المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌كتاب: الدين وآداب الوفاء - التحبير لإيضاح معاني التيسير - جـ ٤

[الصنعاني]

فهرس الكتاب

- ‌حرف الدال

- ‌كتاب: الدعاء

- ‌[الباب الأول: في آدابه:

- ‌الفصل الأول: في فضله ووقته

- ‌الفصل الثاني: في هيئة الداعي

- ‌الفصل الثالث: في كيفية الدعاء

- ‌الفصل الرابع: في أحاديث متفرقة

- ‌الباب الثاني: في أقسام الدعاء

- ‌[القسم الأول: في الأدعية المؤقتة المضافة إلى أسبابها، وفيه عشرون فصلاً]

- ‌الفصل الأول: في ذكر اسم الله الأعظم وأسمائه الحسنى

- ‌(فائدة: ذكر شرح أسماء الله الحسنى)

- ‌الفصل الثاني: في أدعية الصلاة مفصلاً - الاستفتاح

- ‌الركوع والسجود

- ‌بعد التشهد

- ‌بعد السلام

- ‌الفصل الثالث: في الدعاء عند التهجد

- ‌الفصل الرابع: في الدعاء عند الصباح والمساء

- ‌الفصل الخامس: في أدعية النوم والانتباه

- ‌الفصل السادس: في أدعية الخروج من البيت والدخول إليه

- ‌الفصل السابع: في أدعية المجلس والقيام منه

- ‌الفصل الثامن: في أدعية السفر

- ‌الفصل التاسع: في أدعية الكرب والهم

- ‌الفصل العاشر: في أدعية الحفظ

- ‌الفصل الحادي عشر: في دعاء اللباس والطعام

- ‌الفصل الثاني عشر: في دعاء قضاء الحاجة

- ‌الفصل الثالث عشر: في دعاء الخروج من المسجد والدخول إليه

- ‌الباب الرابع عشر: في دعاء رؤية الهلال

- ‌الفصل الخامس عشر: في دعاء الرعد والريح والسحاب

- ‌الفصل السادس عشر: في دعاء يوم عرفة وليلة القدر

- ‌الفصل السابع عشر: في دعاء العطاس

- ‌الفصل الثامن عشر: في دعاء داود عليه السلام

- ‌الفصل التاسع عشر: في دعاء قوم يونس عليه السلام

- ‌الفصل العشرون: في الدعاء عند رؤية المبتلى

- ‌القسم الثاني من الباب الثاني: في أدعية غير مؤقتة ولا مضافة

- ‌الباب الثالث: فيما يجري في مجرى الدعاء

- ‌الفصل الأول: في الاستعاذة

- ‌الفصل الثاني: في الاستغفار والتسبيح والتهليل والتكبير والتحميد والحوقلة

- ‌الفصل الثالث: في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌كتاب: الديات

- ‌الفصل الأول: في دية النفس

- ‌الفصل الثاني: في دية الأعضاء والجراح العين

- ‌الأضراس

- ‌الأصابع

- ‌الجراح

- ‌الفصل الثالث: فيما جاء من الأحاديث مشتركاً بين النفس والأعضاء

- ‌الفصل الرابع: في دية الجنين

- ‌الفصل الخامس: في قيمة الدية

- ‌الفصل السادس: في أحكام تتعلق بالديات

- ‌كتاب: الدين وآداب الوفاء

- ‌حرف الذال

- ‌كتاب: الذكر

- ‌كتاب: الذبائح

- ‌الفصل الأول: في آداب الذبح ومنهياته

- ‌الفصل الثاني: في هيئة الذبح وموضعه

- ‌الفصل الثالث: في آلة الذبح

- ‌كتاب: ذم الدنيا وأماكن من الأرض

- ‌الفصل الأول: [في ذم الدنيا

- ‌الفصل الثاني: في ذم أماكن من الأرض

- ‌حرف الراء

- ‌كتاب: الرحمة

- ‌الفصل الأول: في الحث عليها

- ‌الفصل الثاني: في ذكر رحمة الله تعالى

- ‌الفصل الثالث: فيما جاء من رحمة الحيوان

- ‌كتاب: الرفق

- ‌كتاب: الرهن

- ‌كتاب: الرياء

- ‌حرف الزاي

- ‌كتاب: الزكاة

- ‌الباب الأول: في وجوبها وإثم تاركها

- ‌الباب الثاني: في أحكام الزكاة المالية

- ‌الفصل الأول: فيما اشتركن فيه من الأحاديث

- ‌الفصل الثاني: في زكاة النعم

- ‌الفصل الثالث: في زكاة الحلي

- ‌الفصل الرابع: في زكاة الثمار والخضروات

- ‌الفصل الخامس: في زكاة المعدن والركاز

- ‌الفصل السادس: في زكاة الخيل والرقيق

- ‌الفصل السابع: في زكاة العسل

- ‌الفصل الثامن: في زكاة مال اليتيم

- ‌الفصل التاسع: في تعجيل الزكاة

- ‌الفصل العاشر: في أحكام متفرقة للزكاة

- ‌الباب الثالث: في زكاة الفطر

- ‌الباب الرابع: في عامل الزكاة وما يجب له عليه

- ‌الباب الخامس: فيمن تحل له الصدقة ومن لا تحل

- ‌الفصل الأول: فيمن لا تحل له

- ‌الفصل الثاني: فيمن تحل له الصدقة

- ‌كتاب: الزهد والفقر

- ‌الفصل الأول: في مدحهما والحث عليهما

- ‌الفصل الثاني: فيما كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه عليه من الفقر

- ‌كتاب: الزينة

- ‌الباب الأول: في الحليّ

- ‌الباب الثاني: في الخضاب

- ‌الباب الثالث: في الخلوق

- ‌الباب الرابع: في الشعور شعر الرأس - الترجيل

- ‌الحلق

- ‌الوصل

- ‌السدل والفرق

- ‌نتف الشيب

- ‌قص الشارب

- ‌الباب الخامس: في الطيب والدهن

- ‌الباب السادس: في أمور من الزينة متعددة

- ‌الباب السابع: في النقوش والصور والستورذم المصورين

- ‌كراهة الصور والستور

- ‌حرف السين

- ‌كتاب: السخاء والكرم

- ‌كتاب: السفر وآدابه

- ‌النوع الأول: في يوم الخروج

- ‌النوع الثاني: في الرفقة

- ‌النوع الثالث: في السير والنزول

- ‌النوع الرابع: في إعانة الرفيق

- ‌النوع الخامس: في سفر المرأة

- ‌النوع السادس: فيما يذم استصحابه في السفر

- ‌النوع السابع: في القفول من السفر

- ‌النوع الثامن: في سفر البحر

- ‌النوع التاسع: في تلقي المسافر

- ‌النوع العاشر: في ركعتي القدوم

- ‌كتاب: السبق والرمي

- ‌الفصل الأول: في أحكامهما

- ‌الفصل الثاني: فيما جاء من صفات الخيل

- ‌كتاب: السؤال

- ‌كتاب: السحر والكهانة

- ‌حرف الشين

- ‌كتاب: الشراب

- ‌الباب الأول: في آدابه

- ‌الفصل الأول: في الشرب قائمًا: جوازه

- ‌الفصل الثاني: في الشرب من أفواه الأسقية جوازه

- ‌الفصل الثالث: في التنفس عند الشرب

- ‌الفصل الرابع: في ترتيب الشاربين

- ‌الفصل الخامس: في تغطية الإناء

- ‌الفصل السادس: في أحاديث متفرقة

- ‌الباب الثاني: في الخمور والأنبذة

- ‌الفصل الأول: في تحريم كل مسكر

- ‌الفصل الثاني: في تحريم المسكر وذم شاربه

- ‌الفصل الثالث: في تحريمها ومن أي شيء هي

- ‌الفصل الرابع: فيما يحل من الأنبذة وما يحرم

- ‌الفصل الخامس: في الظروف وما يحل منها وما يحرم

- ‌الفصل السادس: في لواحق الباب

- ‌كتاب: الشركة

- ‌كتاب: الشعر

الفصل: ‌كتاب: الدين وآداب الوفاء

الحرب المجلية والسلم المخزية، فبايع القوم على ما قاله عمر. وهذا الأثر كما ذكره المصنف ليس في جامع ابن الأثير.

قوله: "شرف الدين البارزي" أقول: هو قاضي حماة (1)، الذي اختصر كتاب أبن الأثير في كتابه الذي سماه:"تجريد الأصول في أحاديث الرسول" تقدم في [الخطبة للمصنف](2) ذكره، والعجب من إتيانه بحديث ليس في "الجامع" الذي اختصر كتابه منه.

‌كتاب: الدين وآداب الوفاء

1 -

عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ مِنْ أَعْظَمَ الذُّنُوبِ عِنْدَ الله تَعَالَى أَنْ يَلْقَاهُ بِهِ عَبْدٌ - بَعْدَ الكَبَائِرِ الَّتِي نَهَى الله عَنْهَا - أَنْ يَمُوتَ رَجُلٌ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لَا يَدَعُ لَهُ قَضَاءً". أخرجه أبو داود (3). [ضعيف]

قوله: "كتاب الدين وآداب الوفاء".

قوله: "في حديث أبي موسى: إن من أعظم الذنوب" هو خبر مقدم، والمبتدأ قوله:"أن يموت الرجل" والمعنى: إن من أعظم الذنوب بعد الكبائر التي نهي عنها موت رجل عليه دين لا يترك له قضاء، فهو ذنب عظيم لكنه ليس من الكبائر، بل هو عظيم في نفسه، ولا ريب أن أمر الدين أعظم، فإنه صلى الله عليه وسلم كان لا يصلي على من مات مديوناً ولم يدع قضاء دينه، وكذلك

= "معجم البلدان"(1/ 408)، "معجم ما استعجم"(1/ 246 - 247).

(1)

تقدمت ترجمته في مقدمة هذا الكتاب.

(2)

زيادة من (أ).

(3)

في "السنن" رقم (3342).

وأخرجه البيهقي في "الشعب" رقم (5541)، وهو حديث ضعيف.

ص: 353

قال: "إنه يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين"(1)، إلا أنه ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال بعد أن فتح الله عليه الفتوح:"إن من مات وعليه دين فإنه عليه صلى الله عليه وسلم "(2) أي: يجب عليه قضاؤه، ويجب أيضاً على الخلفاء بعده قضاء دين من مات ولم يخلف وفاءً، وإن كان حديث:"فعلي قضاؤه"(3) عام لكل ميت خلاف الوفاء أو لا.

2 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا أَدَّى الله عَنْهُ، وَمَنْ أَخَذَهَا يُرِيدُ إِتْلَافَهَا أَتْلَفَهُ الله". أخرجه البخاري (4). [صحيح]

قوله: "في حديث أبي هريرة: يريد أداءاها" الحديث فيه تقييد لحديث أبي موسى، بأن المراد من أخذ أموال الناس لا يريد قضاءها وأداءها فإنه الإثم، بل إرادته إتلاف أموال العباد وإذهابها لا قضاؤها.

وقوله: "أتلفه الله" أي [في](5) الدنيا في نفسه (6) أو معاشه. [95 ب].

(1) أخرجه مسلم في صحيحه رقم (1886) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما. وهو حديث صحيح.

(2)

أخرجه أحمد في "المسند"(6/ 74، 154)، وابن راهويه رقم (1063)، وعبد بن حميد في "المنتخب" رقم (1522)، وأبو يعلى رقم (4838)، والطبراني في "الأوسط" رقم (9334)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(7/ 22)، وفي "شعب الإيمان" رقم (5551) عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من حمل من أمتي ديناً، ثم جهد في قضائه فمات ولم يقضه؛ فأنا وليُّه". وهو حديث صحيح.

(3)

أخرجه مسلم في صحيحه رقم (1619) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وهو حديث صحيح.

(4)

في صحيحه رقم (2387)، وهو حديث صحيح.

(5)

في (ب): "من".

(6)

انظر: "فتح الباري"(5/ 54).

ص: 354

وقيل: في الآخرة بالعذاب، يؤيد حديث البخاري إيضاحاً حديث سمرة عند أبي داود (1)، والنسائي (2) أنه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً فقال: "أها هنا أحد من بني فلان؟ " فلم يجبه أحد، قالها ثلاثاً، فأجابه في الثالثة رجل منهم، فقال: أنا يا رسول الله. فقال له: "ما منعك أن تجيبني في المرتين الأوليين؟ إني لم أنوّه بكم إلا خيراً، إن صاحبكم - يريد رجلاً منهم - مات مأسوراً بدينه، فلقد رأيته أُدي عنه حتى [ما يطلبه أحد بشيء] (3) ".

3 -

وعن عمران بن حذيفة قال: كَانَتْ مَيْمُونَةُ تَدَّانُ وَتُكْثِرُ فَقَالَ لَهَا أَهْلُهَا فِي ذَلِكَ وَلَامُوهَا، فَقَالَتْ: لَا أَتْرُكُ الدَّيْنَ، وَقَدْ سَمِعْتُ خَلِيلي وَصَفِيِّي صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"مَا مِنْ أَحَدٍ يَدَّانُ دَيْنًا فَيَعْلَمُ الله أَنَّهُ يُرِيدُ قَضَاءَهُ إِلَاّ أَدَّاهُ الله عَنْهُ فِي الدُّنْيَا". أخرجه النسائي (4). [صحيح دون قوله: في الدنيا]

قوله: "وعن عمران بن حذيفة" أقول: في نسخة من "الجامع"(5) عمران بن حذيفة عن أبي هريرة.

قوله: "كانت ميمونة" أي: بنت الحارث الهلالية أم المؤمنين رضي الله عنها.

قوله: "إلا أداه الله عنه في الدنيا" في "الجامع"(6): "والآخرة" وهي بمعنى الواو.

4 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَطْلُ الغَنيِّ ظُلْمٌ، واِذَا أُتْبعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِئٍ فَلْيَتْبَعْ".

(1) في "السنن" رقم (3341).

(2)

في "السنن" رقم (4685) دون قوله: "فلقد رأيته أُدّيَّ

" وهو حديث حسن.

(3)

كذا في (أ. ب)، والذي في "سنن أبي داود":"ما بقي أحد يطلبه بشيء".

(4)

في "السنن" رقم (4686)، وهو حديث صحيح دون قوله:"في الدنيا".

(5)

(4/ 453).

(6)

(4/ 453 رقم 2535).

ص: 355

أخرجه الستة (1). [صحيح]

قوله: "إذّا أُتْبعَ"(2): بضم الهمزة، وتخفيف المثناة الساكنة، أي: أُحيل.

"عَلَى مَلِئٍ"(3) أي: قادر فليحتل.

قوله: "في حديث أبي هريرة: مطل الغني ظلم" أقول: هو من باب إضافة المصدر إلى فاعله، أي: مطل الغني غريمه. والمطل: هو المد والمدافعة، والمراد هنا: تأخير ما استحق أداؤه بغير عذر، ويأتي في معناه [ليُّ](4) الواجد يبيح عرضه وعقوبته.

قوله: "فإذا أُتبع أحدكم" أقول: بضم الهمزة (5) وسكون المثناة الفوقية مبنياً للمفعول، أي: أحيل، والمراد: إحالة من عنده له الحق، والمليء بالهمزة وقد تخفف أي: غني.

وقوله: "فليتبع" بالتشديد والتخفيف، أي: فليحتل. والأمر أصله للوجوب، وقيل: أنه هنا للإباحة، وقيل: للإرشاد.

(1) أخرجه البخاري رقم (2287)، ومسلم رقم (33/ 2564)، وأبو داود رقم (3345)، والترمذي رقم (1308)، والنسائي رقم (4688)، وابن ماجه رقم (2403).

وأخرجه أحمد (2/ 245)، ومالك (2/ 674 رقم 84)، والدارمي (2/ 261)، والحميدي رقم (1032)، وابن الجارود رقم (560)، والبيهقي (6/ 70)، وهو حديث صحيح.

(2)

قاله الخطابي في "غريب الحديث"(1/ 87)، وفي "إصلاح غلط المحدثين" (ص 125) ط: دار المأمون.

(3)

انظر: "النهاية في غريب الحديث"(2/ 674).

(4)

في (أ): "لولي".

(5)

قال ابن الأثير في "غريب الجامع"(4/ 454): قال الخطابي: أصحاب الحديث يروونه بتشديد التاء، وهو غلط، وصوابه: أُتبع ساكنة التاء، بوزن: أُكْرِمَ، ومعناه: إذا أُحيلَ أحدُكم على مَلِئٍ - أي قادر - فليحتل، يقال: تبعتُ الرجل أتبعهُ تباعةً: إذا طالبته، فأنا تبيعه، وليس هذا أمراً على الوجوب إنما هو على الأدب والرفق والإباحة.

انظر: "غريب الحديث" للخطابي (1/ 87)، "إصلاح غلط المحدثين"(ص 125).

ص: 356

قال السبكي (1): تسمية المطل ظلم يشعر بكونه كبيرة [96 ب] كالغصب. وقال النووي (2): هو صغيرة.

5 -

وعن الشرّيد رضي الله عنه قال: "لَيُّ الوَاجِدِ يُحِلُّ عِرْضَهُ وَعُقُوبَتَهُ".

قَالَ ابْنُ المُبَارَكِ (3): يُغَلَّظُ له وَيُحْبَسُ. أخرجه أبو داود (4) والنسائي (5). [صحيح]

"الَّليُّ"(6): المطل. "وَالوَاجِدُ": القادر، أراد أنه يجوز لصاحب الدين أن يعيبه ويصفه بسوء القضاء، وأراد بالعرض نفس الإنسان، وبالعقوبة حبسه.

قوله: "وعن الشريد" أقول: بفتح الشين المعجمة، فراء، فمثناة تحتية، فدال مهملة. هو ابن سويد بالتصغير وإهمال أوله وآخره، وكان اسم الشريد (7) مالكاً، فسماه النبي صلى الله عليه وسلم الشريد؛ لأنه قتل قتيلاً من قومه ولحق بمكة فأسلم، وهو ثقفي.

6 -

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: سَمِعَ رسول الله صلى الله عليه وسلم صَوْتَ خُصُومٍ بِالبَابِ عَالِيَةً أَصْوَاتُهُمْ، وَإِذَا أَحَدُهُمَا يَسْتَوْضِعُ الآخَرَ وَيَسْتَرْفِقُهُ فِي شَيْءٍ وَهُوَ يَقُولُ: وَالله لَا أَفْعَلُ. فَخَرَجَ

(1) في "شرح المنهاج" كما في "فتح الباري"(4/ 466).

(2)

في شرحه لصحيح مسلم (10/ 228).

(3)

قال ابن المبارك: "يحل عرضه": يغلظ له، و"عقوبته": يحبس له. "سنن أبي داود"(4/ 46).

(4)

في "السنن" رقم (3628).

(5)

في "السنن" رقم (2427).

وأخرجه أحمد (4/ 222، 388، 389)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(6/ 51)، والحاكم (4/ 102)، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. وابن حبان رقم (5089)، وعلقه البخاري في صحيحه (5/ 62 رقم الباب 13 مع الفتح). وهو حديث صحيح.

(6)

انظر: "النهاية"(2/ 627).

(7)

"التقريب"(1/ 350 رقم 60).

ص: 357

رسول الله عَلَيْهِمَا صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "أَيُّكُمْ المُتَأَلّي عَلَى الله أَنْ لَا يَفْعَل المَعْرُوفَ؟ " فَقَالَ: أَنَا يَا رَسُولَ الله، فَلَهُ أَيُّ ذَلِكَ أَحَبَّ. أخرجه الشيخان (1). [صحيح]

"يَسْتَوْضِعُ"(2) أي: يستحطُّ. "وَيَستَرْفِقُهُ": يسأله الرفق به.

"والمتأَلِّي": الحالف.

قوله: "في حديث عائشة: يستوضع الآخر" أي: يطلب منه الوضيعة، أي: الحطيطة من الدين. و"يسترفقه" أي: يطلب منه الرفق. "والمتألي" الحالف المبالغ في اليمين.

قوله: "في شيء" أقول: في "فتح الباري"(3) وقع لنا في رواية ابن حبان في أول الحديث: دخلت امرأة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: إني ابتعت أنا وابني من فلان تمراً فأحصيناه. [لا والذي بعثك بالحق](4) ما أحصينا منه [إلا الذي أكلنا في بطوننا](5)، أو نطعم مسكيناً وجئنا نستوضعه ما نقصنا" الحديث.

فظهر بهذا أن المخاصمة وقعت بين البائع والمشتري، ولم (6) أقف على تسمية واحد منهما. وأما تجويز بعض الشراح أن المتخاصمين كعب بن مالك وعبد الله بن أبي حدرد ففيه بُعْد لتغاير القصتين، فعرف بهذا أصل القصة. [316/ أ][97 ب].

قوله: "أي ذلك أحب" أي: من الوضع أو الرفق.

(1) البخاري في صحيحه رقم (2705)، ومسلم رقم (1557).

(2)

قاله ابن الأثير في "غريب الجامع"(4/ 456).

(3)

(5/ 308).

(4)

كذا في (أ. ب)، والذي في "فتح الباري" (5/ 308):"لا والذي أكرمك بالحق".

(5)

كذا في (أ. ب)، والذي في "فتح الباري":"إلا ما نأكله في بطوننا".

(6)

قاله الحافظ في "فتح الباري"(5/ 308).

ص: 358

7 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كَانَ فِيمَا كانَ قَبْلكُمْ تَاجِرٌ يُدَايِنُ النَّاسَ، فَكَانَ إذَا رَأى مُعْسِراً قَالَ لِفِتْيَانِهِ: تَجَاوَزُوا عَنْهُ، لَعَلَّ الله أَنْ يَتَجَاوَزَ عَنَّا، فَتَجَاوَزَ الله عَنْهُ". أخرجه الشيخان (1) والنسائي (2). [صحيح]

8 -

وله (3) في أخرى: "أَنَّ رَجُلاً لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ وَكَانَ يُدَايِنُ النَّاسَ فَيَقُولُ لِرَسُولهِ: خُذْ مَا تيَسَّرَ وَاتْرُكْ مَا تَعَسَّرَ، وَتَجَاوَزْ لَعَلَّ الله تَعَالَى يَتَجَاوَزَ عَنَّا. فَلَمَّا هَلَكَ، قَالَ الله تَعَالَى: هَلْ عَمِلْتَ خَيْرًا قَطُّ؟ قَالَ: لَا، إِلَاّ أنَّهُ كَانَ لِي غُلَامٌ وَكُنْتُ أُدَايِنُ، فَإِذَا بَعَثْتُهُ يَتَقَاضَى. قُلْتُ لَهُ: خُذْ مَا تيَسَّرَ وَدع مَا تَعَسَّرَ وَتَجَاوَزْ لَعَلَّ الله يَتَجَاوَزُ عَنَّا، قَالَ الله تَعَالَى: قَدْ تَجَاوَزْتُ عَنْكَ". [صحيح]

9 -

وعن أبي قتادة رضي الله عنه: أَنَّهُ طَلَبَ غَرِيمًا لَهُ فتوَارَى عَنْهُ ثُمَّ وَجَدَهُ، فَقَالَ: إِنِّي مُعْسِرٌ. فَقَالَ: الله؟ قَالَ: الله، قَالَ: فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُنْجِيَهُ الله مِنْ كُرَبِ يَوْمِ القِيَامَةِ فَلْيُنَفِّسْ عَنْ مُعْسِرٍ أَوْ يَضَعْ عَنْهُ". أخرجه مسلم (4). [صحيح]

"تَوَارَى" أي: استترَ واختفى عن غريمه (5).

(1) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (2078، 3480)، ومسلم رقم (1562).

(2)

في "السنن" رقم (4695).

(3)

أخرجه النسائي في "السنن" رقم (4694).

وأخرجه البخاري رقم (2391، 3451)، ومسلم رقم (28/ 1560) من حديث حذيفة رضي الله عنه.

وأخرج مسلم في صحيحه رقم (30/ 1561) عن أبي مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "حوسب رجل ممن كان قبلكم فلم يوجد له من الخير شيء، إلا أنه كان يخالط الناس، وكان موسراً، فكان يأمر غلمانه أن يتجاوزوا عن المعسر، قال: قال الله عز وجل: نحن أحق بذلك منه، تجاوزوا عنه".

(4)

في صحيحه رقم (32/ 1563).

(5)

قاله ابن الأثير في "غريب الجامع"(4/ 458).

ص: 359

10 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رسُول صلى الله عليه وسلم سِنٌّ مِنَ الإِبِلِ فَجَاءَهُ يَتَقَاضَاهُ، فَقَالَ:"أَعْطُوهُ" وَإنَّهُ أغْلَظَ لَهُ القَوْلِ حَتَّى هَمَّ بِهِ بَعْضُ القَوْمِ، فَقَالَ:"دَعُوهُ، فَإِنَّ لَصَاحِبَ الحَقِّ مَقَالاً، ثُمَّ قَالَ: أعْطوهُ فَطَلبُوا سِنَّهُ فلَمْ يَجِدُوا إلا سِنَّاً فَوْقَهَا. فقال: أعطوه. فقالَ: أوْفيْتَنِي أَوْفَاكَ الله تعَالى، فقَال صلى الله عليه وسلم: إنَّ خَيْرَكْمْ أحْسَنكُمْ قَضَاءً". أخرجه الخمسة (1) إلا أبا داود. [صحيح]

قوله: "في حديث أبي هريرة: كان لرجل" أقول: هو زيد بن سبعة، بفتح السين المهملة فمثناة تحتية، فعين مهملة، كان من أحبار اليهود، ويقال: إنه أسلم لما رأى من موافقة اسمه صلى الله عليه وسلم بالحلم، [لما كان يجده في التوراة موصوفاً بالحِلم](2)، وتوفي في غزوة تبوك مع النبي صلى الله عليه وسلم.

[و](3) قوله: "حتى هم به بعض القوم" هو عمر بن الخطاب.

وقوله: "إن لصاحب الحق مقالاً" أي: من صولة الطلب وقيام الحجة.

11 -

وعن أبي قتادة رضي الله عنه قال: أُتِيَ بِرَجُلٍ ليُصَلّيَ عَلَيْهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ فَإِنَّ عَلَيْهِ دَيْنًا". فقلت: هُوَ عَلَي يَا رَسُولَ الله، قال:"بِالوَفَاءِ؟ ".قلتُ: بِالوَفَاءِ. فَصَلَّى عَلَيْهِ. أخرجه الترمذي (4) وصححه والنسائي (5). [صحيح]

(1) أخرجه البخاري رقم (2392)، ومسلم رقم (122/ 1601)، والترمذي رقم (1316 ، 1317)، والنسائي رقم (4618).

(2)

زيادة من (أ).

(3)

زيادة من (أ).

(4)

في "السنن" رقم (1069) وقال: حديث أبي قتادة حديث حسن صحيح.

(5)

في "السنن" رقم (1960). وأخرجه أحمد (5/ 297)، وابن ماجه رقم (2407)، وابن حبان رقم (3060)، وهو حديث صحيح.

ص: 360

قوله: "في حديث أبي قتادة قال: بالوفاء" قلت: زاد الحاكم (1) من حديث جابر، هما: أي: الديناران عليك في مالك والميت بريء منهما، قال: نعم.

قوله: "فصلى عليه" أقول: تمام الحديث في "الجامع"(2): فلما فتح الله على رسوله صلى الله عليه وسلم قال: "أنا أولى بكل مؤمن من نفسه فمن ترك ديناً فعلي [98 ب] قضاؤه، ومن ترك مالاً فلورثته"(3).

وأخرج الشيخان (4)، والترمذي (5)، والنسائي (6) من حديث أبي هريرة قال: كان يؤتى بالرجل المتوفى عليه الدَّين، فيسأل: هل ترك لدينه قضاء؟ فإن حُدِّث أنه ترك وفاءً صلى عليه، وإلا قال للمسلمين:"صلوا على صاحبكم"، فلما فتح الله على رسوله صلى الله عليه وسلم كان يصلي ولا يسأل عن الدين، وكان يقول:"أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فمن توفي من المؤمنين وترك ديناً أو كلاًّ أو ضياعاً فعليَّ وإليَّ، ومن ترك مالاً فلورثته". انتهى.

"الكَل"(7) بفتح الكاف: العيال والثقل، و"الضياع" (8) بفتح الضاد: العيال.

(1) في "المستدرك"(2/ 58).

(2)

(4/ 466).

(3)

أخرجه أبو داود رقم (2343)، والنسائي رقم (1962)، وهو حديث صحيح.

(4)

البخاري في صحيحه رقم (2298)، وأطرافه (2398، 2399، 4781، 5371، 6731، 6745، 6763)، ومسلم رقم (1619).

(5)

في "السنن" رقم (1070، 2090).

(6)

في "السنن" رقم (1963).

(7)

قاله ابن الأثير في "غريب الجامع"(4/ 467)، وانظر:"النهاية"(2/ 560).

(8)

قاله ابن الأثير في "غريب الجامع"(4/ 467)، وانظر:"النهاية"(2/ 98).

ص: 361