المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الثالث: فيما جاء من رحمة الحيوان - التحبير لإيضاح معاني التيسير - جـ ٤

[الصنعاني]

فهرس الكتاب

- ‌حرف الدال

- ‌كتاب: الدعاء

- ‌[الباب الأول: في آدابه:

- ‌الفصل الأول: في فضله ووقته

- ‌الفصل الثاني: في هيئة الداعي

- ‌الفصل الثالث: في كيفية الدعاء

- ‌الفصل الرابع: في أحاديث متفرقة

- ‌الباب الثاني: في أقسام الدعاء

- ‌[القسم الأول: في الأدعية المؤقتة المضافة إلى أسبابها، وفيه عشرون فصلاً]

- ‌الفصل الأول: في ذكر اسم الله الأعظم وأسمائه الحسنى

- ‌(فائدة: ذكر شرح أسماء الله الحسنى)

- ‌الفصل الثاني: في أدعية الصلاة مفصلاً - الاستفتاح

- ‌الركوع والسجود

- ‌بعد التشهد

- ‌بعد السلام

- ‌الفصل الثالث: في الدعاء عند التهجد

- ‌الفصل الرابع: في الدعاء عند الصباح والمساء

- ‌الفصل الخامس: في أدعية النوم والانتباه

- ‌الفصل السادس: في أدعية الخروج من البيت والدخول إليه

- ‌الفصل السابع: في أدعية المجلس والقيام منه

- ‌الفصل الثامن: في أدعية السفر

- ‌الفصل التاسع: في أدعية الكرب والهم

- ‌الفصل العاشر: في أدعية الحفظ

- ‌الفصل الحادي عشر: في دعاء اللباس والطعام

- ‌الفصل الثاني عشر: في دعاء قضاء الحاجة

- ‌الفصل الثالث عشر: في دعاء الخروج من المسجد والدخول إليه

- ‌الباب الرابع عشر: في دعاء رؤية الهلال

- ‌الفصل الخامس عشر: في دعاء الرعد والريح والسحاب

- ‌الفصل السادس عشر: في دعاء يوم عرفة وليلة القدر

- ‌الفصل السابع عشر: في دعاء العطاس

- ‌الفصل الثامن عشر: في دعاء داود عليه السلام

- ‌الفصل التاسع عشر: في دعاء قوم يونس عليه السلام

- ‌الفصل العشرون: في الدعاء عند رؤية المبتلى

- ‌القسم الثاني من الباب الثاني: في أدعية غير مؤقتة ولا مضافة

- ‌الباب الثالث: فيما يجري في مجرى الدعاء

- ‌الفصل الأول: في الاستعاذة

- ‌الفصل الثاني: في الاستغفار والتسبيح والتهليل والتكبير والتحميد والحوقلة

- ‌الفصل الثالث: في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌كتاب: الديات

- ‌الفصل الأول: في دية النفس

- ‌الفصل الثاني: في دية الأعضاء والجراح العين

- ‌الأضراس

- ‌الأصابع

- ‌الجراح

- ‌الفصل الثالث: فيما جاء من الأحاديث مشتركاً بين النفس والأعضاء

- ‌الفصل الرابع: في دية الجنين

- ‌الفصل الخامس: في قيمة الدية

- ‌الفصل السادس: في أحكام تتعلق بالديات

- ‌كتاب: الدين وآداب الوفاء

- ‌حرف الذال

- ‌كتاب: الذكر

- ‌كتاب: الذبائح

- ‌الفصل الأول: في آداب الذبح ومنهياته

- ‌الفصل الثاني: في هيئة الذبح وموضعه

- ‌الفصل الثالث: في آلة الذبح

- ‌كتاب: ذم الدنيا وأماكن من الأرض

- ‌الفصل الأول: [في ذم الدنيا

- ‌الفصل الثاني: في ذم أماكن من الأرض

- ‌حرف الراء

- ‌كتاب: الرحمة

- ‌الفصل الأول: في الحث عليها

- ‌الفصل الثاني: في ذكر رحمة الله تعالى

- ‌الفصل الثالث: فيما جاء من رحمة الحيوان

- ‌كتاب: الرفق

- ‌كتاب: الرهن

- ‌كتاب: الرياء

- ‌حرف الزاي

- ‌كتاب: الزكاة

- ‌الباب الأول: في وجوبها وإثم تاركها

- ‌الباب الثاني: في أحكام الزكاة المالية

- ‌الفصل الأول: فيما اشتركن فيه من الأحاديث

- ‌الفصل الثاني: في زكاة النعم

- ‌الفصل الثالث: في زكاة الحلي

- ‌الفصل الرابع: في زكاة الثمار والخضروات

- ‌الفصل الخامس: في زكاة المعدن والركاز

- ‌الفصل السادس: في زكاة الخيل والرقيق

- ‌الفصل السابع: في زكاة العسل

- ‌الفصل الثامن: في زكاة مال اليتيم

- ‌الفصل التاسع: في تعجيل الزكاة

- ‌الفصل العاشر: في أحكام متفرقة للزكاة

- ‌الباب الثالث: في زكاة الفطر

- ‌الباب الرابع: في عامل الزكاة وما يجب له عليه

- ‌الباب الخامس: فيمن تحل له الصدقة ومن لا تحل

- ‌الفصل الأول: فيمن لا تحل له

- ‌الفصل الثاني: فيمن تحل له الصدقة

- ‌كتاب: الزهد والفقر

- ‌الفصل الأول: في مدحهما والحث عليهما

- ‌الفصل الثاني: فيما كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه عليه من الفقر

- ‌كتاب: الزينة

- ‌الباب الأول: في الحليّ

- ‌الباب الثاني: في الخضاب

- ‌الباب الثالث: في الخلوق

- ‌الباب الرابع: في الشعور شعر الرأس - الترجيل

- ‌الحلق

- ‌الوصل

- ‌السدل والفرق

- ‌نتف الشيب

- ‌قص الشارب

- ‌الباب الخامس: في الطيب والدهن

- ‌الباب السادس: في أمور من الزينة متعددة

- ‌الباب السابع: في النقوش والصور والستورذم المصورين

- ‌كراهة الصور والستور

- ‌حرف السين

- ‌كتاب: السخاء والكرم

- ‌كتاب: السفر وآدابه

- ‌النوع الأول: في يوم الخروج

- ‌النوع الثاني: في الرفقة

- ‌النوع الثالث: في السير والنزول

- ‌النوع الرابع: في إعانة الرفيق

- ‌النوع الخامس: في سفر المرأة

- ‌النوع السادس: فيما يذم استصحابه في السفر

- ‌النوع السابع: في القفول من السفر

- ‌النوع الثامن: في سفر البحر

- ‌النوع التاسع: في تلقي المسافر

- ‌النوع العاشر: في ركعتي القدوم

- ‌كتاب: السبق والرمي

- ‌الفصل الأول: في أحكامهما

- ‌الفصل الثاني: فيما جاء من صفات الخيل

- ‌كتاب: السؤال

- ‌كتاب: السحر والكهانة

- ‌حرف الشين

- ‌كتاب: الشراب

- ‌الباب الأول: في آدابه

- ‌الفصل الأول: في الشرب قائمًا: جوازه

- ‌الفصل الثاني: في الشرب من أفواه الأسقية جوازه

- ‌الفصل الثالث: في التنفس عند الشرب

- ‌الفصل الرابع: في ترتيب الشاربين

- ‌الفصل الخامس: في تغطية الإناء

- ‌الفصل السادس: في أحاديث متفرقة

- ‌الباب الثاني: في الخمور والأنبذة

- ‌الفصل الأول: في تحريم كل مسكر

- ‌الفصل الثاني: في تحريم المسكر وذم شاربه

- ‌الفصل الثالث: في تحريمها ومن أي شيء هي

- ‌الفصل الرابع: فيما يحل من الأنبذة وما يحرم

- ‌الفصل الخامس: في الظروف وما يحل منها وما يحرم

- ‌الفصل السادس: في لواحق الباب

- ‌كتاب: الشركة

- ‌كتاب: الشعر

الفصل: ‌الفصل الثالث: فيما جاء من رحمة الحيوان

فأخذته، فقال القوم: يا رسول الله! ما كانت هذه لتلقي ابنها في النار، فقال:"ولا الله بطارح حبيبه في النار".

فالتعبير "بحبيبه" يخرج الكافر، وكذا من شاء إدخاله ممن لم يتب من مرتكبي الكبائر.

وقال الشيخ ابن أبي جمرة (1): لفظ العباد عام، ومعناه خاص بالمؤمنين، وهو كقوله:{وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ} (2) فهي عامة من جهة الصلاحية، وخاصة بمن كتبت له.

‌الفصل الثالث: فيما جاء من رحمة الحيوان

1 -

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ اشْتَدَّ عَلَيْهِ العَطَشُ، فَوَجَدَ بِئْرًا فَنَزَلَ فِيهَا فَشَرِبَ، ثُمَّ خَرَجَ فَإِذَا كلْبٌ يَلْهَثُ يَأْكُلُ الثَّرَى مِنَ العَطَشِ، فَقَالَ الرَّجُلُ: لَقَدْ بَلَغَ هَذَا الكَلْبَ مِنَ العَطَشِ مِثْلُ الَّذِي كانَ بَلَغَ مِنِّي، فَنَزَلَ البِئْرَ فَمَلأَ خُفَّهُ مَاءً، ثُمَّ أَمْسَكَهُ بِفِيهِ حَتَّى رقِيَ فَسَقَى الكَلْبَ، فَشَكَرَ الله تعَالى لَهُ فَغَفَرَ لَهُ". قَالُوا: يَا رَسُولَ الله، وَإِنَّ لَنَا في البَهَائِمِ أَجْرًا؟ قَالَ:"في كُلِّ كبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ". أخرجه الثلاثة (3) وأبو داود (4). [صحيح]

2 -

وفي أخرى (5): "أَنَّ امْرَأةً بغِيًّا رَأَتْ كلْبًا في يَوْمٍ حَارٍّ يُطِيفُ بِبِئْرٍ قَدْ أَدْلَعَ لِسَانَهُ مِنَ العَطَشِ، فَنَزَعَتْ لَهُ مُوقَهَا فَغُفِرَ لهَا بِهِ". [صحيح]

(1) ذكره الحافظ في "الفتح"(10/ 431).

(2)

سورة الأعراف: 156.

(3)

أخرجه البخاري رقم (2363)، ومسلم رقم (2244)، ومالك في "الموطأ"(2/ 929، 930).

(4)

في "السنن" رقم (2550).

(5)

أخرجه البخاري رقم (3321، 3467).

ص: 437

"لهَثُ (1) الكَلْبُ" وغيره إذا أخرج لسانه من شِدَّةِ العطش والحرِّ. وكذا "أَدْلَعَ لِسَانَهُ".

"وَالثَّرَى" التراب النَّدِي، والمراد هنا التراب مطلقًا (2).

"وَالكَبِدُ الرَّطْبَةُ" كل ذات رُوحٍ، ولا تكون رَطبَةً إلا إذَا كانَ صاحبها حياً (3).

"وَالبَغيُّ" المرأة الزانية. "وَالمُوقُ"(4) الخُفُّ.

قوله: [الفصل الثالث](5)[135 ب].

"الفصل الثالث من حرف الراء".

فيما جاء من رحمة الحيوان، أي: من الأحاديث الدالة على الحث على رحمة الإنسان للحيوان.

قوله: "في حديث أبي هريرة" أقول: ترجمه البخاري (6) بقوله: "باب رحمة الناس والبهائم". قال الحافظ في "الفتح"(7): أي: صدور الرحمة من الشخص لغيره، وكأنه أشار إلى حديث ابن مسعود رفعه قال:"لن تؤمنوا حتى تراحموا" قالوا: كلنا رحيم يا رسول الله، قال:

(1) انظر: "النهاية في غريب الحديث"(2/ 623).

(2)

قاله ابن الأثير في "غريب الجامع"(4/ 524).

(3)

قاله ابن الأثير في "غريب الجامع"(4/ 524).

(4)

انظر: "النهاية في غريب الحديث"(2/ 689)، "غريب الحديث" للخطابي (2/ 23).

(5)

زيادة من (ب).

(6)

في صحيحه (10/ 437 الباب رقم 27 مع الفتح).

(7)

(10/ 438).

ص: 438

"إنه ليس برحمة أحدكم صاحبه، ولكنها رحمة للناس رحمة العامة" أخرجه الطبراني (1) ورواته ثقات.

قوله: "في حديث أبي هريرة: في كل كبد رطبة أجر" أقول: الرطوبة هنا كناية عن الحيوان، أي: في الإحسان إلى كل حي بسقيه ونحوه أجر، ويسمى الحي: ذا كبد رطبة؛ لأن الميت يجف جسمه وكبده، وفي الحديث: الإحسان إلى الحيوان المحترم وهو ما لم يؤمر [329/ أ] بقتله، أما ما أمر بقتله فيمتثل أمر الشارع، وأما المحترم فيؤجر من أحسن إليه، سواء كان مملوكاً له أو لغيره أو مباحاً.

قوله: "إن امرأة بغياً" أقول: هي الزانية، وهذه الرواية:"إن امرأة" وفي الأولى: "رجل"، وحمل على التعدد.

قوله: "لهث" بفتح الهاء وكسرها، ورجل لهثان وامرأة لهثى، وقد فسره المصنف.

3 -

وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "دَخَلَتِ امْرَأةٌ النَّارَ في هِرَّةٍ، رَبَطَتْهَا فَلَمْ تطْعِمْهَا، وَلَمْ تَدَعْهَا تَأْكُلُ مِنْ خِشَاش الأَرْضِ". أخرجه الشيخان (2). [صحيح]

"خَشَاشُ (3) الأرْضِ" هَوَامُّهَا وحشراتها.

قوله: "في حديث ابن عمر: دخلت النار في هرة" أقول: سيبها من أجل إساءتها إليها، وقد بين الحديث [136 ب] سبب الإساءة، ولابن حبان (4): "أن المرأة حميرية سوداء طويلة، فهي إذا أقبلت نهشتها، وإذا أدبرت نهشتها

" الحديث.

(1) عزاه الهيثمي في "مجمع الزوائد"(8/ 187) لأبي يعلى وقال: رجاله وثقوا إلا أن ابن إسحاق مدلس، ولم يعزه للطبراني.

(2)

البخاري في صحيحه رقم (3138)، ومسلم رقم (2242).

(3)

قاله ابن الأثير في "غريب الجامع"(4/ 525).

(4)

في صحيحه رقم (5622)، وهو حديث صحيح.

ص: 439

إن قلت: فالهرة لما أدخلت النار؟ قلت: لتنتصف ممن أساء إليها، ويجعل الله النار على الهرة برداً وسلاماً، وعلى المرأة عذاباً ونكالاً.

قوله: "خشاش الأرض" أقول: بمعجمات مثلث الأول والفتح أفصح. وفيه تحريم قتل الهرة؛ لأن في الرواية الأخرى: "سجنتها حتى ماتت". وفيه عدم وجوب إطعامها، بل تترك تأكل مما جعله لها رزقاً من حشرات الأرض، وهو لفظ رواية.

4 -

وعن عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما قال: كَانَ أَحَبَّ مَا اسْتَتَرَ بِهِ رسول الله صلى الله عليه وسلم لِحاجَتِهِ هَدَفٌ أَوْ حَائِشَ نَخْلٍ. فَدَخَلَ حَائِطًا لِرَجُل مِنَ الأَنْصَارِ فَإِذَا فِيهِ جَمَلٌ، فَلَمَّا رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حَنَّ وَذَرَفَتْ عَيْنَاه، فَأَتَاهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فَمَسَحَ ذِفْرَاهُ فَسَكَتَ. فَقَالَ:"مَنْ رَبُّ هَذَا الجَمَلِ؟ ". فقَالَ فَتًى مِنَ الأَنْصَارِ: هَوَ لِي يَا رَسُولَ الله. فَقَالَ: "أَفَلَا تَتَّقِي الله في هَذِهِ البَهِيمَةِ الَّتِي مَلَّكَكَ الله إِيَّاهَا؟ فَإِنَهُ شَكَا إِلَيَّ أَنَّكَ تُجِيعُهُ وَتُدْئِبُهُ". أخرجه أبو داود (1). [صحيح]

"الهدَفُ"(2) ما ارتفع من الأرض من بناء وغيره.

"وَحَائِشُ (3) النَّخْلِ" نَخْلَات مجتمعات. "وَالحَائِطُ" البُسْتَانُ.

"وَذِفْرَى (4) البَعِيرِ" المَوْضِعُ الَّذِي يَعْرَقُ مِنْ قَفَاهُ خَلْفَ أُذنَيْهِ وَيُجْعَلُ فِيهِ القطْرَانُ وَهُمَا ذِفْرَيَانِ.

"وَتُدْئِبُهُ"(5) تُتْعِبُهُ بكثرة استعماله.

(1) في "السنن" رقم (2549).

وأخرجه مسلم رقم (342، 2429)، وابن ماجه رقم (340) مختصراً، وهو حديث صحيح.

(2)

"النهاية في غريب الحديث"(2/ 897).

(3)

"النهاية في غريب الحديث"(1/ 458)، "الفائق" للزمخشري (1/ 331).

(4)

قاله ابن الأثير في "غريب الجامع"(4/ 527).

(5)

قاله ابن الأثير في "غريب الجامع"(4/ 527)، وانظر:"القاموس" المحيط" (ص 105 - 106)

ص: 440

5 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لَا تَتَّخِذُوا ظُهُورَ دَوَابَّكمْ مَنَابِرَ، إِنَّمَا سَخَّرَهَا الله لكُمْ لِتُبَلِّغَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَم تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلَاّ بِشِقِّ الأَنْفُسِ، وَجَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فَعَلَيْهَا فَاقْضُوا حَاجَتَكُمْ". أخرجه أبو داود (1). [حسن]

"شِقُّ (2) الأنْفُسِ" جَهْدُها وَشِدَّةُ ما تلاقيه عند مقاساة الأمور الصعبة.

قوله: "في حديث عبد الله بن جعفر: حنَّ"(3) أقول: أي: نزع واشتاق، وأصل الحنين ترجيع الناقة صوتها إثر ولدها. وفي الحديث من أعلام النبوة معرفته صلى الله عليه وسلم بنطق الجمل، وتحريم إتعابه، ووجوب إشباعه.

قوله: "في حديث أبي هريرة: منابر" أقول: كالمنابر في الحديث عليها، كالحديث على المنابر. وفي الحديث الآخر (4): تعليل هذا بقوله: "فربَّ مركوب خير من راكبه وأكثر ذكراً لله منه".

وقوله: "فعليها فاقضوا حاجتكم" أي: تحدثوا عليها.

6 -

وعن عبد الرحمن بن عبد الله عن أبيه رضي الله عنه قال: كُنَّا مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم في سَفَرٍ، فَرَأَيْنَا حُمَّرَةً مَعَهَا فَرْخَانِ لَهَا فَأَخَذْنَاهُمَا، فَجَاءَتِ الحُمَّرَةُ تُعَرِّشُ. فَلَمَّا جَاءَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:"مَن فَجَعَ هذِهِ بِوَلَدِهَا؟ رُدُّوا وَلَدَهَا إِلَيْهَا". وَرَأَى قَرْيَةَ نَمْلٍ قَدْ أَحْرَقْنَاهَا فَقَالَ: "مَنْ أَحْرَقَ

(1) في "السنن" رقم (2567)، وهو حديث حسن.

(2)

"غريب الحديث" للخطابي (1/ 94)، "النهاية"(1/ 882).

(3)

"النهاية"(1/ 444)، "الفائق" للزمخشري (1/ 326).

(4)

أخرجه أحمد في مسنده (3/ 441) بسند ضعيف عن معاذ بن أنس عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تتخذوا الدواب كراسي، فربَّ مركوبة عليها هي أكثر لله تعالى من راكبها".

ص: 441

هَذِهِ؟ ". قُلْنَا: نَحْنُ. قَالَ: "إِنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُعَذِّبَ بِالنَّارِ إِلَاّ رَبُّ النَّارِ". أخرجه أبو داود (1). [صحيح]

"الحُمَّرَةُ"(2) بضم الحاء المهملة وتشديد الميم: نوع من الطير في شكل العُصْفُورِ.

وقوله: "تُعَرِّشُ" بالعين المهملة والشين المعجمة، أي: تُرَفْرِفُ وَتُرْخِي جَناحَيْهَا وتدنو من الأرض لتقع عليها ولا تقع، وروي:"تَفْرُشُ" بالفاء من فَرَش الجناح وَبَسَطَهُ (3).

قوله: "عن عبد الرحمن بن عبد الله" أقول: عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة [137 ب] المازني الأنصاري، روى عن أبيه، وقد فسر المصنف ألفاظ الحديث.

وقوله: "لا ينبغي" أي: لا يحل ولا يجوز، نحو قوله:"إن هذه الصدقة لا تنبغي لآل محمَّد"(4).

7 -

وعن محمَّد بن إسحاق: عن رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ يُقَالُ لَهُ أبو مَنْظُورٍ عَنْ عَمِّهِ عَنْ عَامِرٍ الرَّامِ أَخِي الخُضْرِ قال: إِنِّا [لَبِبِلادَنا](5) إِذْ رُفِعَتْ لَنَا رَايَاتٌ وَأَلْوِيَةٌ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: لِوَاءُ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَأَتَيْتُهُ وَهُوَ جَالِسٌ تَحْتَ شَجَرَةٍ وَقَدِ اجْتَمَعَ إِلَيْهِ أَصحَابُهُ، فَجَلَسْتُ إِلَيْهِمْ فَذَكَرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم الأَسْقَامَ والأمْرَاضَ، فَقَالَ:"إِنَّ المُؤْمِنَ إِذَا أَصَابَه السَّقَمُ ثُمَّ أَعْفَاهُ الله عز وجل مِنْهُ كَانَ كَفَّارَةً لِمَا مَضَى مِنْ ذُنُوبِهِ وَمَوْعِظَةً لَهُ فِيمَا يَسْتَقْبِلُ، وإنَّ المُنَافِقَ إِذَا مَرِضَ ثُمَّ أُعْفِيَ كَانَ كَالبَعِيرِ عَقَلَهُ أَهْلُهُ ثُمَّ أَرْسَلُوهُ فَلَمْ يَدْرِ لِمَ عَقَلُوهُ ولِمَ أَرْسَلُوهُ". فَقَالَ رَجُلٌ مِمنْ حَوْلَهُ: يَا رَسُولَ

(1) في "السنن" رقم (2675) و (5268)، وهو حديث صحيح.

(2)

انظر: "المجموع المغيث"(1/ 495)، "الفائق" للزمخشري (1/ 316).

(3)

قاله ابن الأثير في "غريب الجامع"(4/ 529).

(4)

أخرجه أحمد في "المسند"(2/ 476) بسند صحيح.

(5)

في المخطوط (أ. ب): "لبلاد"، وما أثبتناه من "سنن أبي داود".

ص: 442

ْالله، وَمَا الأَسْقَامُ؟ وَالله مَا مَرِضْتُ قَطُّ. فَقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"قُمْ فَلَسْتَ مِنَّا". أخرجه أبو داود (1). [ضعيف]

"وَالالوِيَةُ"(2) جمع لواء، وهي الراية الكبيرة دون الأعلام.

"وَأَعْفَاهُ وَعَافَاهُ" بمعنى واحد.

قوله في حديث ابن إسحاق: "عن عامر الرام" أقول: بالراء، أي: الرامي سُمِّي الرامي؛ لأنه كان أرمى العرب.

وقوله: "الخضر"(3) هو بضم الخاء المعجمة، وسكون الضاد المعجمة أيضاً جمع أخضر، والخضر قبيلة من قيس عيلان وهم بنو مالك بن طريف، وكان مالك آدم فسمي ولده الخضر.

قوله: "قم فلست منا" أي: من أهل هدينا وطريقتنا، [و] (4) تمام الحديث قال:"بينما نحن عنده إذ أقبل رجل وعليه كساء وفي يده شيء قد التفَّ عليه، فقال: يا رسول الله! إني لما رأيتك أقبلت فمرت بغيظة شجر فسمعت فيها أصوات فراخ طائر فأخذتهن فوضعتهن في كسائي، فجاءت أمهن واستدارت على رأسي فكشفت لها عنهن فوقعت عليهن فلففتها معهن بكسائي [فهُنَّ] (5) أولاء معي، قال: "ضعهن" ففعلت فأبت أمهن [138 ب] إلا لزومهن، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أتعجبون لرحم أم الأفراخ على فراخها؟ " قالوا: نعم. قال: "والذي

(1) في "السنن" رقم (3089)، وهو حديث ضعيف.

(2)

قاله ابن الأثير في "غريب الجامع"(4/ 531).

(3)

قاله ابن الأثير في "تتمة جامع الأصول"(2/ 558).

(4)

سقطت من (ب).

(5)

في (ب): هاهن.

ص: 443

بعثني بالحق، لله أرحم بعباده من أُمِّ الأفراخ بفراخها، ارجع بهن حتى تضعهن من حديث أخذتهن وأمهن معهن" [فرجع بهن](1).

8 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "قَرَصَتْ نَمْلَةٌ نَبِيًّا مِنَ الأنبِيَاءِ، فَأَمَرَ بِقَرْيَةِ النَّمْلِ فَحُرِّقَتْ، فَأَوْحَى الله تَعَالى إلَيْهِ: أَنْ قَرَصَتْكَ نَمْلَةٌ أَحْرَقْتَ أُمَّةً مِنَ الأُمَمِ تُسَبِّحُ". أخرجه الخمسة (2) إلا الترمذي. [صحيح]

"وَقَرْيَةُ النَّمْلِ" مسكنها.

قوله في حديث أبي هريرة: "نبياً من الأنبياء" أقول: في "نوادر الأصول": أنه موسى، وفي "الترغيب والترهيب" (3): أنه عزير.

قوله: "قرية النمل" أقول: هي موضع اجتماعهن، والعرب تفرق بين الأوطان، فتقول: لمسكن الإنسان وطن، والإبل عطن، والأسد عرين وغابة، وللظبي كناس، وللزنبور كور، ولليربوع نافقاء، وللنمل قرية.

قوله: "فحرقت" أقول: قال العلماء: محمول على أن شرع ذلك النبي كان فيه جواز قتل النمل والإحراق بالنار، فلم يعتب عليه في أصل الإحراق، بل في الزيادة على نملة؛ لأنها الجانية فقط. أما شرعنا؛ فلا يجوز [](4) فيه إحراق الحيوان بالنار، إلا إذا أحرق شخص إنساناً جاز لوليه القصاص بالإحراق. ولا يجوز قتل النمل بحال من الأحوال، لحديث ابن عباس:

(1) سقطت من (أ. ب).

(2)

أخرجه البخاري رقم (3019)، ومسلم رقم (2241)، وأبو داود رقم (5265)، وابن ماجه رقم (3225)، والنسائي رقم (4358).

(3)

(3/ 590 بإثر الحديث رقم 4399).

(4)

في (ب): زيادة: "إحراق" ولا داعي لها.

ص: 444