الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الرابع: في أحاديث متفرقة
قوله: "الفَصْلُ الرَّابعْ: فِيْ أَحادِيْث مُتَفَرِّقَةُ".
أي: متعلقة بالدعاء.
1 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يُسْتَجابُ لأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ، يَقُولُ: دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي". أخرجه الستة (1) إلا النسائي. [صحيح]
وفي أخرى لمسلم (2) قال: "لَا يَزَالُ يُسْتَجابُ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يَدْع بِإِثْمٍ، أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ". [صحيح]
وفي أخرى للترمذي (3): "ما مِنْ رَجُلٍ يَدْعُو الله تَعَالَى إِلَاّ اسْتَجَابَ لَهُ، فَإِمَّا أَنْ يُعَجَّلَ لَهُ فِي الدُّنْيَا، وَإمَّا أَنْ يُدَّخَرَ لَهُ في الآخِرَةِ، وَإِمّا أَنْ يُكَفَّرَ عَنْهُ مِنْ ذُنُوبِهِ بِقَدْرِ ما دَعَا، مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ، أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ، أَوْ يَسْتَعْجِلُ". [صحيح دون قوله: "وإما أن يكفر عنه من ذنوبه بقدر ما دعا"].
قوله: "في حديث أبي هريرة يقول: دعوت فلم يستجب لي" قال ابن بطال (4): المعنى أن يسأم فيترك الدعاء فيكون كالمَانِّ بدعائه، أو أنه أتى من الدعاء بما يستحق به الإجابة فيصير كالمبخل للرب الكريم الذي لا تعجزه الإجابة ولا ينقصه العطاء، وفي الحديث من آداب الدعاء أنه يجتهد في الطلب، ولا ييأس من الإجابة، لما في ذلك من الاستسلام وإظهار الافتقار.
(1) أخرجه البخاري رقم (6340)، ومسلم رقم (2735)، وأبو داود رقم (1484)، وابن ماجه رقم (3853)، والترمذي رقم (3387).
(2)
في صحيحه رقم (92/ 2735).
(3)
في "السنن"(3604/ 3) وهو حديث صحيح دون قوله: "وإما أن يكفر عنه من ذنوبه بقدر ما دعا".
(4)
في شرحه لصحيح البخاري (10/ 100).
قال الداودي (1): يخاف على من خالف وقال: دعوت فلم يستجب لي أن يحرم الإجابة، وما قام مقامها من الادخار والتكفير.
قال ابن الجوزي (2): أعلم أن دعاء المؤمن لا يرد، غير أنه قد يكون الأولى له تأخير الإجابة أو العوض بما هو أولى له عاجلاً أو آجلاً، فينبغي للمؤمن أن لا يترك الطلب من ربه [403 ب] فإنه متعبد بالدعاء كما هو متعبد بالتسليم والتفويض، ومن آداب [الدعاء](3) تحري الأوقات الفاضلة كالسجود وعند الأذان وجوف الليل ودبر الصلوات المكتوبة، وعند المطر وعند التحام القتال في سبيل الله وعند رؤية الكعبة وغير ذلك ومنها: تقديم الوضوء، والصلاة، واستقبال القبلة، ورفع اليدين، وتقديم التوبة والاعتراف بالذنب والإخلاص، وافتتاحه بالحمد لله، والثناء عليه، ثم الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم والسؤال بالأسماء الحسنى، وأدلة (4) ما ذكر مخرجة أو أكثرها في البخاري. ومن شروطها: أن يكون الداعي طيب المطعم والملبس.
قوله: "في رواية الترمذي: إلا استجاب له" الحديث فيه إفادة أن الدعاء لا يخيب الداعي فيه، بل لا بُدَّ له من خير يناله به.
وأحسن والدي رحمه الله بقوله في أبيات:
ولا بد أن يستجاب الدعاء
…
ولكن بإحدى الثلاث المعاني
(1) ذكره الحافظ في "فتح الباري"(11/ 141).
(2)
ذكره الحافظ في "فتح الباري"(11/ 141).
(3)
زيادة من (ب)
(4)
ذكره الحافظ في "فتح الباري"(11/ 141).
وقوله: "ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم" فإن هذا منهي عنه فكيف يطلب من الله، بل الداعي [بذاك](1) آثم متعرض لسخط الله، والدعاء بقطيعة الرحم أن يدعو على رحمه بإصابته بما يكرهه، فإن هذا الدعاء نفسه قطيعة رحم، وفيه إساءة إليها، وهو مأمور بالإحسان إليها، وعطفه على قوله:"بإثم" من عطفه الخاص على العام إبانة لعظمة إثمه.
2 -
وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، وَلا تَدْعُوا عَلَى أَوْلَادِكُمْ، ولَا تَدْعُوا عَلَى خدَمِكُمْ، وَلا تَدْعُوا عَلَى أمْوَالِكمْ، لا تُوَافِقُ مِنَ الله سَاعَةَ نَيْلٍ فِيهَا عَطَاءٌ، فَيَسْتَجِيبَ لَكُمْ". أخرجه أبو داود (2). [صحيح]
"النَّيلُ"(3): والنَّوال، والعطاء.
قوله: "في حديث جابر: لا توافق" أي: [404 ب] الدعوة على أحد الأربعه المنهي هنا [من](4) الدعاء عليها.
"ساعة نيل" هو مصدر أناله نيلاً أعطاه فيها عطاء بعطية [265/ أ] الله فيكون من عطائه إجابة دعوتكم، ففيه النهي عن الدعاء على الأربعة، وأنه قد يدعو العبد عليهم ولا يريد الإجابة، فيوافق ساعة العطاء فيجاب، فيقع ما لا يريد وقوعه. وفيه أن لله ساعات يجيب
(1) زيادة (في): "بذلك".
(2)
في "السنن" رقم (1532) وهو حديث صحيح.
وأخرجه مسلم في صحيحه رقم (3009)، وابن حبان في صحيحه رقم (2411).
(3)
قال ابن الأثير في "غريب الجامع"(4/ 165).
(4)
في (أ): "عن".
فيها الدعوات، وعليه ورد حديث:"تعرضوا لنفحات الله، فإن لله في أيام دهركم نفحات"(1)، ولذا قال العلامة الرافعي:
أقيما على باب الكريم أقيما
…
ولا تبعدا عن سوحه فتهيما
وللنفحات الطيبات تعرضا
…
لعلكما تستنشقان نسيماً
3 -
وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لِيَسْأَلْ أَحَدُكُمْ رَبَّهُ حاجَتَهُ كُلَّها حَتَّى يَسْأَلَ شِسْع نَعْلِهِ إِذَا انْقَطَعَ". أخرجه الترمذي (2). [ضعيف]
وزاد (3) في رواية عن ثابت البناني رحمه الله مرسلاً: "حَتَّى يَسْأَلَهُ المِلْحَ، وَحَتَّى يَسْأَلَهُ شِسْع نَعْلِهِ إِذا انْقَطَعَ".
"الشِّسْعُ"(4) سير النعل الذي يدخل بين الأصابع.
قوله: "في حديث أنس (5): حتى شسع نعله" بكسر الشين المعجمة بعدها مهملتان، في "النهاية"(6) أنه أحد سيور النعل الذي يدخل بين الأصبعين، ويدخل طرفه في الثقب الذي في صدر النعل المشدود في الزمام، والزمام الذي يعقد فيه الشسع. انتهى. ويأتي تفسيره
(1) عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "اطلبوا الخير دهركم كله، وتعرضوا لنفحات رحمة ربكم، فإن لله نفحات من رحمته، يصيب بها من يشاء من عباده، واسألوه أن يستر عوراتكم، ويؤمن روعاتكم".
أخرجه البغوي في "شرح السنة"(5/ 1378)، والبيهقي في "الشعب"(11121)، والطبراني في "الكبير"(1/ 720)، وفي كتاب "الدعاء" رقم (26)، وأبو نعيم في "الحلية"(3/ 152)، والقضاعي في "مسند الشهاب"(1/ 701)، وابن عبد البر في "التمهيد"(5/ 339)، بإسناد ضعيف وفيه انقطاع.
(2)
في "السنن" رقم (3604/ 8)، وهو حديث ضعيف.
(3)
في "السنن" رقم (3604/ 9).
(4)
انظر: "تفسير غريب ما في الصحيحين" للحميدي (73/ 272).
(5)
زيادة من (أ).
(6)
"النهاية في غريب الحديث"(1/ 866).
صدر النعل المشدود في الزمام، والزمام الذي يعقد فيه الشسع. انتهى. ويأتي تفسيره للمصنف.
4 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه: "مَنْ لَمْ يَسْأَلِ الله يَغْضَبْ عَلَيْهِ"(1). [حسن]
قوله: "في حديث أبي هريرة: من لم يسأل الله يغضب عليه" هو من أدلة فضل الدعاء.
قال الطيبي (2): معناه أن من لم يسأل الله يبغضه، والمبغوض مغضوب عليه، والله يحب أن يُسأل. انتهى.
قال ابن حجر (3): يؤيده حديث ابن مسعود رفعه: "سلوا الله من فضله، فإن الله يحب أن يسأل" أخرجه الترمذي (4).
5 -
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سَلُوا الله تَعالى مِنْ فَضْلِهِ، فَإِنَّ الله يُحِبُّ أَنْ يُسْأَلَ، وَأَفْضَلُ العِبادَةِ انْتِظَارُ الفَرَجِ". أخرجهما الترمذي (5). [ضعيف]
قوله: "أخرجهما الترمذي".
(1) أخرجه الترمذي في "السنن" رقم (3373).
وأخرجه الحاكم في "المستدرك"(1/ 491) وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد، واللفظ:"من لا يدعو الله يغضب عليه".
وأخرجه أحمد (2/ 442، 443، 447)، والبخاري في "الأدب المفرد" رقم (658)، والبغوي في "شرح السنة"(5/ 188)، وابن ماجه رقم (3827)، وهو حديث حسن، والله أعلم.
(2)
في شرحه على مشكاة المصابيح (4/ 375).
(3)
في "فتح الباري"(11/ 95).
(4)
في "السنن" رقم (3571)، وهو حديث ضعيف.
(5)
في "السنن" رقم (3571)، وهو حديث ضعيف.
قلت: [405 ب] وأخرجه أحمد والبخاري في "الأدب المفرد" وابن ماجه والبزار والحاكم كلهم من رواية أبي صالح الخوزي بضم الخاء المعجمة وسكون الواو ثم زاي، وهو مختلف فيه فضعفه ابن معين (1) وقواه أبو زرعة [هنا] (2) ووجدت بخط العلامة الجلال على "جامع الأصول" ما لفظه: حديث أبي هريرة هذا لا ينافي ما يروى عن رابعة العدوية في قولها للثوري: "أما تستحي أن تطلب رضا من لست عنه براض" وما يروى عن مظفر القرميسيني: لا يكون الفقير فقيراً حتى لا يكون له إلى الله حاجة لأنهم بصدد الوقوف عند قول الخليل عليه السلام: "علمه بحالي يغنيه عن سؤالي"(3) وهو مقام عال لا فرار عنه ولا استمرار له، كيف وقد دعا الخليل بتلك الدعوات القرآنية، وإنما بلوغ ذلك المقام موهبة إلهية تفيض على المقربين من اسمه الغني سبحانه خيراً لهم وجلاءً لهم من قيود المطامع، فنسأل الله من ذلك المقام ما يبلغنا به منازل الكرام. انتهى بلفظه من خطه.
(1) ذكره ابن حجر في "تهذيب التهذيب"(4/ 539).
(2)
زيادة من (ب).
(3)
يحكى هذا عن الخليل عليه السلام لما ألقي في النار، قال جبريل عند ذلك: ألك حاجة؟ قال: أما إليك فلا، قال جبريل: فسل ربك، فقال إبراهيم: حسبي من سؤالي علمه بحالي.
قال ابن تيمية في "مجموع فتاوى"(8/ 539): كلام باطل.
ونقل ابن عراق في "تنزيه الشريعة"(1/ 250) عن ابن تيمية أنه موضوع.
وقال الألباني رحمه الله في "الضعيفة"(1/ 28 رقم 21): لا أصل له، ثم قال بعد بحث نفيس: وبالجملة؛ فهذا الكلام المعزو إلى إبراهيم عليه الصلاة والسلام لا يصدر من مسلم يعرف منزلة الدعاء في الإسلام، فكيف يقوله من سمانا مسلمين؟
وأقول: لا ريب أن أشرف العباد مقاماً، وأعرفهم بالله إجلالاً وإعظاماً هو خاتم رسله صلى الله عليه وسلم، وقد كان أكثر الناس فزعاً إلى الله، وأوسعهم دعاء لمولاه في كل حالة من أحواله، كما لا يحصى ذلك من أقواله.
والله أمر عباده بدعائه ومدح الداعين له، وذكر دعوات رسله عند الشدائد وغيرها، قال الكليم:{إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (24)} (1)، وقال أيوب:{أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (83)} (2)، وقال أبو البشر آدم:{رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا} (3)، ودعوات رسل الله قد ملئت بها كتب الله، فالعجب من جعل [قول](4) رابعة وغيرها أرفع حالاً من [أحوال](5)[266/ أ] رسل الله، وأما قول الخليل فيطالب بإسناده أولاً، وثانياً: أن قوله: "علمه بحالي يغنيه عن سؤالي" هو سؤال وإعلام بأن الله تعالى عالم بحاجاته، فأين هو من قول من قال:"لا يكون الفقير فقيراً حتى لا يكون له إلى الله حاجة"؟ وإنما هذا يناسب لو قال الخليل: ما لي إليه حاجة، وحاشاه عن مثل هذه الدعوى الباطلة، وهذه نفثة من شطحات الصوفية.
6 -
وعن جابر رضي الله عنه قال: قَالتِ امرأةٌ: يا رَسُول الله، صَلِّ عَلَيَّ وَعَلَى زَوْجِي، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"صَلَّى الله عَلَيْكِ وَعَلَى زَوْجِكِ". أخرجه أبو داود (6). [صحيح]
قوله: "في حديث جابر: فقال صلى الله عليه وسلم: صلى الله عليك وعلى زوجك" سيأتي أن هذا من أدلة من أجاز الصلاة على غير الأنبياء استدلالاً لا تفضلاً.
(1) سورة القصص: 24.
(2)
سورة الأنبياء: 83.
(3)
سورة الأعراف: 23.
(4)
زيادة من (أ).
(5)
زيادة من (أ).
(6)
في "السنن" رقم (1533)، وهو حديث صحيح.
والحديث أخرجه النسائي (1) عن جابر بلفظ: أتانا النبي صلى الله عليه وسلم فنادته امرأتي: يا رسول الله، صلِّ عليَّ وعلى [زوجي](2)، فقال صلى الله عليه وسلم:"صلى الله عليكِ وعلى زوجكِ"، فيحتمل تعدد القصة.
7 -
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يَدْعُو لأَخِيهِ بِظَهْرِ الغَيْبِ إِلَاّ وَقَالَ المَلَكُ: وَلَكَ بِمِثْلٍ". أخرجه مسلم (3) وأبو داود (4). [صحيح]
وزاد (5): "إلَّا قَالَتِ المَلَائِكَةُ: آمِينَ، وَلَكَ بِمِثْلٍ".
قوله: "في حديث أبي الدرداء: يدعو لأخيه بظهر الغيب" وهو غائب عنه غيبة موت أو غيرها، والأخ المراد به: المؤمن.
قوله: "إلا قال الملك" وفي رواية: "الملائكة" والمراد بهم الحفظة، أو غيرهم، أو كل ملك. وفيه فضيلة دعاء العبد لأخيه بظهر الغيب؛ لأنه لا يقول له الملك:"ولك مثل ذلك" إلا عن أمر الله تعالى، ولا يأمر الله تعالى بذلك إلا وهو يريد إجابة الدعاء، فيدل على أن الأفضل للعبد أن يدعو لإخوانه الغائبين عنه ليدعو له الملك المجاب، ويحتمل أنه إخبار من الملك بأن الله تعالى قد أجابه وجعل له مثل ما دعا به، والله ذو الفضل العظيم.
وهو يوافق حديث: "والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه"(6).
(1) في "السنن الكبرى" رقم (2142، 10184).
(2)
في (أ): "زوجك".
(3)
في صحيحه رقم (2732، 2733).
(4)
في "السنن" رقم (1534)، وأخرجه ابن ماجه رقم (2895)، وهو حديث صحيح.
(5)
أي: أبو داود في "السنن" رقم (1534).
(6)
أخرجه مسلم في صحيحه رقم (2699)، وأبو داود رقم (4946)، والترمذي رقم (1930)، وابن ماجه رقم (225)، وابن حبان في صحيحه رقم (534)، والحاكم (4/ 383)، وهو حديث صحيح.
وترجم البخاري (1): من خص أخاه بالدعاء دون نفسه، وإن حمله ابن حجر (2) على أعم من هذا.
وقولنا: "بمثل ذلك" زيادة (ذلك) من رواية فتح الباري (3)[407 ب]، والذي في "الجامع" (4) كما في "التيسير":"ولك بمثل"، قال: وفي رواية أبي داود قال: "إذا دعا الرجل لأخيه قالت الملائكة: "آمين ولك بمثل".
8 -
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ دَعَا عَلَى مَنْ ظَلَمَهُ فَقَدِ انْتَصَرَ". أخرجه الترمذي (5). [ضعيف]
قوله: "في حديث عائشة: فقد انتصر" فيه أن دعاء المظلوم على من ظلمه انتصار منه عليه، وهل يبقى له حق عنده يطالبه به في الآخرة؟ يحتمل والأظهر أنه بدعائه عليه قد استوفى ما هو له؛ لأنه تعالى قد وعد المظلوم بإجابة دعائه ولو بعد حين، فإذا أجابه فيه لم يبق له عليه حق، والله أعلم.
وهل فيه أنه لا ينبغي الدعاء عليه؟ لا دليل في الحديث على ذلك؛ لأن الانتصار جائز، قال الله:{وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ (41)} (6).
قوله: "أخرجه الترمذي" وقال (7): حديث حسن.
(1) في صحيحه (11/ 135 الباب رقم 19 مع الفتح).
(2)
في "فتح الباري"(11/ 137).
(3)
(11/ 137).
(4)
(4/ 167 - 168).
(5)
في "السنن" رقم (3552)، وهو حديث ضعيف.
(6)
سورة الشورى: 41.
(7)
في "السنن"(5/ 554) حيث قال: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث أبي حمزة.