الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب: الذبائح
وفيه أربعة فصول
الفصل الأول: في آداب الذبح ومنهياته
1 -
عن شداد بن أوس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الله تَعَالى كَتَبَ الإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا القِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَةَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ ولْيُرِحُ ذَبِيحَتَهُ". أخرجه الخمسة (1) إلا البخاري. [صحيح]
"القِتْلةُ وَالذِّبْحَةُ" بكسر أولهما: الحالة، وبفتحها: المرة الواحدة من القتْل، والذبح وهو المصدر (2).
قوله: "عن شداد"(3) بفتح الشين المعجمة، فدال مهملة مشددة، آخره مهملة، ابن أوس، بفتح الهمزة وسكون الواو، فسين مهملة، وهو أي: شداد ابن أخي حسان بن ثابت.
قوله: "وليرح ذبيحته" أقول: من أراحه، والذبيحة المذبوح سميت به مجازاً، من باب:"من قتل قتيلاً فله سلبه" وإراحتها بإحداد السكين، وتعجيل إمرارها وغير ذلك، ويستحب (4) أن لا يحد السكين بحضرتها، وأن لا يذبح واحدة بحضرة أخرى، ولا يجرها إلى مذبحها بعنف.
واعلم أن الأمر بإحسان القتلة عام في كل قتل من الذبائح، والقتل قصاصاً، وفي الحد. وهذا الحديث من جوامع الكلم.
(1) أخرجه مسلم رقم (57/ 1955)، وأبو داود رقم (2815)، والترمذي رقم (1409)، والنسائي رقم (4405)، وابن ماجه رقم (3170)، وهو حديث صحيح.
(2)
قاله ابن الأثير في "غريب الجامع"(4/ 480).
(3)
انظر: "التقريب"(1/ 347 رقم 26).
(4)
قاله النووي في شرحه لصحيح مسلم (13/ 107).
قوله: "وهي المصدر" هذه الصيغة صيغة المصدر الذي يراد به العدد.
قال ابن أبي حمزة: فيه رحمة الله لعباده، حتى في حال القتل، فأذن في القتل [وأخذ](1) وأمرنا بالرفق فيه.
ويؤخذ منه: قهره لجميع عباده، وإنه لا يترك لأحد التصرف في شيء إلا قد حد له كيفية.
2 -
وعن أبي هريرة وابن عباس رضي الله عنهم قالا: نَهَى رسول الله صلى الله عليه وسلم عنْ شَرِيطَةِ الشَّيْطَانِ. قِيلَ: هِيَ الذَّبِيحَةُ يُقْطَعُ مِنْهَا الجِلْدُ وَلَا تُفْرَى الأوَدَاجُ ثمَّ تُتْرَكُ حَتَّى تَمُوتَ. أخرجه أبو داود (2). [ضعيف]
"الأوْدَاجُ": جمع وَدَج، وهو عرق العنق، وهما ودجان في جانبي العنق، وإنما أضافهما إلى الشيطان لحمله إياهم على ذلك، وكان من عمل الجاهلية (3).
(1) كذا في (أ. ب) غير واضحة المعنى.
(2)
في "السنن" رقم (2826)، وهو حديث ضعيف.
وأخرجه ابن حبان في صحيحه رقم (5888)، والحاكم (4/ 114)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(9/ 278)، وأحمد في "المسند"(1/ 289) من طرق عن عبد الله بن المبارك عن معمر عن عمرو بن عبد الله عن عكرمة عن ابن عباس وأبي هريرة، وزاد الحاكم: قال ابن المبارك: والشريطة: أن يخرج الروح منه بشرط من غير قطع الحلقوم، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي.
قلت: وهذا إسناد ضعيف رجاله كلهم ثقات رجال مسلم، غير عمرو بن عبد الله وهو ابن الأسود اليماني وقد ضعِّف، كما قال الذهبي في "الكاشف" رقم الترجمة (4246)، ولم يوثقه من المشهورين أحد سوى ابن حبان.
وقال الحافظ في "التقريب" رقم (5060): صدوق فيه لين، وبه أعله المنذري، فقال: وقد تكلم فيه غير واحد.
(3)
قاله ابن الأثير في "غريب الجامع"(4/ 482).
3 -
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "مَنْ نَسِيَ التَّسْمِيَةَ فلا بَأْسَ، وَمَنْ تَعَمَّدَ فَلَا تُؤْكلْ". أخرجه رزين.
قوله: "في حديث أبي هريرة وابن عباس" قيل: هي الذبيحة يقطع منها الجلد.
أقول: لفظ "النهاية"(1) قيل: هي الذبيحة التي لا تقطع أوادجها ويستقصي [104 ب] ذبحها، وهي من شريطة الحجام، وكان أهل الجاهلية يقطعون بعض حلقها ويتركونها حتى تموت.
قوله: "أخرجه رزين" أقول: هو موقوف على ابن عباس، وقد علقه البخاري (2).
قال في "الفتح"(3)[318/ أ]: إنه وصله الدارقطني، وذكره مالك بلاغاً عن ابن عباس. وأخرجه الدارقطني من وجه آخر عن ابن عباس مرفوعاً.
وهذه التفرقة بين المتعمد وغيره اختارها البخاري.
فقال في ترجمته (4): "باب التسمية على الذبيحة ومن ترك متعمداً" واستظهر يقول ابن عباس وبما ذكره بعده من قوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} (5) ثم قال: والناسي لا يسمى فاسقاً، يشير إلى قوله تعالى في الآية:{وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} (6) فاستنبط منها أن الوصف للعامد فيختص الوصف به، والتفرقة بين الناسي والعامد في الذبيحة قول أحمد (7)
(1)"النهاية في غريب الحديث"(1/ 856).
(2)
في صحيحه (9/ 623 الباب رقم 15 مع الفتح).
(3)
في "فتح الباري"(9/ 624).
(4)
في صحيحه (9/ 623 الباب رقم 15 مع الفتح).
(5)
سورة الأنعام: 121.
(6)
سورة الأنعام: 121.
(7)
"المغني"(13/ 390).
وطائفة، وقواه الغزالي في "الإحياء"(1) محتجاً بأن ظاهر الآية الإيجاب مطلقاً، وكذلك الأخبار، وإن الأخبار الدالة على الرخصة تحتمل التعميم، وتحتمل الاختصاص بالناسي، فكان حمله عليه أولى لتحري الأدلة كلها على ظاهرها، ويعذر الناسي دون العامد.
4 -
وعن ابن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْ إِنْسَانٍ يَقْتلُ عُصْفُورًا فَمَا فَوْقَهَا بِغَيْرِ حَقِّ إِلَاّ سَأَلَهُ الله تَعَالَى عَنْهَا". قِيلَ: وَمَا حَقُّهَا؟ قَالَ: "يَذْبَحُهَا فَيَأْكُلُهَا وَلَا يَقْطَعُ رَأْسَهَا وَيَرْمِي بِهَا". أخرجه النسائي (2). [ضعيف]
5 -
وعن أبي واقد رضي الله عنه قال: قَدِمَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم المَدِينَةَ وَهُمْ يَجُبُّونَ أَسْنِمَةَ الإِبِلِ وَيَقْطَعُونَ أَلْيَاتِ الغَنَمِ وَيَأْكُلُونَ ذلِكَ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:"مَا قُطِعَ مِنَ البَهِيمَةِ وَهِيَ حَيَّةٌ فَهُوَ مَيْتَةٌ لَا يُؤْكَلُ". أخرجه أبو داود (3) والترمذي (4). [صحيح]
(1)(2/ 96 - 97).
(2)
في "السنن" رقم (4349)، وهو حديث ضعيف.
وأخرجه أحمد في "المستدرك"(2/ 166)، والبخاري في "التاريخ الكبير"(4/ 316)، والبيهقي في "الشعب" رقم (11075)، وفي "السنن الكبرى"(9/ 279)، والدارمي (2/ 84)، والبغوي رقم (2787)، والحميدي رقم (587)، والشافعي في مسنده (2/ 171 - 172 رقم 598 - ترتيب).
(3)
في "السنن" رقم (2858).
(4)
في "السنن" رقم (1480) وقال: حسن غريب. لا نعرفه إلا من حديث زيد ين أسلم.
وأخرجه الترمذي في "العلل الكبير"(2/ 632)، والدارمي رقم (2061) ، وابن الجارود رقم (876)، والطحاوي في "مشكل الآثار" رقم (1572)، والطبراني في "الكبير" رقم (3304)، وابن عدي في "الكامل"(4/ 1608)، والدارقطني (4/ 292)، والحاكم (4/ 239) من طرق عن عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، قال عبد الصمد في حديثه: حدثنا زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي واقد الليثي به.
وهو حديث صحيح.