين رواية: أنه كان يرتفق بهما، ورواية: أنه لم يستعمله رأساً؛ بأنه لا يلزم من اتخاذ ما يوطأ من الصور جواز القعود على الصورة، فيجوز أن يكون استعمل من الوسادة ما لا صورة فيه، ويجوز أنه رأى التفرقة بين القعود والاتكاء، وهو بعيد.

قال (3): ويحتمل أن يجمع بين الحديثين بأنها لما قطعت الستر وقع القطع في وسط الصورة، فخرجت عن هيئتها، فلهذا صار يرتفق بها.

قال (4): وسلك الداودي مسلكاً آخر الجمع، فادعى أن حديث عدم استعماله صلى الله عليه وسلم له رأساً ناسخ لجميع أحاديث ما يفيد خلافه، واحتج بأنه خبر والخبر لا ينسخ.

وتعقبه الحافظ (5): بأنه لا يثبت النسخ بالاحتمال، وقد أمكن الجمع، فلا يلتفت إلى دعوى النسخ. انتهى.

قلت: وعلى كل تقدير حد الجمع مما ذكره الحافظ من أنه لما قطع؛ وقع القطع وسط الصورة، ثم لم يبق دليل على جواز بقائها فيما تمتهن، فإنه لا دليل عليه إلا ارتفاقه صلى الله عليه وسلم فيه صورة، وإذا كانت قطعت [235 ب][لم يبق صورة](6).

(1) البخاري في صحيحه (10/ 389 الباب رقم 92).

(2)

(10/ 390).

(3)

أي الحافظ في "فتح الباري"(10/ 390).

(4)

الحافظ في "الفتح"(10/ 390).

(5)

في "الفتح"(10/ 390)

(6)

سقطت من (ب).

ص: 650

3 -

وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أنَّهُ أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ. إِنِّي أُصَوِّرُ هَذِهِ الصُّوَرَ فَأَفْتِنِي فِيهَا، فَقَالَ: ادْنُ مِنِّي فَدَنَا، ثُمَّ قَالَ: ادْنُ مِنِّي، فَدَنَا حَتَّى وَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ، وَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "كُلُّ مُصَوِّرٍ فِي النَّارِ، يَجْعَلُ الله تعَالى لَهُ بِكُلِّ صُورَةٍ صَوَّرَهَا نَفْسًا فَيُعَذِّبُهُ فِي جَهَنَّمَ". وَقَالَ: إِنْ كُنْتَ لَا بُدَّ فَاعِلًا فَاصْنَعِ الشَّجَرَ وَمَا لَا نَفْسَ لَهُ. أخرجه الشيخان (1) والنسائي (2). [صحيح]

قوله في حديث ابن عباس: "فاصنع الشجر" أقول: استدل به على جواز تصوير ما لا روح له فيه من شجر أو شمس أو قمر. ونقل الشيخ أبو محمد الجويني (3) وجهاً بالمنع؛ لأن من الكفار من عبدها.

قال الحافظ ابن حجر (4): قلت: ولا يلزم من تعذيب من يصور ما فيه روح بما ذكر تجويز تصوير ما لا روح فيه، فإن عموم قوله:" [الذين] (5) يضاهون بخلق الله" وقوله: "ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي" يتناول ما فيه روح وما لا روح فيه. وقد قيد مجاهد صاحب ابن عباس جواز تصوير الشجر بما لا يثمر، وأما ما يثمر فألحقه بما له روح (6).

قلت: وكأن ابن عباس أخذ ما أفتى به من قوله صلى الله عليه وسلم: "أحيوا ما خلقتم، أو ينفخ فيه الروح وليس بنافخ" ولكنه يقال: الأشجار حياتها أن تنمو، فالنمو روحها، وعموم:"يضاهون لخلق الله" وغيره دال على تحريم كل شيء من ذي روح وغيره

(1) أخرجه البخاري رقم (2225، 5963، 7042)، ومسلم رقم (100/ 2110).

(2)

في "السنن" رقم (5358).

(3)

ذكره الحافظ في "الفتح"(10/ 394).

(4)

في "الفتح"(10/ 394).

(5)

سقطت من (ب).

(6)

انظر: "فتح الباري"(10/ 394 - 395).

ص: 651