الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أخرجه مسلم (1). (2)[صحيح]
4 -
وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: كَانَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا بَعَثَ أَحَدًا في بَعْضِ أَمْرِهِ قَالَ: "بَشِّرُوا وَلَا تُنَفِّرُوا، وَيَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا". أخرجه أبو داود (3). [صحيح]
قوله: "بشروا ولا تنفروا" أقول: أي: بشروا العباد بكل خير من ربهم، ولا تنفروهم بالتخويف والوعيد، بل لكل مقام مقال.
والتبشير هو الأكثر والأنفع، وبه جلب الخواطر وإدخال المسرة، وغير ذلك.
كتاب: الرهن
1 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "يُرْكَبُ الرَّهْنُ بِنَفَقَتِهِ، وَيُشْرَبُ لبَنُ الدَّرِّ بِنَفَقَتِهِ إِذَا كَانَ مَرْهُونًا، وَعَلَى الَّذِي يَشْرَبُ وَيَرْكَبُ النَّفَقَةُ". أخرجه البخاري (4) وأبو داود (5) والترمذي (6). [صحيح]
(1) في صحيحه رقم (2592).
(2)
زاد ابن الأثير في "الجامع"(4/ 534) وأبو داود، ولم يذكر مسلم:"كُلَّه".
وأخرجه أبو داود في "السنن" رقم (4809).
(3)
في "السنن" رقم (4835).
وأخرجه البخاري رقم (3038)، ومسلم رقم (1733).
(4)
في صحيحه رقم (2512).
(5)
في "السنن" رقم (3526).
(6)
في "السنن" رقم (1254).
وأخرجه أحمد (2/ 472)، وابن ماجه رقم (2440)، وهو حديث صحيح.
"الدَّرِّ"(1) في أصل الكلام: اللبن، ومعنى هذا أن زيادة الرَّهْنِ ونماءُه وفضل قيمته للراهن، وعلى المرتهن ضمانه إن هلك.
أقول: "في التعريفات"(2) الرهن بالفتح والسكون: التوثقة بالشيء بما يعادله بوجهٍ ما. وقيل: هو لغة: الثبوت والاستقرار.
وشرعاً: عين مالية وثيقة بدين لازم أو آيلٍ إلى اللزوم.
قوله في حديث أبي هريرة: "وعلى الذي يشرب ويركب النفقة" أقول: قيل: هو كلام مبهم، ليس في نفس اللفظ بيان من يركب ويحلب من الراهن أو المرتهن أو العدل الموضوع على يده الرهن، وقد اختلف أهل العلم في تأويله.
فقال أحمد بن حنبل (3): للمرتهن أن ينتفع من الرهن بالحلب والركوب بقدر النفقة، وكذلك قال إسحاق. وعن أحمد (4): أنه لا ينتفع منه بشيء غيرهما، وبمثله قال غيره؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:"وعلى الذي يحلب ويركب النفقة".
(1) قاله ابن الأثير في "غريب الجامع"(4/ 535).
(2)
(ص 376).
وقيل: لغة: الاحتباس من قولهم: رهن الشيء إذا دام وثبت، ومنه:{كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (38)} [المدثر: 38].
وفي الشرع: جعل مال وثيقة على دين، ويطلق على العين المرهونة تسمية للمفعول به باسم المصدر. "القاموس المحيط"(ص 1551)، و"لسان العرب"(13/ 188).
(3)
انظر: "المغني"(6/ 509 - 510).
(4)
قال ابن قدامة في "المغني"(6/ 509): مسألة: قال: "ولا ينتفع المرتهن من الرهن بشيء، إلا ما كان مركوباً أو محلوباً، فيركب ويحلب بقدر العلف".
الكلام في هذه المسألة في حالين؛ أحدهما: ما لا يحتاج إلى مؤنة، كالدار والمتاع ونحوه، فلا يجوز للمرتهن الانتفاع به بغير إذن الراهن بحال، لا نعلم في هذا خلافاً؛ لأن الرهن ملك الراهن، فكذلك نماؤه ومنافعه، =
وقال الشافعي (1): منفعة الرهن للراهن ونفقته عليه، والمرتهن لا ينتفع بشيء من الرهن خلا الاحتفاظ به للوثيقة.
والحديث دليل على جواز انتفاع المرتهن بالرهن إذا قام بمصلحته، ولو لم يأذن المالك، ومن حمله على الراهن فقد أبعد.
2 -
وعن ابن المسيب رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ". أخرجه مالك (2). [ضعيف]
قال (3): وتفسير ذلك فيما نرى والله أعلم: أن يرهن الرجل الرهن عند الرجل بالشيء وفيه فَضْلٌ عما رُهِنَ فيه. فيقول المرتهن: إن لم تأتني بحقي إلى أجل كذا وكذا فهو لي، أو يقول
= فليس لغيره أخذها بغير إذنه، فإن أذن الراهن للمرتهن في الانتفاع بغير عوض، وكان دَيْنُ الرَّهن من قرض، لم يجز؛ لأنه يحصل قرضاً يجر منفعة، وذلك حرام.
قال أحمد: أكره قرض الدور، وهو الربا المحض. يعني: إذا كانت الدار رهناً في قرض ينتفع بها المرتهن. وإن كان الرهن بثمن مبيع، أو أجر دار، أو دين غير القرض، فأذن له الراهن في الانتفاع، جاز ذلك.
روي ذلك عن الحسن، وابن سيرين، وبه قال إسحاق
…
". اهـ
(1)
انظر: "الوسيط في المذهب"(3/ 449 - 500).
(2)
في "الموطأ"(2/ 728) وهو مرسل ضعيف.
وأخرجه أبو داود في "المراسيل" رقم (186، 187)، والدارقطني في "السنن"(3/ 33 رقم 132)، وقد صحح إرساله ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام"(5/ 89 - 90 رقم 2334).
وأخرج الشافعي في مسنده (ج 2 رقم 568 - ترتيب) والدارقطني في "السنن"(3/ 32 رقم 126) وقال: زياد بن سعد من الحفاظ الثقات، وهذا إسناد حسن متصل.
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يُغلقُ الرهن من صاحبه الذي رهنه، له غرمه وعليه عزمه"، وهو مرسل ضعيف.
(3)
أي مالك في "الموطأ"(2/ 729).
له الراهن: هو لك إن لم آتك به إلى الأجل. قال (1): وهذا الذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يصلح. فلو جاء صاحبه بما فيه بعد الأجل فهو له، وأرى هذا الشرط منفسخاً. وقال الشافعي (2): معناه: لا يستحقه المرتهن إذا ترك الراهن قضاء حقه.
قوله: "لا يغلق الرهن" أقول: مرسل، وقد وصل عن أبي هريرة (3). ومعناه: أن الرهن وثيقة يزيد المرتهن يترك في يده إلى غاية، ثم يكون رجوعه إلى الراهن [140 ب] وليس كالبيع يستغلق فيملك [حتى لا يفك](4)، وقد فسره بما ترى، وهو في "الجامع" منسوب إلى مالك.
3 -
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "اشْتَرَى رسول الله صلى الله عليه وسلم مِنْ يَهُودِيٍّ طَعَامًا بِنَسِيئَةٍ وَأَعْطَاهُ دِرْعًا لَهُ رَهْنًا". أخرجه الشيخان (5) والنسائي (6). [صحيح]
قوله: "في حديث عائشة: من يهودي طعاماً" أقول: اسم اليهودي أبو الشحم (7)، وقيمة الدرع أربعمائة درهم، والطعام ثلاثون (8) صاعاً من شعير، وكان الأجل سنة.
(1) أي مالك في "الموطأ"(2/ 729).
(2)
في "الأم"(4/ 32 - 33).
(3)
تقدم تخريجه، وهو ضعيف.
(4)
زيادة من (أ).
(5)
البخاري في صحيحه رقم (2068، 2069، 2200، 2251، 2252، 2386، 2509، 2513، 2516، 4467)، ومسلم رقم (124/ 1603).
(6)
في "السنن" رقم (4609).
(7)
بينه الشافعي في "المسند"(ج 2 رقم 566 - ترتيب) بسند منقطع.
والبيهقي في "السنن الكبرى"(6/ 37) وقال البيهقي: منقطع، كلاهما من طريق جعفر بن محمد عن أبيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم رهن درعاً له عند أبي الشحم اليهودي رجل من بني ظفر في شعير. وقد صح بمعناه موصولاً.
(8)
أخرج البخاري رقم (4467)، ومسلم رقم (125/ 1603) بلفظ:"توفي ودرعه مرهونة عند يهودي بثلاثين صاعاً من شعير". =
وإنما اشترى صلى الله عليه وسلم من يهودي ورهنه درعه دون أصحابه بيان لجواز ذلك، وقيل: لم يكن عند أحدهم طعام فاضل عن حاجته وإنما كان عند اليهودي.
وقيل: لأن الصحابة لا يأخذون رهنه، ولا يقبضون الثمن، فعدل إلى معاملة اليهودي لئلا يضيق على أحد من أصحابه.
هذا وقد أجمع (1) المسلمون على جواز معاملة أهل الذمة وغيرهم من الكفار إذا لم يتحقق تحريم ما معه، لكنه لا يجوز للمسلم أن يبيع من أهل الحرب سلاحاً وآلة حرب، ولا ما يستعينون به في إقامة دينهم، ولا بيع مصحف، ولا عبد مسلم لكافر مطلقاً.
وفي الحديث بيان ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من التقلل من الدنيا، وجواز الرهن في الحضر، وبه قال الأربعة وكافة العلماء إلا مجاهد (2) وداود؛ فإنما خصاه بالسفر تعلقاً بمفهوم الشرط في الآية، وتعلق الجمهور بهذا الحديث، وهو أقوى من دلالة المفهوم.
= قال الحافظ في "الفتح"(5/ 141): لعله كان دون الثلاثين فجبر الكسر تارة، وألقى الجبر أخرى.
وفي رواية الترمذي رقم (1214)، والنسائي رقم (4651) من هذا الوجه:"بعشرين".
ولعله رهنه أول الأمر في عشرين ثم استزاده عشرة، فرواه الراوي تارة على ما كان الرهن عليه أولاً، وتارة على ما كان عليه آخر.
(1)
انظر: "المبسوط" للسرخسي (21، 64)، "فتح الباري"(5/ 140)، "المغني"(6/ 444)، "حلية العلماء"(4/ 403 - 405).
(2)
قال ابن الملقن في "الإعلام بفوائد عمدة الأحكام"(7/ 360 - 361): التاسع: في أحكامه (الأول) جواز الرهن في الحضر، وقد وقع التصريح به في بعض روايات الحديث، واتفق العلماء على جوازه في السفر عند عدم الكاتب، وخصه مجاهد وداود هذه الصورة لظاهر الآية، وقالا: لا يجوز الرهن إلا فيها.
وجوزه الباقون حضراً وسفراً. وقالوا: الآية خرج الكلام فيها على الأغلب، لا على سبيل الشرط.
انظر: "فتح الباري"(5/ 140)، "أضواء البيان" للشنقيطي (1/ 228)، "المحلى"(8/ 87).