المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

قال أبو عمر (1): وهذا أولى ما عُوِّل عليه في - التحبير لإيضاح معاني التيسير - جـ ٤

[الصنعاني]

فهرس الكتاب

- ‌حرف الدال

- ‌كتاب: الدعاء

- ‌[الباب الأول: في آدابه:

- ‌الفصل الأول: في فضله ووقته

- ‌الفصل الثاني: في هيئة الداعي

- ‌الفصل الثالث: في كيفية الدعاء

- ‌الفصل الرابع: في أحاديث متفرقة

- ‌الباب الثاني: في أقسام الدعاء

- ‌[القسم الأول: في الأدعية المؤقتة المضافة إلى أسبابها، وفيه عشرون فصلاً]

- ‌الفصل الأول: في ذكر اسم الله الأعظم وأسمائه الحسنى

- ‌(فائدة: ذكر شرح أسماء الله الحسنى)

- ‌الفصل الثاني: في أدعية الصلاة مفصلاً - الاستفتاح

- ‌الركوع والسجود

- ‌بعد التشهد

- ‌بعد السلام

- ‌الفصل الثالث: في الدعاء عند التهجد

- ‌الفصل الرابع: في الدعاء عند الصباح والمساء

- ‌الفصل الخامس: في أدعية النوم والانتباه

- ‌الفصل السادس: في أدعية الخروج من البيت والدخول إليه

- ‌الفصل السابع: في أدعية المجلس والقيام منه

- ‌الفصل الثامن: في أدعية السفر

- ‌الفصل التاسع: في أدعية الكرب والهم

- ‌الفصل العاشر: في أدعية الحفظ

- ‌الفصل الحادي عشر: في دعاء اللباس والطعام

- ‌الفصل الثاني عشر: في دعاء قضاء الحاجة

- ‌الفصل الثالث عشر: في دعاء الخروج من المسجد والدخول إليه

- ‌الباب الرابع عشر: في دعاء رؤية الهلال

- ‌الفصل الخامس عشر: في دعاء الرعد والريح والسحاب

- ‌الفصل السادس عشر: في دعاء يوم عرفة وليلة القدر

- ‌الفصل السابع عشر: في دعاء العطاس

- ‌الفصل الثامن عشر: في دعاء داود عليه السلام

- ‌الفصل التاسع عشر: في دعاء قوم يونس عليه السلام

- ‌الفصل العشرون: في الدعاء عند رؤية المبتلى

- ‌القسم الثاني من الباب الثاني: في أدعية غير مؤقتة ولا مضافة

- ‌الباب الثالث: فيما يجري في مجرى الدعاء

- ‌الفصل الأول: في الاستعاذة

- ‌الفصل الثاني: في الاستغفار والتسبيح والتهليل والتكبير والتحميد والحوقلة

- ‌الفصل الثالث: في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌كتاب: الديات

- ‌الفصل الأول: في دية النفس

- ‌الفصل الثاني: في دية الأعضاء والجراح العين

- ‌الأضراس

- ‌الأصابع

- ‌الجراح

- ‌الفصل الثالث: فيما جاء من الأحاديث مشتركاً بين النفس والأعضاء

- ‌الفصل الرابع: في دية الجنين

- ‌الفصل الخامس: في قيمة الدية

- ‌الفصل السادس: في أحكام تتعلق بالديات

- ‌كتاب: الدين وآداب الوفاء

- ‌حرف الذال

- ‌كتاب: الذكر

- ‌كتاب: الذبائح

- ‌الفصل الأول: في آداب الذبح ومنهياته

- ‌الفصل الثاني: في هيئة الذبح وموضعه

- ‌الفصل الثالث: في آلة الذبح

- ‌كتاب: ذم الدنيا وأماكن من الأرض

- ‌الفصل الأول: [في ذم الدنيا

- ‌الفصل الثاني: في ذم أماكن من الأرض

- ‌حرف الراء

- ‌كتاب: الرحمة

- ‌الفصل الأول: في الحث عليها

- ‌الفصل الثاني: في ذكر رحمة الله تعالى

- ‌الفصل الثالث: فيما جاء من رحمة الحيوان

- ‌كتاب: الرفق

- ‌كتاب: الرهن

- ‌كتاب: الرياء

- ‌حرف الزاي

- ‌كتاب: الزكاة

- ‌الباب الأول: في وجوبها وإثم تاركها

- ‌الباب الثاني: في أحكام الزكاة المالية

- ‌الفصل الأول: فيما اشتركن فيه من الأحاديث

- ‌الفصل الثاني: في زكاة النعم

- ‌الفصل الثالث: في زكاة الحلي

- ‌الفصل الرابع: في زكاة الثمار والخضروات

- ‌الفصل الخامس: في زكاة المعدن والركاز

- ‌الفصل السادس: في زكاة الخيل والرقيق

- ‌الفصل السابع: في زكاة العسل

- ‌الفصل الثامن: في زكاة مال اليتيم

- ‌الفصل التاسع: في تعجيل الزكاة

- ‌الفصل العاشر: في أحكام متفرقة للزكاة

- ‌الباب الثالث: في زكاة الفطر

- ‌الباب الرابع: في عامل الزكاة وما يجب له عليه

- ‌الباب الخامس: فيمن تحل له الصدقة ومن لا تحل

- ‌الفصل الأول: فيمن لا تحل له

- ‌الفصل الثاني: فيمن تحل له الصدقة

- ‌كتاب: الزهد والفقر

- ‌الفصل الأول: في مدحهما والحث عليهما

- ‌الفصل الثاني: فيما كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه عليه من الفقر

- ‌كتاب: الزينة

- ‌الباب الأول: في الحليّ

- ‌الباب الثاني: في الخضاب

- ‌الباب الثالث: في الخلوق

- ‌الباب الرابع: في الشعور شعر الرأس - الترجيل

- ‌الحلق

- ‌الوصل

- ‌السدل والفرق

- ‌نتف الشيب

- ‌قص الشارب

- ‌الباب الخامس: في الطيب والدهن

- ‌الباب السادس: في أمور من الزينة متعددة

- ‌الباب السابع: في النقوش والصور والستورذم المصورين

- ‌كراهة الصور والستور

- ‌حرف السين

- ‌كتاب: السخاء والكرم

- ‌كتاب: السفر وآدابه

- ‌النوع الأول: في يوم الخروج

- ‌النوع الثاني: في الرفقة

- ‌النوع الثالث: في السير والنزول

- ‌النوع الرابع: في إعانة الرفيق

- ‌النوع الخامس: في سفر المرأة

- ‌النوع السادس: فيما يذم استصحابه في السفر

- ‌النوع السابع: في القفول من السفر

- ‌النوع الثامن: في سفر البحر

- ‌النوع التاسع: في تلقي المسافر

- ‌النوع العاشر: في ركعتي القدوم

- ‌كتاب: السبق والرمي

- ‌الفصل الأول: في أحكامهما

- ‌الفصل الثاني: فيما جاء من صفات الخيل

- ‌كتاب: السؤال

- ‌كتاب: السحر والكهانة

- ‌حرف الشين

- ‌كتاب: الشراب

- ‌الباب الأول: في آدابه

- ‌الفصل الأول: في الشرب قائمًا: جوازه

- ‌الفصل الثاني: في الشرب من أفواه الأسقية جوازه

- ‌الفصل الثالث: في التنفس عند الشرب

- ‌الفصل الرابع: في ترتيب الشاربين

- ‌الفصل الخامس: في تغطية الإناء

- ‌الفصل السادس: في أحاديث متفرقة

- ‌الباب الثاني: في الخمور والأنبذة

- ‌الفصل الأول: في تحريم كل مسكر

- ‌الفصل الثاني: في تحريم المسكر وذم شاربه

- ‌الفصل الثالث: في تحريمها ومن أي شيء هي

- ‌الفصل الرابع: فيما يحل من الأنبذة وما يحرم

- ‌الفصل الخامس: في الظروف وما يحل منها وما يحرم

- ‌الفصل السادس: في لواحق الباب

- ‌كتاب: الشركة

- ‌كتاب: الشعر

الفصل: قال أبو عمر (1): وهذا أولى ما عُوِّل عليه في

قال أبو عمر (1): وهذا أولى ما عُوِّل عليه في هذا الباب.

قال السهيلي (2): والحديث فيمن كان شريك النبي صلى الله عليه وسلم مضطرب جداً، منهم من يجعله السائب بن أبي السائب، ومنهم من يجعله أبو السائب، ومنهم من يجعله قيس بن السائب، ومنهم من يجعله عبد الله بن السائب، وهذا الاضطراب لا يثبت به شيء ولا تقوم به حجة.

وكذلك اختلفت الرواية في "لا يداري ولا يماري" ويروى "لا يشاري"(3) أي: بالشين المعجمة. ولا يداري فمنهم من يجعله من قول النبي صلى الله عليه وسلم في أبي السائب، ومنهم من يجعله من قول أبي السائب في رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي وقع في الشين المعجمة وقع في كتاب رزين وفسرت بالملاحاة (4)، ولا يداري (5) بالمدافعة.

‌كتاب: الشعر

1 -

عن أبيّ بن كعب رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ مِنَ الشِّعْر حِكْمَةً". أخرجه البخاري (6) وأبو داود (7). [صحيح]

(1) في "الاستيعاب"(ص 311).

(2)

انظر: "الروض الأنف"(1/ 291).

(3)

قال الزمخشري في "الفائق"(1/ 203)، المشاراة: الملاجَّة.

انظر: "النهاية"(1/ 864).

(4)

قال ابن الأثير في "غريب الجامع"(5/ 162)(تشاري).

المشاراة: الملاجَّة والملاحاةُ.

(5)

تقدم معناها.

(6)

في "صحيحه" رقم (6145).

(7)

في "السنن" رقم (5010). وهو حديث صحيح.

ص: 792

2 -

وفي رواية (1) له عن ابن عباس: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فَجَعَلَ يَتَكَلَّمَّ بِكَلَامٍ، فقالَ صلى الله عليه وسلم:"إنَّ مِنَ البَيَانِ سِحْراً، وَإنَّ مِنَ الشّعْرِ حِكَمًا". [صحيح]

كتاب الشعر

أقول: في "التوشيح": الشعر (2) في الأصل اسم لما دق ثم استعمل في الكلام المقفى الموزون قصداً وهذا القيد يخرج ما وقع في القرآن، وكلام النبوة موزوناً. انتهى.

قوله في حديث أبي بن كعب: "إن من الشعر حكمة" أقول: اختلف فيه هل هو وارد مورد المدح أو الذم؟

قال النووي (3): هو مدح [386/ أ] على الصحيح؛ لأن الله امتن على عباده [303 ب] بتعليمهم البيان وهو من الفهم وذكاء القلب وشبه بالسحر لميل القلب إليه. وأصل السحر الصرف والبيان يصرف القلوب يميلها إلى ما يدعو إليه.

وقيل: هو ذمٌ؛ لأنه إمالة القلوب وصرفها بمقاطع الكلام إليه حتى تكتسب من الإثم به كما تكتسب بالسحر. وأدخله مالك في "الموطأ" في باب ما يكره من الكلام وهو مذهبه في تأويل الحديث والتأويل الأول هو المختار.

وقال ابن التين (4): البيان نوعان: الأول: ما يبين به المراد.

والثاني: تحسين اللفظ حتى يستميل قلوب السامعين وهذا الذي يشبه بالسحر؛ لأن السحر صرف الشيء عن حقيقته.

(1) أخرجه أبو داود في "السنن" رقم (5011)، وهو حديث صحيح.

(2)

انظر: الكليات (ص 537 - 538).

التوقيف على مهمات التعاريف (ص 430 - 431).

(3)

ذكره الحافظ فى "الفتح"(10/ 540).

(4)

ذكره الحافظ في "الفتح"(10/ 540).

ص: 793

قوله: "وإن في الشعر حكماً" أقول: قولاً صادقاً مطابقاً للحق، وهو ما فيه المواعظ والأمثال (1).

3 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لَأنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحًا حَتَّى يَرِيَهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلئَ شِعْراً". أخرجه الخمسة (2) إلا النسائي. [صحيح]

وفي أخرى لمسلم (3) عن الخدريّ: بَيْنَا النبيُّ صلى الله عليه وسلم يَسِيرُ إذْ عَرَضَ شَاعِرٌ يُنْشِدُ.

فقال صلى الله عليه وسلم: خُذُوا الشَّيْطَانَ، أَوْ أَمْسِكُوا الشَّيْطَانَ. وذكر نحوه. [صحيح]

"القَيْحُ": الصديد الذي يسيل من الدمل والجرح (4).

ومعنى "يَرِيَهُ" يأكله.

قوله في حديث أبي هريرة: "حتى يريه" أقول: بفتح حرف المضارعة، وكسر الراء من الوَرْى وهو داء (5) يعتري الجوف وقوله:"خير له من أن يمتلئ شعراً" قال في "التوشيح": هو من المذموم دون الممدوح. وقيل (6): خاص بشعر هُجي به النبي صلى الله عليه وسلم. وقيل: إنه ورد في أقوامٍ كان لهم غاية الإقبال على الشعر فبولغ فيه زجراً لهم عنه ليقبلوا على القرآن والذكر والعبادة.

(1) قاله الحافظ في الفتح (10/ 540).

(2)

أخرجه البخاري رقم (6155)، ومسلم رقم (2257).

وأبو داود رقم (5009)، والترمذي رقم (2851)، وابن ماجه رقم (3759)، وهو حديث صحيح.

(3)

في "صحيحه" رقم (9/ 2259).

(4)

قاله ابن الأثير في "غريب الجامع"(5/ 165).

(5)

قال ابن الأثير في "النهاية"(2/ 843): هو من الوَرْى: الدَّاء، يقال: وُرِيَ يوري فهو مَوْرِيٌّ، إذا أصاب جوفه الدَّاء.

وانظر "غريب الحديث" للخطابي (2/ 184).

(6)

ذكره النووي في "شرح صحيح مسلم"(15/ 14).

ص: 794

قوله: "أخرجه الخمسة إلا النسائي" قلت: قال ابن الأثير (1): إن أبا داود لم يذكر "حتى يريه" فمراد المصنف أخرجوه في الجملة.

قوله: "وفي أخرى لمسلم" أقول: في "الجامع"(2) لمسلم والنسائي.

وقوله: "يسير" لفظه في "الجامع"(3): "بينا نحن نسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعرج إذ عرض

" إلى آخره.

قوله: "في رواية الخدري: خذوا الشيطان" أقول: قيل: سماه شيطاناً [304 ب] لكونه كافراً، أو كان شعره من القسم المذموم، أو كان الشعر غالباً عليه. وعلى الجملة فتسميته شيطاناً إنما في قضية عين يتطرق إليها احتمالات، ولا عموم لها فلا يحتجّ بها (4).

قوله: "وذكر نحوه" أي: نحو ما في الحديث الأول، ولفظ "الجامع" (5):"أمسكوا الشيطان لأن يمتلئ جوف رجل قيحاً خير له من أن يمتلئ شعراً".

واعلم أنه قال ابن الأثير (6) بعد هذا: وذكر رزين في كتابه قال: وزاد النسائي وساقه عن عائشة "هجيت به" وأنكر ابن معين هذه الزيادة. ولم أجد هذه الزيادة ولا الحديث بأسره في كتاب النسائي الذي قرأته، ولعله قد وقع له في بعض النسخ فأثبته. انتهى لفظ الجامع (7).

(1) في الجامع (5/ 165).

(2)

(5/ 167).

(3)

(5/ 166 رقم 3223).

(4)

قاله النووي في "شرح صحيح مسلم"(15/ 14).

(5)

(5/ 167).

(6)

في "الجامع"(5/ 167).

(7)

(5/ 167).

ص: 795

قلت: ولو ثبتت هذه الرواية لكانت هي الوجه في تسميته شيطاناً، فإنه لا يحفظ ما هجا المشركون به الرسول صلى الله عليه وسلم إلا شيطان.

4 -

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كَانَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم يَضَعُ لِحَسَّان رضي الله عنه مِنْبَرًا فِي المَسْجِدِ يَقُومُ عَلَيْهِ يُفَاخِرُ أَوْ يُنَافِحُ عنْ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وكانَ يَقُولُ:"إنَّ الله يُؤَيِّدُ حَسَّاناً بِرُوحِ القُدْسِ مَا نَافَحَ، أَوْ فَاخَرَ عَنْ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ". أخرجه البخاري (1) وأبو داود (2) والترمذي (3). [صحيح]

"المُنافَحَةُ": المخاصمة (4).

"وَالتَّأْييدُ": التقوية.

"وَرُوحُ القُدُسِ": هو جبريل عليه السلام.

قوله في حديث عائشة: "منبراً" أي: شيئاً مرتفعاً يقوم عليه ليسمع من في المسجد.

قوله: "يفاخر، أو ينافح" هو شك من الراوي، والمنافحة بالنون والفاء والحاء المهملة فسرها المصنف.

(1) لم أجده.

قال الحافظ في "الفتح"(1/ 548)، وفي الترمذي من طريق أبي الزناد عن عروة عن عائشة قالت:"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينصب لحسان منبراً في المسجد فيقوم عليه يهجو الكفار، وذكر المزي في "الأطراف أن البخاري أخرجه تعليقاً نحوه، وأتم منه، لكني لم أره فيه

".

(2)

في "السنن" رقم (5015).

(3)

في "السنن" رقم (2846).

وأخرجه مسلم في "صحيحه" رقم (2490) مطولاً.

(4)

قاله ابن الأثير في "غريب الجامع"(5/ 168).

ص: 796

وحسان (1) هو ابن ثابت بن حرام بن عمرو الأنصاري الخزرجي، يكنى أبا الوليد. قال ابن سعد: عاش مائة وعشرين سنة، ستين في الجاهلية وستين في الإسلام. وكذلك أبوه وجده وجد أبيه، ولا يعرف في العرب أربعة تناسلوا اتفقت مدة أعمارهم. ومات حسان في أيام معاوية، وكان قديم الإسلام، ولم يشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مشهداً؛ لأنه كان يجبن.

أخرج ابن عساكر (2) عن عائشة رضي الله عنها قالت: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة [305 ب] فهجته قريش وهجوا الأنصار معه، وأتى المسلمون كعب بن مالك فقالوا: أجب عنا، قال: استأذنوا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأذن له، فقال فأحسن وأجمل ولم يبلغ حاجتنا. فجاءوا إلى حسان فقالوا: أجب عنا، فقال: استأذنوا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال صلى الله عليه وسلم:"ادعوه" فجاء حسان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إني أخاف أن تصيبني معهم بهجو بني عمي" قال حسان: لأنسلنك عنهم نسل الشعرة من العجين، ولي مِقْول ما أحب أن لي به مقول أحد من العرب، وإنه ليفري ما لا تفريه الحربة. ثم أخرج لسانه، فضرب بها أنفه، كأنه لسان حية بطرفه شامة سوداء، ثم ضرب به ذقنه، فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وفي رواية: أخرجها الحاكم (3) وصححها، عن البراء، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اذهب إلى أبي بكر فيحدثك حديث اليوم وأيامهم، وأحسابهم، واهجهم وجبريل معك". وقد أطال السيوطي ترجمته في شواهد "مغني اللبيب"(4).

(1) انظر: "سير أعلام النبلاء"(2/ 512 رقم 106 - الرسالة).

"تهذيب التهذيب"(2/ 247 - 248)، "أسد الغابة"(2/ 5)، "تاريخ الإسلام"(2/ 277).

(2)

في "تاريخ بغداد"(12/ 392 - 393)، وانظر:"سير أعلام النبلاء"(2/ 514 - 515).

(3)

في "المستدرك"(3/ 486 - 487).

(4)

انظر: "شرح شواهد المغني" للسيوطي (2/ 852 - 853).

ص: 797

5 -

وعن عمر بن الشريد عن أبيه رضي الله عنه قال: رَدِفْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَوْمًا فَقَالَ: "هَلْ مَعَكَ مِنْ شِعْرِ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ شَيٌ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: "هِيهِ". فَأَنْشَدْتُهُ بَيْتًا، فَقَالَ: "هِيهِ". ثُمَّ أَنْشَدْتُهُ بَيْتًا، فَقَالَ: "هِيهِ". حَتَّى أَنْشَدْتُهُ مِائَةَ بَيْتٍ. أخرجه مسلم (1). [صحيح]

قوله: "عمرو بن الشريد"(2) بفتح الشين المعجمة فراء فمثناة تحتية فدال مهملة. هو أبو الوليد الثقفي الطائفي، وأبوه الشريد صحابي شهد بيعة الرضوان. قيل: كان اسمه مالكاً فسماه النبي صلى الله عليه وسلم الشريد؛ لأنه قتل قتيلاً ولحق بمكة فأسلم.

قوله: "ردفت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً" أي: ركب خلفه على مركوبه صلى الله عليه وسلم

فقال: "هل معك من شعر أمية بن أبي الصلت"[387/ أ] بالصاد المهملة آخره مثناة فوقية، وأمية بن أبي الصلت (3) أقول: هو [306 ب] مصغراً أمة، واسمه عبد الله بن أبي الصلت ثقفي جاهلي كان شاعراً، وكان قد تنبأ أول زمانه وفيه قال النبي صلى الله عليه وسلم:"آمن شعر أمية بن أبي الصلت وكفر قلبه" أخرجه ابن الأنباري (4).

(1) في "صحيحه" رقم (2255)، وهو حديث صحيح.

(2)

انظر: تتمة جامع الأصول (2/ 722 - قسم التراجم).

"التقريب"(2/ 72 رقم 706).

(3)

أمية بن أبي الصلت عبد الله بن أبي ربيعة بن عوف بن عقدة بن نميرة بن عوف بن ثقيف، وهو قسي بن منبِّه بن بكر بن هوازن، أبو عثمان، ويقال: أبو الحكم الثقفيِّ. شاعرٌ جاهلي قيل: إنه كان في أول أمره على الإيمان، ثم زاغ عنه.

انظر: "معجم الشعراء"(1/ 346 رقم 33). الشعر والشعراء (ص 276). "تاريخ ابن معين"(2/ 42).

(4)

وهو حديث ضعيف.

أخرجه أبو بكر الأنباري في "المصاحف" والخطيب في "تاريخ بغداد" كما في "فيض القدير"(1/ 59)، وابن عساكر في "تاريخه"(9/ 272)، وأورده التقي الهندي في "كنز العمال"(3/ 577 رقم (7980) وعزاه إلى أبي بكر بن الأنباري في المصاحف والخطيب وابن عساكر. =

ص: 798

قال أبو الفرج الأصبهاني في "الأغاني"(1): إنه لما أنشد النبي صلى الله عليه وسلم قول أمية:

الحمدُ للهِ مُمسانا ومُصْبَحنَا

بالخيرِ صَبَّحنا ربي ومَسَّانا

ألا نبيَّ لنا منَّا فَيُخبِّرَنَا

ما بُعدُ غَايَتنا من بعد مُجرانا

بينا يُرَبيننا أباؤُنَا هَلَكُوا

وبينما [ننمي](2) الأولاد أفنانا

وقد علمنا لو أنَّ العلمَ ينفعنا

أنْ سوف يلحق أخرانا بأُولانا

يا رب (3) لا تجعلني كافراً أبداً

واجعل سريرة قلبي الدهر إيمانا

فقال صلى الله عليه وسلم "آمن شعره وكفر قلبه" ولم يؤمن ومات كافراً، وكان من أهل القيافة وزجر الطير، صاح غراب وهو عند ندمة له من الطائف فتطير به فقيل له ما قال؟ قال: إنه قال: إني أشرب كأساً فأموت. ثم صاح أخرى فقال: إنه يقول: إنه يقع على هذه الخربة فيثير عظماً فيبتلعه فيموت. فكان كما قال. وقد ذكرنا هذا في شرحنا "التنوير على الجامع الصغير"(4) في حرف الهمزة في شرح حديث "آمن شعر أمية بن أبي الصلت وكفر قلبه".

= وقال ابن كثير في "البداية والنهاية"(3/ 294) هذا الحديث "لا أعرفه".

قلت: وفي إسناد أبي بكر بن الأنباري في "المصاحف" وابن عساكر في التاريخ أبو بكر الهذلي: وهو إخباري متروك الحديث. قاله الحافظ ابن حجر في التقريب رقم (8002).

وأخرج القصة الفاكهيُّ في كتاب مكة من طريق الهبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس مطولة، وقد نقلها الثعلبي في "تفسيره" كما في "الإصابة"(8/ 260 - 261).

قلت: والكلبي متهم بالكذب.

(1)

(4/ 102).

(2)

كذا في "المخطوط"، والذي في "الأغاني": نعَتني.

(3)

وهذا آخر الأبيات.

(4)

الحديث رقم (191) بتحقيقي. ط. دار ابن الجوزي/ الدمام.

ص: 799

قوله: "أخرجه مسلم" أقول: قال في "الجامع"(1) وفي رواية: "استشهدني رسول الله صلى الله عليه وسلم " وذكر نحوه وزاد: "إن كان ليسلم" وفي أخرى وفيه: "كاد يسلم في شعره" أخرجه مسلم (2). انتهى.

قوله: "هيه"(3) بكسر الهاء وإسكان الياء وكسر الهاء الثانية. قالوا: الهاء الأولى بدل من الهمزة، أصله إيه، وهي كلمة استزادة من الحديث المعهود، وهي مبنية على الكسر، فإن وصلتها نونتها فقلت: ايهاً حديثاً أي: زدنا من هذا الحديث. والمراد من الحديث: أنه صلى الله عليه وسلم استحسن شعر أمية واستزاد من إنشاده لما فيه من الإقرار بالواحدانية [والبعث](4).

6 -

وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: جَالَسْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ مَرَّةٍ، فَكَانَ أَصْحَابُهُ يَتَنَاشَدُونَ الشِّعْرَ، ويتَذَاكَرُونَ أَشْيَاءَ مِنْ أَمْرِ الجَاهِلِيَّةِ، وَهُوَ سَاكِتٌ، فَرُبَّمَا تَبَسَّمَ مَعَهُمْ. أخرجه الترمذي (5). [صحيح]

قوله في حديث سمرة: "أخرجه الترمذي" قلت: وقال (6): حسن صحيح. [307 ب].

(1)(5/ 169).

(2)

في "صحيحه" رقم (2255).

(3)

قال ابن الأثير في "النهاية"(2/ 924)، هِيهِ بمعنى: إيهِ، فأبدل من الهمزة هاءً، وإيه: اسمٌ سُمّيَ به الفعل، ومعناهُ الأمرُ، تقول للرجل: إيهِ بغير تنوين، إذا استزدته من الحديث المعهود بينكما، فإذا نوّنت: استزدته من حديث ما غير معهود؛ لأنَّ التنوين للتَّنكير، فإذا سكنته وكففته قلت: إيهاً بالنصب.

(4)

سقطت من (ب).

(5)

في "السنن" رقم (2850).

وأخرجه مسلم رقم (670 و2322)، والنسائي في "السنن" رقم (1358).

وهو حديث صحيح.

(6)

في "السنن"(5/ 140).

ص: 800

7 -

وعن أنس رضي الله عنه قال: دَخَلَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ فِي عُمْرَةِ القَضَاءِ وَعَبْدُ الله بْنُ رَوَاحَةَ يَمْشِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُوَ يَقُول:

خَلُّوا بَنِي الكُفَّارِ عَنْ سَبِيلِهِ

اليَوْمَ نَضْرِبْكُمْ عَلَى تَنْزِيلِهِ

ضَرْبًا يُزِيلُ الهَامَ عَنْ مَقِيلِهِ

وَيُذْهِلُ الخَلِيلَ عَنْ خَلِيلِهِ

فَقَالَ لَهُ عُمَرُ رضي الله عنه: بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، وَفِي حَرَمِ الله تَقُولُ الشَّعْرَ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:"خَلَّ عَنْهُ يَا عُمَرُ، فَلَهِيَ أَسْرَعُ فِيهِمْ مِنْ نَضْحِ النَّبْلِ". أخرجه الترمذي (1) وصححه النسائي (2). [صحيح]

"نضْحُ النَّبْلِ": الرمي به (3).

قوله في حديث أنس: "في عمرة القضاء" أقول: تقدم أنها العمرة التي قاضاهم صلى الله عليه وسلم عليها لما صدوه عن عمرته حين بلغ الحديبية.

وقوله: "خلوا بني الكفار" خطاب لأهل مكة.

و"سبيله" الطريق إلى مكة قاله عند دخولها.

وقوله: "نضربكم" ضبط بسكون الموحدة على تنزيل الوصل منزلة الوقف، وضمير تنزيله (4) عائد على القرآن (5) وإن لم يتقدم ذكره لكنه يفهمه السياق، أو الضمير لرسول الله

(1) في "السنن" رقم (2847).

(2)

في "السنن" رقم (2873). وهو حديث صحيح.

(3)

انظر: "ديوان عبد الله بن رواحة"(ص 144، 145).

(4)

انظر: "ديوان عبد الله بن رواحة"(ص 144، 145).

(5)

ويؤيد قول الشارح ما جاء في الديوان (ص 144).

قدْ أنزل الرحمن في تنزيله

في صحف تتلى على رسوله =

ص: 801

- صلى الله عليه وسلم، وتنزيله بمعنى نزوله أي: نضربكم على نزوله مكة ودخوله إليها. يعني: لو منعتموه من ذلك، وإلا فإنهم قد صالحوه صلى الله عليه وسلم على دخولها وأخلوها له ثلاثة أيام وخرجوا عنها.

[و](1) قوله: "ضرباً" منتصب على المصدرية.

و"الهام" في "القاموس"(2) والهامة رأس كل شيء جمعها هام. فالمراد: يزيل الرءوس عن الرقاب أو عن البدن لأنها تقلها.

قوله: "أخرجه الترمذي" قلت: وقال (3): حسن غريب صحيح. وفي "الجامع"(4) قال الترمذي: وقد روي في غير هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة في عمرة القضاء، وكعب بن مالك بين يديه. وهذا أصح عند بعض أهل الحديث؛ لأن عبد الله بن رواحة قتل يوم مؤتة، وإن كانت عمرة القضاء بعد ذلك. انتهى.

وقال الحافظ في "الفتح"(5): قلت: وهو ذهول شديد وغلط مردود، ولا أدري كيف وقع الترمذي في ذلك مع وفور معرفته، مع أن في قصة عمرة القضاء اختصام جعفر وأخيه علي وزيد بن حارثة في بنت حمزة، وجعفر قتل هو وزيد وابن رواحة في موطن واحد. وكيف يخفى عليه - أعني: الترمذي - مثل هذا؟! ولو نقل المصنف [308 ب] كلام "الجامع"(6) هذا الذي عن الترمذي لكان مفيداً؛ لأنه قد قال: وصححه فلو قال: أصح منه كذا.

= انظر: "فتح الباري"(7/ 500 - 503).

(1)

زيادة من (أ).

(2)

"القاموس المحيط"(ص 1513).

(3)

في "السنن"(5/ 139).

(4)

(5/ 171).

(5)

(7/ 502).

(6)

(5/ 171).

ص: 802

8 -

وعنه رضي الله عنه قال: كَان لِرسولِ الله صلى الله عليه وسلم حَادٍ يُقَالُ لَهُ: أَنْجَشَةُ، وَكَانَ حَسَنَ الصَّوْتِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "رُوَيْدَكَ يَا أَنْجَشَةُ، لَا تَكْسِرِ القَوَارِيرَ أوْ سَوْقَكَ بِالقَوَارِير. يَعْنِي: ضَعَفَةَ النِّسَاءِ. أخرجه الشيخان (1). [صحيح]

وقوله: "رُوَيْدَكَ" يعني: ارفق وتأنِّ (2)، ونحو ذلك.

وشبه النساء "بِالقَوَاريرِ"(3) لأن أقلّ شيء يؤثر فيهن من الحداء، أو الغناء، أو أراد أن النساء لا قوة لهن على سرعة السير.

"وَالحُدَاِء" مما يهيج الإبل ويبعثها على السير وسرعته فيضر ذلك بالنساء اللاتي عليهن (4).

قال في "الجامع"(5): قال أنس: كان البراء بن مالك يحدو بالرجال وأنجشة يحدو بالنساء. انتهى. ولم ينسبه إلى كتاب وقال: إنه كان - أنجشة - عبداً حبشياً أسود، وكان حسن الحداء، روى عنه أبو طلحة الأنصاري وأنس بن مالك. انتهى.

قوله: "أو سوقك بالقوارير" أقول: يوهم أنه شك من الراوي، وليس كذلك، بل هذه رواية أخرى في رواية الشيخين (6) كما في "الجامع"(7)، ولفظها: كانت أم سليم مع نساء النبي صلى الله عليه وسلم وهو يسوق بهن بسوَّاق، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"يا أنجشة! رويدك سوقك بالقوارير" وفي

(1) أخرجه البخاري رقم (6149، 6161، 6202، 6210)، ومسلم رقم (70/ 2323).

(2)

قاله ابن الأثير في "غريب الجامع"(5/ 173).

(3)

قاله ابن الأثير في "غريب الجامع"(5/ 173).

(4)

قاله ابن الأثير في غريب الجامع (5/ 173).

(5)

في "تتمة جامع الأصول"(1/ 147 - قسم التراجم).

(6)

أخرجه البخاري في صحيحه رقم (6210)، ومسلم رقم (71/ 2323).

(7)

(5/ 172).

ص: 803

لفظ: "ارفق يا أنجشة ويحك بالقواير" فهي رواية لا شك من الراوي. نعم، الصادر عنه صلى الله عليه وسلم أحد اللفظين إذا كان قصة واحدة، لكن كل راوٍ جزم بما رواه.

قوله: "يعني ضعفة النساء" أقول: هو تفسير قتادة، ذكره البخاري (1) في الرواية.

قوله: "والحداء مما يهيج الإبل ويبعثها على السير" أقول: في "القاموس"(2) في بيان أصل الحداء [388/ أ]. والحديث دليل على جواز الحداء على نحو حداء العرب، وفيه حث للجمال على السير وتبسيط لها، ولذا قال الشاعر:

إن كنت تنكر أن للـ

أنغام في الأسماع وقعا

فانظر إلى الإبل اللوا

تي هن أغلظ منك طبعا

تصغي إلى قول الحدا

ة وتقطع الفلوات قطعا [309 ب]

9 -

وعن الهيْثم بن أبي سنان: أنَّهُ سَمِعَ أَبا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه فِي قَصَصِهِ يَذْكُرُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِنَّ أَخًا لَكُمْ لَا يَقُولُ الرَّفَثَ". يَعْنِي ابْنَ رَوَاحَةَ (3) قَالَ:

[أتَانَا](4) رَسُولُ الله يَتْلُو كِتَابَهُ

إِذَا انْشَقَّ مَعْرُوفٌ مِنَ الفَجْرِ سَاطِعُ

أَرَانَا الهُدَى بَعْدَ العَمَى فَقُلُوبُنَا

بِهِ مُوقِنَاتٌ أَنَّ مَا قَالَ وَاقِعُ

يَبِيتُ يُجَافِي جَنْبَهُ عَنْ فِرَاشِهِ

إِذَا اسْتَثْقَلَتْ بِالمُشْرِكِيْنَ المَضَاجِعُ (5)

(1) في صحيحه رقم (6211).

(2)

قال الفيروز آبادي في "القاموس المحيط"(ص 1643): حَدَا الإبل حَدْواً وحُداءً (وحِداء) زجرها وساقها

وأصل الحُداء في "دي دي ورجل حادٍ وحَدَّا".

(3)

انظر: ديوانه (ص 162).

(4)

كذا في (أ. ب)، وفي "جامع الأصول"(5/ 173)، والذي في البخاري:"والديوان فينا".

(5)

وجاء في "الديوان"(ص 162) قول عبد الله بن رواحة: =

ص: 804

أخرجه البخاري (1). [صحيح]

"الرَّفَث"(2): الفَحْشُ في القول.

قوله: "وعن الهيثم بن أبي سنان" أقول: بالسين المهملة مكسورة ونون قبل ألفه وبعدها مثلها، وهو تابعي سمع من ابن عمرو وأبي هريرة، وروى عنه بكير بن الأشج، والزهري (3).

قوله: "في قصصه" أقول: بفتح القاف وصادين مهملتين.

قوله: "إن أخاً لكم" هو مقول أبي هريرة.

وقوله: "يعني" هو قول الهيثم.

وقوله: "الرفث" بالراء والفاء مثلثة، الفحش في القول كما فسره المصنف.

وقوله في الأبيات: "من الفجر" هو بيان للمعروف.

10 -

وعن البراء رضي الله عنه قال: قَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ قُرَيْظَةَ لِحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ: "اهْجُ المُشْرِكِينَ، فَإِنَّ جِبْرِيلَ مَعَكَ". أخرجه الشيخان (4). [صحيح]

11 -

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: اسْتَأْذَنَ حَسَّانُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم فِي هِجَاءِ المُشْرِكِينَ، فَقَالَ:"فَكَيْفَ بِنَسَبِي؟ " فَقَالَ: لأَسُلَّنَّكَ مِنْهُمْ كَمَا تُسَلُّ الشَّعَرَةُ مِنَ العَجِينِ. أخرجه الشيخان (5). [صحيح]

= وأعْلم عِلماً ليس بالظَّنِّ أَنَّني

إلى اللهِ مَحْشُورٌ هناكَ وَرَاجعُ

(1)

في صحيحه رقم (6151).

(2)

قاله ابن الأثير في "غريب الجامع"(5/ 174)، وقد تقدم معناها مراراً.

(3)

قاله ابن الأثير في "تتمة جامع الأصول"(2/ 991 - قسم التراجم).

(4)

أخرجه البخاري رقم (2313، 4123، 6153)، ومسلم رقم (153/ 2486).

(5)

أخرجه البخاري رقم (3515، 4145، 6150)، ومسلم رقم (156/ 2489).

ص: 805

وزاد مسلم (1) في رواية فقال (2):

وَإنَّ سَنَامَ المَجْدِ مِنْ آلِ هَاشِمٍ

بنُو بنت مَخْزُومٍ وَوَالِدُكَ العَبْدُ

"سَنَامُ" كل شيء أعلاه.

"وَالمَجْدُ" الشرف والعلا والفخر والسؤدد وما أشبهه.

قوله في حديث عائشة: "كما تسل الشعرة من العجين" أقول: فلا يعلق بها شيء منه، أي: لأتلطفن في تخليص نسبك من الهجو حتى لا يبقى جزء من نسبك في نسبهم يناله الهجو؛ لأن الشعرة إذا سلت من العجين لا يبقى فيها منه شيء، بخلاف ما لو سلت من [310 ب] شيء صلب، فربما تنقطع ويبقى فيها بقية.

قوله: "ووالدك العبد" سب لأبي سفيان بن الحارث، وبعد البيت (3):

[ومن](4) ولدت أبناءُ زهرة منهم

كِرَامٌ ولم يَقْرَبْ عجائزكَ المجدُ

والمراد ببنت مخزوم: فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم أم عبد الله أبي النبي صلى الله عليه وسلم والزبير وأبي طالب. وأبو سفيان هو ابن الحارث بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم كان ذلك الوقت يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين ثم أسلم وحسن إسلامه، والمراد بقوله:

ومن ولدت أبناءُ زهرة منهم ....................................

هالة بنت وهب بن عبد مناف أم حمزة وصفية.

(1) في صحيحه رقم (156/ 2489).

(2)

أي حسان بن ثابت الأنصاري. انظر: شرح ديوانه (ص 212 - 213).

(3)

انظره في "شرح ديوان حسان بن ثابت"(ص 213).

(4)

كذا في (أ. ب)، والذي في "الديوان":"وما".

انظر: "شرح ديوان حسان بن ثابت"(ص 212 - 213).

ص: 806

وقوله: "ووالدك العبد" سب لأبي سفيان المذكور؛ لأن أم الحارث بن عبد المطلب والد أبي سفيان هذا، هي سمية بنت موهب، وموهب غلام لبني عبد مناف، وكذا أم سفيان كانت كذلك، وهو المراد بقوله:

. . . . . . . . . . . .

كِرَامٌ ولم يَقْرَبْ عجائزكَ المجدُ

وبعده (1):

ولست كَعَبَّاسٍ ولا كابن أُمِّه

ولكنْ لئيمٌ لا يقوم له زَندُ

وإِنَّ امرءاً كانت سميةُ (2) أمَّهُ

وسمراءُ (3) مغمور إذا بلُغَ الجَهدُ

وأنت [هجينٌ](4) نيطَ بآلِ هاشم

كما نيط خَلْفَ الرَّاكب القَدحُ الفَرْدُ

أفاده في "الاستيعاب"(5).

12 -

وعن عائشة (6) رضي الله عنها قالت: سَمِعْتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "هَجَاهُمْ - يعني: المشركين - حَسَّانُ فَشَفَى وَاشْتَفَى". قَالَ حَسَّانُ (7) رضي الله عنه:

(1) انظر: "ديوان حسان بن ثابت"(ص 213).

(2)

سمية: هي أم سفيان بن الحارث، وهي أم ولد، وأبو سفيان هذا ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، أسلم يوم فتح مكة.

(3)

وسمراء: هي أم أبيه الحارث بن عبد المطلب، وهي أيضاً أم ولد.

(4)

كذا في (أ. ب)، و"الاستيعاب"(ص 164)، والذي في "شرح الديوان" (ص 213): زنيمٌ.

(5)

(ص 164) الأعلام.

(6)

أخرجه مسلم في صحيحه رقم (157/ 2490).

(7)

انظر: "الاستيعاب"(ص 164) الأعلام، "شرح ديوان حسان بن ثابت"(ص 54 - 63).

ومطلع هذه الأبيات:

عَفَتْ ذاتُ الأصابع فالجواءُ

إلى عذراءَ منزِلُها خلاءُ =

ص: 807

هَجَوْتَ مُحَمَّدًا فَأَجَبْتُ عَنْهُ

وَعِنْدَ الله فِي ذَاكَ الجزَاءُ (1)

هَجَوْتَ مُحَمَّدًا بَرًّا تَقِيًّا

رَسُولَ الله شِيمَتُهُ الوَفَاءُ

أَتَهْجُوهُ وَلَسْتُ لهُ بِكُفْءٍ

فشَرَّكُمَا لِخَيْرِكُمَا الفِدَاءُ

فَإِنَّ أَبِي وَوَالِدَهُ وَعِرْضِي

لِعِرْضِ مُحَمَّدٍ مِنْكُمْ وِقَاءُ

ثَكِلْتُ بُنَيَّتِي إِنْ لَمْ تَرَوْهَا

تُثِيرُ النَّقْعَ مَوْرِدُهَا كُدَاءُ

يُبَارِينَ الأَعِنَّةَ مُصْعِدَاتٍ

عَلَى أَكْتَافِهَا الأُسْلُ الظِّمَاءُ

تَظَلُّ جِيَادُنَا مُتَمَطِّرَاتٍ

تُلَطِّمُهُنَّ بِالخُمُرِ النِّسَاءُ

فَإِنْ أَعْرَضْتُمُو عَنَّا اعْتَمَرْنَا

وَكَانَ الفَتْحُ وَانْكَشَفَ الغِطَاءُ

وَإِلَاّ فَاصْبِرُوا لِضِرَابِ يَوْمٍ

يُعِزُّ الله فِيهِ مَنْ يَشَاءُ

وَقَالَ الله قَدْ أَرْسَلْتُ عَبْدًا

يَقُولُ الحَقَّ لَيْسَ بِهِ خَفَاءُ

وَقَالَ الله قَدْ يَسَّرْتُ جُنْدًا

هُمُ الأَنْصَارُ عُرْضَتُهَا اللِّقَاءُ

يلَاقِي كُلَّ يَوْمٍ مِنْ مَعَدٍّ

سِبَابٌ أَوْ قِتَالٌ أَوْ هِجَاءُ

فَمَنْ يَهْجُو رَسُولَ الله مِنْكُمْ

وَيَمْدَحُهُ وَيَنْصُرُهُ سَوَاءُ

وَجِبْرِيلٌ رسول الله فِينَا

وَرُوحُ القُدْسِ لَيْسَ لَهُ كِفَاءُ

أخرجه مسلم (2). [صحيح]

"وَالمُبَارَاةُ": المجاراة والمسابقة.

"وَالأسْلُ"(3): الرماح.

= قال ابن عبد البر في "الاستيعاب"(ص 164): قال مصعب الزبيري: هذه القصيدة قال حسان صدرها في الجاهلية، وآخرها في الإسلام.

(1)

اعلم أن هذه الأبيات التي في رواية مسلم مختلف في ترتيب الأبيات وعددها عما في شرح الديوان.

(2)

في صحيحه رقم (157/ 2490).

(3)

قال ابن الأثير في "النهاية"(1/ 61): الأسل: الرماح والنبل، والأسل في الأصل: الرماح الطِّوال وحدها.

ص: 808

"وَالظَّمَاءُ": جمع ظامئ وهو العطشان، جعلها عطاشاً إلى ورود الماء استعارة.

"مُتَمطِّراتُ"(1) أي: مسرعة.

"عُرْضَتُها" يقال فلان عرضة لكذا إذا كان مستعداً له ومتعرضاً له (2).

قوله في حديث عائشة: "فشفى واشتفى" أقول: أي: شفى المسلمين واستشفى، هو بما ناله من عرض الكفار ومزقها، ونافح عن الإسلام والمسلمين.

قوله: "هجوت محمداً" الخطاب لأبي سفيان بن الحارث كما دل له (3):

ألَا أبلغْ أبا سُفْيانَ عنيِّ [311 ب]

فأنتَ مجُوَّفٌ (4) نَخِبٌ هَوَاءُ

هَجَوْتَ محمداً فأجبتُ عنهُ

وعندَ الله في ذاك الجَزاءُ

13 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أَصْدَقُ كَلِمَةٍ قَالهَا شَاعِرٌ كلِمَةُ لَبِيدٍ:

أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلَا الله بَاطِلٌ (5)

(1) يقال: تمطَّر به فرسه إذا جرى وأسرع، وجاءت الخيل متمطرة، أي: يسبق بعضها بعضاً.

"النهاية"(2/ 665).

(2)

قاله ابن الأثير في "غريب الجامع"(5/ 179).

(3)

انظر: "شرح ديوان حسان بن ثابت"(ص 60 - 61).

(4)

يقال: رجل مجوف، أي: جبان لا قلب له.

(5)

قال لبيد بن ربيعة العامري:

ألا كُلِّ شيءٍ ما خلا الله باطلُ

وكلُّ نعيم لا محالة زائلُ

انظر: "ديوان لبيد بن ربيعة العامري"(ص 254 - 257).

وهي قصيدة يرثي فيها النعمان بن المنذر، وقد جاء في أولها: =

ص: 809

وَكادَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ أَنْ يُسْلِمَ". أخرجه الشيخان (1) والترمذي (2). [صحيح]

قوله في حديث أبي هريرة: "أصدق كلمة قالها شاعر كلمة لبيد" أقول: لبيد (3) بفتح اللام وكسر الموحدة: هو أبو عقيل لبيد بن ربيعة بن عامر بن مالك بن جعفر (4)، قدم على النبي صلى الله عليه وسلم سنة وفود قومه بنو جعفر بن كلاب بن ربيعة، وكان شريفاً في الجاهلية والإسلام، نزل الكوفة ومات بها سنة إحدى وأربعين وله مائة وأربعون سنة، وقيل مائة وسبع وخمسون.

"ألا كل شيء ما خلا الله باطل" لفظه في الترمذي (5): "أشعر كلمة تكلمت بها العرب كلمة لبيد" قال الترمذي (6): إنه حديث حسن صحيح.

14 -

وعن عائشة رضي الله عنها: أنَّهَا سُئِلَتْ: هَلْ كَانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يتَمَثَّلُ بِشَيْءٍ مِنَ الشِّعْرِ؟ قَالَتْ: كَانَ يَتَمَثَّلُ بِشِعْرِ ابْنِ رَوَاحَةَ وَيَقُولُ: "وَيَأْتِيكَ بِالأَخْبَارِ مَنْ لَمْ تُزَوِّدِ".

= ألا تسألانِ المرءَ ماذا يُحاوِلُ

أَنَحْبٌ فيُقَضَى أم ضَلَالٌ وباطِلُ

(1)

أخرجه البخاري رقم (3481، 6147، 6489)، ومسلم رقم (2256).

(2)

في "السنن" رقم (2849)، وهو حديث صحيح.

(3)

قاله ابن الأثير في "تتمة جامع الأصول"(2/ 827 - قسم التراجم).

(4)

وتمام نسبه: ابن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة العامري.

(5)

في "السنن" رقم (2849).

(6)

في "السنن"(5/ 140).

ص: 810

أخرجه الترمذي (1). [صحيح بلفظ: بشعر طرفه]

قوله في حديث عائشة: "ويأتيك بالأخبار من لم تزود" أقول: هذا المصراع ليس لابن رواحة كما قد يوهمه السياق، بل هو لطرفة بن العبد (2) وهي من المعلقات أولها:

لخولة إطلال ببيرقة ثهمد

ضللت بها أبكي وأبكي إلى الغد

ومنها:

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً

ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

ومن بعده (3):

لعمرك ما الأيام إلا معارة

فما استطعت من معروفها فتزود

قوله: "أخرجه الترمذي" قلت: وقال (4): وفي الباب عن ابن عباس، هذا حديث حسن صحيح.

15 -

وعن جندب بن عبد الله رضي الله عنه قال: بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم إِذْ أَصَابَهُ حَجَرٌ فَعَثَرَ فَدَمِيَتْ إِصْبَعُهُ فَقَالَ:

هَلْ أَنْتِ إِلَاّ إِصْبَعٌ دَمِيتِ

وَفِي سَبِيلِ الله مَا لَقِيتِ

أخرجه الشيخان (5). [صحيح]

(1) في "السنن" رقم (2848)، وهو حديث صحيح بلفظ: بشعر طَرَفة.

(2)

وهو كما قال. انظر: "المعلقات العشر وأخبار شعرائها"(ص 39)، و"شرح المعلقات السبع"(ص 60 - 61).

(3)

لم أجده في "معلقة طرفة بن العبد".

(4)

في "السنن"(5/ 139).

(5)

أخرجه البخاري رقم (2802، 6146)، ومسلم رقم (112/ 1796).

ص: 811

قوله في حديث جندب: [312 ب]"هل أنت إلا إصبع دميت" اختلف (1) هل قاله صلى الله عليه وسلم منشداً أو متمثلاً، بالثاني جزم الطبري (2) وغيره (3)، فقيل: هو للوليد بن الوليد بن المغيرة. وقيل: لعبد الله بن رواحة، قاله في غزوة مؤتة، وقد [389/ أ] أصيبت إصبعه وبعده أبيات (4).

قال ابن الأثير (5): وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في استماع الشعر والتمثل به أحاديث عدة قد ذكرت في أبوابها التي هي بها أولى مثل غزوة الخندق، وغيرها من المواضع، فلذلك لم نُعدِ ذكرها في هذا الكتاب. انتهى.

(1) ذكره الحافظ في "الفتح"(10/ 541).

(2)

ذكره الحافظ في "الفتح"(10/ 541).

(3)

كالواقدي.

(4)

وإليك الأبيات من "ديوان عبد الله بن رواحة"(ص 99).

(5)

في "جامع الأصول"(5/ 181).

ص: 812