الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حرف الذال
وفيه ثلاثة كتب
الذكر - الذبائح - ذم الدنيا وأماكن من الأرض
كتاب: الذكر
1 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ لله مَلَائِكَةً يَطُوفُونَ فِي الطُّرُقِ، يَلْتَمِسُونَ أِّهْلَ الذِّكْرِ، فَإِذَا وَجَدُوا قَوْمًا يَذْكُرُونَ الله تَعَالى تَنَادَوْا: هَلُمُّوا إِلَى حَاجَتِكُمْ، فَيَحُفُّونَهُمْ بِأَجْنِحَتِهِمْ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَسأَلهُمْ رَبُّهُمْ وَهْوَ أَعْلَمُ بِهِمْ: مَا يَقُوُل عِبَادِي؟ فَيَقُولُونَ: يُسَبِّحُونَكَ، وُيكَبِّرُونَكَ، وَيَحْمَدُونَكَ، وُيمَجِّدُونَكَ. قَالَ فَيَقُولُ: هَلْ رَأَوْنِي؟ فَيَقُولُونَ: لَا. فَيَقُولُ: كَيْفَ لَوْ رَأوْنِي؟ فَيَقُولُونَ: لَوْ رَأَوْكَ كانُوا أَشَدَّ لَكَ عِبَادَةً، وَأَشَدَّ لَكَ تَمْجِيدًا، وَأَكثَرَ لكَ تَسْبِيحًا. قال: فيَقُولُ: فَمَا يَسْأَلُونَ؟ فيَقُولُونَ: يَسْأَلُونَكَ الجَنَّةَ- فيقولُ: هَل رَأوْهَا؟ فَيَقُولُونَ: لا يَا رَبِّ. فَيَقُولُ: كَيْفَ لَوْ رَأَوْهَا؟ فَيَقُولُونَ: لَوْ رَأَوْهَا كَانُوا أَشَدَّ عَلَيْهَا حِرْصًا، وَأَشَدَّ لهَا طَلَبًا، وَأَعْظَمَ فِيهَا رَغْبَةً. قَالَ: فَمِمَّ يَتَعَوَّذُونَ؟ فَيَقُولُونَ: يَتَعَوَّذُونَ مِنَ النَّارِ. فَيَقُولُ: هَلْ رَأَوْهَا؟ فَيَقُولُونَ: لَا يَا ربِّ. فَيَقُولُ كَيْف لَوْ رَأَوْهَا؟ فَيَقُولُونَ: لَوْ رَأَوْهَا كَانُوا أَشَدَّ مِنْهَا فِرَارًا، وَأَشَدَّ لهَا مَخَافَةً. قَالَ فَيَقُولُ: أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لهُمْ. قَالَ: فَيَقُوُل مَلَكٌ منهمْ: فِيهِمْ فُلَانٌ عَبْدٌ خطَّاء لَيْسَ مِنْهُمْ إِنَّمَا جَاءَ لحِاجَةٍ فَجَلَسَ، فيقولُ: وله قد غفرت، هُمُ القَوْمُ لَا يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ". أخرجه الشيخان (1) والترمذي (2). [صحيح]
قوله: "حرف الذال" أي: المعجمة.
"وفيه ثلاثة كتب" وهذا الباب آخر الثلث الأول من التيسير.
(1) البخاري في صحيحه رقم (6408)، ومسلم رقم (2689).
(2)
في "السنن" رقم (3600).
الأول قوله: "كتاب الذكر".
أقول: قال النووي في كتابه "الأذكار"(1): اعلم أن فضيلة الذكر غير منحصرة في التسبيح، والتهليل، والتحميد، والتكبير، ونحوها، بل كل عامل لله بطاعة فهو ذاكراً لله تعالى، كذا قاله سعيد بن جبير رحمه الله وغيره من العلماء.
وقال عطاء (2): مجالس الذكر، هي مجالس الحلال والحرام، كيف يشتري ويبيع ويصلي ويصوم وينكح ويطلق ويحج، وأشباه هذا. انتهى.
وفي "فتح الباري"(3): يطلق ذكر الله ويراد به المواظبة على العمل بما أوجبه، أو ندب إليه، كتلاوة القرآن وقراءة الحديث ومدارسة العلم، والتنفل بالصلاة، ثم الذكر يقع تارة باللسان ويؤجر عليه الناطق به، ولا يشترط استحضاره لمعناه، ولكن يشترط أن لا يقصد به غير [99 ب] معناه، وإن انضاف إلى النطق الذكر بالقلب فهو أكمل، وإن انضاف إلى ذلك استحضار معنى الذكر وما اشتمل عليه من تعظيم الله تعالى ونفي النقائص عنه ازداد كمالاً، فإن وقع ذلك في عمل صالح من صلاة، أو جهاد، أو غيرهما ازداد الكمال.
وقال الفخر الرازي (4): المراد بذكر اللسان: الألفاظ الدالة على التسبيح والتحميد.
والتمجيد والذكر: بالقلب التفكر في أدلة الذات والصفات، وفي أدلة التكليف في الأمر والنهي، حتى يطلع على أحكامها، وفي أسرار مخلوقات الله.
(1)(1/ 70).
(2)
قاله النووي في "الأذكار"(1/ 70).
(3)
(11/ 209).
(4)
في تفسيره (6/ 185 - 186)، انظر:"فتح الباري"(11/ 209 - 210).
والذكر بالجوارح: هو أن تصير متفرقة في الطاعات، ومن ثمة سمى الصلاة ذكراً فقال:{فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} (1).
ونقل عن [بعض](2) العارفين قال (3): الذكر على سبعة أنحاء، فذكر العينين بالبكاء، وذكر الأذنين بالإصغاء، وذكر اللسان بالثناء، وذكر اليدين بالعطاء، وذكر البدن بالوفاء، وذكر القلب بالخوف والرجاء، وذكر الروح بالتسليم والرضا.
قوله: "في حديث أبي هريرة: يلتمسون أهل الذكر. في رواية: يبتغون مجالس الذكر".
قوله: "تنادوا"[100 ب] أي: يتنادون. وهي رواية.
قوله: "هلموا إلى حاجتكم" أقول: هذا على لغة أهل نجد، وأما أهل الحجاز فيقولون للواحد والإثنين والجماعة: هلم.
قوله: "فيحفونهم بأجنحتهم"[أقول](4) أي: يدنون بأجنحتهم حول الذاكرين، والباء للتعدية، وقيل: للاستعانة (5).
قوله: "إلى السماء الدنيا" في رواية سهيل (6): "قعدوا معهم، وحف بعضهم بعضاً بأجنحتهم حتى يملئوا ما بينهما وبين سماء الدنيا".
قوله: "ما يقول عبادي" أقول: قد ورد بروايات فيها زيادات على هذه الأربع الجمل فيها: يهللونك، ويذكرونك، ومنها: ويسألونك، ومنها: ويصلون على نبيك، ويسألونك
(1) سورة الجمعة: 9.
(2)
زيادة من (أ).
(3)
ذكره الحافظ في "فتح الباري"(11/ 209) عن بعض العارفين.
(4)
زيادة من (أ).
(5)
ذكره الحافظ في "فتح الباري"(11/ 212).
(6)
ذكره الحافظ في "الفتح"(11/ 212).
لدنياهم وأخراهم، ومنها (1): يعظمون الآلاء. أي: النعم، ويتلون كتابك، ويصلون على نبيك.
قال الحافظ في "الفتح"(2) بعد سرد ما ذكر: ويؤخذ من مجموع هذه الطرق المراد بمجالس الذكر، وأنها التي يجتمع فيها على [317/ أ] ذكر الله بأنواع الذكر الوارد من تسبيح وتكبير وغيرهما، وعلى تلاوة كتاب الله، وعلى الدعاء بخيري الدنيا والآخرة، [قال] (3): وفي دخول قراءة الحديث النبوي، ومدارسة العلم الشرعي ومذاكرته، والاجتماع على صلاة النافلة في هذه المجالس نظر. والأشبه اختصاص ذلك بمجالس التسبيح والتكبير ونحوهما والتلاوة حسب، وإن كانت قراءة الحديث ومدارسة العلم والمناظرة فيه من جملة ما يدخل تحت مسمى ذكر الله تعالى.
قوله: "فيقول ملك من الملائكة: فيهم فلان أتى لحاجة .. " وفي رواية (4): "فيقولون: إن فيهم [101 ب] فلاناً الخاطئ إنما جاء لحاجة" وفي أخرى (5): "رب! إن فيهم فلاناً عبد خطّاء، إنما مر بهم فجلس معهم".
(1) قال الحافظ في "فتح الباري"(11/ 212) وفي حديث أنس عند البزار: "ويعظمون آلاءك، ويتلون كتابك، ويصلون على نبيك، ويسألونك لآخرتهم ودنياهم".
أخرجه البزار في مسنده رقم (3062 - كشف).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(10/ 77) وقال: رواه البزار من طريق زائدة بن أبي الرقاد، عن زياد النمري، وكلاهما وثق على ضعفه، فعاد هذا إسناده حسن.
وهو حديث منكر، والله أعلم.
(2)
(11/ 213).
(3)
زيادة من (أ).
(4)
ذكره الحافظ في "الفتح"(11/ 213) من رواية أبي معاوية.
(5)
أخرجها البخاري رقم (6408)، ومسلم رقم (25/ 2689).
قوله: "لا يشقى جليسهم" أقول: في "الفتح"(1) في هذه العبارة مبالغة في نفي الشقاء عن جليس الذاكرين، فلو قيل سعد بهم جليسهم؛ لكان ذلك في غاية الفضل، لكن التصريح بنفي الشقاء، أبلغ في حصول المقصود.
وفي الحديث (2) فضل مجالس الذكر والذاكرين، وفضل الاجتماع على ذلك، وأن جليسهم يندرج معهم في جميع ما يتفضل الله تعالى به عليهم، إكراماً لهم، ولو لم يشاركهم في أصل الذكر.
وفيه محبة الملائكة لبني آدم واعتنائهم بهم، وطلبهم مجالس الذكر في دار الدنيا.
2 -
وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَعَدَ مَقْعَدًا لَمْ يَذْكُرِ الله تَعَالَى فيهِ كَانَتْ عَلَيْهِ مِنَ الله تِرَةٌ، وَمَنِ اضْطَجَعَ مَضْجَعًا لَا يَذْكُرُ الله فِيهِ كانَتْ عَلَيْهِ مِنَ الله تِرَةً، وَمَا مَشَى أَحَدٌ مَمْشَى لَا يَذْكُرُ الله فِيهِ إِلَاّ كانَتْ عَلَيْهِ مَنَ الله ترَةٌ". أخرجه أبو داود (3) وهذا لفظه والترمذي (4).
"التِّرَةُ"(5) هنا: التَّبِعَةُ.
(1)(11/ 213).
(2)
ذكره الحافظ في "فتح الباري"(11/ 213).
(3)
في "السنن" رقم (4856).
(4)
في "السنن" رقم (3380).
وأخرجه أحمد (2/ 432)، والبيهقي في "شعب الإيمان" رقم (546)، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" رقم (404)، وابن حبان في صحيحه رقم (853)، وهو حديث صحيح.
(5)
"المجموع المغيث"(3/ 380).
قوله: "في حديث أبي هريرة الثاني: إلا كانت عليه ترة" أقول: بكسر المثناة الفوقية، فراء، فتاء تأنيث. فسرها المصنف بأنها التبعة هنا. وبها فسرها ابن الأثير (1)، وقال: أصل الترة النقص، يقال: وترت الرجل ترة كما يقال: وعدته عدة.
3 -
وعن أبي مسلم الأغرّ قال: أَشْهَدُ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنهما أَنَّهُمَا شَهِدَا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: "لَا يَقْعُدُ قَوْمٌ يَذْكُرُونَ الله تَعَالى إِلَاّ حَفَّتْهُمُ المَلَائِكَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَنَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينةُ، وَذَكَرَهُمُ الله فِيمَنْ عِنْدَهُ". أخرجه مسلم (2) والترمذي (3). [صحيح]
قوله: "في حديث أبي مسلم الأغر" لفظ "الجامع"(4) وعن الأغر أبي مسلم، ثم قال: في الرابع من أجزائه: الأغر (5)[102 ب] هو أبو مسلم، مولى أبي سعيد الخدري، وأبي هريرة، اشتركا في عتقه فهو مولاهما، وروى عنهما.
قال شعبة: كان الأغر قاصاً من أهل المدينة، وكان رضياً، وهو بالغين المعجمة والراء. انتهى.
وكان الأحسن للمصنف التعبير بعبارة ابن الأثير الذي نقله منه.
قوله: "وغشيتهم السكينة" أقول: هي هنا الرحمة، ولها تفاسير أخر (6).
4 -
وعن أبي موسى رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قَال: "مَثَلُ البَيْتِ الَّذِي يُذْكَرُ الله فِيهِ وَالبَيْتِ الَّذِي لَا يُذْكَرُ الله فِيهِ مَثَلُ الحَيِّ وَالمِّيَتِ".
(1) في "جامع الأصول"(4/ 472). وانظر: "النهاية في غريب الحديث"(2/ 821).
(2)
في صحيحه رقم (2700).
(3)
في "السنن" رقم (3378)، وهو حديث صحيح.
(4)
(4/ 474 رقم 2560).
(5)
قاله ابن الأثير في "تتمة جامع الأصول"(1/ 180).
(6)
انظر: "النهاية في غريب الحديث"(2/ 309).
أخرجه الشيخان (1). [صحيح]
قوله: "في حديث أبي موسى: مثل البيت" أقول: المراد به ساكن البيت، فهو الذي يوصف بالحياة والموت حقيقة لا المسكن، شبه الذاكر (2) بالحي الذي ظاهره متزين بنور الحياة، وباطنه بنور المعرفة، وغير الذاكر بالميت، الذي ظاهره عاطل، وباطنه باطل.
5 -
وفي رواية أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يَقُولُ الله تَعَالَى: أنَّا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي. فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلأٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلأٍ خيرٍ مِنْهُ، وإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ شبرًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِليَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً" أخرجه الشيخان (3) والترمذي (4). [صحيح]
قوله: "في حديث أبي هريرة: أنا معه إذا ذكرني" أقول: قال الكرماني: المعية (5) هنا معية الرحمة.
(1) أخرجه البخاري رقم (6407)، ومسلم رقم (779).
(2)
قاله الحافظ في "فتح الباري"(11/ 210 - 211).
(3)
أخرجه البخاري رقم (7405، 7537)، ومسلم رقم (2675).
(4)
في "السنن" رقم (3603).
(5)
بل يعتقد أهل الحق أهل السنة والجماعة: أن الله معنا على الحقيقة، وأنه فوق سماواته مستو على عرشه، وهذه المعية ثابتة بالكتاب والسنة.
الدليل من الكتاب:
قوله تعالى: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} [الحديد: 4].
قوله تعالى: {وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا} [المجادلة: 7].
الدليل من السنة: =
وأما قوله: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} (1) فهي معية العلم، يعني: فهذه أخص من المعية التي في الآية.
6 -
وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ آوَى إِلَى فِرَاشِهِ طَاهِرًا يَذْكُرُ الله تَعَالَى حَتَّى يُدْرِكَهُ النُّعَاسُ لَمْ يتقلبْ سَاعَةً مِنَ اللَّيْلِ يَسْأل الله تعَالى مِنْ خيرِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ إِلَاّ أَعْطَاهُ الله تَعَالى إِيَّاهُ". أخرجه الترمذي (2). [ضعيف]
قوله: "في حديث أبي أمامة: أخرجه الترمذي" قلت: وقال (3): "حسن".
7 -
وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: "مَا عَمِلَ العبدُ عَملاً أَنْجَى لَهُ مِنْ عَذَابِ الله مِنْ ذِكْرِ الله تعَالى". أخرجه مالك (4). [موقوف ضعيف]
= ما أخرجه البخاري رقم (406)، ومسلم رقم (547) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما:"إذا قام أحدكم إلى الصلاة فلا يبصق قبل وجهه؛ فإن الله قبل وجهه".
وما أخرجه البخاري رقم (7405)، ومسلم رقم (2675) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: "أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني
…
".
قال ابن تيمية في "الواسطية"(ص 193): "فصل: وقد دخل فيما ذكرناه من الإيمان بالله الإيمان بما أخبر الله به في كتابه، وتواتر عن رسوله، وأجمع عليه سلف الأمة: من أنه سبحانه فوق سماواته على عرشه، عليٌّ على خلقه، وهو سبحانه معهم أينما كانوا، يعلم ما هم عاملون"، ثم بعد أن أورد بعض الآيات قال:"وكل هذا الكلام الذي ذكره الله من أنه فوق العرش، وأنه معنا حق على حقيقته، لا يحتاج إلى تحريف، ولكن يصان عن الظنون الكاذبة".
(1)
سورة الحديد: 4.
(2)
في "السنن" رقم (3526)، وهو حديث ضعيف.
(3)
في "السنن" رقم (5/ 540).
(4)
في "الموطأ"(1/ 211 رقم 24)، وهو موقوف ضعيف.
وأخرجه الترمذي في "السنن" رقم (3377)، وابن ماجه رقم (3790)، وهو حديث صحيح. =
قوله: "في حديث معاذ: أنجى من ذكر الله" أقول: روى أبو شبل المخزومي، وكان جده صحابياً: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ بن جبل: "كم تذكر ربك كل يوم؟ تذكره كل يوم عشرة آلاف مرة" فقال: كل ذلك أفعل. قال: "أفلا أدلك على كلمات هن أهون عليك، وهن أكثر من عشرة آلاف، وعشرة آلاف مرة، تقول: لا إله إلا الله (1) عدد ما أحصى الله، لا إله إلا الله عدد كلماته، لا إله إلا الله عدد خلقه، لا إله إلا الله زنة عرشه، لا إله إلا الله ملء سماواته، لا إله إلا الله ملء أرضه، لا إله إلا الله ملء ذلك، لا يحصيه ملك ولا غيره" ذكره الكاشغري.
قوله: "أخرجه مالك".
= عن أبي الدرداء قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ألا أنبئكم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والورق، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟ " قالوا: بلى، قال:"ذكر الله تعالى". قال معاذ بن جبل: ما شيء أنجى من عذاب الله من ذكر الله.
(1)
أخرج أحمد (5/ 249)، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" رقم (166)، وابن حبان رقم (830)، والحاكم (1/ 513) عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: رآني النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أُحرِّك شفتي، فقال لي:"بأي شيء تُحرَّك شفتيك يا أبا أمامة؟ " فقلت: أذكر الله يا رسول الله، فقال:"ألا أخبرك بأكثر وأفضل من ذكرك بالليل والنهار؟ " قلت: بلى يا رسول الله، قال:"سبحان الله عدد ما خلق، سبحان الله ملء ما خلق، سبحان الله عدد ما في الأرض والسماء، سبحان الله ملء ما في الأرض والسماء، سبحان الله عدد ما أحصى كتابه، سبحان الله ملء ما أحصى كتابه، سبحان الله عدد كل شيء، سبحان الله ملء كل شيء، الحمد لله عدد ما خلق، والحمد لله ملء ما خلق، والحمد لله عدد ما في الأرض والسماء، والحمد لله ملء ما في الأرض والسماء، والحمد لله عدد ما أحصى كتابه، والحمد لله ملء ما أحصى كتابه، الحمد لله عدد كل شيء، والحمد لله ملء كل شيء". وهو حديث صحيح، والله أعلم.