الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقيل (1): معنى التمام هنا: أنها تنفع المتعوذ وتحفظه من الآفات وتكفيه. انتهى.
قوله: "أخرجه مسلم ومالك والترمذي" وقال (2): "حسن صحيح غريب".
الفصل التاسع: في أدعية الكرب والهم
1 -
عن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَاهُ وَهُوَ فِي بَطْنِ الحُوتِ: لَا إِلَهَ إِلَاّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالمِينَ. مَا دَعَا بِهَا أَحَدٌ قَطٌ إلَاّ اسْتُجِيبَ لَهُ". أخرجه الترمذي (3). [صحيح]
قوله: "التاسع" أي: "الفصل التاسع"[في أدعية الكرب والهم](4).
[أقول: الكرب؛ بفتح الكاف [33 ب] وسكون الراء فموحدة، هو غاية الغَمِّ (5) الذي يأخذ بالنفس.
والهم؛ هو الحزن والقلق لأمر متوقع.
قوله: "عن سعد" هو ابن أبي وقاص. وهذا الحديث لم أجده في "الجامع" في هذا الفصل، ولا ذكره في التفسير في حرف "التاء" وذكره هنا مناسب؛ لأنه تعالى قال:{فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (88)} (6) نعم .. ذكره ابن الأثير في قسم الأدعية المطلقة.
(1) قاله ابن الأثير في "غريب الجامع"(4/ 293).
(2)
في "السنن"(5/ 496).
(3)
في "السنن" رقم (3505)، وهو حديث صحيح.
(4)
في (ب): "مكررة".
(5)
"القاموس المحيط"(ص 166).
(6)
سورة الأنبياء: 88.
واعلم أن وجه تأثير هذه الأدعية الواردة ونحوها في دواء هذه الأمراض القلبية، أن القلب خلق لمعرفة فاطره ومحبته وتوحيده، والسرور به، والابتهاج بحبه والرضا عنه، والتوكل عليه، والحب فيه، والبغض فيه، والموالاة فيه، والمعاداة فيه، ودوام ذكره، وأن يكون أحب إليه من كل ما سواه، وأجلَّ في قلبه من كل ما سواه، ولا نعيم له ولا سرور ولا لذة؛ بل ولا حياة له إلا بذلك.
وهذا له بمنزلة الغذاء والصحة والحياة، فإذا فقد غذاءه وصحته وحياته فالهموم والغموم والأحزان مسارعة إليه من كل صوب إليه، [ورهنٌ](1) مقيم عليه .. فدواؤه الذي لا دواء سواه ما تضمنته هذه العلاجات النبوية [297/ أ] المضادة لهذه الأدواء، فإن المرض يزول بالضد، والصحة تحفظ بالمثل، فصحته تحفظ بهذه [الأمور](2) النبوية وأمراضه بأضدادها. أفاده ابن القيم [34 ب] في "زاد المعاد"(3).
قوله: "أخرجه الترمذي".
قلت: وأحمد (4)، والنسائي (5)، والحكيم الترمذي في "نوادر الأصول"(6)، والبزار (7) ،
(1) في (ب): "ودوائهن".
(2)
في (أ. ب): "الأدوية"، وما أثبتناه من "زاد المعاد"(4/ 186).
(3)
(4/ 185 - 186).
(4)
في "المسند"(1/ 170).
(5)
في "عمل اليوم والليلة" رقم (656).
(6)
عزاه إليه السيوطي في "الدر المنثور"(5/ 668).
(7)
في مسنده رقم (3150 - كشف).
وابن جرير (1)، وابن أبي حاتم (2)، والحاكم (3) وصححه، وابن مردويه (4)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(5).
وأخرج الحديث ابن السني (6) عن سعد، بلفظ: سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم يقول: "إني لأعلم كلمة لا يقولها مكروب إلا فرج الله عنه، كلمة أخي يونس
…
" الحديث. ففيه النص على المكروب، ورواية الترمذي التي ذكرها المصنف يدخل المكروب في عموم لفظ: "في شيء".
2 -
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كَانَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ عِنْدَ الكَرْبِ: "لَا إِلَهَ إِلَاّ الله العَظِيمُ الحَلِيمُ، لَا إِلَهَ إِلَاّ الله رَبُّ العَرْشِ العَظِيمِ، لَا إِلَهَ إِلَاّ الله رَبُّ السَّمَوَاتِ (7)، [وَرَبُّ الأَرْضِ] (8)، وَرَبُّ العَرْشِ الكَرِيمِ" أخرجه الشيخان (9)، واللفظ لهما والترمذي (10). [صحيح]
قوله: "في حديث ابن عباس، أخرجه الشيخان".
(1) في "جامع البيان"(16/ 386).
(2)
في تفسيره (8/ 2465 رقم 13712).
(3)
في "المستدرك"(1/ 505).
(4)
عزاه إليه السيوطي في "الدر المنثور"(5/ 668).
(5)
رقم (620).
(6)
في "عمل اليوم والليلة" رقم (349).
(7)
في المخطوط (أ. ب) زيادة: "السبع".
(8)
زيادة من مصادر الحديث.
(9)
البخاري رقم (6345، 6346، 7426، 7431)، ومسلم رقم (2730).
(10)
في "السنن" رقم (3435). وهو حديث صحيح.
قلت: وفي لفظ مسلم: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا حزبه أمر قال ذلك" و"حزبه" بفتح الحاء المهملة فزاي فموحدة، أي: إذا نزل به أمر مهم أو أصابه غم (1).
3 -
وعن الخدري رضي الله عنه قال: دَخَلَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ المَسْجِدَ، فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ: أَبُو أُمَامَةَ، فَقَالَ:"يَا أَبَا أُمَامَةَ، مَا لِي أَرَاكَ جَالِسًا فِي المَسْجِدِ فِي غَيْرِ وَقْتِ صلَاةِ" قَالَ: هُمُومٌ لَزِمَتْنِي، وَدُيُونٌ يَا رَسُولَ الله. قَالَ صلى الله عليه وسلم:"أَلَا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ إِذَا قُلْتَهُنَّ أَذْهَبَ الله عنَّك هَمَّكَ، وَقَضَى دَيْنَكَ؟ " قَالَ: قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ الله. قَالَ: "قُلْ: إِذَا أَصْبَحْتَ وَإِذَا أَمْسَيْتَ: اللهمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الهَمِّ وَالحَزَنِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ العَجْزِ وَالكَسَلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الجُبْنِ وَالبُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ غَلَبَةِ الدَّيْنِ، وَقَهْرِ الرِّجَالِ". فَقُلْتُ ذَلِكَ فَأَذْهَبَ الله عَنِّي غَمِّي، وَقَضَى دَيْنِي". أخرجه أبو داود (2). [ضعيف]
قوله: "وعن الخدري" بضم الخاء المعجمة، وسكون الدال المهملة، فراء، بعدها ياء النسبة نسبة إلى خدرة، اسم قبيلة.
هو أبو سعيد الخدري، واسمه: سعد بن مالك (3) الخزرجي الأنصاري، اشتهر بكنيته. كان من الحفاظ المكثرين، العلماء الفضلاء العقلاء، أول مشاهدة الخندق، وغزا مع النبي صلى الله عليه وسلم اثنتي عشرة غزوة. مات سنة أربع وسبعين، ودفن بالبقيع.
(1) قاله ابن الأثير في "النهاية في غريب الحديث"(1/ 369).
(2)
في "السنن" رقم (1555)، وهو حديث ضعيف.
ويغني عن الضعيف؛ ما أخرجه البخاري رقم (6345)، ومسلم رقم (2730)، والترمذي رقم (3431)، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" رقم (652)، وابن ماجه رقم (3882) عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول عند الكرب:"لا إله إلا الله الحليم العظيم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات والأرض، ورب العرش الكريم".
(3)
انظر: "التقريب"(1/ 289 رقم 101).
قوله: "يقال له أبو أمامة" هو إياس (1) بكسر الهمزة وتخفيف المثناة التحتية آخره مهملة ابن ثعلبة الأنصاري أحد بني الحارث بن الخزرج.
قوله: "من العجز والكسل" العجز: عدم القدرة، والكسل: ترك الشيء مع القدرة [35 ب] على الأخذ في عمله. "والجبن" ضد الشجاعة والاستعاذة من قهر الرجال، لما في ذلك من الوهن في النفس والمعاش.
4 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جَاءَتْ فَاطِمَةُ رضي الله عنها إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تَسْأَلُهُ خَادِمًا، فَقَالَ لَهَا:"قُولِي: اللهمَّ رَبَّ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ، وَرَبَّ العَرْشِ العَظِيمِ، رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ، مُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالفُرْقَان، فَالِقَ الحَبِّ وَالنَّوَى. أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ شَيْءٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ، أَنْتَ الأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيءٌ، وَأَنْتَ الآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ البَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ؛ اقْضِ عَنِّي الدَّيْنَ، وَأَغْنِنِي مِنَ الفَقْرِ"(2). [صحيح]
قوله: "وعن أبي هريرة قال: جاءت فاطمة
…
الحديث" لم يذكره ابن الأثير في "الجامع" في هذا الفصل.
قوله: "أخرجه الترمذي". قلت: وقال (3): "إنه حسن غريب".
قال: وهكذا روى بعض أصحاب الأعمش عن الأعمش نحو هذا.
ورواه الأعمش (4)، عن أبي صالح مرسلاً لم يذكر فيه عن أبي هريرة.
قوله: "وأنت الأول" الأربع الصفات تقدم تفسيرها في الأسماء الحسنى.
(1) انظر: "التقريب"(1/ 87 رقم 665).
(2)
أخرجه الترمذي في "السنن" رقم (3481).
(3)
في "السنن"(5/ 519).
(4)
أخرجه مسلم في صحيحه رقم (2713)، والترمذي رقم (3400).
5 -
وعن أنس رضي الله عنه قال: كَانَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إِذَا كَرَبَهُ أَمْرٌ يَقُولُ: "يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ بِرَحْمَتِكَ أَسْتَغِيثُ" وقال: "ألِظَّوا بِياذَا الجَلَالِ والإِكْرَام". أخرجه الترمذي (1). [حسن]
ومعنى "ألِظُّوا"(2) الزموا ذلك، وثابروا عليه، وأكثروا من التلفظ به.
6 -
وعن أسماء بنت عميس رضي الله عنها قالت: قَالَتْ قَالَ لِي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَلَا أُعَلِّمُكِ كَلِمَاتٍ تَقُولِينَهُنَّ عِنْدَ الكَرْبِ؟ الله الله رَبِّي لَا أُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا". أخرجه أبو داود (3). [حسن]
قوله: "وعن أسماء بنت عميس" بضم العين المهملة بعد الميم مثناة تحتية آخره سين مهملة، وهي زوجة أبي بكر صحابية جليلة، كانت تحت جعفر بن أبي طالب، ثم تحت أبي بكر الصديق، ثم تحت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين، ولها أولاد من كل الثلاثة الأعيان.
قوله: "الله الله ربي لا أشرك به شيئاً" قال المظفري [36 ب] في كتاب "الدعاء" له: كأن هذه الكلمات آخر كلام عمر بن عبد العزيز عند الموت.
7 -
وعن ابن مسعود (4) رضي الله عنه قال: مَنْ كَثُرَ هَمُّهُ فَلْيَقلِ: "اللهمَّ إِنِّي عَبْدُكَ، وَابْنُ عَبْدِكَ، وَابْنُ أَمَتِكَ، وَفِي قَبْضَتِكَ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضاؤُكَ. أَسْأَلُكَ بِكُلَّ
(1) في "السنن" رقم (3524)، وهو حديث حسن.
(2)
قاله ابن الأثير في "غريب الجامع"(4/ 296).
(3)
في "السنن" رقم (1525)، وهو حديث حسن.
وأخرجه ابن ماجه رقم (3882)، وأحمد (6/ 369)، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" رقم (647 - 649)، والطبراني في "الدعاء" رقم (1027).
(4)
وهو حديث حسن. =
اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوْ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ في مَكْنُونِ الغَيْبِ عِنْدَكَ؛ أَنْ تَجْعَلَ القُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي، وَجَلَاءَ هَمِّي وغَمِّي، مَا قالهَا عَبْدٌ قَطٌّ إِلَاّ أَذْهَبَ الله غَمَّهُ وَأبْدَلَهُ فَرَحاً" أخرجه رزين. [حسن]
"الاسْتِئْثَارُ" بالشيء التخصيص (1) به الانفراد، وقوله:"أنْ تَجْعَلَ القُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبي" شبه بالربيع من الزمان لارتياح الإنسان فيه وميله إليه.
قوله: "وعن ابن مسعود قال: من كثر همه
…
الحديث" هو موقوف عليه، هكذا في نسخ "التيسير"، والذي في "الجامع" (2) عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من كثر همه" الحديث فهو مرفوع، وقصر المصنف بوقفه.
قوله: "أن تجعل القرآن ربيع قلبي" سأل الله أن يجعل القرآن لقلبه كالربيع، الذي يرتع فيه الحيوان، وكذا القرآن ربيع القلوب، وأن يجعله نور صدره، أي: كالنور الذي هو مادة الحياة، وبه يتم معاش العبد، وأن يجعله شفاء همه وغمه، فيكون له بمنزلة الدواء الذي يستأصل الداء، ويعيد البدن إلى صحته واعتداله، وأن يجعله لحزنه كالجلاء الذي يجلو الطبوع والأصدية. قاله ابن القيم (3) رحمه الله.
= أخرجه أحمد (1/ 391، 452)، وابن حبان في صحيحه رقم (972)، والحاكم في "المستدرك"(1/ 509)، والطبراني في "الكبير" رقم (10352)، و"الدعاء" رقم (1035)، وابن أبي شيبة في مصنفه (10/ 253)، وأبو يعلى في مسنده (9/ 198 - 199).
(1)
قاله ابن الأثير في "غريب الجامع"(4/ 298).
(2)
(4/ 298 رقم 2300).
(3)
في "زاد المعاد"(4/ 184). وانظر: "الداء والدواء"(ص 35 - 36) ط. دار عالم الفوائد.