الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الثالث: فيما يجري في مجرى الدعاء
وفيه: ثلاث فصول
الفصل الأول: في الاستعاذة
1 -
عن أنس رضي الله عنه قال: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "اللهمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ العَجْزِ، وَالكَسلِ، وَالجُبْنِ، وَالهَرَمِ، وَالبُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ المَحْيَا وَالمَمَاتِ". أخرجه الخمسة (1). [صحيح]
2 -
وعنه رضي الله عنه قال: كَانَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "اللهمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الجُذَامِ، وَالَبرَصِ، وَالجُنُونِ، وَمِنْ سَيِّء الأَسْقَامِ". أخرجه أبو داود (2) والنسائي (3). [صحيح]
(الباب الثالث فيما يجري مجرى الدعاء)
وفيه ثلاثة فصول.
قوله: "الاستعاذة: الاستعاذة بالله"(4) هي: الاعتصام به والالتجاء إليه.
قوله: "من العجز" العجز: ضد الاقتدار، والكسل ضد النشاط، والجبن ضد الشجاعة. وفي البخل (5) أربع لغات: ضم الموحدة وفتحها والخاء كذلك، وإسكان الخاء مع الضم والفتح في الموحدة.
وتقدم تفسير فتنة المحيا والممات.
(1) أخرجه البخاري رقم (2823، 4707)، ومسلم رقم (2706)، وأبو داود رقم (1540، 1541)، والترمذي رقم (3485)، والنسائي رقم (5457، 5459).
(2)
في "السنن" رقم (1554).
(3)
في "السنن" رقم (5493)، وهو حديث صحيح.
(4)
"تفسير غريب ما في الصحيحين" للحميدي (107/ 8)، "النهاية في غريب الحديث"(2/ 270).
(5)
"القاموس المحيط"(ص 1247)، "النهاية في غريب الحديث"(1/ 109).
3 -
وعن ابن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: كَانَ رسول الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "اللهمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ، وَمِنْ دُعَاءٍ لَا يُسْمَعُ، وَمنْ نَفْسٍ لَا تَشْبَعُ، وَمِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَؤُلَاءِ الأَرْبَعِ". أخرجه الترمذي (1) والنسائي (2). [صحيح]
قوله: "في حديث ابن عمرو بن العاص: ومن دعاء لا يسمع" في "النهاية"(3) أي: لا يستجاب ولا يُعتدُّ به، فكأنه غير مسموع.
قوله: "من نفس لا تشبع" أي: لا تشبع [52 ب] من الدنيا، وقد بين ذلك حديث:"ليس الغنى عن كثرة العرض؛ ولكن الغنى غنى النفس"(4).
قوله: "ومن علم لا ينفع" العلم إنما المراد العمل وهو نفعه وإذا لم يعمل به عالمه؛ فإنه لا فائدة له، بل هو ضر على حامله، فإن الله يقول فيمن علم وما عمل:{مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (5)} (5)، فمثل العالم غير العامل بأخس الحيوانات وهو الحمار، ومثله أيضاً بالكلب في قوله: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا
(1) في "السنن" رقم (3482)، وهو حديث صحيح.
(2)
في "السنن" رقم (5537) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وهو حديث صحيح.
(3)
(1/ 86). وانظر: "الفائق" للزمخشري (2/ 197).
(4)
أخرجه البخاري رقم (6446)، ومسلم رقم (1051)، والترمذي رقم (2373) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(5)
سورة الجمعة: 5.
فَانسَلَخَ مِنهَا} (1) إلى قوله: {فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ} (2) فهذان مثلان ضربهما الله سبحانه للعالم غير العالم وهو الذي لم ينفعه علمه.
قلت: استعاذ صلى الله عليه وسلم من ذلك تعليماً للعباد، وإلا فإنه قد أعاذه الله بالعصمة من علم لا ينفع، وقد نفع علمه الأولين والآخرين [53 ب] من أمته.
قوله: "أخرجه الترمذي".
قلت: وقال (3): "حسن صحيح".
4 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسَولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: "تَعَوَّذُوا بِالله مِنْ جَهْدِ البَلَاءِ، وَدرَكِ الشَّقَاءِ، وَسُوءِ القَضَاءِ، وَشَمَاتَةِ الأَعْدَاءِ". أخرجه الشيخان (4) والنسائي (5). [صحيح]
قوله: "في حديث أبى هريرة من جهد (6) البلاء".
أقول: بفتح الجيم وضمها: كل ما أصاب الإنسان من شدة، ومشقة [302/ أ]، وما لا طاقة له بحمله، ولا قدرة له على دفعه.
وسئل عمر رضي الله عنه عن جهد البلاء؟ فقال: كثرة العيال وقلة المال.
وقوله: "درك الشقاء"(7) بفتح الدال والراء المهملتين: الإدراك، اللحاق، والشقاء، يمد ويقصر، الهلاك في الدنيا والآخرة.
(1) سورة الأعراف: 175.
(2)
سورة الأعراف: 176.
(3)
في "السنن"(5/ 519).
(4)
البخاري رقم (6347، 6616)، ومسلم رقم (2707).
(5)
في "السنن" رقم (5491) و (5492). وهو حديث صحيح.
(6)
"النهاية في غريب الحديث"(1/ 314).
(7)
"القاموس المحيط"(ص 1211)، "النهاية"(1/ 565).
وقوله: "سوء القضاء" هو عام في أمور الدنيا والدين، والمراد من القضاء المقضي؛ لأن قضاء الله كله حسن لا سوء فيه.
وقوله: "شماتة الأعداء" أي: فرحهم بنكبة تنزل بالمعادي، فهو استعاذة مما يوجب فرحهم.
5 -
وعنه رضي الله عنه قال: كَانَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "اللهمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الشِّقَاقِ وَالنِّفَاقِ، وَسُوءِ الأَخْلَاقِ". أخرجه أبو داود (1) والنسائي (2). [ضعيف]
وفي رواية (3): "اللهمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الجُوعِ، فَإِنَّهُ بِئْسَ الضَّجِيعُ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الخِيَانَةِ فَإِنَّهَا بِئْسَتِ البِطَانَةُ". [حسن]
قوله: "في حديثه الثاني: من الشقاق" من المشاقة، ولا تكون إلا بين اثنين متعاديين متخاصمين كأن كل واحد منهما في شق عن الآخر، وهو استعاذة من [العداوات](4).
وقوله: "النفاق" في "النهاية"(5): قد تكرر في الحديث ذكر النفاق وما تصرف منه اسماً وفعلاً، وهو اسم إسلامي لم تعرفه العرب بالمعنى المخصوص به، وهو الذي يستر كفره، ويظهر إيمانه.
وقوله: "سوء الأخلاق" هو ضد حسن الأخلاق.
(1) في "السنن" رقم (1546).
(2)
في "السنن" رقم (5471)، وهو حديث ضعيف.
(3)
أخرجه أبو داود رقم (1547)، والنسائي في "السنن" رقم (5468، 5469)، وهو حديث حسن.
(4)
في (أ): "العدوان".
(5)
(2/ 780).