الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب: الكَفَالَةِ في القَرْضِ والدُّيونِ بالأَبْدَانِ وغيرِهَا
1295 -
(2290) - وَقَالَ أَبُو الزِّنَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو الأَسْلَمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه بَعَثَهُ مُصَدِّقًا، فَوَقَعَ رَجُلٌ عَلَى جَارِيَةِ امْرَأَتِهِ، فَأَخَذَ حَمْزَةُ مِنَ الرَّجُلِ كَفِيلاً حَتَّى قَدِمَ عَلَى عُمَرَ، وَكَانَ عُمَرُ قَدْ جَلَدَهُ مِئَةَ جَلْدَةٍ، فَصَدَّقَهُمْ، وَعَذَرَهُ بِالْجَهَالَةِ.
وَقَالَ جَرِيرٌ وَالأَشْعَثُ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ فِي الْمُرْتَدِّينَ: اسْتَتِبْهُمْ وَكَفِّلْهُمْ، فَتَابُوا، وَكَفَلَهُمْ عَشَائِرُهُمْ. وَقَالَ حَمَّادٌ: إِذَا تَكَفَّلَ بِنَفْسٍ، فَمَاتَ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَقَالَ الْحَكَمُ: يَضْمَنُ.
(وكان عمر قد جلده مئة، فصدَّقهم، وعذره بالجهالة): يشير البخاري بهذا إلى خبر أورده ابن وهب في "موطئه" عن عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه، قال: حدثني محمد بن حمزة بن عمرو الأسلمي، عن أبيه حمزة: أن عمر بن الخطاب بعثه مصدِّقاً على بني سعدِ بنِ هُذَيْمٍ، فأتى حمزة بمال يصدقه، فإذا رجل يقول لامرأة: صدِّقي مالَ مولاك، وإذا امرأة تقول: بل أنت أدِّ صدقة مال أبيك، فسأل حمزةُ عن أمرهما، فأُخبر أن
ذلك الرجل زوجُ تلك المرأة، وأنه وقع على جارية لها، فولدت ولداً، فأعتقته امرأته، فقالوا: هذا المال لابنه من جاريتها، قال حمزة: لأرجمنك بحجارتك، فقال أهل المال: أصلحك الله! إن أمره رُفع إلى عمر بن الخطاب، [فجلده مئة، ولم يحيى عليه رجماً، قال: فأخذه (1) حمزةُ بالرجل كفيلاً حتى قدم على عمر بن الخطاب](2)، فسأله عما ذكرَ أهلُ المال من جلدِ (3) عمرَ إياه مئة جلدة، وأنه لم ير عليه رجماً، قال: فصدَّقهم عمرُ بذلك من قولهم، قال: وإنما درأ (4) عنه الرجمَ؛ لأنه عذره بالجهالة (5).
(وقال حماد: إذا تكفل بنفس، فمات، فلا شيء عليه): سواء كان الحقُّ المتعلقُ بتلك النفس حدّاً، أو قصاصاً (6) أو مالاً من دين وغيره.
(وقال الحكم: يضمن): أي: ما يُقبل ترتُّبُه في الذمة، وهو المال.
* * *
1296 -
(2291) - قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أَنَّهُ ذَكَرَ رَجُلاً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، سَأَلَ بَعْضَ بَنِي إِسْرَائِيلَ
(1) في "ج": "فأخذ".
(2)
ما بين معكوفتين ليس في "ع".
(3)
في "ع": "جلدة".
(4)
في "ج": "رد".
(5)
انظر: "التوضيح"(15/ 133).
(6)
في "م" و"ن": "قصاً".
أَنْ يُسْلِفَهُ أَلْفَ دِينَارٍ، فَقَالَ: ائْتِنِي بِالشُّهَدَاءَ أُشْهِدُهُمْ، فَقَالَ: كَفَى بِاللهِ شَهِيداً، قَالَ: فَأْتِنِي بِالْكَفِيلِ، قَالَ: كَفَى بِاللهِ كَفِيلاً، قَالَ: صَدَقْتَ، فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى، فَخَرَجَ فِي الْبَحْرِ فَقَضَى حَاجَتَهُ، ثُمَّ الْتَمَسَ مَرْكباً يَرْكَبُهَا يَقْدَمُ عَلَيْهِ لِلأَجَلِ الَّذِي أَجَّلَهُ، فَلَمْ يَجِدْ مَرْكَباً، فَأَخَذَ خَشَبَةً فَنَقَرَهَا، فَأَدْخَلَ فِيهَا أَلْفَ دِينَارٍ، وَصَحِيفَةً مِنْهُ إِلَى صَاحِبِهِ، ثُمَّ زَجَّجَ مَوْضِعَهَا، ثُمَّ أَتَى بِهَا إِلَى الْبَحْرِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي كُنْتُ تَسَلَّفْتُ فُلَاناً أَلْفَ دِينَارٍ، فَسَأَلَنِي كَفِيلاً فَقُلْتُ: كَفَى بِاللهِ كَفِيلاً، فَرَضِيَ بِكَ، وَسَأَلَنِي شَهِيداً فَقُلْتُ: كَفَى بِاللهِ شَهِيداً، فَرَضِيَ بِكَ، وَأَنِّي جَهَدْتُ أَنْ أَجِدَ مَرْكَباً أَبْعَثُ إِلَيْهِ الَّذِي لَهُ فَلَمْ أَقْدِرْ، وَإِنِّي أَسْتَوْدِعُكَهَا، فَرَمَى بِهَا فِي الْبَحْرِ حَتَّى وَلَجَتْ فِيهِ، ثُمَّ انْصَرَفَ، وَهْوَ فِي ذَلِكَ يَلْتَمِسُ مَرْكَباً يَخْرُجُ إِلَى بَلَدِهِ، فَخَرَجَ الرَّجُلُ الَّذِي كَانَ أَسْلَفَهُ، يَنْظُرُ لَعَلَّ مَرْكَباً قَدْ جَاءَ بِمَالِهِ، فَإِذَا بِالْخَشَبَةِ الَّتِي فِيهَا الْمَالُ، فَأَخَذَهَا لأَهْلِهِ حَطَباً، فَلَمَّا نَشَرَهَا، وَجَدَ الْمَالَ وَالصَّحِيفَةَ، ثُمَّ قَدِمَ الَّذِي كَانَ أَسْلَفَهُ، فَأَتَى بِالأَلْفِ دِينَارٍ، فَقَالَ: وَاللهِ! مَا زِلْتُ جَاهِداً فِي طَلَبِ مَرْكَبٍ لآتِيَكَ بِمَالِكَ، فَمَا وَجَدْتُ مَرْكَباً قَبْلَ الَّذِي أَتَيْتُ فِيهِ، قَالَ: هَلْ كُنْتَ بَعَثْتَ إِلَيَّ بِشَيْءٍ؟ قَالَ: أُخْبِرُكَ أَنِّي لَمْ أَجِدْ مَرْكَباً قَبْلَ الَّذِي جِئْتُ فِيهِ، قَالَ: فَإِنَّ اللهَ قَدْ أَدَّى عَنْكَ الَّذِي بَعَثْتَ فِي الْخَشَبَةِ، فَانْصَرِفْ بِالأَلْفِ الدِّينَارِ رَاشِداً".
(أنه ذكر رجلاً من بني إسرائيل): وساقَ قصةَ الخشبة.
وقد ذكر محمد بن الربيع الجيزي في كتاب "أسماء من دخل مصر من الصحابة" بإسناده إلى عبد الله بن عمرو يرفعه: أن رجلاً جاء إلى النجاشي،
فقال: أسلِفْني ألفَ دينار إلى أَجَل، قال: فأتني بالحميل، قال: الله، فأعطاه الألف (1)، وساق قصةً نحوَ القصة الواقعة في "الصحيح"(2).
(ثم زَجَّجَ موضعَها): بزاي (3) وجيمين.
قال القاضي: لعل معناه: سمرها بمسامير كالزج (4)، أو حشا شقوقَ لصاقِها بشيء (5)، ورقعه بالزُّج (6).
وقال (7) الخطابي: أي: سَوَّى موضعَ النَّقْرِ وأصلَحَه؛ من تزجيج الحواجب، وهو حذفُ زوائد الشَّعَر، ويحتمل أن يكون مأخوذاً من الزج الذي هو الفصل؛ بأن يكون النقرُ في طرف الخشبة؛ ليشدَّ (8) عليها رجاءَ أن يمسكه، ويحفظ ما في جوفه (9).
(فأتى بالألف دينار): ذكر ابن مالك فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: أن يكون أرادَ بالألف: ألفَ دينار على البدل، وحذف المضاف (10)، وأبقى المضاف إليه على حاله من الجر.
(1) في "ع": "ألف".
(2)
وانظر: "عمدة القاري" للعيني (12/ 116).
(3)
في "ع": "براء".
(4)
في "ع": "كالزوج".
(5)
في "ع": "لشيء".
(6)
انظر: "مشارق الأنوار"(1/ 309).
(7)
في "ج": "فقال".
(8)
في "ج": "يسد".
(9)
انظر: "أعلام الحديث"(2/ 1133). وانظر: "التنقيح"(2/ 511).
(10)
"المضاف" ليست في "ع".