الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حرف السين
وفيه خمسة كتب
السخاء - السفر - السبق - السؤال - السحر
كتاب: السخاء والكرم
1 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "السَّخِيُّ قَرِيبٌ مِنَ الله، قَرِيبٌ مِنَ النَّاسِ، قَرِيبٌ مِنَ الجَنَّةِ، بَعِيدٌ مِنَ النَّارِ. وَالبَخِيلُ بَعِيدٌ مِنَ الله، بَعِيدٌ مِنَ النَّاسِ، بَعِيدٌ مِنَ الجَنَّةِ، قَرِيبٌ مِنَ النَّارِ، وَلجَاهِلٌ سَخِيٌّ أَحَبُّ إِلَى الله تعَالى مِنْ عَابِدٍ بَخِيلٍ". أخرجه الترمذي (1). [ضعيف]
(حرف السين المهملة).
وفيه خمسة كتب: الأول: السخاء، والثاني: السفر، والثالث: السبق. زاد ابن الأثير (2): والرمي، وسيأتي به المصنف في النشر، ولغيره مما زاده ابن الأثير في الترجمة.
والرابع (3): السؤال، زاد ابن الأثير: وآدابه. والخامس (4): السحر، زاد ابن الأثير: والكهانة.
فالأول: (كتاب السخاء والكرم).
(1) في "السنن" رقم (1961)، وهو حديث ضعيف.
(2)
في "الجامع"(5/ 36).
(3)
في "الجامع"(5/ 54).
(4)
في "الجامع"(5/ 60).
أقول: في "التعريفات"(1): السخاء الجود، وإعطاء ما ينبغي [239 ب] لمن يبتغي، أو بذل النائل قبل إلحاف السائل. وقال (2) في الكرم:[الكرم](3) إفادة ما ينبغي لا لغرض، فمن وهب المال لجلب نفع، أو دفع شر، أو خلاصٍ من ذمٍّ غير كريم. انتهى.
قوله في حديث أبي هريرة: "السخي قريب من الله" لأنه تخلق بأحب الأخلاق إليه. "قريب من الجنة" لأنها دار الأسخياء.
"قريب من الناس" لأنها جبلت الطباع على حبه والقرب منه، لنيل رفده.
"بعيد من النار" لإنجائه نفسه تيسره لليسرى، قال تعالى:{فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7)} (4) فجعل الإعطاء أول أسباب التيسير لليسرى، وجعل التيسير لليسرى مما أعطاه رسوله صلى الله عليه وسلم حيث قال:{وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى (8)} (5) ومن يسر لليسرى بعيد من النار، قريب من الجنة، قريب من الله.
قوله: "والبخيل" أقول: في "التعريفات"(6) البخل: إمساك المقتنيات عمالا يحل حبسها عنه، وضده الجود. والبخيل من يَكْثُر منه البخل، والبخل ضربان؛ بخل بمقتنيات نفسه، وبخل بمقتنيات غيره، وهو أكثرهما ذماً، والبخل شرعاً: منع الواجب. انتهى.
(1)(ص 400).
(2)
المناوي في "التعريفات"(ص 603).
(3)
سقطت من (ب).
(4)
سورة الليل: 5 - 7.
(5)
سورة الأعلى: 8.
(6)
(ص 117).
"بعيد من الله" هو بضد السخي يقرب مما بعد منه، ويبعد مما قرب منه، ولذا جعل الله البخل من أول أسباب التيسير للعسرى فقال:{وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8)} (1) الآية. ومن يسر للعسرى كان بعيداً عن كل خير. [240 ب].
قوله: " [ولجاهل سخي] (2) " أقول: في رواية الترمذي: "والبخيل"[363/ أ] بالتعريف وتنكير سخي، وعلى رواية المصنف؛ فاللام جواب قسم محذوف أي: والله لجاهل إلى آخره.
قوله: "أحب إلى الله" هو خبر المبتدأ، فجمع الله للسخي بين أحبيته على العابد البخيل وقربه من الله تعالى.
قوله: "أخرجه الترمذي" قلت: وقال (3): هذا حديث لا نعرفه من حديث يحيى بن سعيد عن الأعرج عن أبي هريرة، إلا من حديث سعيد بن محمد، وقد خولف سعيد بن محمد في رواية هذا الحديث عن يحيى بن سعيد، إنما يروي عن يحيى بن سعيد عن عائشة شيء مرسل. انتهى.
2 -
وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قَالَ الله عز وجل: أُنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ، وَقَالَ: يَدُ الله مَلأَى لَا تَغِيضُهَا نَفَقَةٌ سَحَّاءُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ. أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْفَقَ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ فَإِنَّهُ لَمْ يَغِضْ مَا فِي يَدهِ، وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى المَاءِ، وَبِيَدهِ الِميزَانُ يَخْفِضُ وَيَرْفَعُ". أخرجه الشيخان (4) والترمذي (5).
"لَا يُغَضُهَا" أي: لا ينقصها. [صحيح]
(1) سورة الليل: 8.
(2)
في (أ): "وبخيل جاهل".
(3)
في "السنن"(4/ 343).
(4)
أخرجه البخاري في صحيحه (4684، 5352، 7411، 7496)، ومسلم رقم (993).
(5)
في "السنن" رقم (3045).
وقوله: "سَحَّاء"(1) أي: لا ينقطع عطاؤها كَسَحِّ المطَر.
قوله في حديث أبي هريرة الثاني: "لا يغيضها" أقول: في "النهاية"(2): "لا يغضها" يقال: غاض الماء يغيض إذا غار، ومنها سحاء الليل والنهار، أي: دائمة الصَّبِّ والهطل بالعطاء، يقال: سح يسيح سحاً فهو ساح، والمؤنثة سحاء، وفي رواية:"يمين الله سحاً" بالتنوين على المصدر، واليمين (3) هنا كناية عن محل عطائه ووصفها بالامتلاء لكثرة منافعها فجعلها كالعين الثرة التي لا يغيضها الاستقاء ولا ينقصها الامتياح، وخص اليمين؛ لأنها في الأكثر مظنة العطاء على طريق الاتساع والمجاز، والليل والنهار منصوبان على الظرف. انتهى. وهو تمثيل، والمراد أنه في غاية الغنى وعنده من الرزق ما لا نهاية له.
3 -
وعن أنس رضي الله عنه قَالَ: "كانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم "لَا يَدَّخِرُ شَيْئًا لِغَدٍ". أخرجه الترمذي (4). [حسن]
(1) انظر: "النهاية"(1/ 758)، "غريب الحديث" للخطابي (2/ 80)، (3/ 266).
(2)
(2/ 334).
(3)
بل توصف يد الله عز وجل بأنها يمين، وهذا ثابت بالكتاب والسنة.
الدليل من الكتاب:
قوله تعالى: {وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} [الزمر: 67].
الدليل من السنة:
ما أخرجه البخاري رقم (7382)، ومسلم رقم (2787) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه وفيه: "
…
ويطوي السماء بيمينه
…
".
وما أخرجه البخاري في صحيحه رقم (7419)، ومسلم رقم (994) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: "يمين الله ملأى لا يغيضها نفقة
…
".
فأهل السنة والجماعة يؤمنون أن لله عز وجل يدين، وأن إحدى يديه يمين، وقد تقدم تفصيل ذلك.
(4)
في "السنن" رقم (2362)، وهو حديث حسن.
قوله في حديث أنس: "لا يدخر شيئاً لغد" أقول: أي لنفسه، وإلا فإنه أعطى نساءه نفقة السنة (1)، وهذا عام في كل ادخار لأي شيء، فلا يدخر الخليفة شيئاً مما بيده بل ينفقه في وجوهه، ويدل له ما يأتي في حديث [عقبة](2).
قوله: "أخرجه الترمذي" قلت: وقال (3): هذا حديث غريب، وقد روي هذا عن [241 ب] جعفر بن سليمان عن ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً. [انتهى](4).
4 -
وعن جبير بن مُطْعِمٍ رضي الله عنه قال: بَيْنَمَا رسول الله صلى الله عليه وسلم يَسِيرُ قَافِلاً مِنْ حُنَيْنٍ فَعَلِقَ بِهِ الأَعْرَاب يَسْأَلُونَهُ، حَتَّى اضْطَرُّوهُ إِلَى سَمُرَةٍ فَخَطِفَتْ رِدَاءَهُ، فَوَقَفَ فَقَالَ:"أَعْطُونِي رِدَائِي، فَلَوْ كَانَ لي عَدَدُ هَذِهِ العِضَاهِ نَعَمًا لَقَسَمْتُهُ بَيْنَكُمْ، ثُمَّ لَا تَجِدُونِي بَخِيلاً وَلَا كَذَّاباً وَلَا جَبَانًا". أخرجه البخاري (5). [صحيح]
قوله في حديث جبير بن مطعم: "حتى اضطرُّوه" أقول: أي ألجؤوه إلى "سمرة" بضم الميم: شجرة ذات شوك.
[و](6) قوله: "خطفت" بكسر الطاء فقاف: الخطفة الأخذ بسرعة، و"العضاة" بكسر المهملة وضاد معجمة خفيفة آخره هاء: شجر ذو شوك.
وفي الحديث جواز وصف الإنسان بالخصال الحميدة عند الحاجة، كخوف ظن أهل الجهل به خلاف ذلك، ولا يكون ذلك من الفخر المذموم.
(1) تقدم ذكره.
(2)
في (ب): "عنه".
(3)
في "السنن"(4/ 580).
(4)
زيادة من (أ).
(5)
في صحيحه رقم (2821)، وطرفه في رقم (3148).
(6)
زيادة من (أ).
5 -
وعن عقبة بن الحارث رضي الله عنه قال: صَلَّى بِنَا رسول الله صلى الله عليه وسلم العَصْرَ فَأَسْرَعَ وَأقْبَلَ يَشُقُّ النَّاسَ حَتَّى دَخَلَ بَيْتَهُ، فَعَجِبَ النَّاسُ مِنْ سُرْعَتِهِ، ثمَّ لَمْ يَكُنْ بِأَوْشَكَ مِنْ أنْ خَرَجَ، فقَالَ:"إنِّي ذَكَرْتُ شَيْئًا مِنْ تِبْرٍ كانَ عِنْدِي فَخَشِيتُ أنْ يَحْبِسَنِي فَقَسَّمْتُهُ". أخرجه البخاري (1) والنسائي (2). [صحيح]
"التِّبْرُ"(3): الذهب الذي لم يضرب دنانير.
قوله في حديث عقبة بن الحارث: "ثم لم يكن بأوشك" أقول: بفتح الهمزة: بأسرع. و"التَّبر": الذهب والفضة قبل أن يضربا دنانير ودراهم، فإذا ضربا كان عيناً، وقد يطلق التبر على غيرهما من المعدنيات كالنحاس، والحديد، والرصاص، وأكثر اختصاصه بالذهب، ومنهم من يجعله في الذهب أصلا، وفي غيره فرعاً ومجازاً. قاله في "النهاية"(4). وفي هذا دليل على أن الخليفة ومن عنده حق مشترك [242 ب] يبادر إلى قسمته بين من له فيه حق، وأنه لا يدخر منه شيئاً لجهاد ولا غيره.
قوله: "فخشيت أن يحبسني" في لفظ للبخاري (5): "فكرهت أن يبيت عندي"، وقوله:"يحبسني" يقال: حبسني هذا الأمر يحبسني إذا عاقني.
6 -
وعن أنس رضي الله عنه قال: لمَّا قَدِمَ المُهَاجِرُونَ المَدِينَةَ لَمْ يَكُنْ بِأَيْدِيهِمْ شَيْء، وَكَانَتِ الأَنْصَارُ أَهْلَ الأرَاضِي وَالعَقَارِ، فَقَاسَمُوهُمْ عَلَى أَنْصَافَ ثِمَارِ أَمْوَالهِمْ كُلَّ عَامٍ وَيَكْفُونَهُمُ العَمَلَ وَالمؤنَةَ. وَكَانَتْ أُمُّ أَنَسِ أَعْطَتْ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم عِذَاقًا كانَتْ لَهَا، فَلَمَّا فَرَغَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ
(1) في صحيحه رقم (851)، وأطرافه في (1221، 1430، 6275).
(2)
في "السنن" رقم (1365).
(3)
(1/ 180). وانظر: "المجموع المغيث"(1/ 214).
(4)
(1/ 180). وانظر: "المجموع المغيث"(1/ 214).
(5)
في صحيحه رقم (1221).
قِتَالِ أَهْلِ خَيْبَرَ رَدَّ المُهَاجِرُونَ إِلَى الأَنْصارِ مَنَائِحَهُمُ، وَرَدَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إِلَى أُمِّ أنَسٍ عِذَاقَهَا". أخرجه الشيخان (1). [صحيح]
"العِذَاقُ"(2): جمع عَذْقِ بفتح العين وهو النخلة بما عليها من الحمل.
و"المَنِيحَةُ"(3) هنا: العطية.
قوله في حديث أنس: "على أنصاف ثمار أموالهم" أقول: هذه هي المخابرة (4)، وهي التي جعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أهل خيبر. وأما عذاق أم أنس؛ فالظاهر أنها أعطته منيحة، لا أنها مخابرة.
قوله: "والمنيحة هنا: العطية" لا يخفى أن الأنصار إنما زارعوا المهاجرين، لا أنهم أعطوهم الأموال والثمار، وإنما سميت منائح مجازاً، حيث تبرع الأنصار بذلك إشفاقاً على المهاجرين، ولينالوا خيراً من ثمارهم وإن كان أجرة عملهم.
قال ابن الأثير (5): الأصل فيه الناقة أو الشاة تعيرها غيرك، لينتفع بها وبلبنها ثم يردها. انتهى.
(1) البخاري في صحيحه رقم (2630)، وأطرافه (3128، 4120،4030)، ومسلم رقم (1771).
(2)
قاله ابن الأثير في "غريب الجامع"(5/ 13).
(3)
انظر: "النهاية في غريب الحديث"(2/ 683)، "الفائق" للزمخشري (3/ 389).
(4)
تقدم ذكرها.
(5)
(2/ 682).