الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال بعض أهل العلم: إذا كان عنده مال تجب فيه الزكاة ففيه الزكاة، وإن لم يكن عنده سوى المال المستفاد [ما تجب فيه الزكاة، لم يجب عليه في المال المستفاد](1) زكاة حتَّى يحول عليه الحول.
الفصل العاشر: في أحكام متفرقة للزكاة
1 -
عن معاذ رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال له حِينَ بَعَثَهُ إلى اليَمَنِ: "خُذِ الحَبَّ مِنَ الحَبِّ، وَالشَّاءَ مِنَ الغَنَمِ، وَالبَعِيرَ مِنَ الإِبِلِ، وَالبَقَرَ مِنَ البَقَرِ"(2). [ضعيف]
قوله في حديث معاذ: "وخذ الحب من الحب" الحديث دليل على أنه يأخذ العين لا القيمة وفيها [خلاف](3) يأتي.
2 -
وعن سَمْرَةَ بن جُنْدُبِ رضي الله عنه قال: كَانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُنَا أَنْ نُخْرِجَ الصَّدَقَةَ مِنَ الَّذِي نُعِدُّهُ لِلْبَيْعِ. أخرجه أبو داود (4). [ضعيف]
قوله: "أخرجهما أبو داود" قال الحافظ (5) في الحديث الأول: إنه صححه الحاكم (6) على شرطهما إن صح سماع عطاء من معاذ.
(1) سقطت من (ب).
(2)
أخرجه أبو داود رقم (1599)، وابن ماجه رقم (1814)، والحاكم في "المستدرك" (1/ 388) وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين إن صح سماع عطاء بن يسار عن معاذ بن جبل فإني لا أتقنه. وقال الذهبي: لم يلقه. وهو حديث ضعيف، والله أعلم.
(3)
في (ب): "خلافه بعد".
(4)
في "السنن" رقم (1562).
(5)
في "التلخيص"(2/ 330).
(6)
في "المستدرك"(1/ 388).
قال الحافظ (1): قلت: لم يصح؛ لأنه ولد بعد موته، أو في سنة موته، أو بعد موته بسنة.
وقال البزار (2): لا نعلم أن عطاء سمع من معاذ.
وأما الحديث الثاني: وهو حديث سمرة؛ قال الحافظ (3): أخرجه الدارقطني (4) والبزار (5) من حديث سليمان بن سمرة، عن أبيه، وفي إسناده جهالة. انتهى.
قلت: وأما حديث [176 ب] أبي ذر أنه صلى الله عليه وسلم قال: "في الإبل صدقتها وفي البر صدقته" فإنه رواه الدارقطني (6) من طريقين ضعيفين، إذ مداره على موسى بن عبدة الربذي، وله طريق أخرى معلولة، وله طريق رواها الدارقطني (7) والحاكم (8) بإسناد قال الحافظ (9): لا بأس به. إلا أنه قال ابن دقيق العيد: إنه رآه في نسخة من المستدرك: "البر" بضم الباء الموحدة والراء المهملة. انتهى.
ورواه الدارقطني بالزاي لكن طريقه ضعيفة.
قلت: فلا يتم به الحكم بالإيجاب مع الشك في الطريق التي لا بأس فيها، ومع ضعف الطرق التي فيها الجزم بالزاي.
(1) في "التلخيص"(2/ 330).
(2)
ذكره الحافظ في "التلخيص"(2/ 330).
(3)
في "التلخيص"(2/ 345).
(4)
في "السنن"(2/ 127 - 128).
(5)
في "مختصر زوائد البزار"(1/ 373 رقم 610).
(6)
في "السنن"(2/ 101).
(7)
في "السنن"(2/ 101).
(8)
في "المستدرك"(1/ 388).
(9)
في "التلخيص"(2/ 345) حيث قال: وهذا إسناد لا بأس به.
3 -
وعن سعيد بن أبيض عن أبيه أَبْيَض بن حَمَّال رضي الله عنه: أنَّهُ كَلَّمَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم فِي الصَّدَقَةِ حِينَ وَفَدَ عَلَيْهِ: أَنْ لَا يَأْخُذَ الصَّدَقَةَ مِنْ أَهْلِ سَبَإِ، فقالَ:"يَا أَخَا سَبَإِ لا بُدَّ مِنْ صَدَقَةٍ". فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، إِنَّمَا زَرْعُنَا القُطْنُ، وَقَدْ تبَدَّدَتْ سَبَأٌ وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ إِلَاّ قَلِيلٌ بِمَأْرِبٍ. فَصَالَحَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عَلَى سَبْعِينَ حُلَّةِ بَزٍّ مِنْ قِيمَةِ وَفَاءِ بَزِّ المَعَافِرِ كُلَّ سَنَةٍ عَمَّنْ بَقِيَ مِنْ سَبَإٍ بِمَأْرِبَ، فَلَمْ يَزَالُوا يُؤَدُّونَهَا حَتَّى قُبِضَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فَأَقَرَّ ذلِكَ أَبُو بَكرٍ رضي الله عنه حَيَاتُهُ، فَلَمَّا مَاتَ أبُو بَكْرٍ انْتَقَضَ ذَلِكَ فَصَارَتْ عَلَى مُقْتَضَى الصَّدَقَةِ. أخرجه أبو داود (1). [ضعيف]
قوله في حديث: "أبيض بن حمَّال"(2) أقول: بالمهملة وتشديد الميم: المأربي، بفتح الهمزة وكسر الراء ثم موحدة، له صحبة وأحاديث. [343/ أ][177 ب].
4 -
وعن طاوس قال: قال مُعَاذٌ لأَهْلِ اليَمَنِ: "ائْتُونِي بِعَرْضٍ ثِيَابٍ خَمِيصٍ أَوْ لَبِيسٍ فِي الصَّدَقَةِ، مَكَانَ الشَّعيِرِ وَالذُّرَةِ أَهْوَنُ عَلَيْكُمْ، وَخَيْرٌ لأَصْحَابِ رسول الله صلى الله عليه وسلم بِالمَدِينَةِ". أخرجه البخاري (3) في ترجمة باب.
قوله في حديث طاوس: "ائتوني بعرض ثياب خميص أو لبيس" أقول: العرض (4) بفتح المهملة وسكون الراء ما عدا الدراهم والدنانير التي هي قيمة الأشياء.
والخميصة: كساء أسود مربع، والمشهور خميس بالسين؛ وهو الذي طوله خمسة أذرع، وفي "النهاية" (5): سمي خميساً؛ لأن أول من عمله ملك باليمن يقال له خميس.
(1) في "السنن" رقم (3028)، وهو حديث ضعيف.
(2)
"التقريب"(1/ 49 رقم 322).
(3)
في صحيحه (3/ 311 الباب رقم 33 - مع الفتح).
(4)
انظر: "فتح الباري"(3/ 312).
(5)
"النهاية في غريب الحديث"(1/ 533)، وانظر:"غريب الحديث" للهروي (4/ 135).
قوله: "لبيس" أي: ملبوس فعيل بمعنى مفعول، واستدل به على جواز أخذ العرض في الزكاة، وأن الأمر في قوله صلى الله عليه وسلم:"خذ الحب من الحب"(1) الحديث، تقدم للندب لا للإيجاب، وعلى جوازه أخذه بهما بنى البخاري فقال: باب العرض (2) في الزكاة.
قال ابن رشيد: وافق البخاري الحنفية (3) في هذه المسألة مع كثرة مخالفتهم له، لكن قاده إلى ذلك الدليل. انتهى.
وأجيب بأن معاذاً قبض ذلك عن الخراج، ورد: بأن لفظ رواية البخاري بلفظ: "في الصدقة"، وبأن البيهقي (4) حكى أن بعضهم قال فيه:"في الجزية" بدل "الصدقة" فإن ثبت ذلك يسقط الاستدلال، لكن المشهور الأول.
وقال الإسماعيلي (5): يحتمل [أن يقول](6) ائتوني به آخذه منكم مكان الشعير والذرة الذي آخذه شراء بما أخذ به، ويكون بقبضه قد بلغ محله، ثم يأخذه مكان ما يشتريه مما هو أوسع عندهم وأنفع للآخذ.
وقيل: هذا اجتهاد (7) من معاذ فلا حجة فيه. ودفع بأنه كان أعلم الناس بالحلال والحرام.
قلت: وكونه كذلك لا يمنع الاجتهاد، وأنه بالاجتهاد يصير ما اجتهد فيه حلال.
(1) تقدم، وهو حديث ضعيف.
(2)
في صحيحه (3/ 311 الباب رقم 33 - مع الفتح).
(3)
"شرح فتح القدير" لابن الهمام (2/ 199 - 200).
(4)
في "معرفة السنن والآثار"(6/ 86).
(5)
ذكره الحافظ في "الفتح"(3/ 312).
(6)
كذا في (أ. ب)، والذي في "الفتح":"أن يكون المعنى".
(7)
ذكره الحافظ في "فتح الباري"(3/ 313).
وقيل: إنه كان يطلق (1) على الجزية اسم الصدقة، فلعل هذا منها. [178 ب] ورد بأن في لفظه مكان "الشعير والذرة" وما كانت الجزية إلا من النقدين، وقيل: يؤيد أنها ليست من الزكاة أنه أمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يأخذ الصدقة من أغنيائهم ويردها على فقرائهم (2).
وأجيب: بأنه لا مانع أن يحمل الزكاة إلى الإمام لثبوت قسمتها. وقد احتج به من يرى جواز نقل الزكاة من بلد إلى بلد، وهي مسألة خلافية.
واستدل البخاري بقوله صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه هو وغيره من قوله صلى الله عليه وسلم للنساء: "تصدقن ولو من حليكن"(3) قال: فلم يستثن صدقة من غيرها، واختار ما ذكر لهذه الأدلة وغيرها.
قلت: إلا أنه يقدح في كلام معاذ قوله فيه: "والذرة" وقد صح (4) أنه صلى الله عليه وسلم أمر بالقبض من أربعة أشياء: الحنطة، والشعير، والتمر، والزبيب، وأنه لا شيء فيما سوى ذلك.
قوله: "أخرجه البخاري (5) في ترجمة باب" قلت: وهكذا عبارة ابن الأثير (6)، والبخاري لم يخرجه إنما ذكره تعليقاً مقطوعاً، ولفظه: وقال طاوس: قال معاذ لأهل اليمن، وساقه.
قال الحافظ في "الفتح"(7): هذا التعليق صحيح الإسناد إلى طاوس، لكن طاوس لم يسمع من معاذ، فهو منقطع، فلا يعتبر بقول من قال ذكره البخاري. فالتعليق الجازم فهو صحيح عنده؛ لأن ذلك لا يفيد إلا الصحة إلى من علق عنه، وأما باقي الإسناد فلا، إلا أن
(1) قاله القاضي عبد الوهاب المالكي كما قاله الحافظ في "الفتح"(3/ 313).
(2)
تقدم نصه وتخريجه، وهو حديث صحيح.
(3)
أخرجه البخاري في صحيحه رقم (3040)، ومسلم رقم (79، 80).
(4)
تقدم نصه وتخريجه.
(5)
في صحيحه (3/ 311 الباب رقم 33 - مع الفتح).
(6)
(4/ 635).
(7)
(3/ 312).