الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نَفَسٍ وَاحِدٍ. فقَالَ صلى الله عليه وسلم: "فَأَبِنِ القَدَحَ عَنْ فِيكَ ثُمَّ تَنَفَّسْ" قَالَ: فَإِنِّي أَرَى القَذَاةَ فِيهِ. قَالَ: "فَأَهْرِقْهَا". أخرجه الأربعة (1) إلا النسائي. [صحيح]
قوله: "وعن أبي المثنى الجهني" أقول: لم يذكر ابن الأثير (2) اسمه ولا شيئاً من أحواله غير أنه تابعي، روى عن أبي سعيد هذا الحديث.
قوله: "أخرجه الأربعة إلا النسائي" قلت: إلا أن هذا الذي ساقه المصنف لفظ "الموطأ"(3)، وفي رواية الترمذي (4) زيادة أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن النفخ في الشراب، وفي رواية أبي داود (5): نهى أن يشرب من ثلمة القدح، وأن ينفخ في الشراب.
قوله: "القذاة" يريد كالعود وفتات الخزف وما يكنس به المسجد.
الفصل الرابع: في ترتيب الشاربين
1 -
عن أنس رضي الله عنه قال: أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِقَدِح لَبَنٍ قَدْ شِيبَ بِمَاءٍ، وَعَنْ يَسَارِهِ أَبُو بَكْرٍ، وَعَنْ يَمِينِهِ أَعْرَابِيٌّ، فَأَعْطَى الأَعْرَابِيَّ فَضْلَهُ، وَقَالَ:"الأَيْمَنَ فَالأَيْمَنَ". أخرجه الستة (6) إلا النسائي. [صحيح]
قوله: (الفصل الرابع: في ترتيب الشاربين).
(1) أخرجه مالك في "الموطأ"(2/ 925)، وأبو داود رقم (3722)، والترمذي رقم (1887)، وهو حديث صحيح.
(2)
في "تتمة جامع الأصول"(2/ 926 - قسم التراجم).
(3)
(2/ 925).
(4)
في "السنن" رقم (1887).
(5)
في "السنن" رقم (3722).
(6)
أخرجه البخاري رقم (5619)، ومسلم رقم (124/ 2029)، وأبو داود رقم (3726)، والترمذي رقم (1893)، وابن ماجه رقم (3425)، وأخرجه أحمد (3/ 110، 113، 197، 231).
قوله في حديث أنس: "الأيمن فالأيمن" أقول: ضبط بالنصب والرفع. فالأول بإضمار (قدموا) والثاني إنه مبتدأ يقدر خبره أحق، أو بأن يقدم الأيمن. واستنبط من تكرير الأيمن أن السنة إعطاء الذي على اليمين ثم الذي يليه، وهلم جرا، أو هو عام في كل شرب. ونقل عن مالك وحده أنه خصه بالماء. وقال ابن عبد البر (1): لا يصح عنه.
قلت: وهو الأولى، وكيف والنص هنا في اللبن؟! وهذا محمول على الاستحباب.
وقال ابن حزم (2): إنه واجب ذلك، وفي رواية من طريق سعيد عن الزهري أنه قال عمر وخاف أن يعطي رسول الله صلى الله عليه وسلم الأعرابي (3). أعطِه أبا بكر، وفي رواية: وقال عمر: هذا أبو بكر.
قال الخطابي (4) وغيره: كانت [العادة](5) جارية لملوك الجاهلية ورؤسائهم تقديم (6) الأيمن في الشرب، حتى قال عمرو بن كلثوم في قصيدة له:
وكان الكأس مجراها اليمينا
فخشي عمر بذلك أن يقدم صلى الله عليه وسلم الأعرابي على أبي بكر في الشرب، فنبه على ذلك؛ لأنه احتمل عنده أن النبي صلى الله عليه وسلم يؤثر تقديم أبي بكر على تلك العادة، فتصير السنة تقديم الأفضل في الشرب على الأيمن، فبين النبي [277 ب]صلى الله عليه وسلم بفعله وقوله أن تلك العادة لم تغيرها
(1) في "التمهيد"(15/ 255 - 256).
(2)
في "المحلى"(7/ 522).
(3)
أي قال عمر: يا رسول الله! أعطه أبا بكر
…
"المحلى"(7/ 522).
(4)
في "غريب الحديث"(1/ 388 - 389).
(5)
في (ب): "عادة".
(6)
انظر: "فتح الباري"(10/ 86).
السنة، وأنها مستمرة، وأن الأيمن يقدم على الأفضل في ذلك، ولا يلزم من ذلك حط رتبة الأفضل. [376/ أ].
واعلم أنه ترجم له البخاري (1) بقوله: باب شرب الماء باللبن. وساق ابن الأثير (2) رواية أنس فقال: أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يشرب لبناً وأتى داره فاستقى قال: فحلبت شاةً فشبت لرسول الله صلى الله عليه وسلم من البئر، فتناول القدح فشرب، وعن يساره أبو بكر، وعن يمينه أعرابي
…
الحديث.
وفي رواية (3) قال: أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم في دارنا هذه، فحلبت له شاة ثم شبته من ماء بئرنا هذه فأعطيته، وأبو بكر عن يساره، وعمر تجاهه، وأعرابي عن يمينه، فلما فرغ قال عمر: هذا أبو بكر، فأعطى الأعرابي وقال:"الأيمنون الأيمنون الأيمنون". قال أنس: فهي سنة، فهي سنة، فهي سنة.
2 -
وعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: أُتِيَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بِشَرَابٍ فَشَرِبَ، وَعَنْ يَمِينِهِ غُلَامٌ، وَعَنْ يَسَارِهِ الأَشْيَاخُ، فَقَالَ لِلْغُلَامِ:"أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أُعْطِيَ هَؤُلَاءِ؟ ". فَقَالَ الغُلَامُ: وَالله يَا رَسُولَ الله، لَا أُوثِرُ بِنَصِيبِي مِنْكَ أَحَدًا. قَالَ: فَتَلَّهُ رسول الله صلى الله عليه وسلم فِي يَدِهِ. أخرجه الشيخان (4). [صحيح]
وزاد رزين: "قَالَ: وَكانَ الغُلَامُ الفَضْلُ بْنَ العَبَّاس".
(1) في صحيحه رقم (10/ 75 الباب رقم 14 - مع الفتح).
(2)
في "الجامع"(5/ 83).
(3)
أخرجه البخاري رقم (2571)، ومسلم رقم (126/ 2029).
(4)
أخرجه البخاري رقم (5620)، ومسلم رقم (127/ 2030)، وأخرجه أحمد (5/ 333، 338).
قوله في حديث سهل بن سعد: "وعن يمينه غلام" أقول: هو عبد الله عباس. وقيل: أخوه الفضل، وهو الذي يأتي عن رزين. وقال ابن بطال (1): كان الغلام أحد بني خالد بن الوليد. وقيل: عبد الله بن عباس، وهو المشهور، قاله أحمد بن الخير. وكان ذلك في بيت ميمونة.
قال ابن الجوزي: وإنما استأذن الغلام ولم يستأذن الأعرابي؛ لأن الأعرابي لم يكن له علم بالشريعة فاستألفه بترك استئذانه بخلاف الغلام.
قلت: ترجم البخاري (2) للحديث بباب: هل يستأذن الرجل من عن يمينه في الشرب ليعطي الآخر.
قال في "الفتح"(3): كأنه لم يجزم بالحكم، لكونها واقعة عين فيتطرق عليها الاختصاص. [278 ب] فلا يطرد الحكم فيها لكل جليسين.
قوله: "أتأذن لي" أقول: هو ظاهر (4) في أنه لو أذن له لأعطاهم. قيل: ويؤخذ منه جواز الإيثار بمثل ذلك، وهو مشكل على ما اشتهر من أنه لا إيثار بالقرب.
قلت: وقد يقال: إنه ليس من إيثار بالقرب إذ القرب ما يتقرب به إلى الله تعالى، والتقدم في الشرب من فضله صلى الله عليه وسلم فيه شرف ومزية، وأما أنه يؤجر على التقدم حتى يكون قربة فمحل نظر، ثم إن هذا الإيثار في الفضلة بالمشروب، وهل يجري في غيره من المأكول والطيب؟
(1) في شرحه لـ "صحيح البخاري"(6/ 74).
(2)
في صحيحه (10/ 86 الباب رقم 19 - مع الفتح).
(3)
(10/ 86).
(4)
ذكره الحافظ في "الفتح"(10/ 87).