الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والمراد هنا الجلجل (1) الذي يعلق على الدواب. قيل: إنما كرهه؛ لأنه يدل على أصحابه بصوته، وكان عليه السلام يحب أن لا يعلم به العدو حتى يأتيهم فجأة. وقيل غير ذلك.
قلت: العلة ما صرح به قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تصحب الملائكة" وصحبة الملائكة مقصودة للمؤمنين، وقد زاد الترمذي (2):"الجرس مزمار الشيطان".
النوع السابع: في القفول من السفر
1 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ العَذَابِ، يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَنَوْمَهُ، فَإِذَا قَضَى أَحَدُكُمْ نَهْمَتَهُ فَلْيُعَجِّلْ إِلَى أَهْلِهِ". أخرجه الثلاثة (3). [صحيح]
"نَهْمَتَهُ"(4) بفتح النون: أي حاجته.
([النوع السابع في القفول من السفر] (5))
قوله في حديث أبي هريرة: "فليعجل إلى أهله" أقول: زاد الحاكم (6) من حديث عائشة: "فإنه أعظم لأجره". قال ابن عبد البر (7): زاد فيه بعض الضعفاء عن مالك: "وليهد لأهله، وإن لم يجد إلا حجراً" يعني: حجر الرماد. قال: وهي زيادة منكرة.
(1) قال ابن الأثير في "النهاية"(1/ 277): هو الجرس الصغير، الذي يعلق في أعناق الدواب وغيرها.
(2)
بل هو عند أبي داود في "السنن" رقم (2556).
وأخرجه مسلم رقم (2114).
(3)
أخرجه البخاري في صحيحه رقم (1804)، ومسلم رقم (1927)، ومالك في "الموطأ"(2/ 980).
(4)
قال ابن الأثير في "غريب الجامع"(5/ 28): نهمته: النهمة بلوغ الهمة في الشيء، والنهم من الجوع.
(5)
زيادة من (أ).
(6)
لم أجده في "المستدرك"، وذكره الحافظ في "الفتح"(3/ 623) من حديث عائشة، ولم يعزه للحاكم.
(7)
انظر: "الاستذكار"(27/ 279 - 282) ، "التمهيد"(22/ 33)، "فتح الباري"(3/ 623).
قال ابن بطال (1): ولا يعارض متن هذا الحديث وحديث (2): "سافروا تصحوا" فإنه [249 ب] لا يلزم من الصحة في السفر لما فيه من الرياضة، أن لا يكون قطعة من العذاب، لما فيه من المشقة، فصار كالدواء المر الذي تعقبه الصحة، وإن كان في تناوله الكراهة.
لطيفة:
سئل إمام الحرمين حين جلس موضع أبيه: لم كان السفر قطعة من العذاب؟
فأجاب على الفور: لأن فيه فراق الأحباب.
قلت: ونظيره ما روي أن محمد بن داود الظاهري لما قعد أول مجلس للتدريس، سئل: ما علامة السكران؟ فأجاب فوراً: إذا غربت عنه الفهوم، وباح بسره المكتوم.
2 -
وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا جِئْتَ مِنْ سَفَرٍ فَلَا تَأْتِ أَهْلِكَ طُرُقاً حَتَّى تَسْتَحِدَّ المُغِيبَةُ، وَتَمْتَشِطَ الشَّعِثَةُ، وَعَلَيْكَ بِالكَيْسِ". أخرجه الخمسة (3) إلا النسائي. [صحيح]
3 -
وفي رواية (4): "كانَ يَنْهَاهُمْ أَنْ يَطْرُقُوا النِّسَاءَ لَيْلاً لِئَلَاّ يَتَخَوَّنُوهُنَّ وَيَطْلُبُوا عَثَرَاتِهنُّ". [صحيح]
4 -
وفي أخري (5): "لَا تَلِجُوا عَلَى المُغِيبَاتِ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنْ أَحَدِكُمْ مَجْرَى الدَّمِ". فَقُلْنَا: وَمِنْكَ؟ قَالَ: "وَمِنِّي، إلَاّ أَنَّ الله أَعَانَنِي عَلَيْهِ فَأَسْلَمُ". [صحيح]
(1) في شرحه لصحيح البخاري (4/ 455).
(2)
أخرجه أحمد في مسنده (2/ 380)، والطبراني في"الأوسط" رقم (8308) بإسناد ضعيف.
(3)
أخرجه البخاري رقم (5245)، ومسلم رقم (183/ 715) ، وأبو داود رقم (2776، 2777، 2778)، والترمذي رقم (1172).
(4)
أخرجه مسلم في صحيحه رقم (184/ 715).
(5)
أخرجه أحمد (3/ 309)، والترمذي رقم (1172) وقال: غريب من هذا الوجه. =
قال سفيان: معناه أسلم أنا منه، فإن الشيطان لا يسلم.
5 -
وفي أخرى (1): كانَ إذَا قَفَلَ مِنْ غَزْوَةٍ أَوْ سَفَرٍ فَوَصَلَ عَشِيَّةً لَمْ يَدْخل حَتَّى يُصْبِحَ، فَإِذَا وَصَلَ قَبْلَ الصُّبْحِ لَمْ يَدْخُلْ إلاّ وَقْتَ الغَدَاةِ، يَقُولُ:"أُمْهِلُوا كيْ تَمْتَشِطَ التَّفِلَةُ، وَتَسْتَحِدُ "المُغِيبَةُ. [صحيح]
"الطُّرُوقُ"(2): المجيء ليلاً.
"وَالتَّخَوُّنُ": طلب الخيانة والتهمة.
"وَالِاسْتِحْدَادُ"(3): حلق العانة، وهو استفعال من الحديد، وكأنه استعمله على طريق الكتابة والتورية.
"وَالمُغِيبَةُ"(4): التي غاب عنها زوجها.
"وَالشّعِثُّةُ": البعيدة العهد بالغسل وتسريح الشعر والنظافة (5).
"وَالتِّفِلَةُ": التي لم تتطيب.
"وَالكَيْسُ": الجماع، وَالكَيْسُ العقل، فيكون قد جعل طلب الولد من الجماع عَقْلاً (6).
= وهو حديث صحيح.
(1)
أخرجه أحمد (3/ 303)، والبخاري رقم (5245)، ومسلم رقم (181/ 715).
(2)
انظر: "النهاية"(2/ 108 - 109)، "غريب الحديث" للهروي (2/ 46).
(3)
قاله ابن الأثير في "غريب الجامع"(5/ 31).
(4)
قاله ابن الأثير في "غريب الجامع"(5/ 31).
(5)
قاله ابن الأثير في "غريب الجامع"(5/ 31).
(6)
قاله ابن الأثير في "غريب الجامع"(5/ 31).
6 -
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لمَّا نَهَاهُمْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَطْرُقُوا النِّسَاءَ لَيْلاً طَرَقَ رَجُلَانِ بَعْدَ النَّهْيِ، فَوَجَدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلاً. أخرجه الترمذي (1). [صحيح]
قوله في حديث جابر: "ويطلبوا عثراتهن" أقول: جمع عثرة وهي الزلة، إلا أنه قال ابن الأثير (2): إنه قال عبد الرحمن بن مهدي عن [سفيان](3): أنا لا أدري هذا في الحديث أم لا، يعني: يتخونوهن، ويطلبوا عثراتهن. انتهى.
والطروق (4): بالضم المجيء بالليل، والآتي طارق، ولا يقال في النهار إلا مجازاً.
قال العلماء (5): نهى عن الطروق ليلاً؛ لئلا تكون غير متطيبة فيرى منها ما يكون سبباً لنفرته عنها، أو يجدها على غير حالة مرضية، والشارع يحافظ على الستر. وقد خالف بعضهم فرأى عند أهله رجلاً معاقبة له، ويأتي فيه حديث الترمذي (6).
(1) في "السنن" بإثر الحديث رقم (2712) معلقاً عن ابن عباس.
وأخرج ابن خزيمة في صحيحه كما في "فتح الباري"(9/ 340 - 341)، وعبد الرزاق رقم (14018) من حديث ابن عمر قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يطرق النساء ليلاً، فطرق رجل فوجد مع امرأته ما يكره.
وأخرج أبو عوانة في مسنده (5/ 114، 116)، وعبد الرزاق رقم (14019) عن جابر: أن عبد الله بن رواحة أتى امرأته ليلاً، وعندها امرأة تمشطها فظنها رجلاً، فأشار إليه بالسيف، فلما ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم ذلك نهى أن يطرق الرجل أهله ليلاً.
(2)
في "الجامع"(5/ 29).
(3)
في (أ. ب): "سعد"، وما أثبتناه من "الجامع"(5/ 29).
(4)
تقدم شرحها.
(5)
انظر: "فتح الباري"(9/ 341).
(6)
تقدم ذكره.