الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني: في أدعية الصلاة مفصلاً - الاستفتاح
1 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كَانَ رسول الله صلى الله عليه وسلم إِذَا كَبَّرَ فِي الصَّلَاةِ سَكَتَ هُنَيَّةً قَبْلَ أَنْ يَقْرَأَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، سُكُوتَكَ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالقِرَاءَةِ مَا تَقُولُ؟ قَالَ:"أَقُولُ: اللهمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبيْنَ خَطَايَايَ كَما بَاعَدْتَ بَيْنَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ، اللهمَّ نَقِّنِي مِنْ خَطَايَايَ كَما يُنَقَّى الثَّوْبُ الأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ. اللهمَّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ بِالثَّلْجِ وَالمَاءِ وَالبَرَدِ". أخرجه الخمسة (1) إلا الترمذي، وهذا لفظ الشيخين. [صحيح]
زاد أبو داود (2) والنسائي (3) في أوله: "اللهمَّ بَاعِدْ بَيْني وَبيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْت بَيْنَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ".
[بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ](4)
قوله: "الفصل الثاني".
أقول: أي: من الباب الثاني، وتقدم أن فيه عشرين فصلاً، وهذا الفصل من القسم الأول، الذي فيه الأدعية المؤقتة والمضافة إلى أسبابها كما عرفت، فإن أوقات هذه الأدعية أسباب هذه الصلاة.
(1) أخرجه البخاري رقم (2744)، ومسلم رقم (598)، وأبو داود رقم (781)، والنسائي في "السنن" رقم (894)، وابن ماجه رقم (805).
قلت: وأخرجه أحمد (2/ 231)، والدارمي (1/ 283 - 284)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(2/ 195)، وابن خزيمة رقم (465)، والبغوي في "شرح السنة"(3/ 49 - 50)، وابن حبان رقم (1775)، وهو حديث صحيح.
(2)
في "السنن" رقم (781).
(3)
في "السنن"(2/ 128 - 129).
(4)
زيادة من (ب).
قوله: "مفصلاً"
أقول: عبارة المصنف وابن الأثير مجملاً ومفصلاً.
قوله: "الاستفتاح" هو من المفصل.
وهو لغة (1): طلب الفتح. ومنه: {إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ} (2)، ويحتمل أن السين للتأكيد، والمراد به: الافتتاح، أي: افتتاح الصلاة.
قوله: "عن أبي هريرة".
قوله: "هنيَّة"(3) بالنون بلفظ التصغير، وهو عند الأكثر بتشديد المثناة التحتية. قال النووي (4): أصله هنوة، فلما صغرت صارت هنيوه، فاجتمعت واو وياء [وسبقت إحداهما بالسكون، فقلبت الواو ياءً](5) وأدغمت.
ووقع في إحدى روايات البخاري (6): "هنيهة" بقلبها هاء.
قوله: "بأبي وأمي" الباء متعلقة بمحذوف اسم أو فعل، أي: أنت مفدى أو أفديك بسكوتك. هذا لفظ مسلم، ولفظ البخاري:"إسكاتك" وهو مرفوع (7) على الابتداء.
(1) انظر: "الفائق" للزمخشري (3/ 86).
(2)
سورة الأنفال: 19.
(3)
"النهاية في غريب الحديث"(2/ 916)، "الفائق" للزمخشري (4/ 114).
(4)
في شرحه لصحيح مسلم (5/ 96).
(5)
زيادة من (ب).
(6)
في صحيحه رقم (744).
(7)
قاله الحافظ في "فتح الباري"(2/ 229).
قوله: "ما تقول؟ " مشعر بأنه هنالك قولاً لكونه قال: ما تقول؟ ولم يقل هل [2 ب] تقول؟ ولعل أبا هريرة استدل على أصل القول بحركة الضم، كما استدل غيره على القراءة باضطراب اللحية (1).
قوله: "اللهم نقني".
أقول: لفظ البخاري (2): "اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني .. إلى آخره" فسقط هذا اللفظ من رواية المصنف كما سقط من رواية ابن الأثير في "الجامع"، قاله الحافظ ابن حجر في "الفتح"(3).
فالعجب قوله وقول الربيع هذا!! اللفظ زيادة لأبي داود والنسائي، وهو في أول الدعاء في "الصحيحين".
قال الحافظ ابن حجر في "الفتح"(4): وهذا من مفاسد اعتماد ابن الأثير في النقل عنهما على جمع الحميدي. وذكر المنذري (5) في "مختصر السنن" بعد سياقه بتمامه، أنه أخرجه البخاري (6) ومسلم (7)، والنسائي (8)، وابن ماجه (9).
(1) قاله الحافظ في "الفتح"(2/ 229).
(2)
في صحيحه رقم (744).
(3)
(2/ 229 - 230).
(4)
(2/ 228).
(5)
في "مختصر السنن"(1/ 377).
(6)
في صحيحه رقم (744).
(7)
في صحيحه رقم (598).
(8)
في "السنن" رقم (894).
(9)
في "السنن" رقم (805).
قوله: "باعد" المراد به (1): محو ما حصل منها، والعصمة عما سيأتي منها، وهو مجاز؛ لأن حقيقة المباعدة إنما هي في المكان والزمان، وموقع التشبيه أن التقاء المشرق والمغرب مستحيل، فكأنه أراد: لا يبقى منه اقتراب بالكلية.
قوله: "بالماء والثلج والبرد".
قال الخطابي (2): ذكر الثلج والبرد تأكيداً، أو لأنهما ماءان لم تمسهما الأيدي، [ولم يمسهما الاستعمال](3).
وقال ابن دقيق العيد (4): عبر بذلك عن غاية المحو، فإن الثوب الذي تكرر عليه ثلاثة أشياء منقية يكون في غاية النقاء [3 ب].
قال: ويحتمل أن يكون المراد كل واحد من هذه الأشياء مجاز عن صفة يقع بها المحو، وكأنه كقوله تعالى:{وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا} (5).
وفي "شرح مسلم"(6) خص البارد وإن كان السخن أنقى منه ليجانس ما قبله؛ لأن البرودة هي المناسبة لإطفاء حرارة النار، ومنه: برد الله مضجعه، وإضافة الماء إلى البارد من إضافة الموصوف إلى الصفة.
2 -
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "بَيْنَمَا نَحْنُ نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم إذْ قَالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: الله أَكْبرُ كَبِيرًا، وَالحَمْدُ لله كَثِيرًا، وَسُبْحَانَ الله بُكْرَةً وَأَصِيلاً، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: "مَنِ القَائِلُ
(1) قاله الحافظ في "فتح الباري"(2/ 230).
(2)
في "أعلام الحديث"(1/ 488).
(3)
كذا العبارة في المخطوط والذي في "أعلام الحديث": ولم تمتهنهما بمرسٍ واستعمال.
(4)
في "إحكام الأحكام"(ص 297).
(5)
سورة البقرة: 286.
(6)
(5/ 96 - 97).
كَلِمَةَ كَذَا وَكَذَا؟ ". قَالَ الرَّجُلُ: أَنَا يَا رَسُولَ الله، قَالَ: "عَجِبْتُ لهَا فُتِحَتْ لهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ". قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَمَا تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ ذَلِكَ. أخرجه مسلم (1) والترمذي (2) والنسائي (3). [صحيح]
وزاد النسائي (4) في رواية: "لَقَدِ رَأيْتُ ابْتَدَرَهَا اثْنَا عَشَرَ مَلَكاً".
قوله: "إذ قال رجل من القوم: الله أكبر كبيراً" منتصب على الحال، لإفادة أنه تعالى كبير في صفته، وإن لم يكبره المكبرون [و](5)"كثيراً" بالمثلثة.
في قوله: "الحمد لله" منتصب على المصدر، و"بكرة وأصيلاً" على الظرفية. والبكرة: الغدوة، والأصيل: العشي، كما في "القاموس" (6). وخصها لقوله تعالى:{وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ (55)} (7).
واعلم أنه لم يعين الراوي في أي محل في صلاته. قال ذلك مع احتمال أنه قالها قبل دخوله في الصلاة، إنما سمعه هو صلى الله عليه وسلم وهو يصلي، وكأنه لهذا ترجم ابن الأثير بقوله:"أدعية الصلاة" مجملاً ومفصلاً. فهذا من المجمل، إلا أن في رواية النسائي (8) قام رجل خلف نبي الله صلى الله عليه وسلم .. الحديث. ففي قوله:"قام" إشعار بأنه في افتتاح الصلاة.
(1) في صحيحه رقم (601).
(2)
في "السنن" رقم (3592).
(3)
في "السنن" رقم (886)، وهو حديث صحيح.
(4)
في "السنن" رقم (885)، وهو حديث صحيح.
(5)
زيادة من (أ).
(6)
"القاموس المحيط"(ص 451).
(7)
سورة غافر: 55.
(8)
في "السنن" رقم (885)، وهو حديث صحيح.
قوله: "زاد النسائي (1) في رواية لفظه في الرواية الأخرى: عجبت لها، فذكر كلمة معناها فتحت لها أبواب السماء".
وقوله: "يبتدرها" يأتي في الأحاديث الأخر، أيهم يرفعها، فلعله المراد هنا.
قوله: "مسلم والترمذي"[4 ب]. وقال (2): "حسن صحيح غريب".
3 -
وعن أنس رضي الله عنه قال: بَيْنَما رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي إذْ جَاءَهُ رَجُل قَدْ حَفَزَهُ النَّفَسُ، فَقَالَ الله أكْبَرُ، الحَمْدُ لله حَمْداً كَثِيراً طَيِّباً مُبَارَكاً فِيهِ. فَلَمَّا قَضَى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصَّلَاةَ قَالَ:"أَيُّكُمُ المُتَكَلِّمُ بِالكَلِمَاتِ؟ " فَأَرَمَّ القَوْمُ، فَقَالَ:"إنَّهُ لَمْ يَقُلْ بَأْسَاً، فَقَالَ الرَّجُلُ: أَنَا يَا رَسُولَ الله، فقال: "لَقَدْ رَأَيْتُ اثْنَيْ عَشَرَ مَلَكاً يَبْتَدِرُونَهَا أَيُّهُمْ يَرْفَعُهَا". أخرجه مسلم (3) وأبو داود (4) والنسائي (5). [صحيح]
"حَفْزَهُ النَّفَسُ"(6) أي: تتابع بشدة كأنه يحفز صاحبه: أي يدفعه.
"وَأرَمَّ القَوْمُ" أطرقوا سكوتاً (7).
قوله: "إذ [جاءه] (8) رجل" الظاهر أنه غير الأول؛ لاختلاف لفظ الدعاء.
وقوله: "حفزه" بالحاء المهملة والفاء فزاي، يأتي تفسيره للمصنف.
(1) في "السنن" رقم (886)، وهو حديث صحيح.
(2)
في "السنن"(5/ 576).
(3)
في صحيحه رقم (600).
(4)
في "السنن" رقم (763).
(5)
في "السنن" رقم (900)، وهو حديث صحيح.
(6)
"النهاية"(1/ 694)، "غريب الحديث" للخطابي (1/ 63).
(7)
قاله ابن الأثير في "غريب الجامع"(4/ 185).
(8)
في (أ): "جاء".
قوله: "فأرم القوم" بفتح الهمزة فراء مهملة ساكنة. وفي "النهاية"(1): ويروى فأزم بالزاي وتخفيف الميم وهو بمعناه؛ لأن الأرم الإمساك عن الطعام.
قوله: "أطرقوا سكوناً" في "النهاية"(2): سكتوا أو لم يجيبوا.
قال ابن الأثير (3): زاد أبو داود في بعض رواياته: "فإذا جاء أحدكم فليمش نحو ما كان يمشي فليصل ما أدرك، وليقض ما سبق". انتهى.
4 -
وعن جابر رضي الله عنه قال: كَانَ رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذَا اسْتَفْتَحَ الصَّلَاةَ كَبَّرَ، ثُمَّ قَالَ:"إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لله رَبِّ العَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّل المُسْلِمِينَ. اللهمَّ اهْدِنِي لأَحْسَنِ الأَعْمَالِ وَأَحْسَنِ الأَخْلَاقِ، لَا يَهْدِي لأَحْسَنِهَا إِلَاّ أَنْتَ، وَقِني سَيَّئَ الأَعْمَالِ، وَسَيَّئَ الأَخْلَاقِ، لَا يَقِي سَيِّئَهَا إِلَاّ أَنْتَ". أخرجه النسائي (4). [صحيح]
قوله: "وعن جابر".
قوله: أي: للإحرام، ثم قال: بمعنى الفاء [إذ](5) لا تراخي بين التكبيرة والقول.
قوله: "ونسكي" النسك (6): العبادة، فهو من عطف العام على الخاص. و"المحيا والممات" مصدران ميميان، أي: حياتي وموتي هما لله ملكاً يملكهما، متى شاء أحيا، ومتى شاء أمات.
(1)(1/ 59).
(2)
(1/ 694).
(3)
في "جامع الأصول"(4/ 185).
(4)
في "السنن" رقم (896)، وهو حديث صحيح.
(5)
في (ب): "إذا".
(6)
"النهاية في غريب الحديث"(2/ 736 - 737)، "غريب الحديث" للخطابي (1/ 168).
قوله: "لا شريك له" حال مؤكدة؛ لأنه إذا كان مالك العالمين فلا شريك له، إذ العالمين عبارة عن كل مخلوق، والمخلوق كيف يكون شريكاً لخالقه؟
وقيل: العالمين الجن والإنس والملائكة. قيل: والشياطين. وقيل: بنو آدم خاصة. وقيل: الدنيا وما فيها، وهو مشتق من العلامة؛ لأن كل مخلوق علامة على وجود خالقه، وقيل: من العلم، فعلى هذا يختص بالعقلاء.
قوله: "وبذلك" أي: بهذا [5 ب] القول أمرني الله وأنا أول المنقادين له، أي: من هذه الأمة، أو حكاية لقول إبراهيم.
قوله: "وأحسن الأخلاق" من عطف الخاص على العام، فإن حسن الخلق من الأعمال.
5 -
وعن محمد بن مسلمة رضي الله عنه: أَنَّ النَّبيَ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا قَامَ يُصَلِّي تَطَوُّعًا قَالَ: "الله أَكْبَرُ، وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا أَنَا مِنَ المُشْرِكِينَ" وَذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ جَابِرٍ، ثمَّ قَالَ:"اللهمَّ أَنْتَ المَلِكُ لَا إِلَهَ إِلَاّ أَنْتَ، سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِك". ثُمَّ يَقْرَأُ. أخرجه النسائي (1). [صحيح]
قوله: "عن محمد بن مسلمة" هو: أوسي، أنصاري، حارثي، أشهلي، كان من فضلاء الصحابة (2)، من الذين أسلموا على يد مصعب بن عمير بالمدينة، ومات بها بعد الأربعين، وهو ابن سبع وسبعين.
قوله: "تطوعاً" لا يمنع ذلك عن الإتيان به في الفريضة، إذ هو مفهوم صفة لا يعمل به.
(1) في "السنن" رقم (898)، وهو حديث صحيح.
(2)
انظر: "التقريب"(2/ 208 رقم 707).
قوله: "فطر السماوات" أي: ابتدأ خلقهما على غير مثال سابق، وجمع السماوات ووحد الأرض، وإن كانت سبعاً كالسماوات؛ لأنه أراد جنس (1) الأرضين وجمع السماوات لشرفها.
قيل: وهو يؤيد المذهب الصحيح المختار الذي عليه الجمهور: أن السماوات أفضل من الأرض، وقيل: الأرض أفضل؛ لأنها مستقر الأنبياء، وهو ضعيف. انتهى.
قلت: وهذا التفضيل من الفضول. ولو قيل: إن الأرض أفضل بالنظر إلى بني آدم لأن فيها خلقوا، وفيها لله يعبدوا، وفيها يعيدهم الله.
والسماوات أفضل، بالنظر إلى الملائكة؛ لأنها محل عباداتهم، وأمرهم وبلاغهم الوحي منها إلى العباد لكان قريباً.
والحاصل: أن التفضيل إن كان على الذوات فلا يتم حتى تعرف صفات كل واحدة الخاصة بها، ولا يعرف إلا بالوحي، أو باعتبار ما يقع فيها من العبادة، فلا ريب أن السماوات لا تقع فيها معصية، والأرض موضع المعاصي ومستقر الشياطين وقرار الكفر بالله والشرك، فالسماوات أفضل مطلقاً، وكأنه الذي لاحظه الجمهور.
قوله: "حنيفاً"(2) قيل: مستقيماً [6 ب].
وقال الاكثرون: مائلاً، وهو المائل إلى الحق هنا.
وقال أبو عبيد (3): الحنيف عند العرب: من كان على دين إبراهيم عليه السلام، وانتصابه على الحال.
قوله: "وما أنا من المشركين" بيان للحنيف وإيضاح لمعناه. ويطلق المشرك على كل كافر، من عابد صنم، ووثن، ويهودي، ونصراني، ومجوسي، وزنديق، وغيرهم.
(1) انظر: "فتح الباري"(6/ 289 - 292، 293 - 295).
(2)
"النهاية في غريب الحديث"(1/ 443).
(3)
انظر: "الغريبين"(2/ 503).
واعلم أن رواية النسائي (1) بعد حنيفاً مسلماً، وسقط هذا اللفظ من رواية ابن الأثير والمصنف.
قوله: "وبحمدك" أي: أبتدي. وقيل: بحمدك تستجب. وقد تحذف الواو وتكون الباء للسبب أو الملابسة، أي: التسبيح سبب بالحمد أو ملابس له.
قوله: "وذكر مثل حديث جابر".
أقول: هكذا قاله ابن الأثير (2). وقوله وذكر الحديث مثل حديث جابر، أي: ذكر النسائي (3) في رواية محمد بن مسلمة، وراجعت النسائي وإذا الذي فيه في رواية محمد بن مسلمة بعد قوله:"من المشركين" هو قوله: "إن صلاتي" إلى قوله: "المسلمين"، وفي النسائي:"أول المسلمين" أيضاً، وكأنها نسخة منه ليستقيم قوله، إلا أنه قال: هذا وليس فيه ما في حديث من قوله: "اللهم اهدني" إلى آخره كما توهمه عبارة ابن الأثير والمصنف.
6 -
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كَانَ رسول الله صلى الله عليه وسلم إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ قَالَ: "سُبْحَانَكَ اللهمَّ وَبِحَمْدِكَ وَتبَارَكَ اسْمُكَ، وَتَعَالَى جَدُّكَ، وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ".
(1) في "السنن" رقم (898)، وهو حديث صحيح.
(2)
في "الجامع"(4/ 187 رقم 2151).
(3)
في "السنن" رقم (898) عن محمد بن مسلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قام يصلي تطوعاً قال: "الله أكبر، وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفاً مسلماً وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين، اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك" ثم يقرأ.
وهو حديث صحيح، وقد تقدم تخريجه.
أخرجه أبو داود (1) والترمذي (2). [صحيح]
والمراد "بِالجَدِّ"(3) في حق الله تعالى عظمته وجلاله، أي: صار جدك عالياً.
قوله: "في حديث عائشة أخرجه الترمذي وأبو داود".
أقول: قال النووي في "الأذكار"(4): رواه أبو داود (5) والترمذي (6)، وابن ماجه (7)، بأسانيد ضعيفة، وضعفه أبو داود، والترمذي، والبيهقي وغيرهم، ورواه أبو داود (8)[7 ب] والترمذي (9)، والنسائي (10)، وابن ماجه (11)، والبيهقي (12) من رواية أبي سعيد الخدري
(1) في "السنن" رقم (776).
(2)
في "السنن" رقم (243).
وأخرجه ابن ماجه رقم (806)، والحاكم (1/ 235)، والبيهقي (2/ 33 - 34)، وابن خزيمة رقم (470).
قال الترمذي: هذا حديث لا نعرفه من حديث عائشة إلا من هذا الوجه.
قلت: بل روي من غير هذا الوجه، كما أخرجه أبو داود والحاكم والبيهقي. وهو حديث صحيح.
(3)
قال ابن الأثير في "غريب الجامع"(4/ 188).
(4)
(1/ 143 رقم 119/ 92).
(5)
في "السنن" رقم (776).
(6)
في "السنن" رقم (243).
(7)
في "السنن" رقم (806)، وهو حديث صحيح.
(8)
في "السنن"(775).
(9)
في "السنن"(242).
(10)
في "السنن"(2/ 132).
(11)
في "السنن" رقم (804).
(12)
في "السنن الكبرى"(2/ 33 - 34)، وهو حديث صحيح لغيره.
وضعفوه، قال البيهقي (1): وروى الاستفتاح: "سبحانك اللهم وبحمدك"(2) عن ابن مسعود (3) مرفوعاً، وعن أنس (4) مرفوعاً، وكلها ضعيفة.
قال النووي (5): قلت: وأصح ما روي (6) فيه، عن عمر بن الخطاب، ثم رواه بإسناده. انتهى.
(1) في "السنن الكبرى"(2/ 34).
(2)
زيادة من (أ).
(3)
أخرجه ابن ماجه رقم (808)، والحاكم (1/ 207)، والبيهقي (2/ 36)، وأحمد (1/ 403)، وابن المنذر في "الأوسط"(3/ 82 ث 1269)، وهو حديث صحيح لغيره.
(4)
أخرجه الدارقطني في "السنن"(1/ 300 رقم 12).
قال أبو حاتم في "العلل"(1/ 135 رقم 374): سمعت أبي، وذكر حديثاً رواه محمد بن الصلت، عن أبي خالد الأحمر عن حميد عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم في افتتاح الصلاة: سبحانك اللهم وبحمدك، وأنه كان يرفع يديه إلى حذو أذنيه، فقال: هذا حديث كذب لا أصل له، ومحمد بن الصلت لا بأس به، كتبت عنه.
وله طريق آخر رواه الطبراني في كتابه "المفرد في الدعاء" رقم (505)، وفي "الأوسط"(3039) بنفس الإسناد.
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 107) وقال: رواه الطبراني في "الأوسط"، ورجاله موثقون.
قلت: بل عائذ بن شريح ضعيف.
وله طريق ثانٍ أخرجه الطبراني في "الدعاء" رقم (506) بسند حسن.
وقال الحافظ في "الدراية"(1/ 129): هذه متابعة جيدة لرواية أبي خالد الأحمر، أي: لرواية الدارقطني المتقدمة.
وهو حديث حسن لغيره.
(5)
(1/ 144).
(6)
أخرجه مسلم في صحيحه رقم (52/ 399) موقوفاً على عمر. وهو أثر صحيح.