الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال مَالِكٌ (1): أرَى ذَلِكَ العَيْنِ. أخرجه الثلاثة وأبو داود (2). [صحيح]
الباب السابع: في النقوش والصور والستورذم المصورين
1 -
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الَّذِينَ يَصْنَعُونَ هَذِهِ الصُّوَرَ، وفي رواية: إنَّ أصْحَابَ هذِهِ الصُّوَرِ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، يُقَالُ لهُمْ: أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ". أخرجه الشيخان (3) والنسائي (4). [صحيح]
(الباب السابع في النقوش والصور والستور).
قوله في حديث ابن عمر: "الذين يصنعون هذه الصور [231 ب] يعذبون يوم القيامة" بين عذابهم بقوله: "أحيوا ما خلقتم" أقول: قال الخطابي (5): والصورة: هو كل ما يصور من الحيوان، سواء في ذلك الصورة المنصوبة القائمة التي لها أشخاص، وما لا شخص له من المنقوشة في الجدر، والمصورة فيها في الفرش والأنماط، وقد رخص بعض العلماء فيما كان منها في الأنماط التي توطأ وتداس بالأرجل. انتهى.
قوله: "أحيوا ما خلقتم" أقول: هو أمر تعجيز مثل: {كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا (50)} (6)، ويستفاد منه صفة عذاب المصورين، وهو أنه يكلف نفخ الروح في الصورة التي
(1) في "الموطأ"(2/ 937).
(2)
في "السنن"(2252).
(3)
أخرجه البخاري في صحيحه رقم (5951)، ومسلم رقم (2108).
(4)
في "السنن" رقم (5361)، وهو حديث صحيح.
(5)
في "معالم السنن"(4/ 384 - مع السنن).
(6)
سورة الإسراء: 50.
صورها وهو لا يقدر على ذلك، فيستمر تعذيبه. وفي رواية للبخاري (1):"أن ينفخ فيها الروح وليس بنافخ".
قال الكرماني (2): أنه من تكليف ما لا يطاق. ورده الحافظ في "الفتح"(3) فقال: ليس كذلك، وإنما المراد طول تعذيبه، وإظهار عجزه عما كان يتعاطاه، ومبالغة في توبيخه وقبح فعله.
2 -
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قَدِمَ رسول الله صلى الله عليه وسلم مِنْ سَفَرٍ وَقَدْ سَتَرْتُ سَهْوَةً لِي بِقِرَامٍ فِيهِ تَمَاثِيلُ، فَلَمَّا رَآهُ هَتكَهُ وَتَلَوَّنَ وَجْهُهُ وَقَالَ:"يَا عَائِشَةُ! أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ القِيَامَةِ الَّذِينَ يُضَاهُونَ بِخَلْقِ الله". قَالَتْ: فَقَطَعْنَاهُ فَجَعَلْنَا مِنْهُ وِسَادَةً أَوْ وِسَادَتَيْنِ. أخرجه الثلاثة (4) والنسائي (5). [صحيح]
"السَّهْوَةُ" كالكوَّةِ: النافذة بين الدارين، وقيل: هي الصُّفةُ بين يدي البيت. وقيل: هي صفة صغيرة كالمخدع (6).
"وَالقِرَامُ": الستر.
"وَالمضَاهَاةُ": المشابهة والمماثلة (7).
(1) في صحيحه رقم (2225، 5963، 7042).
(2)
ذكره الحافظ في "الفتح"(10/ 394).
(3)
في "فتح الباري"(10/ 394)، و (12/ 428).
(4)
أخرجه البخاري رقم (2479، 5954، 6109)، ومسلم رقم (2107)، ومالك في "الموطأ"(2/ 966).
(5)
في "السنن" رقم (5356).
(6)
قاله ابن الأثير في "غريب الجامع"(4/ 798).
(7)
قاله ابن الأثير في "غريب الجامع"(4/ 798).
قوله في حديث عائشة: "قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من سفر" أقول: لفظ أبي داود (1) عن عائشة: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض مغازيه، فكنت أتحين قفوله، فأخذت غطاء كان لنا فسترت به على العرض (2)، فلما جاء استقبلته فقلت: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، الحمد لله الذي أعزك وأكرمك، فنظر إلى البيت فرأى النمط فلم يرد [360/ أ] علي شيئاً، فرأيت الكراهة في وجهه، فأتى النمط حتى هتكه وقال:"إن الله لم يأمرنا فيما رزقنا أن نكسو الحجارة واللبن" قالت: فقطعته فجعلته وسادتين وحشوتهما ليفاً [232 ب] فلم ينكر ذلك عليَّ. انتهى.
قال الخطابي (3): العرض هو الخشبة المعترضة يسقف بها البيت، ثم توضع عليها أطراف الأخشاب الصغار.
قوله: "سهوة" أقول: قال الحافظ في "الفتح"(4): بفتح المهملة وسكون الهاء: الصفة في جانب البيت.
(1) في "السنن" رقم (4153).
وأخرجه البخاري رقم (3225)، ومسلم رقم (2106)، وابن ماجه رقم (3649)، والترمذي رقم (2804)، والنسائي رقم (4282، 5347، 5348).
(2)
قال الهروي: المحدثون يروونه بالضاد المعجمة، وهو بالصاد والسين، وهو خشبة توضع على البيت عَرْضاً إذا أرادوا تسقيفه، ثم تلقى عليه أطراف الخشب القصار.
"النهاية في غريب الحديث"(2/ 182)، "الفائق" للزمخشري (1/ 202).
(3)
"غريب الحديث" للخطابي (1/ 19).
(4)
(10/ 387).
وقيل: الكوة، وقيل: الرف، وقيل: أربعة أعواد ثلاثة تعارض بعضها ببعض يوضع عليها الشيء من الأمتعة، وقيل: أنْ يبني من حائط البيت حائط صغير، ويجعل السقف على الجميع، فما كان وسط البيت فهو السهوة، وما كان داخله فهو المخدع، ثم ساق تفاسير.
قال (1): وقد وقع في حديث (2) عائشة: أنها علقته على بابها، فيتعين أن السهوة بيت صغير علقت الستر على بابه. انتهى.
واعلم أن للحديث ألفاظ كثيرة سردها ابن الأثير في "الجامع"(3) منها هذا، وفي أخرى: سترت بها نمرقة فيها تصاوير. وفي أخرى: حشوت للنبي صلى الله عليه وسلم وسادة فيها تماثيل كأنها نمرقة. وفي رواية: فأخذته فجعلته مرفقتين، فكان يرتفق بهما في البيت.
قوله: "أشد الناس عذاباً يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله" أقول: قال الحافظ في "الفتح"(4): قد استشكل كون المصور أشد عذاباً مع قوله تعالى: {أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (46)} (5) فإنه يقتضي أن يكون المصور أشد عذاباً من آل فرعون.
وأجاب الطبري (6): بأن المراد هنا من يصور ما يعبد من دون الله، وهو عارف بذلك قاصد له، فإنه يكفر بذلك، ولا يبعد أن يدخل مدخل آل فرعون. وأما من لا يقصد ذلك؛ فإنه يكون عاصياً بتصويره فقط.
(1) أي الحافظ في "الفتح"(10/ 387).
(2)
يشير إلى الحديث الذي أخرجه البخاري في صحيحه رقم (5955) عن عائشة قالت: قدم النبي صلى الله عليه وسلم من سفر وعلَّقت درنوكاً فيه تماثيل، فأمرني أن أنزعه، فنزعته.
(3)
في "الجامع"(4/ 803 - 808).
(4)
(10/ 383).
(5)
سورة غافر: 46.
(6)
ذكره الحافظ في "الفتح"(10/ 387).
وأجاب غيره (1): بأن الرواية بإثبات (من) ثابتة وبحذفها محمولة عليها، وإذا كان من يفعل التصوير من أشد الناس عذاباً؛ كان مشتركاً مع غيره، وليس في الآية ما يقتضي اختصاص آل فرعون بأشد العذاب، بل هم في العذاب الأشد، فكذلك غيرهم، يجوز أن يكون في العذاب الأشد، وذكر أجوبة أخر.
قال النووي (2): تصوير صورة [233 ب] الحيوان شديد التحريم، وهو من الكبائر؛ لأنه متوعد عليه هذا الوعيد الشديد، وسواء صنعه لما يمتهن أو لغيره فصنعته حرام بكل حال، وسواء كان في ثوب أو بساط أو دراهم أو دنانير أو فلس أو إناء أو حائط أو غيرها، فأما تصوير ما ليس فيه صورة حيوان فليس بحرام.
قوله: "فقطعنا منه وسادة أو وسادتين" أقول: قال ابن الأثير (3): فقال رجل في المجلس حينئذ يقال له ربيعة بن عطاء مولى بني زهرة: أفما سمعت أبا محمد - يعني أباه، يريد راوي الحديث عن عائشة - فإنه ساقه من رواية عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه: أن عائشة نصبت ستراً
…
الحديث يذكر أن عائشة قالت: فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرتفق عليها.
فقال ابن القاسم: لا، فقال: لكني قد سمعته. يريد القاسم بن محمد. انتهى.
وفي رواية ساقها ابن الأثير (4) قالت: فأخذته فجعلته مرفقتين فكان يرتفق بهما في البيت. انتهى.
(1) ذكره الحافظ في "الفتح"(10/ 387).
(2)
في شرحه لصحيح مسلم (3/ 81).
(3)
في "الجامع"(4/ 797).
(4)
في "الجامع"(4/ 797).
وهذا لفظ رواية مسلم (1)، وعليه بوب البخاري (2): باب ما وطئ من التصاوير، أي: أنه يرخص فيه.
قال النووي (3): وهو قول جمهور العلماء من الصحابة والتابعين، وهو قول الثوري ومالك وأبي حنيفة والشافعي، ولا فرق بين ماله ظل ولا ما ظل له، فإن كان معلقاً على حائط أو ملبوساً أو عمامة أو نحو ذلك مما لا يعد ممتهناً فهو حرام. انتهى.
قال الحافظ في "الفتح"(4): قلت: وفيما ذكره مؤاخذات منها: أن ابن العربي نقل أن الصورة إذا كان لها ظل حرام بالإجماع سواء كانت فيما يمتهن أو لا.
قال الحافظ (5): وهذا الإجماع محله فيما إذا كان في غير لعب البنات. وفيها: أنه صحح ابن العربي أن الصورة التي لا ظل لها إذا بقيت على هيئتها [234 ب] حرمت، سواء كانت فيما يمتهن أولا وإن قطع رأسها، أو حرفت جاز. ونقل الرافعي عن الجمهور: أن الصورة إذا طقع رأسها ارتفع المانع. انتهى.
قلت: هذا كله مبني على أنه صلى الله عليه وسلم كان يرتفق بالوسادتين، وعلى أن الصور باقية فيهما، لكنه قد خرَّج البخاري (6) عن عائشة حديثاً يفيد أنه صلى الله عليه وسلم لم يستعمل ما فيه الصورة أصلًا،
(1) في صحيحه رقم (2107).
(2)
في صحيحه (10/ 386 الباب رقم 91).
(3)
في شرحه لصحيح مسلم (13/ 81 - 82).
(4)
(10/ 388).
(5)
في "فتح الباري"(13/ 388).
(6)
في صحيحه رقم (5957).
وبوب (1) له بقوله: باب من كره القعود على الصور، وساق حديث عائشة الذي [361/ أ] أشرت إليه.
قال الحافظ في "الفتح"(2): أن البخاري أشار إلى الجمع بين رواية: أنه كان يرتفق بهما، ورواية: أنه لم يستعمله رأساً؛ بأنه لا يلزم من اتخاذ ما يوطأ من الصور جواز القعود على الصورة، فيجوز أن يكون استعمل من الوسادة ما لا صورة فيه، ويجوز أنه رأى التفرقة بين القعود والاتكاء، وهو بعيد.
قال (3): ويحتمل أن يجمع بين الحديثين بأنها لما قطعت الستر وقع القطع في وسط الصورة، فخرجت عن هيئتها، فلهذا صار يرتفق بها.
قال (4): وسلك الداودي مسلكاً آخر الجمع، فادعى أن حديث عدم استعماله صلى الله عليه وسلم له رأساً ناسخ لجميع أحاديث ما يفيد خلافه، واحتج بأنه خبر والخبر لا ينسخ.
وتعقبه الحافظ (5): بأنه لا يثبت النسخ بالاحتمال، وقد أمكن الجمع، فلا يلتفت إلى دعوى النسخ. انتهى.
قلت: وعلى كل تقدير حد الجمع مما ذكره الحافظ من أنه لما قطع؛ وقع القطع وسط الصورة، ثم لم يبق دليل على جواز بقائها فيما تمتهن، فإنه لا دليل عليه إلا ارتفاقه صلى الله عليه وسلم فيه صورة، وإذا كانت قطعت [235 ب][لم يبق صورة](6).
(1) البخاري في صحيحه (10/ 389 الباب رقم 92).
(2)
(10/ 390).
(3)
أي الحافظ في "فتح الباري"(10/ 390).
(4)
الحافظ في "الفتح"(10/ 390).
(5)
في "الفتح"(10/ 390)
(6)
سقطت من (ب).
3 -
وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أنَّهُ أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ. إِنِّي أُصَوِّرُ هَذِهِ الصُّوَرَ فَأَفْتِنِي فِيهَا، فَقَالَ: ادْنُ مِنِّي فَدَنَا، ثُمَّ قَالَ: ادْنُ مِنِّي، فَدَنَا حَتَّى وَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ، وَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "كُلُّ مُصَوِّرٍ فِي النَّارِ، يَجْعَلُ الله تعَالى لَهُ بِكُلِّ صُورَةٍ صَوَّرَهَا نَفْسًا فَيُعَذِّبُهُ فِي جَهَنَّمَ". وَقَالَ: إِنْ كُنْتَ لَا بُدَّ فَاعِلًا فَاصْنَعِ الشَّجَرَ وَمَا لَا نَفْسَ لَهُ. أخرجه الشيخان (1) والنسائي (2). [صحيح]
قوله في حديث ابن عباس: "فاصنع الشجر" أقول: استدل به على جواز تصوير ما لا روح له فيه من شجر أو شمس أو قمر. ونقل الشيخ أبو محمد الجويني (3) وجهاً بالمنع؛ لأن من الكفار من عبدها.
قال الحافظ ابن حجر (4): قلت: ولا يلزم من تعذيب من يصور ما فيه روح بما ذكر تجويز تصوير ما لا روح فيه، فإن عموم قوله:" [الذين] (5) يضاهون بخلق الله" وقوله: "ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي" يتناول ما فيه روح وما لا روح فيه. وقد قيد مجاهد صاحب ابن عباس جواز تصوير الشجر بما لا يثمر، وأما ما يثمر فألحقه بما له روح (6).
قلت: وكأن ابن عباس أخذ ما أفتى به من قوله صلى الله عليه وسلم: "أحيوا ما خلقتم، أو ينفخ فيه الروح وليس بنافخ" ولكنه يقال: الأشجار حياتها أن تنمو، فالنمو روحها، وعموم:"يضاهون لخلق الله" وغيره دال على تحريم كل شيء من ذي روح وغيره
(1) أخرجه البخاري رقم (2225، 5963، 7042)، ومسلم رقم (100/ 2110).
(2)
في "السنن" رقم (5358).
(3)
ذكره الحافظ في "الفتح"(10/ 394).
(4)
في "الفتح"(10/ 394).
(5)
سقطت من (ب).
(6)
انظر: "فتح الباري"(10/ 394 - 395).