المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الرابع: فيما يحل من الأنبذة وما يحرم - التحبير لإيضاح معاني التيسير - جـ ٤

[الصنعاني]

فهرس الكتاب

- ‌حرف الدال

- ‌كتاب: الدعاء

- ‌[الباب الأول: في آدابه:

- ‌الفصل الأول: في فضله ووقته

- ‌الفصل الثاني: في هيئة الداعي

- ‌الفصل الثالث: في كيفية الدعاء

- ‌الفصل الرابع: في أحاديث متفرقة

- ‌الباب الثاني: في أقسام الدعاء

- ‌[القسم الأول: في الأدعية المؤقتة المضافة إلى أسبابها، وفيه عشرون فصلاً]

- ‌الفصل الأول: في ذكر اسم الله الأعظم وأسمائه الحسنى

- ‌(فائدة: ذكر شرح أسماء الله الحسنى)

- ‌الفصل الثاني: في أدعية الصلاة مفصلاً - الاستفتاح

- ‌الركوع والسجود

- ‌بعد التشهد

- ‌بعد السلام

- ‌الفصل الثالث: في الدعاء عند التهجد

- ‌الفصل الرابع: في الدعاء عند الصباح والمساء

- ‌الفصل الخامس: في أدعية النوم والانتباه

- ‌الفصل السادس: في أدعية الخروج من البيت والدخول إليه

- ‌الفصل السابع: في أدعية المجلس والقيام منه

- ‌الفصل الثامن: في أدعية السفر

- ‌الفصل التاسع: في أدعية الكرب والهم

- ‌الفصل العاشر: في أدعية الحفظ

- ‌الفصل الحادي عشر: في دعاء اللباس والطعام

- ‌الفصل الثاني عشر: في دعاء قضاء الحاجة

- ‌الفصل الثالث عشر: في دعاء الخروج من المسجد والدخول إليه

- ‌الباب الرابع عشر: في دعاء رؤية الهلال

- ‌الفصل الخامس عشر: في دعاء الرعد والريح والسحاب

- ‌الفصل السادس عشر: في دعاء يوم عرفة وليلة القدر

- ‌الفصل السابع عشر: في دعاء العطاس

- ‌الفصل الثامن عشر: في دعاء داود عليه السلام

- ‌الفصل التاسع عشر: في دعاء قوم يونس عليه السلام

- ‌الفصل العشرون: في الدعاء عند رؤية المبتلى

- ‌القسم الثاني من الباب الثاني: في أدعية غير مؤقتة ولا مضافة

- ‌الباب الثالث: فيما يجري في مجرى الدعاء

- ‌الفصل الأول: في الاستعاذة

- ‌الفصل الثاني: في الاستغفار والتسبيح والتهليل والتكبير والتحميد والحوقلة

- ‌الفصل الثالث: في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌كتاب: الديات

- ‌الفصل الأول: في دية النفس

- ‌الفصل الثاني: في دية الأعضاء والجراح العين

- ‌الأضراس

- ‌الأصابع

- ‌الجراح

- ‌الفصل الثالث: فيما جاء من الأحاديث مشتركاً بين النفس والأعضاء

- ‌الفصل الرابع: في دية الجنين

- ‌الفصل الخامس: في قيمة الدية

- ‌الفصل السادس: في أحكام تتعلق بالديات

- ‌كتاب: الدين وآداب الوفاء

- ‌حرف الذال

- ‌كتاب: الذكر

- ‌كتاب: الذبائح

- ‌الفصل الأول: في آداب الذبح ومنهياته

- ‌الفصل الثاني: في هيئة الذبح وموضعه

- ‌الفصل الثالث: في آلة الذبح

- ‌كتاب: ذم الدنيا وأماكن من الأرض

- ‌الفصل الأول: [في ذم الدنيا

- ‌الفصل الثاني: في ذم أماكن من الأرض

- ‌حرف الراء

- ‌كتاب: الرحمة

- ‌الفصل الأول: في الحث عليها

- ‌الفصل الثاني: في ذكر رحمة الله تعالى

- ‌الفصل الثالث: فيما جاء من رحمة الحيوان

- ‌كتاب: الرفق

- ‌كتاب: الرهن

- ‌كتاب: الرياء

- ‌حرف الزاي

- ‌كتاب: الزكاة

- ‌الباب الأول: في وجوبها وإثم تاركها

- ‌الباب الثاني: في أحكام الزكاة المالية

- ‌الفصل الأول: فيما اشتركن فيه من الأحاديث

- ‌الفصل الثاني: في زكاة النعم

- ‌الفصل الثالث: في زكاة الحلي

- ‌الفصل الرابع: في زكاة الثمار والخضروات

- ‌الفصل الخامس: في زكاة المعدن والركاز

- ‌الفصل السادس: في زكاة الخيل والرقيق

- ‌الفصل السابع: في زكاة العسل

- ‌الفصل الثامن: في زكاة مال اليتيم

- ‌الفصل التاسع: في تعجيل الزكاة

- ‌الفصل العاشر: في أحكام متفرقة للزكاة

- ‌الباب الثالث: في زكاة الفطر

- ‌الباب الرابع: في عامل الزكاة وما يجب له عليه

- ‌الباب الخامس: فيمن تحل له الصدقة ومن لا تحل

- ‌الفصل الأول: فيمن لا تحل له

- ‌الفصل الثاني: فيمن تحل له الصدقة

- ‌كتاب: الزهد والفقر

- ‌الفصل الأول: في مدحهما والحث عليهما

- ‌الفصل الثاني: فيما كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه عليه من الفقر

- ‌كتاب: الزينة

- ‌الباب الأول: في الحليّ

- ‌الباب الثاني: في الخضاب

- ‌الباب الثالث: في الخلوق

- ‌الباب الرابع: في الشعور شعر الرأس - الترجيل

- ‌الحلق

- ‌الوصل

- ‌السدل والفرق

- ‌نتف الشيب

- ‌قص الشارب

- ‌الباب الخامس: في الطيب والدهن

- ‌الباب السادس: في أمور من الزينة متعددة

- ‌الباب السابع: في النقوش والصور والستورذم المصورين

- ‌كراهة الصور والستور

- ‌حرف السين

- ‌كتاب: السخاء والكرم

- ‌كتاب: السفر وآدابه

- ‌النوع الأول: في يوم الخروج

- ‌النوع الثاني: في الرفقة

- ‌النوع الثالث: في السير والنزول

- ‌النوع الرابع: في إعانة الرفيق

- ‌النوع الخامس: في سفر المرأة

- ‌النوع السادس: فيما يذم استصحابه في السفر

- ‌النوع السابع: في القفول من السفر

- ‌النوع الثامن: في سفر البحر

- ‌النوع التاسع: في تلقي المسافر

- ‌النوع العاشر: في ركعتي القدوم

- ‌كتاب: السبق والرمي

- ‌الفصل الأول: في أحكامهما

- ‌الفصل الثاني: فيما جاء من صفات الخيل

- ‌كتاب: السؤال

- ‌كتاب: السحر والكهانة

- ‌حرف الشين

- ‌كتاب: الشراب

- ‌الباب الأول: في آدابه

- ‌الفصل الأول: في الشرب قائمًا: جوازه

- ‌الفصل الثاني: في الشرب من أفواه الأسقية جوازه

- ‌الفصل الثالث: في التنفس عند الشرب

- ‌الفصل الرابع: في ترتيب الشاربين

- ‌الفصل الخامس: في تغطية الإناء

- ‌الفصل السادس: في أحاديث متفرقة

- ‌الباب الثاني: في الخمور والأنبذة

- ‌الفصل الأول: في تحريم كل مسكر

- ‌الفصل الثاني: في تحريم المسكر وذم شاربه

- ‌الفصل الثالث: في تحريمها ومن أي شيء هي

- ‌الفصل الرابع: فيما يحل من الأنبذة وما يحرم

- ‌الفصل الخامس: في الظروف وما يحل منها وما يحرم

- ‌الفصل السادس: في لواحق الباب

- ‌كتاب: الشركة

- ‌كتاب: الشعر

الفصل: ‌الفصل الرابع: فيما يحل من الأنبذة وما يحرم

فلا إثم عليه فيما يقع منه في ذلك الحال بلا خلاف، وأما غرامة ما أتلفه فيجب في ماله (1).

قال النووي (2): فلعل علياً أبرأه في ذلك بعد معرفة قيمة ما أتلفه، أو أنه أداه إليه حمزة بعد ذلك، أو أن النبي صلى الله عليه وسلم أداه عنه لحرمته عنده وكمال حقه ومحبته إياه وقرابته. وقد جاء في كتاب عمر بن شبه من رواية ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم غرم حمزة الناقتين. وقد أجمع العلماء على أن ما أتلفه السكران من الأموال يجب ضمانه كالمجنون، فإن الضمان لا يشترط فيه التكليف.

‌الفصل الرابع: فيما يحل من الأنبذة وما يحرم

1 -

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُحَرِّمَ، إنْ كانَ محُرِّمًا مَا حَرَّمَ الله [ورسوله](3) فَلْيُحَرَّمِ النَّبِيذَ (4). [صحيح الإسناد موقوف].

وفي رواية قال له قيس بن وهب: إِنَّ لِي جُرَيْرَةً أنْتَبِذُ فِيهَا، حَتَّى إِذَا غَلَى وَسَكَنَ شَرِبْتُهُ قَالَ: مُذْ كَمْ هَذَا شَرَابُكَ؟ قُلْتُ مُذْ عِشْرُونَ سَنَةً قَالَ: طَالمَا تَرَوَّتْ عُرُوقُكَ مِنَ الخَبَثِ. أخرجه النسائي (5). [ضعيف]

الفصل الرابع فيما يحل من الأنبذة

قوله في حديث ابن عباس: "قال له قيس بن وهب" أقول: [الذي](6) في "الجامع"(7)

(1) انظر "فتح الباري"(6/ 201).

(2)

في شرحه لـ "صحيح مسلم"(13/ 144 - 145).

(3)

سقطت من (أ. ب) وأثبتناها من سنن النسائي.

(4)

أخرجه النسائي في "السنن" رقم (5688)، وهو أثر موقوف بإسناد صحيح.

(5)

في "السنن" رقم (5693)، وهو أثر ضعيف.

(6)

زيادة من (أ).

(7)

(5/ 119 رقم 3122).

ص: 766

قيس بن (وهبان) مثنى وهب "إن لي جريرة".

قوله: "منذ عشرين سنة" أقول: في "الجامع"(1) أو قال: منذ أربعين سنة. هكذا رواه بالشك فما كان يحسن صنف الطرف الآخر؛ لأنه يصير مجزوماً به مع الاقتصار عليه، وهو مشكوك فيه في الرواية المنقول منها.

واعلم أنه يحمل كلام ابن عباس على النبيذ المشتد الذي ينش. أي: يغلي، لما أخرجه النسائي وأبو داود عن أبي هريرة كما يأتي.

وأخرج (2) أيضاً من حديث ابن مسعود أنه صلى الله عليه وسلم رخص في الجر [292 ب] غير المزفت. وبوب (3) له النسائي، باب الإذن في الجر خاصة. وحديث ابن عباس هذا.

الذي ذكره المصنف ذكره ابن الأثير (4). ولم أجده في "المجتبى"(5) وكأنه في "السنن الكبرى"[للنسائي](6).

2 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كَانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَصُومُ فَتَحَيَّنْتُ فِطْرَهُ بِنَبِيذٍ صَنَعْتُهُ فِي دُبَّاءٍ، ثُمَّ أتَيْتُهُ بِهِ، فَإِذَا هُوَ يَنِشُّ وَيَغْلِي، فَقَالَ:"اضْرِبْ بِهَذَا الحَائِطَ، فَإِنَّ هَذَا شَرَابُ مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِالله وَلَا بِاليَوْمِ الآخِرِ".

(1)(5/ 119).

(2)

في "السنن" رقم (5650).

وأخرجه البخاري رقم (5593)، ومسلم رقم (200).

(3)

في "السنن"(8/ 310 الباب رقم 39).

(4)

في "الجامع"(5/ 119).

(5)

بل هو في رقم (5688)، وهو أثر موقوف بإسناد صحيح.

وأخرج النسائي رواية قيس بن وهب برقم (5693)، وهو أثر ضعيف.

(6)

زيادة من (أ).

ص: 767

أخرجه أبو داود (1) والنسائي (2). [صحيح]

قوله: "أخرجه أبو داود والنسائي" أقول: لفظه عند النسائي (3) عن أبي هريرة: علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصوم فتحينت فطره بنبيذ صنعته له في دباء فجئته به فأدنيته منه فإذا هو ينش

الحديث.

هذا لفظ النسائي، وفي "الجامع" (4) مثل ما في "التيسير" إلا أنه قال بعد قوله: وصوله أو قال: فطره وساق الحديث ثم قال: وأول روايتهما قال: علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصوم فتحينت فطره

الحديث.

ثم راجعت "سنن أبي داود"(5) وإذا لفظه ولفظ النسائي واحد. بلفظ عن أبي هريرة: علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصوم فتحينت فطره بنبيذ صنعته في دباء

الحديث بلفظه. فلا أدري من أين لفظ رواية. كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فإني لم أجدها في أبي داود ولا النسائي. فقول ابن الأثير: وأول روايتهما هذا هو الذي فيهما دون غيره مما ساقه من ذكر السفر. وصاحب "التيسير" أتى برواية السفر وحذف قول ابن الأثير فتحينت وصوله، أو قال: فطره فإنها ثابتة في "الجامع"(6) بالشك، فجزم صاحب "التيسير".

(1) في "السنن" رقم (3716).

(2)

في "السنن" رقم (5610، 5704).

وأخرجه ابن ماجه رقم (3409). وهو حديث صحيح، والله أعلم.

(3)

في "السنن" رقم (5610، 5704).

(4)

(5/ 121 رقم 3156).

(5)

في "السنن" رقم (3716).

(6)

(5/ 121 رقم 3156).

ص: 768

3 -

وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: جَاءَ رَجلٌ إِلَى رَسُولِ إلله صلى الله عليه وسلم بقَدَحٍ فِيهِ نَبِيذٌ، وَهُوَ عِنْدَ الرُّكْنِ، وَدَفَعَ إِلَيْهِ القَدَحَ، فَرَفَعَهُ إِلَى فِيهِ فَوَجَدَهُ شَدِيدًا فَرَدَّهُ عَلَى صَاحِبِهِ، فَقَالَ لَهُ الرَجُل: أَحَرَامٌ هُوَ يَا رَسُولَ الله؟ فَقَالَ: "عَلَيَّ بِالرَّجُلِ". فَأُتِيَ بِهِ، فَأَخَذَ مِنْهُ القَدَحَ ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ فَصَبَّهُ فِيهِ، ثَمَّ رَفَعَهُ إِلَى فِيهِ فَقَطَّبَ، ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ أَيْضًا فَصَبَّهُ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ:"إِذَا اغْتَلَمَتْ عَلَيْكُمْ هَذِهِ الأَوْعِيَةُ فَاكسِرُوا مُتُونَهَا بِالمَاءِ". أخرجه النسائي (1)، وقال: هذا الحديث ليس بالمشهور، ولا نحتج به. [إسناده ضعيف]

"قَطّبَ وَجْهَهُ": إذا عبس وجمع جلدته من شيء كرهه (2).

"وَاغْتَلَمَتْ": اشتدت واضطربت وذلك عند الغليان (3).

4 -

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كُنَّا نَنْبِذُ لِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم غُدْوَةً فِي سِقَاةٍ فَيَشْرَبُهُ عَشِيَّةً، وَعَشِيَّةً فَيَشْربُهُ غُدْوَةً، قَالَتْ: وَكُنَّا نَغْسِلُ السِّقَاءَ غُدْوَةً وَعَشِيَّةً مرَّتَيْنِ فِي يومٍ. أخرجه أصحاب "السنن"(4). [صحيح]

5 -

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كانَ يُنْبَذُ لِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم الزَّبِيبُ فَيَشْرَبُهُ اليَوْمَ وَالغَدَ وَبَعْدَ الغَدِ إلى مَسَاءِ الثَّالِثَةِ، ثُمَّ يأْمُرُ بِهِ فَيُسْقَى الخَدَمُ أَوْ يُهْرَاقُ.

(1) في "السنن" رقم (5694).

(2)

قاله ابن الأثير في "غريب الجامع"(5/ 122).

(3)

قاله ابن الأثير في "غريب الجامع"(5/ 123).

(4)

أخرجه أبو داود رقم (3711 و3712). وابن ماجه رقم (3398)، والترمذي رقم (1871)، والنسائي في "السنن"(5680)، وأخرجه مسلم رقم (85/ 2005)، وأحمد (6/ 124). وهو حديث صحيح.

ص: 769

أخرجه مسلم (1) وأبو داود (2) والنسائي (3). [صحيح]

قوله في حديث ابن عباس: [293 ب]"فيسقي" أقول: زاد في "سنن أبي داود"(4): "الخادم أو يراق" قال: ومعنى سقي الخادم يتناول به الفساد، انتهى. وكذا لفظ (الخادم) في مسلم (5) في رواية [وفي] (6) أخرى:"يخدمه" كما في "التيسير"، وكذلك في "الجامع" (7) لابن الأثير. قال شارح مسلم (8): إن في هذه الأحاديث دلالة على جواز الانتباذ، وجواز شرب النبيذ ما دام حلواً لم يتغير ولم يغل، وهذا جائز بإجماع الأمة.

وأما سقيه الخادم بعد ثلاث أو صبه فمعناه: تارة يسقيه الخادم، وتارة يصبه، وذلك الاختلاف لاختلاف حال النبيذ، فإن كان لم يظهر فيه تغير ونحوه [382/ أ] من مبادئ الإسكار سقاه الخادم ولا يريقه؛ لأنه مال يحرم إضاعته، ويترك شربه تنزهاً، وإن كان قد ظهر فيه شيء من مبادئ الإسكار والتغير أراقه؛ لأنه إذا أسكر صار حراماً، ويجب أن يراق ولا يسقيه الخادم؛ لأن المسكر لا يجوز سقيه الخادم كما لا يجوز شربه. وأما شربه صلى الله عليه وسلم له قبل الثلاث بحيث لم يتغير ولم يظهر مبادئ التغير، ولا إسكار أصلاً.

(1) في "صحيحه" رقم (79/ 2004).

(2)

في "السنن" رقم (3713).

(3)

في "السنن" رقم (5735، 5736).

وهو حديث صحيح. والله أعلم.

(4)

في "السنن" رقم (3713).

(5)

في "صحيحه" رقم (79/ 2004) و (80/ 2004).

(6)

زيادة من (أ).

(7)

(5/ 126 رقم 3164).

(8)

أي النووي في شرحه لـ "صحيح مسلم"(13/ 173 - 174).

ص: 770

6 -

وعن جابر رضي الله عنه قال: "نَهَىَ رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم أَنْ يُخْلَطَ الزَّبِيبُ وَالتَّمْرُ جَمِيعًا، وَالبُسْرُ وَالتَّمْرُ جَمِيعاً، وقالَ لَا: تَنْبِذُوا الزَّبِيبَ وَالتَّمْرَ جَمِيعاً، وَلَا الرُّطَبَ وَالبُسْرَ جَمِيعاً". أخرجه الخمسة (1). [صحيح]

قوله في حديث جابر: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخلط الزبيب والتمر والبسر والتمر جميعاً".

أقول: قال النووي (2): ذهب أصحابنا وغيرهم من العلماء أن سبب النهي عن الخليط أن الإسكار يسرع إليه بسبب الخلط قبل أن يشتد، فيظن الشارب أنه لم يبلغ حد الإسكار، ويكون قد بلغه.

قال: ومذهب الجمهور (3): أن النهي عن ذلك للتنزيه وإنا يمتنع إذا صار مسكراً ولا تخفى علامته، وقال بعض المالكية (4):[294 ب] هو للتحريم. وعن الشافعي (5)"نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الخليطين".

فلا يجوز بحال. وعن مالك (6) على ذلك أدركت أهل العلم ببلدنا.

(1) أخرجه البخاري رقم (5601)، ومسلم رقم (17/ 1986)، وأبو داود رقم (3703)، والنسائي رقم (5556)، وابن ماجه رقم (3395)، ولم يخرجه الترمذي. وأخرجه أحمد (3/ 363). وهو حديث صحيح.

- أخرجه الترمذي في "السنن" رقم (1877) بلفظ عن جابر بن عبد الله: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن ينتبذ البُسرُ والرُّطب جميعاً". وهو حديث صحيح.

(2)

في شرحه لـ "صحيح مسلم"(13/ 154).

(3)

انظر: "فتح الباري"(10/ 68).

(4)

"مدونة الفقه المالكي"(2/ 256)، "التهذيب في اختصار المدونة"(4/ 501 - 502).

(5)

انظر: شرح "صحيح مسلم"(13/ 154 - 155)"الإشراف" لابن المنذر (2/ 373 - 374).

(6)

"مدونة الفقه المالكي وأدلته"(2/ 256)، "التهذيب في اختصار المدونة"(4/ 502).

ص: 771

قال الخطابي (1): ذهب إلى تحريم الخليطين وإن لم يكن الشراب منهما مسكر جماعة لظاهر الحديث. وهو قول مالك (2)، وأحمد (3)، وإسحاق، وظاهر مذهب الشافعي. وقال القرطبي (4): النهي عن الخليطين ظاهر في التحريم، وهو قول جمهور فقهاء الأمصار (5).

7 -

وعن أبي قتادة رضي الله عنه قال: قال رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لَا تَنْبِذُوا الزَّهْوَ وَالرُّطَبَ جَمِيعًا، وَلَا تَنْبِذُوا الرُّطَبَ وَالزَّبِيبَ جَمِيعاً، وَلكِنِ انْبِذُوا كُلَّ واحِدٍ عَلَى حِدَتِهِ" أخرجه مسلم (6) ومالك (7) وأبو داود (8) والنسائي (9). [صحيح]

8 -

وعن أنس رضي الله عنه قال: "نَهَىَ رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن يُخْلَطَ الزَّهْوَ وَالتَّمْرُ ثُمَّ يُشْرَبَ، وَكانَ عَامَّةَ خُمُورِهِمْ حِينَ حُرِّمَتِ الخَمْرُ". أخرجه مسلم (10) والنسائي (11). [صحيح]

(1) في "معالم السنن"(4/ 100).

(2)

"مدونة الفقه المالكي وأدلته"(2/ 256)، "التهذيب في اختصار المدونة"(4/ 502).

(3)

"المغني"(12/ 515).

(4)

في "المفهم"(5/ 258 - 259).

(5)

انظر: "المغني"(12/ 515)، "الفتح"(10/ 68).

(6)

في "صحيحه" رقم (24/ 1988).

(7)

في "الموطأ"(2/ 844).

(8)

في "السنن"(3704).

(9)

في "السنن" رقم (5551، 5552، 5561، 5566، 5567).

وأخرجه البخاري رقم (5602)، ولكنه ذكر التمر بدل الرطب.

(10)

في "صحيحه" رقم (8/ 1981).

(11)

في "السنن" رقم (5542).

وأخرجه البخاري رقم (5580، 5584). وهو حديث صحيح.

ص: 772

قوله في حديث أنس: "الزهو" أقول: قال في "شرح مسلم"(1): الزهو هو بفتح الزاي وضمها لغتان مشهورتان، والزهو هو البسر الملون الذي بدأ فيه حمرة أو صفرة وطاب.

9 -

وعن جابر بن زيد وعكرمة رضي الله عنه: أَنَّهُمَا كانَا يَكْرَهَانِ البُسْرُ وَحْدَهُ ويَأْخُذَانِ ذَلِكَ عَنِ ابنْ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما. أخرجه أبو داود (2). [إسناده صحيح].

قوله في حديث "عن جابر بن زيد وعكرمة كانا يأخذان ذلك عن ابن عباس" أقول: يرويانه عنه وتمام الحديث في "الجامع"(3) وفي "سنن أبي داود".

وقال ابن عباس: أخشى أن يكون المزّاء الذي نهيت عنه عبد القيس. قال: فقلت لقتادة: ما المزَّاء؟ قال: النبيذ في الحنتم والمزفت، انتهى لفظهما.

والمزَّاء: بضم الميم فزاي ممدود قال الخطابي (4): قد فسر قتادة المزاء وأخبر أنه النبيذ في الحنتم والمزفت.

وذكره أبو عبيد (5) قال: من الأشربة المسكرة شراب يقال له المزاء ولم يفسره بأكثر من هذا.

10 -

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كُنَّا نَنْبِذُ لِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم زَبِيباً فَنُلْقِي فِيهِ تمَرًا (6). [إسناده ضعيف].

(1) أي: شرح "صحيح مسلم" للنووي (13/ 156).

(2)

في "السنن" رقم (3709)، بإسناد صحيح.

(3)

(5/ 136).

(4)

في "معالم السنن"(4/ 103 - مع السنن).

(5)

في "غريب الحديث"(1/ 300).

(6)

أخرجه أبو داود رقم (3707) بإسناد ضعيف.

ص: 773

11 -

وفي أخرى: كُنْتُ آَخُذْ قَبْضَةً مِنْ زَبِيْبٍ، وَقَبْضَةً مِنْ تَمْرٍ فَأُلْقِيَهُ في إِنَاءٍ، فَأَمْرِسَهُ ثُمَّ أَسْقِيَه رسولَ الله صلى الله عليه وسلم. أخرجه أبو داود (1). [إسناده ضعيف]

قوله في حديث عائشة: "كنا ننبذ لرسول الله صلى الله عليه وسلم زبيباً

" الحديث هو يعارض أحاديث النهي عن الخلط. وقال الخطابي (2): فيه حجة لمن رأى الانتباذ بالخليطين. قال الخطابي (3): إنه رخص فيه الثوري، وأصحاب الرأي، وكأنهم جعلوا هذا قرينة الترخيص.

(والقبضة) بضم القاف ما قبضت عليه من شيء، يقال: أعطاه قبضة من سويق أو تمر أي: كفًّا منه [295 ب] وربما جاء بالفتح قاله الجوهري (4).

قوله: "أخرجه أبو داود" قلت: لكن في سنده أبو بحر عبد الرحمن (5) بن عثمان البكراوي، أحد الضعفاء، وذكر المزي عن البخاري أنه واهم. قلت: وله طرق فيها اختلاف واضطراب وحينئذٍ فلا يعارض أحاديث النهي.

12 -

وعن سويد بن غفلة رضي الله عنه قال: قَرَأْتُ كِتَابَ عُمَرَ إِلَى أَبِي مُوسَى: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهَا قَدِمَتْ عَلَيَّ عِيرٌ مِنَ الشَّامِ تَحْمِلُ شَرَابًا غَلِيظًا أَسْوَدَ كَطِلَاءِ الإِبِلِ، وَإِنِّي سَأَلتُهُمْ عَلَى كَمْ

(1) في "السنن" رقم (3708) بإسناد ضعيف.

(2)

في "معالم السنن"(4/ 102 - مع السنن).

(3)

في "معالم السنن"(4/ 100 - مع السنن).

(4)

في "الصحاح"(3/ 1100).

(5)

انظر: "التقريب" رقم (3943).

وقال المنذري في "المختصر"(5/ 278): لا يحتج بحديثه. وقال أبو حاتم في "الجرح والتعديل"(5/ 264): وليس هو بالقويّ.

ص: 774

يَطْبُخُونَهُ، فَأَخْبَرُونِي أَنَّهُمْ يَطْبُخُونَهُ عَلَى الثُّلُثَيْنِ، ذَهَبَ ثُلُثَاهُ الأَخْبَثَانِ: ثُلُثٌ بِرِيحِهِ وَثُلُثٌ بِبَغْيِهِ، فَمُرْ مَنْ قِبَلَكَ يَشْرَبُونَهُ. أخرجه النسائي (1). [صحيح لغيره]

13 -

وفي رواية له (2): قَالَ عَبْدُ الله بنُ يزِيدَ الخطَميُّ: كَتَبَ إِلَيْنَا عُمَرُ رضي الله عنه أَمَّا بَعْدُ: فَاطْبُخُوا شَرَابَكُمْ حَتَّى يَذْهَبَ مِنْهُ نَصِيبُ الشَّيْطَانِ، فَإِنَّ لَهُ اثْنَيْنِ وَلَكُمْ وَاحِدًا. [صحيح]

والمراد "بِبَغْيِهِ": أذاه وشدّته.

قوله: "وعن سويد بن غفلة" أقول: غفلة بفتح الغين المعجمة والفاء. وسويد هو أبو أمية الجعفي مخضرم من كبار التابعين قدم المدينة يوم دفن النبي صلى الله عليه وسلم، وكان مسلماً في حياته ثم نزل الكوفة (3).

قوله: "الطلاء" في "النهاية"(4) الطلا هو بالكسر والمد الشراب المطبوخ من عصير العنب وهو الرُّبُّ، وأصله القطران الخاثر الذي تطلى به الإبل، ومنه الحديث:"إن أول ما يكفأ الإسلام كما يكفأ الإناء في شراب يقال له: الطلاء"(5) هذا نحو الحديث الآخر: "سيشرب ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها"(6) يريد أنهم يشربون النبيذ المسكر المطبوخ ويسمونها طلاءً "تحرجاً" أن يسموه خمراً.

(1) في "السنن" رقم (5716)، وهو حديث صحيح لغيره.

(2)

أخرجه النسائي في "السنن" رقم (5717)، وهو حديث صحيح.

(3)

انظر: التقريب (1/ 341 رقم 603).

(4)

(2/ 121).

(5)

أخرجه الدارمي في "مسنده"(2/ 1333 رقم 2145) عن عائشة قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إنَ أول ما يُكفأُ - قال زيدٌ: يعني في الإسلام - كما يُكفأ الإناء - يعني الخمر" فقيل: كيف يا رسول الله وقد بيَّن الله فيها ما بيّن؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يسمونها بغير اسمها فيستحلونها" بإسناد حسن.

(6)

أخرجه البخاري رقم (305)، ومسلم رقم (2911)، أحمد (6/ 273).

ص: 775

قال: فأما الذي في حديث علي فليس من الخمر في شيء إنما الرُّبُّ الحلال. انتهى. واعلم أن الرواية في النسائي (1) عن سويد بن غفلة بلفظ قال: كتب عمر إلى بعض عماله أن ارزق المسلم من الطلاء ما ذهب ثلثه وبقي ثلثاه.

وقال: أخبرنا سويد، أخبرنا عبد الله، عن سليمان التيمي، عن أبي مجلز، عن عامر بن عبد الله أنه قال: قرأت كتاب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى [383/ أ] وساق الحديث الذي ساقه المصنف. إذا عرفت هذا فالذي قرأ كتاب عمر هو عامر بن عبد الله لا سويد بن غفلة، وسويد بن غفلة [296 ب] إنما أخبر عن كتاب عمر إلى بعض عماله، يأمره أن يرزق المسلمين من الطلاء، وابن الأثير (2) قد تنبه لذلك فروى كلام سويد بن غفلة، ثم قال: وفي رواية عامر بن عبد الله، قال: قرأت كتاب عمر الحديث.

والمصنف اختلط عليه الروايتان حتى نسب قراءة كتاب عمر إلى سويد بن غفلة، وهو غلط.

قلت: وهذا الطلاء هو الذي يقال له الباذق (3)، بالموحدة بعد ألفه معجمة قيل: بفتحها. وقيل: بكسرها. قالوا: إنه الخمر إذا طبخ، وهو أن يطبخ العصر حتى يصير مثل طلاء الإبل.

ويقال: للباذق المثلث؛ لأنه ذهب ثلثاه بالطبخ.

(1) في "السنن" رقم (5716)، وهو حديث صحيح لغيره.

(2)

في "الجامع"(5/ 138 رقم 3183).

(3)

انظر: "النهاية في غريب الحديث"(1/ 117).

ص: 776

قال البخاري (1): ورأى عمر (2) وأبو عبيدة (3) ومعاذ شراب الطلاء، أي: رأوا جواز شرب الطلاء إذا طبخ وصار على الثلث، ونقص منه الثلثان. وقد وافق على جواز شربه أمير المؤمنين علي عليه السلام كما أخرج النسائي (4) عن الشعبي، قال: كان علي يرزق الناس طلاء يقع فيه الذباب، فلا يستطيع أن يخرج منه، ووافق على ذلك جماعة من الصحابة والتابعين.

قال ابن حزم (5): إنه شاهد من العصير ما إذا طبخ إلى الثلث ينعقد ولا يصير مسكراً أصلاً، ومنه ما إذا طبخ على الربع كذلك، بل ذكر أنه شاهد منه ما يصير دُبّاً خاثراً لا يسكر.

(1) في "صحيحه"(10/ 62 الباب رقم 10 - مع الفتح) معلقاً.

(2)

أثر عمر أخرجه مالك في "الموطأ"(2/ 847) رقم (14) من طريق محمود بن لبيد الأنصاري: "أن عمر ابن الخطاب حين قدم الشام، شكا إليه أهل الشام وباءَ الأرض وثقلها، وقالوا: لا يصلحنا إلا هذا الشراب، فقال عمر: اشربوا هذا العسل، قالوا: لا يصلحنا العسل، فقال رجل من أهل الأرض: هل لك بأن نجعل لك من هذا الشراب شيئاً لا يسكر؟ قال: نعم.

فطبخوه حتى ذهب منه الثلثان وبقي الثلثُ فأتوا به عمر. فأدخل فيه عمرُ إصبعَهُ. ثم رفع يده، فتبعها يتمطط. فقال: هذا الطلاء. هذا مثل طلاء الإبل. فأمرهم عمر أن يشربوه. فقال له عبادة بن الصامت: أحللتها والله. فقال عمر: كلَاّ واللهِ، اللهم إني لا أُحِلُّ لهم شيئاً حرمته عليهم، ولا أحرِّم عليهم شيئاً أحللته لهم".

قلت: وأخرجه الشافعي في المسند (ج 2 رقم 306 - ترتيب) والبيهقي في "السنن الكبرى"(8/ 300 - 301)، وفي "المعرفة"(6/ 440 رقم 5213 - العلمية) بسند صحيح. وهو أثر صحيح.

(3)

قال الحافظ في الفتح (10/ 64): "وأما أثر أبي عبيدة وهو ابن الجراح، ومعاذ وهو ابن جبل، فأخرجه أبو مسلم الكجي، وسعيد بن منصور، وابن أبي شيبة في "المصنف" (7/ 528) رقم (4039)، وعبد الرزاق في المصنف رقم (17122) من طريق قتادة عن أنس: "أن أبا عبيدة، ومعاذ بن جبل، وأبا طلحة، كانوا يشربون من الطلاء ما طبخ على الثلث، وذهب ثلثاه".

(4)

في "السنن" رقم (5718)، وهو أثر موقوف صحيح الإسناد.

(5)

في "المحلى"(7/ 498).

ص: 777

قال: فوجب حمل ما ورد عن الصحابة من أمر الطلاء على ما لا يسكر بعد الطبخ. وقد ثبت عن ابن عباس بسندٍ صحيح: "أن النار لا تحل شيئاً ولا تحرمه" أخرجه النسائي (1) من طريق عطاء عنه.

قلت: ويدل على أنه أباح من ذكر ما ليس بمسكر، قوله: حتى تذهب ريحه وبغيه، وبغيه هو إسكاره، وقد فسره المصنف بأذاه وشدته، وهو إسكاره.

قوله: "عبد الله بن يزيد الخطمي"(2) أقول: وهو بفتح المعجمة وسكون المهملة صحابي صغير ولي لكوفة لابن الزبير.

قوله: "فإن له اثنين ولكم واحد" أقول: فسر الاثنين الثلثان فيما روى عنه قريباً وهي ريحه وبغيُه، وهو إشارة إلى ما أخرجه النسائي (3) في قصة نوح عليه السلام عن ابن سيرين قال: سمعت أنس بن مالك يقول: إن نوحاً نازعه الشيطان في عود الكرم، فقال: هذا لي، وقال هذا [297 ب] لي فاصطلحا على أن لنوح ثلثها وللشيطان ثلثيها.

14 -

وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أَنَّه سَأَلَهُ رَجُلٌ عَنِ العَصِيرِ، فَقَالَ: اشْرَبْهُ مَا كَانَ طَرِيًّا. قَالَ إِنِّي أطْبُخهُ، وَقِي نَفْسِي مِنْهُ شَيْءٌ. فَقَالَ: أَكُنْتَ شَارِبَهُ قَبْلَ أَنْ تَطْبُخَهُ؟ قَالَ: لَا. قَالَ:" فَإِنَّ النَّارَ لَا تُحِلُّ شَيْئًا قَدْ حُرِّمَ". أخرجه النسائي (4). [موقوف صحيح الإسناد]

(1) في "السنن" رقم (5730) عن عطاء قال: سمعت ابن عباس يقول: والله ما تُحلُّ النارُ شيئاً ولا تحرمه.

قال: ثمَّ فسَّرَ لي قوله: لا تحل شيئاً لقولهم في الطلاء ولا تحرمه. بإسناد صحيح.

(2)

انظر: التقريب (1/ 461 رقم 742).

(3)

في "السنن" رقم (5726)، وهو أثر موقوف بسند حسن.

(4)

في "السنن" رقم (5729)، وهو أثر موقوف بسند صحيح.

ص: 778

قوله في حديث ابن عباس: "فإن النار لا تحل شيئاً قد حُرِّم" أقول: قال الحافظ ابن حجر (1): هذا يقيد ما أطلق في الآثار الماضية وهو الذي يطبخ، إنما هو العصير من الطريُّ قبل أن يتخمر، أما لو صار خمراً فطبخ فإن الطبخ لا يحله، ولا يطهره إلا على رأي من يجيز تخليل الخمر. والجمهور على خلافه، وحجتهم الحديث الصحيح عن أنس وأبي طلحة أخرجه مسلم (2)، وأخرج ابن أبي شيبة (3) والنسائي (4) من طريق سعيد بن المسيب والشعبي والنخعي:"اشربوا العصير ما لم يغل" وعن الحسن البصري: "ما لم يتغير" وهذا قول كثير من السلف أنه إذا بدا فيه التغير يمتنع، وعلامة ذلك أن يأخذ في الغليان وبهذا قال أبو يوسف (5).

وقيل: إذا انتهى غليانه وابتدأ في الهدوِّ بعد الغليان - وقيل: إذا سكن غليانه. وقال أبو حنيفة (6):

(1) في "الفتح"(10/ 64).

(2)

في "صحيحه" رقم (1983) عن أنس: أنّ النبي صلى الله عليه وسلم سُئل عن الخمر تتخذ خلاًّ؟ فقال: "لا" وهو حديث صحيح.

وأخرج أبو داود رقم (3675)، وأحمد (3/ 119) عن أنس: أنّ أبا طلحة سأل النبيَّ صلى الله عليه وسلم عن أيتام ورثوا خمراً، قال:"أهرِقها" قال: أفلا نجعلها خلاًّ؟ قال: "لا" وهو حديث صحيح.

(3)

في "المصنف"(7/ 494 رقم 3905) عن سعيد بن المسيب.

وفي "المصنف"(7/ 495 رقم 3909) عن الشعبي.

وفي "المصنف"(7/ 495 رقم 3912) عن إبراهيم النخعي.

(4)

في "السنن" رقم (5731) عن سعيد بن المسيب. وهو أثر صحيح الإسناد مقطوع.

وللنسائي في "السنن" رقم (5732) عن إبراهيم النخعي بسند صحيح مقطوع.

(5)

مختلف الرواية لأبي الليث السمرقندي (4/ 1829).

(6)

"المبسوط"(24/ 13)، و"البناية في شرح الهداية"(11/ 447 - 448).

ص: 779